مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انتقاد لاذع لنظام تمويل الأحزاب السويسرية

Keystone

انتقدت منظمة الشفافية الدولية نظام تمويل الأحزاب السياسية في سويسرا، ووصفته بأنه "أكثر الأنظمة غموضا في أوروبا". كما طالبت المنظمة سويسرا باتخاذ خطوات أكثر صرامة في مواجهة غسيل الأموال.

عربيا، أشار التقرير إلى المغرب والجزائر والكويت فقط، ورأى بأن هناك قيودا يجب التغلب عليها وإيجابيات يمكن الإشادة بها.

قالت آن شفوبل مديرة منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية (مقرها برلين) إن عدم توضيح مصادر تمويل الأحزاب السياسية السويسرية، أو حجم الدعم المالي الذي تحصل عليه يجعل نظامها غير واضح، وذلك في حديثها إلى سويس انفو تعقيبا على نتائج تقريرها الأخير لعام 2006 الصادر في الفاتح من فبراير الجاري.

وأضافت شفوبل بأن منظمة الشفافية الدولية ترحب بالقانون السويسري الصادر في الفاتح من ديسمبر2003 كخطوة أولى نحو المزيد من الشفافية في نظام تمويل الأحزاب، مؤكدة على أن الخطوة التالية هي أنه “يجب على الساسة توضيح المناصب التي يتولوها في مجالس إدارات الشركات، أو كمستشارين في مجالات مختلفة، وربما يجب علينا أن نواصل في هذه الطريقة، لأن نظام تمويل الأحزاب لا يزال غير شفاف”.

أمثلة سلبية

وتستند منظمة الشفافية الدولية في تقريرها إلى فضيحة جمع التبرعات لمؤسسة “برو فاسيل” (التي تدعم مشاريع مساعدة المعاقين) ولسياسيين مثل انيتا فيتس وروبرتو زانيتي، حيث تصفها شفوبل بـ”الفضيحة الإعلامية الكبيرة التي لم تسفر عن شيء”. وتعتقد أن الأحزاب لم تتحرك “لأنها ربما كانت خائفة من فقدان من يمولونها، إذا أعلنت أسمائهم”.

ويقول تقرير منظمة الشفافية الدولية أن الشبهات تحوم حول سويسرا في عمليات غسيل الأموال بسبب وجود 30% من ثروات العالم الخاصة في مصارفها. ولا يمكن لسويسرا أن تتخذ الخطوات المناسبة لمزيد من التحريات حول هذه الأموال، بسبب السرية المصرفية التي تحرص عليها.

ويجد التقرير أن من الإيجابيات التي سجلتها سويسرا، وضع قانون ضد الرشوة يحاول الإقتراب من نفس مستوى الإتحاد الأوروبي، لكنه لم يتمكن من تغطية كافة الثغرات، حيث لم يصل بعد إلى تصنيف الرشوة كجريمة بل ينظر إليها على أنها خطأ أو إساءة، وبالتالي ينعكس هذا على ملاحقة قضايا غسيل الأموال.

ويقترح التقرير أن تعمل سويسرا على تحسين صورتها وزيادة مصداقيتها، لاسيما في قضايا مكافحة الرشوة وغسيل الأموال.

محاربة الرشوة عربيا

وقد اختص التقرير 3 من الدول العربية برصد التغيرات في مكافحة الفساد فيها؛ وهي المغرب والجزائر والكويت.

ففي المغرب، يرى التقرير أن الحكومة المغربية لم تقم بواجبها حتى الآن في تقصى الحقائق حول المخالفات المالية التي ظهرت بعد أكثر من 10 سنوات على بناء مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، على الرغم من ظهور تقارير تفيد بوجود حالات اختلاسات وتلاعب، لاسيما في شركات توريد الرخام ومواد البناء الأخرى، وهو ما اعتبره التقرير تقصيرا في تحرك الحكومة نحو هذا الخلل الخطير في إنفاق المال العام.

كما انتقد التقرير ما وصفه بـ”سيطرة لا مثيل لها” من الجيش على بعض القطاعات الصناعية، مثل الصيد البحري، والتي تحدثت عنها بعض وسائل الإعلام المحلية ونشرت تحقيقات صحفية تفيد بأن بعض رجال الجيش والأمن السابقين وبعض أعضاء عائلاتهم، يمتلكون أو يساهمون في شركات لتجارة الأسماك مع اسبانيا، ويتدخلون في مجالات صناعية هامة.

وتقول الشفافية الدولية بأن مثل هذه الحالات تعكس تناقضا بين الاهتمامات الشخصية والالتزامات المهنية، لاسيما في الجيش الذي انتقده التقرير أيضا لعدم مناقشة ميزانيته أمام البرلمان.

وقد أشاد التقرير بالإعلام المغربي الذي تمكن من توظيف الإنفتاح الأخير لخدمة القضايا المحلية الهامة التي تمس شريحة عريضة من الرأي العام.

أما في الجزائر، فقد ركز التقرير على عدم احترام حرية الصحافة، وتقييد الحريات العامة وأنشطة الأحزاب المعارضة وجمعيات المجتمع المدني، والحظر المفروض على المواطن العادي للدخول إلى مصادر المعلومات المتاحة للجميع، وأرجع ذلك إلى استمرار قانون الطوارئ المعمول به منذ عام 1992.

وانتقد التقرير سلبية الحكومة الجزائرية في معالجة العديد من القضايا الملحة رغم إدراكها جيدا أنها سبب في العديد من المشكلات الداخلية، مشيرا إلى انتشار حالات الرشوة بين الشركات، والتي تنعكس سلبيا على فرص الاستثمار في الجزائر.

ويقول التقرير إن هناك ثغرات ونقص في توضيح الآليات التي تم بها توزيع 55 مليار دولار مخصصة لمشاريع مختلفة من بينها أيضا تلك المتعلقة بالبنية التحتية، حيث كان يتم الإتفاق عليها من خلال القنوات الخاصة.

وفي الحالة الكويتية، يرى التقرير أن الحديث عن الرشوة لم يعد من المحرمات التي لا يتحدث المجتمع عنها، بل تتناولها مؤسسات مختلفة لبحث كيفية مواجهتها والتعامل معها، وهو ما يرى فيه التقرير تحركا إيجابيا. في الوقت نفسه، يشير إلى أن المجال الشائع لحالات الرشى يبقى دائما محصورا في التعاقدات الحكومية.

توصيات هامة تنتظر التطبيق

وقد أشار التقرير بصفة عامة إلى الفساد في قطاعات الصحة وتصنيع الأدوية في العالم وكيف ينعكس سلبا على برامج مكافحة الأمراض ويعترض طريق تحقيق أهداف الألفية.

كماأوصى التقرير بتطبيق معايير الشفافية في القطاع الصحي، مثل مراعاة قواعد السلوك الأخلاقي والقضاء على تضارب المصالح، واستقلالية مراقبة المشاريع سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، مركزا على أن الملاحقة القانونية والمحاكمات الصارمة هي التي يمكن أن تحمل رسالة واضحة بأنه لا مجال للفساد في مجال الرعاية الصحية.

وقد ينطبق هذا القول على العديد من القطاعات الصناعية والخدمية الأخرى، لكن التوصيات تبقى دائما شيئا والتطبيق شيئ آخر.

سويس انفو – تامر أبوالعينين

نددت منظمة الشفافية الدولية بالغموض الذي يلف تمويل الأحزاب السياسية في سويسرا، لعدم وجود وضوح في مصادر حصولها على اموالها. كما انتقدت وجود ثغرات في النظام القانوني لمحاربة الرشوة وغسيل الأموال.

لا يلزم القانون السويسري الأحزاب بالإفصاح عن مصدر تمويلهاأو حجم ميزانيتاها.
لا تحصل الأحزاب على دعم فدرالي ولا ينال البرلمانيون رواتب مقابل عضويتهم، باستثناء نفقات اللجان الخاصة.
فشلت محاولات سابقة لتحديد رواتب شهرية للساسة، ليكون العمل البرلماني نابعا عن قناعة، وليس في سبيل الحصول على مكسب مالي.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية