انتقادات أممية لسويسرا!
"يتعين على سويسرا إقرارُ تأمين وطني على الأمومة بأسرع أجل وإعادة النظر في تصورها الجامد لتوزيع الأدوار بين الأجناس".
هذه من أهم التوصيات الصادرة حديثا عن اللجنةُ الأمميةُ المعنيةُ بالقَضاء على التمييز ضد المرأة. لكن هذه المطالب تظل غير إلزامية على غرار كافة التوصيات الأممية…
أعلنت الحكومةُ السويسرية يوم الأربعاء 30 أبريل أنها سجلت المُلاحظات النهائية للجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، وكلفت وزارة الداخلية بإبلاغ توصيات اللجنة لمُختلف الفاعلين والمسؤولين في مجال تعزيز المساواة بين النساء والرجال في الكنفدرالية. كما دعت الحكومة إلى ترجمة هذه التوصيات على أرض الواقع حتى إن كانت غير إلزامية مثل كافة التوصيات الأممية.
وجاء في توصيات هذه اللجنة المُكلفة بمُراقبة تطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المُبرمة عام 1979، أنه يتعين على سويسرا اعتماد التأمين على الأمومة في أقرب أجل. ويُذكر أن الكنفدرالية تظل البلد الوحيد في أوروبا الذي لا يتوفر على تأمين وطني على الأمومة جدير بهذا الإسم.
وكان آخرُ مشروع للتأمين الاجتماعي الإجباري، والذي دعا إلى منح المرأة إجازة مدفوعة الأجر لمدة 14 أسبوعا بعد الوضع، قد قُوبل برفض الناخبين السويسريين في ديسمبر 1999. ويُذكر أن قانون الالتزامات السويسري يضمن للمرأة العاملة حق الحصول على كامل راتبها خلال الأسابيع الثمانية الأولى فقط التي تلي الولادة.
نفس الحقوق والواجبات
من جهة ثانية، دعت لجنة القضاء على التمييز ضد النساء سويسرا إلى تجاوز “تصوُّرها الجامد” لتوزيع الأدوار بين الجنسين وإلى توفير المزيد من المعلومات حول “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” في أوساط البرلمانيين والقضاة ورجال القانون.
وطلبت اللجنة من الحكومة السويسرية أن تُسرع في اتخاذ إجراءات إضافية للقضاء على “الصور النمطية” لأدوار الرجال والنساء ولاعتبار الأبوة والأمومة مسؤولية اجتماعية للأباء والأمهات على حد سواء. كما دعت اللجنة وسائل الإعلام السويسرية إلى ترويج صورة إيجابية للمرأة وإلى توعية الجمهور بأن لها نفس حقوق وواجبات الرجل سواء تعلق الأمر بالحياة الخاصة أو العامة.
وترى اللجنة أنه من حق الشابات والشبان السويسريين التمكن من اختيار التكوين أو المهنة التي يرغبون في مزاولتها دون التأثر بالأفكار المُسبقة عن دور الرجال والنساء في المُجتمع. فالسيدات في سويسرا على سبيل المثال، لا يقبلن على التخصص في علوم الرياضيات والفيزياء لأنها دراسات “رجالية” إن صح التعبير.
أجور غير متكافئة
لكن الصورة ليست قاتمة كليا في سويسرا، حيث أشادت اللجنة الأممية بقانون المساواة بين الرجال والنساء الذي دخل حيز التطبيق في سويسرا يوم الفاتح من يوليو عام 1996. وينطبق هذا القانون في كافة مجالات الحياة المهنية، من شروط التوظيف والفصل مرورا بالتكوين المهني المُستمر والأجور، ووصولا إلى التحرش الجنسي في مواقع العمل.
وعلى هذا المستوى، توضحُ مديرةُ المكتب الفدرالي للمساواة باتريسيا شلوز أن سويسرا ليست مُتأخرة مُقارنة مع باقي دول أوروبا، وأن قانون المُساواة أثبت تقدمه في نقطة أساسية عندما اعتبر التحرش الجنسي شكلا من أشكال التمييز.
ورغم المجهُودات التي بذلتها سويسرا في مجال المُساواة، فإن مُعدل أجور النساء في سويسرا مازال يقل بنسبة 23% مقارنة مع الرجال. وتقول السيدة شلوز في هذا السياق: “إن كانت نسبة النشاطات المدفوعة الأجر للنساء السويسريات تتجاوز معدل باقي الدول الأوروبية فإن حجم وقت عملهن يظل قليلا جدا”.
