مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“النموذج المصري” في إقامة البرامج النووية السلمية

حصل الرئيس المصري حسني مبارك في زيارته الأخيرة إلى موسكو (2 نوفمبر 2006) على موافقة نظيره الروسي فلاديمير بوتين على تقديم الدعم لبرامج مصر النووية السلمية Keystone

يبدو أنه ليس من السهل أن تُـقام برامج نووية سلمية أيضا. فقد أدت عملية إعادة تنشيط البرنامج النووي المصري (2006) إلى إثارة أسئلة جديدة تماما، تمثل تحدّيا حقيقيا لكل دول الإقليم، التي تفكر حاليا في إقامة برامج طاقة نووية لتوليد الكهرباء أو تحلية المياه.

إذ ستواجه تلك الدول إشكاليات معقدة، سيكون عليها أن تقدم حلولا مقنعة لها، قبل أن تتمكن من عبور بوابة “النادي النووي المدني” الذي قد يتشكل في الشرق الأوسط خلال العقد القادم.

إن البرنامج المصري “الحالي”، يمثل تحوّلا هاما في تاريخ النشاطات النووية بالمنطقة، فهو برنامج مفاعلات الطاقة الأول الذي يحمل منذ البداية ملامح “سلمية بالكامل”، بعكس برامج الأبحاث النووية “الستة” التي أثارت ضجّـة في الإقليم، واستخدم أحدها بالفعل لإنتاج أسلحة نووية، وكذلك برامج تخصيب اليورانيوم السرية “الثلاثة”، التي تمت إقامتها لأهداف عسكرية قبل إزالتها أو حصارها.


كما يختلف البرنامج المصري كذلك عن البرنامج النووي الإيراني الراهن، الذي يثير أحد مكوّناته، احتمالات تثير أزمة حادة، وبالتالي، يمثل البرنامج المصري مختبرا لكل الإشكاليات المتعلقة بمستقبل الطاقة النووية في الشرق الأوسط.

الحقبة النووية الثالثة

لقد شهدت الفترة الماضية ملامح بداية موجة من “الانتشار النووي المدني” في الإقليم، إثر اكتمال إقامة مفاعل بوشهر (1000 ميغاوات) في إيران، مع إمكانية أن يبدأ العمل، إذا تم حل مشكلة اليورانيوم المخصب.

فقد قامت تركيا بتنشيط برنامجها النووي، الذي يتضمن بناء مفاعلين للطاقة، كما أجرت ليبيا اتصالات مع فرنسا لدخول عصر الطاقة النووية بعد تخلّـيها عن طموحاتها العسكرية، وصدرت تصريحات رسمية بشأن التفكير في بناء برنامج نووي خليجي، وتؤكّـد كل من اليمن والسودان أنهما مهتمتان بالسير في نفس الاتجاه، وتأتي مصر – بخطواتها المتسارعة – على رأس تلك القائمة، التي تضم حتى الآن 5 أطراف إقليمية.

ويثير البرنامج المصري تحديدا منذ اللحظة الأولى لإعلانه، سيلا من التساؤلات الجادة وغير الجادة، بحيث يبدو وكأنه يتم تحميله بكل “ذيول الإشكاليات” التي حكمت التطورات النووية في المنطقة خلال العقود الخمسة الماضية، إضافة إلى المشكلات الجديدة المتعلقة بإقامة البرامج النووية المدنية، كالمتطلبات المالية والتفتيش الدولي والوقود النووي ومواقع المحطات وطراز المفاعلات وأسلوب التعاقد ودول المصدر والأمان النووي والنفايات النووية والهيكل الإداري، وعدد آخر من القضايا التي تتعلق ببرنامج مدني مُـعلن، تتم مناقشة شؤونه منذ البداية على الملأ، بخلاف ما حدث في كل الحالات السابقة، التي أقيمت البرامج في إطارها سرا أو ظهرت فجأة، بما في ذلك البرامج البحثية، وبالتالي، ستؤدى الطريقة التي ستتعامل بها مصر – كما سبقت الإشارة – مع ما تطرحه تلك المشكلات عمليا، إلى تشكيل مساحة كبيرة من ملامح الواقع النووي الجديد في الإقليم، في مرحلة ما بعد “الحقبة الإسرائيلية”، التي حدّدت خلالها سياسات إسرائيل النووية، خريطة اهتمام الدول والشعوب بالعامل النووي، والتي اتسمت بملامح عسكرية بالكامل، وهي أيضا الخريطة التي تقف إيران حاليا على تُـخومها في انتظار الخروج منها أو التوغل فيها. فما يحيط ببرنامج إيران النووي – بخلاف حالة مصر – لا يزال يحمل كثيرا من ملامح الماضي “العسكرية”، بحكم التصريحات الإيرانية والهواجس الدولية والاستخدامات المزدوجة.

