المغرب يحتفي بالاعتراف الأميركي بالصحراء الغربية مقابل التطبيع مع إسرائيل وموسكو تندد
احتفى المغرب الجمعة بنجاحه الدبلوماسي بعدما حصل من الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب على إعلان مفاجئ يعترف بسيادته على الصحراء الغربية التي يطالب بها منذ عقود، مقابل تطبيعه العلاقات مع إسرائيل، في خطوة نددت بها موسكو.
وجاء الإعلان الخميس عبر تغريدة مزدوجة لترامب، أشادت الأولى بـ “تقدم تاريخي” تمثل في “إقامة علاقات دبلوماسية كاملة” بين إسرائيل والمملكة المغربية في ما وصفه بأنه “اختراق هائل في سبيل السلام في الشرق الأوسط!”، وأعلنت الثانية اعترافه بسيادة المملكة على المنطقة الصحراوية المتنازع عليها.
ورحبت الصحافة المغربية بالاجماع بما وصفته “الانتصار” بنيل الاعتراف بـ”مغربية الصحراء”، في إشارة إلى المستعمرة الإسبانية السابقة التي يتنازع المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر على السيادة عليها منذ عقود.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنه على الرغم من إعلان ترامب الاعتراف ب”مغربية الصحراء”، فإن واشنطن ما زالت تدعو إلى الحوار. وقال في بيان إن “الولايات المتحدة لا تزال تعتقد أن المفاوضات السياسية وحدها هي التي يمكنها حل الخلافات بين المغرب وجبهة البوليساريو”.
وندد من جهته نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بالخطوة قائلا إن “ما قام به الأميركيون خطوة أحادية، خارجة تماماً عن إطار القانون الدولي”.
واعتبرت البوليساريو من جهتها القرار الأميركي “باطلاً” وشددت على أنها مستعدة على مواصلة القتال إلى حين انسحاب القوات المغربية “المحتلة”.
– ترحيب من باريس –
لم تعلق الجزائر، القريبة تاريخياً من روسيا، حتى الآن رسمياً على الخطوة الأميركية.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مساء الخميس في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن الاعتراف بـ”مغربية الصحراء” هو “اختراق دبلوماسي تاريخي” في حين أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل “جزء من استمرارية” مرتبطة بـ”خصوصية المغرب من خلال الروابط بين الملك والجالية اليهودية”.
أثار الإعلان الذي رحبت به إسرائيل واعتبرته “اتفاقا تاريخيا” ردود فعل متباينة. فقد اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قرار تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل “خطيئة سياسية لا تخدم القضية الفلسطينية”.
رحبت فرنسا من جهتها ب”باستئناف العلاقات الدبلوماسية” بين اسرائيل والمغرب. وكررت باريس موقفها باعتبار “خطة الحكم الذاتي المغربية أساساً لمحادثات جادة وذات مصداقية” لحلّ يجري التفاوض عليه برعاية الأمم المتحدة.
من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة أن القرار الأميركي لا يغيّر موقفها حيال الصحراء الغربية التي تعتبرها من “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”.
ويطالب المغرب بالسيادة على المستعمرة الإسبانية السابقة وكذلك جبهة البوليساريو التي تحظى بدعم الجزائر، جارة الرباط والمنافسة الإقليمية الكبرى لها. وقد توقفت المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل للمنطقة منذ ربيع العام 2019.
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، عزز المغرب الذي يسيطر على ثلثي مساحة الصحراء الغربية وواجهتها البحرية الغنية بالأسماك ومخزون الفوسفات، تواجده عبر إرسال قواته إلى منطقة عازلة كانت تسيطر عليها الأمم المتحدة، بهدف تأمين الطريق الوحيد إلى غرب إفريقيا في أقصى الجنوب. ومنذ ذلك الحين، والوضع متوتر بعدما انتهكت جبهة البوليساريو اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في العام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة.
وبحسب وزير الخارجية المغربي، فإنه في نهاية “سنوات عدة من العمل والتواصل النشط”، توّجت الجهود الدبلوماسية المغربية في ما يتعلق بقضية الصحراء “باعتراف الولايات المتحدة، القوة العظمى لمجلس الأمن واللاعب المؤثر على الساحة الدولية”.
– خيانة –
ونتيجة هذا الإعلان، ستفتح الولايات المتحدة قنصلية في الداخلة، الميناء الكبير للصحراء الغربية، والمغرب “سيعيد فتح مكتب دبلوماسي” كان موجودا بين عامي 1994 و2002 فيما كان الملك حسن الثاني مؤيدا لعملية السلام التي شهدت توقيع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، كما أكد مسؤول دبلوماسي مغربي رفيع المستوى.
وتشمل المفاوضات فتح خط جوي مباشر بين المغرب واسرائيل حيث يعيش 700 ألف يهودي من أصول مغربية، وأيضاً “العمل من أجل الاستثمار” من الجانب الأميركي، وتطوير “التعاون الاقتصادي” مع اسرائيل، وفق المصدر نفسه.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن هذا “الاتفاق” منذ أشهر دون رد رسمي من الجانب المغربي، باستثناء رئيس الوزراء سعد الدين العثماني الذي أدان في آب/أغسطس الماضي “أي تطبيع مع الكيان الصهيوني” معتبرا أن “كل التنازلات التي تتم في هذا المجال مرفوضة من طرف المغرب”.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي المغربية، كان وسم “التطبيع خيانة” الجمعة من بين الأكثر شعبية، لكنه كان متخلفا بكثير عن وسم “الصحراء_المغربية”. وتركّز الصحافة المغربية على موضوع الصحراء على عكس الصحافة العالمية التي تركز على الشق المتعلق بإسرائيل.
ويعتبر المغرب القضية الفلسطينية قضية وطنية شأنها في ذلك شأن قضية الصحراء الغربية، وتحتشد خلفها الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية المعارضة لأي تطبيع مع “الكيان الصهيوني”.
ودعت الجمعة مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين في المغرب، التي تضم أحزاباً عديدة ونقابات، إلى “التعبئة الشاملة على كل المستويات” من أجل “مواجهة موجة التطبيع الجديدة وحماية ذاكرة وموقع وموقف المغاربة الأصيل الداعم لكفاح الشعب الفلسطيني”.
وكان الملك محمد السادس أكد مساء الخميس للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تدابير التطبيع “لا تمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة”.