مئات الآلاف يعودون إلى شمال غزة بعد تسوية أنقذت وقف إطلاق النار
سار مئات آلاف النازحين في طريق العودة الإثنين إلى شمال غزة الذي دمّرته حرب استمرّت أكثر من 15 شهرا، بعد التوصل إلى تسوية تنقذ الاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس.
وأعلنت حكومة حماس في غزة عودة 300 ألف فلسطيني على الأقل إلى شمال القطاع الاثنين بعد نزوحهم قسرا إلى جنوبه.
وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت الاثنين أن ثمانية من الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني المحاصر والذين من المقرّر إطلاق سراحهم في الأسابيع المقبلة خلال المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة، قد قُتلوا.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر خلال مؤتمر صحافي “تم إبلاغ العائلات بحالة أبنائها”. وما زال على حماس أن تُفرج خلال المرحلة الأولى عن 26 رهينة، ومن ثم فإن 18 منهم ما زالوا أحياء.
وتتيح هذه التسوية الحفاظ على وقف إطلاق النار الهشّ بين الحركة الفلسطينية والدولة العبرية في القطاع المدمّر إثر 15 شهرا من القصف الكثيف الذي دفع كلّ سكانه تقريبا إلى النزوح، بعضهم أكثر من مرة.
وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس جموعا غفيرة، من رجال ونساء وأطفال، تتدّفق بلا انقطاع مشيا على الأقدام، حاملين حقائب أو جارين عربات، على الطريق الساحلي باتّجاه شمال القطاع.
ومنذ نهاية الأسبوع، بدأت أعداد كبيرة من النازحين تستعدّ للعودة إلى الشمال لكنها واجهت رفضا من السلطات الإسرائيلية التي منعتها من عبور ممر نتساريم الذي يقسم القطاع إلى قسمين والواقع جنوب مدينة غزة.
– فيديو لأربيل يهود –
برّرت إسرائيل التي تتّهم حماس بـ”خرق” اتفاق الهدنة، القرار بعدم إطلاق سراح الرهينة أربيل يهود وعدم تقديم حماس قائمة بالرهائن الـ87 المتبقين مع تحديد الأحياء منهم والأموات.
ومساء الأحد، كشف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن التوصّل إلى تسوية تقضي بالإفراج عن ثلاث رهائن الخميس، فضلا عن ثلاث آخرين السبت في مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين، وفق ما هو منصوص عليه في الاتفاق.
ومن بين الرهائن الذين سيُفرج عنهم الخميس، أربيل يهود (29 عاما) وأغام بيرغر (20 عاما) التي اختُطفت أثناء أدائها خدمتها العسكرية قرب غزة.
والاثنين، نشرت حركة الجهاد الإسلامي، حليفة حركة حماس، مقطع فيديو لأربيل يهود يمتد لأكثر من دقيقة، وتظهر فيه الشابة البالغة 29 عاما بملامح عابسة، بينما تعرف عن هويتها وتقول إنه صوّر في “تاريخ السبت 25 يناير/كانون الثاني”، مطالبة نتانياهو ببذل جهوده لاستمرار اتفاق وقف إطلاق النار وعودة بقية الرهائن الإسرائيليين في غزة.
في غزة، صرّح إبراهيم أبو حصيرة وسط الحشود “إنه شعور رائع أن تعود إلى ديارك مع عائلتك وأحبائك وتتفقد منزلك، إذا كان لا يزال هناك منزل”.
وقالت انتصار السعيدي “نحن سعداء لكننا نشعر بالحزن في الوقت نفسه لأننا فقدنا الكثير من أحبائنا. وابني شهيد”.
أما لميس العوضي (22 عاما) فوصفت عودتها إلى منزلها المدمر في حي الرمال غرب مدينة غزة بقولها إنه “أجمل يوم في حياتي. أشعر بالفخر والسعادة والنصر. روحي وحياتي عادتا إلي”.
ووفق الحكومة التابعة لحماس، فإنّ هناك حاجة إلى 135 ألف خيمة وكارافان في الشمال، حيث دُمّر أكثر من 90 في المئة من المباني جراء أشهر من القتال العنيف والقصف الإسرائيلي المكثّف.
وأكّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من جهته في منشور عبر منصة إكس أن اتفاق وقف إطلاق النار سيطبّق “بشكل صارم”، محذّرا أن “كلّ من يخرق القواعد أو يهدّد قوّات الجيش الإسرائيلي سيدفع ثمنا باهظا”.
في شمال الضفة الغربية المحتلة، قُتل فلسطينيان الاثنين في قصف إسرائيلي استهدف مخيم نور شمس التابع لمدينة طولكرم، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ونعت حركة حماس في بيان “شهداء القسام .. إيهاب أبو عطيوي ورامز ضميري”. ووصفت مقتلهما بأنه “عملية اغتيال … ومحاولة بائسة لتصفية المقاومة”.
– استنكار عربي لتصريحات ترامب –
الأحد، شجبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما السلطة الفلسطينية مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل فلسطينيي غزة إلى الأردن ومصر في سياق ما اعتبره إعادة تأهيل لمنطقة “هدمت بالكامل”.
كما أثارت تصريحات ترامب رفضا عربيا واسعا. وأكّد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بدوره رفض بلاده مقترح الرئيس الأميركي، مشدّدا على تمسك الأردن الذي يستقبل 2,3 مليون لاجئ فلسطيني بحلّ الدولتين “سبيلا وحيدا لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة”.
ورفضت مصر أي تهجير قسري لفلسطينيين، وشدّدت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها على “استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة”.
ولم يعلّق نتانياهو بعد على الاقتراح الأميركي، فيما رأى وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الأحد أن ما قاله ترامب “فكرة رائعة”، معتبرا أن الفلسطينيين “سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى”.
– 1900 معتقل فلسطيني –
بموجب الاتفاق اتفاق وقف إطلاق النار، تمّ السبت الإفراج عن الدفعة الثانية من الرهائن، هن المجندات دانييل جلبوع وكارينا أرئيف وليري ألباغ ونعمة ليفي. في المقابل، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 200 معتقل فلسطيني، بعد أسبوع على بدء تطبيق الاتفاق الذي تمّ برعاية أميركية وقطرية ومصرية.
وشملت الدفعة الأولى في 19 كانون الثاني/يناير ثلاث إسرائيليات مقابل نحو تسعين معتقلا فلسطينيا. وينص الاتفاق المؤلف من ثلاث مراحل على وقف الأعمال القتالية وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة. وتمتد المرحلة الأولى ستة أسابيع وتشمل الإفراج عن 33 رهينة من غزة في مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.
كما ينصّ على أن يتمّ خلال المرحلة الأولى التفاوض حول المرحلة الثانية.
وفي هذا الإطار، أعلنت حماس مساء الاثنين “وصول وفد قيادي من حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة في زيارة رسمية برئاسة (…) محمد درويش رئيس المجلس القيادي، حيث من المقرر الالتقاء بالقيادة المصرية وبحث تطورات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بمراحله الثلاث”.
أدى هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى مقتل 1210 أشخاص، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. وخُطف خلال هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل 251 شخصا، ما زال 87 بين أيدي حماس، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أو وفاة 34 منهم.
وقُتل في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ما لا يقل عن 47317 شخصا معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
بور-كاب/م ن-ناش-الح/ح س