عودة الماضي النووي

لقد ألقت بعض المشكلات التقليدية، التي غرقت فيها المنطقة لفترة طويلة في الماضي، بظلالها على البرنامج النووي المصري، فلم يكن كثيرون يتصوّرون ببساطه أنه يمكن الحديث عن برنامج نووي ما في المنطقة بعيدا عن عاملين رئيسيين، هما:

أولا، الأبعاد العسكرية للبرامج النووية. فالتحليلات الدولية لا تزال تبحث شيئا يحمل طابعا إستراتيجيا في ثنايا ما يدور، والرأي العام غير قادر على التخلّـص من أحلامه القديمة المتعلقة بالقنبلة، وبرنامج إيران النصف عسكري النصف مدني يثير ارتباكات في الأذهان، وهواجس الأمن لا تزال تُـسيطر على بعض التيارات في الإقليم وتفرز تقديرات مشطة، وقد انعكس ذلك على النقاش الداخلي بشدة، لدرجة أن بعض التحليلات المصرية اعتبرت البرنامج بلا قيمة لأنه مدني، وكأن مصر لا تواجه مشكلة مُـخيفة تمثل تهديدا، اسمها الطاقة، لا تقل أهمية عن الأمن.

الإجابة المصرية على تلك المسألة بدأت تكتسب قوة مؤثرة، فقد شهدت الساحة نقاشا صريحا أدّى بسرعة غير متوقعة إلى حسم الأمور في اتجاه قناعة بأن البرنامج لا يهدف ولا يرتبط بأية ميول عسكرية، وأن جدواه الحقيقية وإمكانية تنفيذه، تتعلق بكونه برنامجا مدنيا يرتبط بتوفير الطاقة وتحديث الدولة وتدعيم الكوادر والمكانة الإقليمية، وأن لدى مصر تصورا آخر للتعامل مع مشكلة التسلح النووي الإقليمية، بعيدا عن برنامجها النووي.

ثانيا، هي الأبعاد الخارجية لإقامة أو عرقلة إقامة المشروعات النووية، فلدى المنطقة تاريخ عريض مع محاولات إسرائيلية لمنع الدول الأخرى من امتلاك مشروعات نووية وعدم تمييز أمريكي بين ما هو مدني وما هو عسكري من وجهي الطاقة النووية، وقد قفز كل ذلك إلى الأذهان ليتحكّـم في بعض التحليلات، التي تتساءل عن المواقف الخارجية، بل أن رئيس تحرير إحدى المجلات تساءل عما إذا كانت مصر قد استأذنت الولايات المتحدة قبل اتخاذ القرار الأخير، وما هو أسوأ أن البعض قد حاولوا تصوير البرنامج وكأنه حلقة أخرى من حلقات الكفاح أو المساومة مع الخارج.

أدّت التطورات التالية إلى حسم سريع “نسبيا” لتلك المشكلة أيضا، ووضح أن مياه كثيرة قد جرت في الإقليم بدرجة كافية لتحويل مسار الأمور. فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أنه لا يرى تهديدا في البرنامج المصري، وأعلنت الإدارة الأمريكية أنها يمكن أن تقدم الدعم للمشروع المصري السلمي، لكن بعض الهواجس لا تزال قائمة، وتدفع محللين مصريين للقلق بشأن قضايا عملية قد تؤدّي إلى عرقلة البرنامج كما حدث في عام 1983، وهي أمور لا يمكن تجنّـب التفكير فيها، لكن بدأ يتّـضح أيضا أن العرقلة كثيرا ما أتت من الداخل.

