مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الولايات المتحدة تتحدث عن “تقدم” في مباحثات القاهرة بشأن هدنة غزة

afp_tickers

أعلنت الولايات المتحدة الجمعة “تحقيق تقدم” في المباحثات التي تستضيفها القاهرة سعيا للتوصل الى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس في غزة، بينما واصلت الدولة العبرية قصف مناطق في القطاع الفلسطيني وجنوب لبنان.

وبعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب التي دمّرت القطاع وخلّفت عشرات آلاف القتلى وتسببت بأزمة إنسانية كارثية، تستضيف القاهرة جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر.

وكان متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن الخميس أن وفدا يضم رئيسي جهازي الموساد ديفيد برنيع والشاباك رونين بار وصل إلى القاهرة “للدفع قدما نحو اتفاق (للإفراج) عن الرهائن”.

والجمعة، أكدت واشنطن أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي ايه” وليام بيرنز وصل بدوره إلى القاهرة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين “تمّ تحقيق تقدم. نحتاج الآن الى أن يعمل الطرفان من أجل التنفيذ”.

وأفاد مصدر مصري بأن جولة المفاوضات “الموسعة” ستنطلق الأحد بمشاركة مسؤولين مصريين وقطريين. 

وتحدث عن “مناقشات موسعة تجري في القاهرة الجمعة والسبت للإعداد لجولة مفاوضات موسعة تنطلق الأحد”، مشيرا الى أن واشنطن “تناقش مع الوسطاء مقترحات إضافية لسد الفجوات بين إسرائيل وحماس وآليات التنفيذ”.

ورأى أن جولة الأحد ستكون “مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على نتانياهو”.

وأكد كيربي أن “المباحثات التمهيدية التي أجريناها في القاهرة الليلة الماضية كانت بنّاءة بطبيعتها. لذلك نريد أن نرى زخما مماثلا يتواصل هنا على امتداد الأيام القليلة المقبلة”.

تجري المحادثات بعد جولة مماثلة عقدت في العاصمة القطرية الأسبوع الماضي، لم تحضرها حماس. ولم تعلن الحركة مشاركتها في جولة القاهرة.

كما تأتي بعد جولة إقليمية قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم تحقق انفراجا، وبعدما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال مع نتانياهو الأربعاء “الضرورة الملحّة” لاتفاق وقف النار وإطلاق الرهائن.

وتحدث بايدن الجمعة هاتفيا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

– “لن يتمّ قريبا” – 

من جهته، أكد مكتب نتانياهو على تحقيق “جميع أهداف الحرب” التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وشدد على أن “هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية” للقطاع مع مصر في مؤشر على تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة، وهو ما ترفضه حماس.

وجدد كيربي اقتناع واشنطن بأن نتانياهو وافق على المقترح الأخير، رغم إصراره على إبقاء قوات إسرائيلية عند الشريط الحدودي. وحضّ حماس على قبول الاقتراح الذي طرح في الدوحة.

في غضون ذلك، أفاد مصدر في حماس مطلع على سير المفاوضات الجمعة بأن الحركة “لم تتلقّ أي اقتراح جديد، كذلك لم يتم ابلاغ حماس باقتراح جديد بخصوص الشريط الحدودي مع مصر ومعبر رفح”.

وكان مكتب نتانياهو أكد الخميس التزامه “بالمبدأ القائل بأن إسرائيل يجب أن تسيطر على ممر فيلادلفيا من أجل منع حماس من أن تعيد تسلّحها ما يسمح لها بأن ترتكب مجددا الفظائع التي ارتكبتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر”.

ورأى القيادي في حماس حسام بدران أن “إصرار نتانياهو على إبقاء قوات الاحتلال في محوري طريق الشهداء (نتساريم) وصلاح الدين والشريط الحدودي مع مصر (فيلادلفيا) يعكس نوايا الاحتلال في مواصلة العدوان وحرب الابادة وعدم التوصل لاتفاق نهائي”.

وأكد لفرانس برس الجمعة “لن نقبل بأقل من انسحاب قوات الاحتلال بما في ذلك محور فيلادلفيا ونتساريم”، وأن واشنطن “تتحمل مسؤولية الضغط عليه لتحقيق وقف إطلاق النار”.

