انتعاش الإقتصاد يثير شهية النقابات
تطالب النقابات المهنية المختلفة في سويسرا برفع الأجور بنسبة لا تقل عن 3.5%، بما يتناسب مع ارتفاع نسق النمو الاقتصادي الذي تشهده الكنفدرالية هذا العام.
في المقابل، لا يكتفي أرباب العمل برفض هذا المطلب كالعادة، بل يصرون على عدم المساس بسياسة الرواتب الحالية.
فيما تُشارف العطلة الصيفية على الإنتهاء، استعدت النقابات للعودة الخريفية بطرحها مطالب واضحة تدعو إلى رفع الأجور في بعض القطاعات بنسبة 3.5%، وذلك بالنظر إلى التحسن الملموس الذي تشهده الحالة الاقتصادية.
وقد استندت النقابات في مطلبها إلى إعلان مركز متابعة النمو الاقتصادي التابع للمعهد العالي الفدرالي للتقنية في زيورخ ETHZ بأن النمو الملحوظ في إجمالي الناتج القومي سيتواصل في الارتفاع حتى نهاية هذا العام.
في المقابل، لا يرى أرباب العمل في تلك المؤشرات الإيجابية دافعا رئيسيا لزيادة الرواتب، في الوقت الذي تشهد فيه دول الجوار مثل ألمانيا وفرنسا بداية التحرك نحو زيادة ساعات العمل دون الحديث عن رفع في الأجور.
زيادة حسب معدلات النمو
من جهته، صرح بياترو كافاديني المتحدث باسم اتحاد النقابات المهنية في سويسرا إلى سويس انفو بأن المناخ الاقتصادي الحالي يسهل بكثير الحديث حول هذا الملف، مقارنة مع الأوضاع في العام الماضي، إلا أنه في الوقت نفسه يتفهم أن بعض القطاعات تطالب بالتقشف مثلما هو الحال الآن في مجال الخدمات العامة وقطاع البناء والتشييد، مما يجعل الحوار معها حول هذا الملف غير مناسب.
في المقابل، تطالب نقابة العاملين في البناء والتشييد بزيادة قدرها 2.2% شهريا في الرواتب وترتفع هذه المطالبة إلى 3.5% لدى نقابة العاملين في مجال صناعة الأدوية والمركبات الصيدلانية، بينما اكتفت نقابة العاملين في الشؤون الإدارية بالدعوة إلى زيادة بـ 2.5%.
حياد حكومي
وفي حديث مع سويس انفو، قال برونو شموكي المتحدث باسم نقابة العاملين في الصناعة والخدمات العامة بأن “ما يحصل عليه العمال حاليا فقد قوته الشرائية مع مرور الوقت، لاسيما لأولئك الذين يتقاضون الحد الأدنى من الأجور، وهو ما يعني ضرورة المطالبة بتعديل رواتبهم، أما الطبقة المتوسطة، فيمكن تعويضها بزيادة بسيطة” على حد تعبيره.
وعلى الجانب الآخر قال بيتر هازلر مدير رابطة أرباب العمل إلى سويس انفو: “إن الحديث عن تعديل الرواتب غير وارد على الإطلاق في المرحلة الحالية”.
وعلى الحياد وقفت كتابة الدولة للاقتصاد SECO إذ قال مديرها جان- لوك نوردمان بأن زيادة الرواتب يمكن أن تكون لمحدودي الدخل وأصحاب الحد الأدنى من الأجور، وفيما عدا ذلك فيمكن لكل شركة أو مؤسسة أن تناقش موضوع زيادة الأجور بشكل عام حسب إمكاناتها وتطور مبيعاتها وأرباحها، إلا أن المهم حسب رأيه، هو “أن تشمل مفاوضات النقابات مع أرباب العمل مشاكل تطوير التأهيل وتحسين القدرات الإنتاجية للعمال”.
وأشار نوردمان في حديثه إلى سويس انفو إلى أن طرح موضوع الزيادة في عدد ساعات العمل لن يكون مثمرا في سويسرا التي لن تتحول – حسب قوله – إلى بلد للأيادي العاملة الرخيصة إذا تم طرح مشروع الترفيع في عدد ساعات العمل بساعة أو ساعتين أسبوعيا، ويضيف بأنه “من الأفضل أن تكون هناك مرونة في التعامل مع مسألة ساعات العمل”.
تقاليد راسخة
من جهته، يقول برونو شموكي المتحدث باسم نقابة العاملين في الصناعة والخدمات العامة في تصريحات لسويس أنفو: “إن سويسرا لا يمكنها أن تنافس اسعار الأيدي العاملة الرخيصة في بلدان مثل بولندا أو الصين، ولكن الصناعة الوطنية تنافس على السوق المحلية والابتكار والتطوير والإنتاج المتميز”.
ونظرا لأن هذه العوامل هي التي يرتكز عليها الاقتصاد السويسري وهي التي حققت له السمعة الطيبة التي يتمتع بها في العالم، فإن من حق هذا العامل الذي تقوم عليه تلك الصناعة والسمعة الطيبة أن يحصل على المقابل الذي يتناسب مع ذلك، وبالتالي يمكن الحفاظ على القدرة التنافسية للصناعة السويسرية في العالم على المدى البعيد، ومعها يتواصل النمو الاقتصادي، طبقا لرؤية برونو شموكي المتحدث باسم نقابة العاملين في الصناعة والخدمات العامة.
ومع أنه لا يمر عام في سويسرا إلا وتفتح فيه النقابات والإتحادات العمالية ملف الترفيع الرواتب والأجور وما يصطحب ذلك من تداول وسائل الإعلام للسجالات الدورية بين ممثلي الأعراف والعمال، إلا أن التقاليد التفاوضية الراسخة بين الأطراف الإجتماعية السويسرية على المستويات المحلية والفدرالية عادة ما تسمح بتوصل الجميع إلى حلول وسط يقبل بها الطرفان في انتظار فتح الملف مرة أخرى.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.