مشكلات الواقع النووي

بعيدا عن تلك الإشكاليات الكبرى، بدأت القضايا الأكثر تحديدا في الظهور وسط نقاش حول الأسس التي يجب أن يُـقام البرنامج وفقا لها، فهو في النهاية مشروع له جوانب مالية وإدارية، لكنه أيضا مشروع نووي تتعلق بعض جوانبه بالأمان والنفايات، كما يثير قضايا حساسة ترتبط بالوقود والتفتيش، وهي كلها أمور يجري بشأنها نقاش عام، وسيستغرق الأمر بعض الوقت لكي يتم التوصل إلى توافق بشأنها، لكن رصد الخطوط العامة لها، يقدم مؤشرات مبكّـرة لما سيُـثار في حالة كل برنامج نووي إقليمي قادم، وذلك كالتالي:

1 – الأمان النووي، وهي المشكلة التي أوقفت البرنامج السابق عام 1986 في ظل حالة من “المزايدة السياسية”، التي شارك فيها الجميع، إلا أنها بدأت تُـطرح بجدّية في إطار بيانات محدّدة حول دروع الأمان النووي المتوافرة في المفاعلات الحديثة، والتي لا تتيح احتمالا لتكرار الحوادث النووية، مع شرح لمساحات حرم المفاعلات ومناطق إقامتها، مع اتخاذ المسؤولين بعض القرارات الإدارية المتعلقة بوضع مركز الأمان النووي ضمن هيكل المؤسسة النووية، بطريقة وضّـح من خلالها أنه لن يتم السماح للاعتبارات البيروقراطية، التي ربما تضخّـمت خلال الفترة الماضية، بالتأثير على تنفيذ البرنامج.

2 – تمويل البرنامج. فبعيدا عن التفاصيل التي أربكت بعض البرامج السابقة فيما يتعلق بالتمويل، وضّـح أنه، إذا أرادت الحكومة المصرية توفير التمويل لأي مشروع ستوفره وبأساليب لا تخطر على الأذهان. فتكلفة المفاعِـلات ليست كبيرة قياسا على عائدها كمشروع اقتصادي، ويُـمكن أن يتم الاعتماد على الميزانية القومية أو صندوق الطاقة البديلة أو التمويل الخارجي أو القطاع الخاص أو نظم الـ بي أو تي أو حتى التبرعات الشعبية، لكن التقدير السائد، هو أن التمويل مسألة مهمّـة، لكنها ليست مشكلة، خاصة وأن الأمر يتعلق بمشروعات طويلة المدى تستغرق إقامتها بين 6 و8 سنوات.

3 – الوقود النووي، وهي واحدة من القضايا التي يتم النقاش حولها أحيانا في إطار مواريث الماضي وفي ظل تأثر واضح بالنموذج الإيراني، وتحمل بعض الآراء الواردة بشأنها حذرا زائدا وبعض التسييس الداخلي، ومن المؤكّـد أنه سيتم التعامل معها بمُـرونة نسبية، بما يراعي اعتبارات التشغيل. فمصر لديها هيئة مواد نووية ومناطق اكتشافات قد يتم الاستفادة منها بصورة ما، ويمكن الحصول على المواد النووية من دولة المصدر بحجم معيّـن وضمانات محددة، كما يمكن الحصول عليه من السوق النووية المفتوحة، ولدى الوكالة الدولية مشروع “الكونسيرتيوم” متعدد الأطراف، الذي قد يعمل خلال سنوات ما قبل إقامة أول مفاعل، المهم أنها أيضا ليست مشكلة مانعة ولن يسمح لها، على الأرجح، أن تكون كذلك.