وتقصد السيدة شلوز بحجم العمل ساعاتِ الشغل الأسبوعية أو الشهرية المُحددة في عقد العمل والتي لا يمكن تجاوزها. فمعظم النساء السويسريات لا يزاولن عملا بنسبة 100%، وتعني هذه النسبة ممارسة عمل ما خمسة أيام في الأسبوع بمعدل 8 ساعات في اليوم.
ويحولُ هذا المُشكل دُون استفادة النساء من إمكانيات تحقيق نجاح مهني كبير. ويتضح ذلك جليا في توزيع العمل الذي ظل تقليديا في سويسرا، فمُعظم الرجال يعملون بنسبة 100% فيما تكتفي النساء بالعمل الجزئي. أما معدل عمل أمهات الأطفال دون سن الثالثة فيستقر في نسبة 30%.
وقد انتقدت اللجنة الأممية المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بشدة هذه النقطة مشيرة إلى النقص الذي تشكو منه سويسرا على مستوى مؤسسات استقبال الأطفال الصغار مثل الحضانات.
العنف العائلي
على صعيد آخر، أوصت اللجنةُ الأممية سويسرا بالتحرك للقضاء على العُنف إزاء النساء. فعلى المستوى الجنائي، مازال يتعين على الكنفدرالية تحقيق المزيد من التقدم في محاربة العنف العائلي. ويذكر أن سويسرا كانت بطيئة جدا على سبيل المثال في الاعتراف بالاغتصاب في إطار الزوجية. وتعتقد مديرة مكتب المساواة الفدرالي أن سويسرا وصلت إلى مرحلة هامة في مكافحة هذا النوع من العنف وأن الجميع يعترف الآن بخطورة المُشكل.
وقد تبنى كانتون سانت غالن مؤخرا قانونا يسمح بطرد الزوج العنيف أو الزوجة العنيفة من المنزل بدل مغادرة الضحية للبيب. وتبحث باقي الكانتونات هذا القانون، فيما تقوم السلطات المعنية بالنظر في إمكانية تعديل القانون الجنائي بهدف ملاحقة المعتدي من الزوجين بشكل تلقائي. وكان البرلمان السويسري قد قدم ثلاث مبادرات بهذا الشأن تدعو إحداها إلى سن قانون يسمح بطرد المعتدي من بيت الزوجية ومنعه من إجراء أي اتصال مع الأسرة.
وقد دعت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة سويسرا أيضا إلى محاربة التمييز ضد النساء الأجانب والاستغلال الجنسي للنساء اللاتي يمارسن الدعارة. كما تريد اللجنة أن تولي الكنفدرالية اهتماما متزايدا بقضية الفقر ومعاملة النساء عموما. وتسعى اللجنة من وراء هذه التوصيات إلى تحقيق المساواة بين النساء والرجال في الحياة المهنية وضمان تمثيل متكافئ للنساء في الحياة العامة والسياسية.
والآن وبعدما أبلغت اللجنة الأممية سويسرا بهذه التوصيات غير الإلزامية، فما عليها سوى انتظار التقرير الدوري الذي ستقدمه الكنفدرالية للأمم المتحدة عام 2006 حول ما قامت به من جهود في مجال المساواة والقضاء على التمييز ضد المرأة.
إصلاح بخات – سويس انفو
صادقت سويسرا على الاتفاقية الأممية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1997
قدمت سويسرا للأمم المتحدة تقريرين حول التقدم الذي أحرزته سويسرا في مجال تعزيز المساواة بين النساء والرجال في ديسمبر 2001.
دخل قانون المساواة بين النساء والرجال في سويسرا حيز التطبيق في 1 يوليو 1996
سويسرا هي آخر بلد في أوروبا الذي لا يتوفر على التأمين على الأمومة
تقل نسبة أجور النساء في سويسرا بـ23% مقارنة مع رواتب الرجال حسب تقديرات النقابات
باستثناء كانتون سانت غالن، على السيدة التي تتعرض لعنف عائلي مغادرة بيت الزوجية ليس العكس
يخصص المكتب الفدرالي للمساواة 4 ملايين فرنك من ميزانيته التي تبلغ 7,2 مليون لتمويل مشاريع في عالم الشغل
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.