اليمين المتشدد يركز الهجوم على “شنغن”
جددت منظمة "العمل من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة" رفضها لأي تقارب بين سويسرا والإتحاد الأوروبي لكنها ركزت هجومها هذه المرة على اتفاقيات شنغن المنظمة لتنقل الأشخاص بين العديد من الدول الأوروبية
في موفى الأسبوع الماضي، صوت حوالي ألف عضو ينتمون إلى هذه المنظمة التي يترأسها السيد كريستوف بلوخر رئيس فرع زيوريخ لحزب الشعب السويسري اليميني المتشدد، بالإجماع على قرار يرفض انضمام الكونفدرالية إلى اتفاقيات شنغن المبرمة بين أحد عشر دولة من دول الإتحاد الأوروبي.
القرار لم يأت مفاجئا للمراقبين، إلا أن حدة الهجومات التي تعرضت لها الحكومة التي تستعد لبدء مفاوضات عسيرة حول اتفاقيات ثنائية جديدة مع أوروبا، تشير إلى أن الخسارة التي مُـني بها التيار القومي المتشدد وأنصار بلوخر بوجه خاص في استفتاء الثاني من مارس – آذار الماضي المتعلق بانضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة، دفعته إلى تركيز المعارضة على خطوات التقارب الوئيدة بين برن وبروكسل.
في الواقع ، ليس هناك جديد في الإعتراضات الواردة في القرار الذي حصل على إجماع المندوبين، لكن مجرد تعدادها يعطي فكرة عن حجم المواجهة السياسية التي ستندلع حتما في صورة تقدم المفاوضات بين سويسرا وأوروبا في مستقبل الأيام.
فهناك أولا تحذير من “التفريط في الحرية والسيادة والحياد السويسريين” الذي سينجم عن الإنضمام لاتفاقيات شنغن التي أجمع مندوبو المنظمة على اعتبارها “عقدا استعماريا” لأنها تفرض على سويسرا اعتماد “قوانين شنغن” بدون أي تغيير.
من جهة ثانية، يعتبر إلغاء إجراءات المراقبة على الحدود الداخلية لفضاء شنغن تهديدا للمواطنين السويسريين، وهو ما يدفع في نهاية المطاف إلى “رفض الإتفاقيات رفضا قاطعا لأنها تمثل مرحلة على طريق الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي” حسبما ورد في الوثيقة النهائية الصادرة عن الإجتماع.
تصعيد متوقع
السيد كريستوف بلوخر، رئيس منظمة العمل من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة وأحد الخطباء المفوهين القلائل في الساحة السياسية السويسرية، لم يضيع الفرصة لشن هجوم قاس على الحكومة الفدرالية وعلى وزير الإقتصاد بالخصوص، حيث اعتبر أن بروكسل تحاول الحصول على تخفيف للسر المصرفي مقابل الموافقة على انضمام سويسرا إلى اتفاقيات شنغن. وهو ما يعني “إضعافا للساحة المالية السويسرية” على حد رأي بلوخر.
أما الرد على المطالب الأوروبية بالقول بأن “السر المصرفي ليس قابلا للتفاوض لكنه مرشح للتطور” مثلما جاء على لسان السيد باسكال كوشبان وزير الإقتصاد فان ذلك يعني “الاستسلام قبل بدء المفاوضات” في رأي رئيس فرع زيوريخ لحزب الشعب السويسري.
كما شملت الإنتقادات أيضا السياسة الخارجية للحكومة الفدرالية التي اعتبرها السيد بلوخر “مؤسفة ومطبوعة بالهواية” وذهب إلى حد اتهامها بالتفريط في قيم سويسرا بثمن بخس على حد تعبيره!
هذا التصعيد – الذي كان متوقعا – من طرف المنظمة ورئيسها يمثل دليلا إضافيا على المأزق السياسي الذي يمر به التيار القومي اليميني المتشدد في سويسرا. فموافقة أغلبية السويسريين على انضمام بلادهم إلى منظمة الأمم المتحدة لم يترك خيارات متعددة أمام بلوخر وأنصاره الذين قرروا الآن استهداف كل أشكال التقارب مع بروكسل والتصدي بقوة لمنع انضمام الكونفدرالية إلى الإتحاد الأوروبي.
حرب على كل الجبهات
السيد جون دانيال غربر مدير المكتب الفدرالي لشؤون اللاجئين حاول إقناع أعضاء المنظمة المشاركين في الإجتماع بأنه لا يمكن الحديث عن حصيلة الإتفاقيات القطاعية السبع الأولى المبرمة بين برن وبروكسل إلا بعد اختتام المفاوضات حول الحزمة الثانية من الإتفاقيات الثنائية، لكن هذا المنطق لم يلق أي تجاوب من طرف المندوبين.
إذ لم يكتف الحاضرون بالموافقة على قرار يدعو إلى رفض انضمام سويسرا إلى اتفاقيات شنغن بل صادقوا على مقترح إضافي يطالب الحكومة الفدرالية بتعزيز فوري لعدد العاملين في قوات حرس الحدود من أجل ضمان مراقبة ناجعة لها.
أخيرا يبدو أن هذه المنظمة، التي تستند إلى واحد وأربعين ألف عضو في شتى أنحاء سويسرا، مقرة العزم على عدم الإقتصار على رفض التقارب مع الإتحاد الأوروبي بل خوض المواجهة مع الحكومة الفدرالية (ومعظم الأحزاب السياسية) على جبهات متعددة في نفس الوقت، أهمها معارضة المبادرة المتعلقة بمداخيل مبيعات الفائض من مدخرات الذهب ورفض مؤسسة التضامن ومكافحة التجاوزات في مجال اللجوء حسب تأكيد السيد كريستوف بلوخر.
سويس إنفو مع الوكالات.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.