4 – التفتيش النووي، وهي المسألة الأكثر إثارة والأكثر ارتباطا بحساسيات المنطقة وبسياسة مصر الخاصة بإزالة أسلحة إسرائيل النووية، وما يطرح هنا، هو أنه لا يجب على مصر أن تقبل أية إجراءات زائدة عن المطلوب فيما يتعلّـق بالتفتيش النووي، بما يتجاوز التزاماتها الحالية كعضو في معاهدة منع الانتشار النووي، ويجب أن لا يكون برنامجها المدني مدخلا لقبولها “البروتوكول الإضافي” بما يخل بموقفها الخاص بضرورة قيام إسرائيل بالمثل أو بما يمس مسألة شديدة الحساسية لدى الدولة، وهي السيادة بمفهومها التقليدي، فلا يوجد في مصر من يبتلع مسألة “أي وقت أي مكان”، خاصة وأن تقنيات المفاعلات المفترضة ذاتها لا تثير أية هواجس وما تم التوصّـل إليه هو أن هناك دائما صيغة للتعامل مع كل المشاكل.

وقفة مع الذات

لكن كل ذلك لا يمثل شيء قياسا على بعض الإشكاليات التي تبدو فنية وتفصيلية في طبيعتها، لكنها تمثل المدخل الحقيقي لـ “الشيطان” الذي ربما لم يكن كثيرون يرغبون في الاعتراف بأنه كان السبب وراء عرقلة مُـعظم مشروعات مصر النووية السابقة. فقد بدأ النقاش حول أمور تنفيذية ذات انعكاسات هامة، على غرار مواقع المفاعلات وطرازات المفاعلات ودول المصدر المحتملة وأسلوب التعاقد والمكوِّن المحلي وإدارة البرنامج وكوادر المؤسسة.

كل تلك، قضايا لا يمكن تجنّـب الحديث عنها بالنسبة لأية دولة مُـقدِمة على إقامة برنامج نووي ضخم، إلا أنها أوضحت الكثير فيما يتعلق بتوجهات وضغوط الفاعلين في الداخل، بما يتضمنه ذلك أحيانا من عوامل بيروقراطية أو اعتبارات مصلحية أو أمراض مهنية أو تقديرات شخصية يمكن أن تؤثر على مسيرة التنفيذ، بما يطيل النقاش ويثير الحساسيات ويراكم المشاكل ويربك التعاقدات، على الرغم من أن معظم تلك الأطراف لم تكن تحلم حتى وقت قريب بأن يتم تنشيط البرنامج الذي قاتلت من أجل استئنافه لسنوات طويلة.

المشكلة السيئة التي تواجه البرنامج المصري من الداخل أيضا، ترتبط بحالة التسييس التي تشهدها المناقشات الدائرة والتي تدخّـلت فيها التيارات الأيديولوجية والصحُـف المستقلة، وكأنها لعبة سياسية. فبعيدا عن إصرار كثيرين على تفسير قرار إعادة تنشيط البرنامج على أنه يرتبط بما يسمونه “التوريث”، بدأ سيل من الإنذارات “الوطنية” التي تتحدث عن أن المفاعلات قد تُـقام في إطار تعاون مع إسرائيل، وبأن الولايات المتحدة ستفقدها معناها، ووجدها البعض فرصة لتصفية حسابات مع كل من يقترب من أرض “الضبعة”، وهي الموقع المجهّـز لإقامة المفاعلات الأربعة الأولى. وبعيدا عن مصداقية أو عدم مصداقية كل ذلك، فإن ما يحدث، يشير إلى المناخ المحيط بالمسألة في مصر.

في النهاية، فإن الحالة المصرية تقدم نموذجا متكاملا لما سيدور داخل دول النادي النووي المدني الافتراضي فى الشرق الأوسط خلال المرحلة القادمة. فإقامة البرامج السلمية المُـعلنة لن تتم بسهولة ولا ترتبط الصعوبات هنا بالتخلي عن “طموحات العسكرة” أو توقف الحساسيات تُـجاه مواقف الأطراف الخارجية. فكثير من الدول – يتضمن ذلك الرأي العام داخلها – أصبح على استعداد للتقبّـل الحذِر للواقع الجديد، لكن المشكلة ستتّـخذ أبعادا مختلفة تتعلّـق بالكيفية التي سيتعامل بها الداخل مع المسألة بأبعادها الفنية والاقتصادية والبيئية والسياسية، طالما أنها لم تعد مسألة عسكرية سرية، بافتراض أن أزمة إيران لن تُـسفر في النهاية عن اتجاهها لامتلاك أسلحة نووية.