وتتمسّك حماس بموقفها الداعي إلى التقيد بالمقترح وفق الصيغة التي أعلنها بايدن في 31 أيار/مايو، وأعلنت قبولها في مطلع تموز/يوليو.

وينص المقترح على هدنة مدتها ستة أسابيع يصاحبها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.

ومع تواصل المعارك، يتضاءل احتمال التوصل الى هدنة بالنسبة لكثيرين.

ومن هؤلاء عائلات الرهائن الذين التقى وفد منهم نتانياهو الجمعة لحثّه على إبرام اتفاق. وأعربت ابنة أحدهم عن شعورها بأن الاتفاق ليس وشيكا.

وقالت إيلا بن عامي التي خُطف والدها أوهاد في الهجوم، في بيان صادر عن منتدى عائلات الرهائن “غادرت بانطباع ثقيل وصعب بأن هذا لن يتمّ قريبا”. 

في قطاع غزة، قالت أم محمود وادي النازحة في مدينة دير البلح “أتمنى من الله عزّ وجلّ أن تستمر هذه المفاوضات ويعثروا لنا على حلول”.

– معارك في غزة –

وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1199 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 105 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش وفاتهم.

وتوعد نتانياهو بـ”القضاء” على حماس ويشن الجيش منذ ذلك الحين قصفا مدمرا وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 40265 شخصا وفقا لوزارة الصحة التابعة حماس التي لا تذكر تفاصيل بشأن عدد القتلى المدنيين والمقاتلين. وتقول الأمم المتحدة إن معظم القتلى من النساء والقصّر.

وفي قطاع غزة المحاصر والمدمر والذي يعاني كارثة إنسانية تهدد سكانه البالغ عددهم حوالى 2,4 مليون نسمة، أفاد شهود الجمعة عن قصف مدفعي إسرائيلي مكثفة على خان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط) حيث أصيب طفل.

وأحصى الدفاع المدني سقوط “أربعة شهداء نتيجة قصف مدفعي على مناطق بيت لاهيا والسلاطين وعزبة عبدربه” بشمال القطاع.

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي “القضاء على عشرات الإرهابيين وتفكيك عشرات مواقع البنى التحتية الإرهابية” في منطقة خان يونس وفي ضواحي دير البلح، مؤكدا كذلك قتل “العديد من الإرهابيين” في منطقة رفح (جنوب).

وسمع شهود دوي قصف إسرائيلي في أحياء غرب مدينة رفح. كما أشار صحافي في فرانس برس إلى اشتباكات مسلحة بين مقاتلين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في جنوب مدينة غزة (شمال).

وأثارت الحرب في غزة مخاوف من اتساعها إلى نزاع واسع في المنطقة.

ويخشى المجتمع الدولي من تصعيد عسكري إقليمي أكبر بعد توعّد إيران وحزب الله بالردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 تموز/يوليو في طهران المنسوب إلى إسرائيل، واغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في ضربة إسرائيلية.

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال اتصالات مع مسؤولين غربيين الجمعة، حق بلاده “القطعي” بالرد.

وأبلغ عراقجي نظيره البريطاني ديفيد لامي بأن طهران “لا تريد توسيع الحرب وزيادة التوتر في المنطقة، لكنها لن تتراجع عن حقها القطعي في الرد على العمل الإجرامي والإرهابي الصهيوني في طهران”، وفق بيان للخارجية الإيرانية.

وفي جنوب لبنان، قتل ثمانية أشخاص هم سبعة عناصر من حزب الله وطفل، في غارات إسرائيلية مكثفة الجمعة، بحسب ما أعلن الحزب ووزارة الصحة اللبنانية.

وهذه الحصيلة للحزب هي من الأكبر في يوم واحد منذ بدء التصعيد مع إسرائيل في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر.

كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل ثلاثة مقاتلين موالين لإيران في قصف اسرائيلي استهدف مواقع للجيش السوري وحزب الله وسط سوريا الجمعة.

بور/دص-شي-كام/ح س

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية