انجازات كثيرة.. وقلق حول المستقبل!
1 أغسطس ليس فقط تاريخ العيد الوطني في الكنفدرالية، بل يُصادف ايضا تاريخ إنشاء الصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي الذي يحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسه. لكن بعد نصف قرن من الإنجازات الرائدة، تخشى هذه المؤسسة من فقدان بريقها على المستوى العالمي...
ساهم إنشاءُ الصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي في جعل سويسرا من بين الدول الرائدة في مجال البحث الأساسي. وظلت أولويات هذا الصندوق منذ تأسيسه يوم 1 أغسطس من عام 1952 تمويل الأبحاث الأساسية المستقلة ودعم المواهب العلمية الشابة. لكن مجال البحث العلمي شهد تغييرات كبيرة منذ ذلك التاريخ وباتت سويسرا اليوم تتصارع من أجل الحفاظ على أسس تفوقها في هذا المجال أمام ارتفاع مُتطلباته المالية.
ويقول الأمين العام للصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي هَانز بيتر هِرتيغ: “إذا نظرنا إلى وضع سويسرا في مجال الأبحاث الأساسية، أعتقد أنه من الإنصاف القول إننا نتمتع بمستوى مُمتاز.” غير أن السيد هِرتيغ يأسف لعدم بذل الصندوق للمزيد من الجهود خلال العشر سنوات الماضية لاستقطاب المواهب الشابة والكُفئة في مجال البحث العلمي.
ويُذكر أن عددا من العُلماء الذين استفادوا من دعم هذه المؤسسة العلمية السويسرية فازوا بجائزة نوبل مثل فرنر أربر(نوبل للطب،1978) وريشارد ارنست (نوبل للكيمياء،1991) ورُولف زينْكِرناغْل (نوبل للطب،1996).
تعدد الاختصاصات
ويوضحُ الأمين العام للصندوق أنه يجب النظر إلى مثل هذه الإنجازات الفردية في إطار البحوث الأساسية الواسع. ويقول: “نحن لا نتحدث هنا عن مجال يحصل فيه المرء مُباشرة على نتائج سريعة ونافعة. ما نحاول فعله، هو تشجيع ودعم مجموعة علمية واسعة مُعززة بشبان متألقين.” ويشير السيد هرتيغ في هذا السياق إلى أن الصندوق لا يبحث عن نتائج علمية سريعة، لذا فهو يخصصُ 75% من موارده المالية لدعم العلماء الشُّبان الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة.
وكان من بين أهم المشاريع الجديدة التي فرضت نفسها على الساحة العلمية خلال السنوات القليلة الماضية مشاريع الأبحاث المتعددة الاختصاصات. ويشكل هذا النوع من المشاريع تحديا حقيقيا بالنسبة للصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي لأنه يعكس في هذه الحالة ما تشهده كليات العلوم في الجامعات السويسرية من تطور وما تقوم به من إنجازات.
ويضيف السيد هرتيغ أن العلوم مازالت مبنية على أسس تقليدية، لذا يحاول الصندوق الوطني للبحث العلمي بالتعاون مع الجامعات كسر الحواجز القديمة بين مختلف التخصصات. ويعتقد السيد هرتيغ أن نظام تمويل الأبحاث العلمية سيشهد ثورة حقيقية وسيصبح في المُستقبل دوليا بقدر أكبر ومُتعدد الأطراف. بعبارة أخرى، لن يقتصر التعاون في المجال العلمي على توقيع اتفاقيات ثنائية بين مؤسستين مُمولتين للبحث العلمي، بل سيشمل إشراك أفضل المؤسسات العلمية في العالم بهدف التوصل إلى أفضل النتائج.
هاجس قلة الموارد
ويُمول الصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي هذا العام حوالي 3000 مشروع بحث من ميزانيته التي تبلغ 400 مليون فرنك. ويُخصص الصندوق زهاء 80% من موارده المالية للأبحاث المستقلة و20% لبرامج البحث، بينما تُنفق حوالي 20% من الميزانية على العلوم الاجتماعية والإنسانية فيما يُوزع الباقي بالتساوي تقريبا على مجالات العلوم الطبيعية والإحيائية وعلوم الهندسة. ويعترف الأمين العام للصندوق بـ”تهميش سويسرا عامة للعلوم الاجتماعية والإنسانية التي تتطلب بالتأكيد مزيدا من الدعم.”
يُِشار إلى أنه قبل إنشاء هذا الصندوق، كانت الجامعات والمعاهد العلمية تعتمد كليا على الكانتونات ذات الميزانيات المحدودة جدا في مجال البحث العلمي. وبعد تأسيس الصندوق، تمكنت سويسرا من إبراز كفاءاتها العلمية وأصبحت رائدة عالمية في مجال البحث الأساسي. لكن المجموعة العلمية تعتقد أن سويسرا فقدت قدرا لا يُستهان به من تأثيرها العملي خلال العقد الماضي وان لم يرتفع حجم الاستثمارات في هذا المجال، قد تفقد أيضا قدرتها التنافسية العالية.
لذا، طالب الصندوق الوطني السويسري للبحث العلمي يوم الاثنين الماضي برفع ميزانيته بنسبة تفوق 80% للفترة ما بين 2004 و2007. ويناهز هذا المطلب المليار وربع المليار فرنك.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.