د. محمد عبد السلام – القاهرة

“… هناك ثلاث دول عربية تميّزت في وقت ما بقوة التوجه في برامجها النووية، وهي: مصر، والعراق، والجزائر، وقد حاولت الجزائر اقتحام هذا المجال منذ فترة طويلة، إلاّ أن الوضع الاقتصادي وكثرة القلاقل الداخلية، وعدم توفّر كوادر علمية متخصصة للنهوض ببرنامج نووي ذي فاعلية لم يمكنها من ذلك. وقد اقتصر النشاط الجزائري في هذا المجال على صور للتعاون مع بعض الدول مثل ألمانيا، والأرجنتين، وكوريا الشمالية، وباكستان لإنشاء مفاعلات أبحاث، وتمتلك الجزائر مفاعلين نووين بقدرة ضعيفة يستخدمان للأغراض السلمية.

أما العراق فقد حصل على أول مفاعل نووي عام 1968 من الاتحاد السوفيتي، وشهدت الفترة منذ عام 1975 حتى عام 1979 تعاوناً نووياً بين العراق وفرنسا تم خلالها تزويد العراق بمفاعلين يعملان باليورانيوم المخصب الذي تعهدت فرنسا بتقديمه وبتدريب (600) عالم ومهندس وفني عراقي في المجالات النووية. كما تم توقيع بروتوكول للتعاون النووي في مجال الأبحاث العلمية والتطبيقية بين العراق وإيطاليا عام 1977 بشأن التدريب وأعمال الصيانة للمفاعلات النووية الأربعة التي تم توقيع اتفاق لشرائها. ومنذ عام 1974 ظل العراق يبذل جهوداً كبيرة لتوفير مصادر الوقود النووي اللازم لتشغيل مفاعلاته محلياً ومن مصادر خارجية، وشهد عاما 79، 1980 قيام إسرائيل بتعطيل البرنامج النووي العراقي.

وبالنسبة لمصر، فإن الحديث عن سعيها لتطوير قدرات نووية حقيقية بما يسمح لها بإنتاج سلاح نووي قد تزايد منذ عام 1998 عندما صرّح الرئيس مبارك بأن “مصر ستتزود بالسلاح النووي إذا دعت الحاجة لذلك”، وهو ما أثار المخاوف الصهيونية، وزاد القلق أكثر عندما أعلنت مصر في أبريل 2002 أنها قررت إنشاء محطة للطاقة النووية السلمية في غضون ثمانية أعوام، بما يعني توافر محطة حقيقية وليست تجريبية مثل المحطات الحالية، وهو ما تم وصفه بأنه نقلة نوعية هامة في طريق البرنامج النووي المصري.

وكان المشروع النووي المصري قد بدأ عام 1955 طموحاً، وبدا أنه بإمكانه التوسّع والنمو، ولكن سرعان ما أخذ يتراجع بشكل ملحوظ بعد هزيمة يونيو 1967، حيث توجّه الدعم المادي وموارد البلاد نحو تسليح الجيش المصري وإعادة بنائه، ورغم ذلك لم يأخذ المشروع الاهتمام الكافي به، حيث أعلنت القيادة السياسية تركيز جهودها ومواردها للإصلاح الاقتصادي، وإعادة بناء البلاد بعد الانتهاء من الحرب، فشهدت فترة السبعينيات تراجعاً مستمراً في الاهتمام بالمشروع، خصوصاً مع توقيع اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وهجرة معظم علماء الذرة المصريين خارج البلاد.

ووصل التراجع عن المشروع بتصديق مجلس الشعب المصري على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية عام 1981م، رغم عدم قبول إسرائيل بالانضمام إليها، ثم بتوقيع مصر على اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية في ديسمبر 1996، وهو ما اعتبر إعلاناً رسمياً بتخلي مصر عن الخيار النووي. ومن ثم مثَّلت سياسة التخلي المصرية عن الخيار النووي العسكري أهم معالم صورة مصر بالنسبة للدول في هذا الميدان.

(المصدر: دراسة نشرها علي المليجي علي في مجلة كلية الملك خالد العسكرية – العدد 80 لشهر مارس 2005)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية