انقسام في البرلمان حول قانون اللغات
يتجدد الجدل في سويسرا حول تعلّـم اللغات الأجنبية في المدارس، حيث احتدم الخلاف بين غرفتي البرلمان حول مسألة تحديد اختيار اللغة الأجنبية الأولى التي يتعيّـن تدريسها للأطفال السويسريين.
مجلس الشيوخ يرى أن الأولوية يجب أن تُـمنح للإنجليزية ويُـصر على أن يظل القرار بيد الكانتونات، وهو توجّـه يتعارض تماما مع ما ذهب إليه مجلس النواب.
القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ، كشف بوضوح عن وجود خلاف كبير في مسار بلورة القانون المتعلق باللغات، المعروض حاليا على أنظار البرلمان.
ففي يوم الثلاثاء 25 سبتمبر، قام أعضاء مجلس الشيوخ عمليا بتصحيح القرار، الذي توصل إليه مجلس النواب في شهر يونيو الماضي، عندما قرر أعضاؤه منح الأولوية لتعلّـم اللغات الوطنية على حساب الإنجليزية في مجال تدريس اللغات الأجنبية في المدارس السويسرية.
على العكس من ذلك، يريد مجلس الشيوخ منح الكانتونات حرية تدريس اللغات الأجنبية، حسب الترتيب الذي ترتئيه، حتى وإن أدى الأمر إلى تفضيل الإنجليزية على بقية اللغات الوطنية.
في معرض التبرير لهذا القرار، اعتبر أغلب أعضاء مجلس الشيوخ أن مجلس النواب قد اعتمد قرارا يتعارض مع الدستور والفدرالية والقرار التوافقي، المعروف باسم « HarmoS »، المتعلق بإضفاء المزيد من الانسجام على البرامج التعليمية، والذي أقِـر من طرف جميع الكانتونات الصيف الماضي.
وحذّرت النائبة الراديكالية (يمين) كريستيان لانغنبيرغر من أنه “إذا ما أقِـر اختيار مجلس النواب، فإن القانون المتعلق باللغات لن يُـفلت من الاستفتاء ومن الرفض الشعبي، وهو أمر غير مفيد للسِّـلم الفدرالي”، على حد تعبيرها.
الأولوية لشكسبير
في سياق النقاش الذي سبق التصويت، حاول اليسار بدون جدوى الدفاع عن الخيار الذي توصل إليه مجلس النواب، حيث صرحت الاشتراكية جيزيل أوري “إن سويسرا وتوازنها الهش، يستحقان تجاوزا لاستقلالية الكانتونات المقدسة”.
وأشارت عضوة مجلس الشيوخ إلى أن منح الأولوية للفرنسية على حساب الإنجليزية، يتلاءم مع سوق الشغل، حيث زعمت أن معظم أرباب العمل في الأنحاء المتحدثة بالألمانية، يطلبون من المترشحين للعمل لديهم، إجادة لغة موليير وليس شكسبير.
كما نوّهت جيزيل أوري إلى وجود خيبة أمل لدى السويسريين المتحدثين بالفرنسية، الذين يجتهدون في تعلّـم الألمانية، في حين يفضل السويسريون الناطقون بالألمانية تعلم الإنجليزية.
المزيد
التعدّد اللّـغوي
رأي الوزير
من جهته، أشار وزير الشؤون الداخلية (تشمل التعليم والتكوين)، الذي لا يؤيّـد تشريع قانون خاص باللغات، إلى أن نصا من هذا القبيل قد تكون له انعكاسات مناقضة للنتائج المرغوبة، وقال “قد نبدأ بالتخاصم حول قانون وننتهي بخوض معركة شاملة”.
باسكال كوشبان شدد أيضا على أنه لا يجب فرض ما أسماه بـ “الرقيب أو القاضي الفدرالي في قطاع التعليم) وعبّـر عن تخوّفه من النبرة التي استعملتها جيزيل أوري في حديثها عن الناطقين بالألمانية (الذين يشكلون ثلثي السكان تقريبا)، ويرى الوزير أن توجيه الاتهامات إليهم بالرغبة في التخلي عن ثقافتهم لحساب الإنجليزية، لن يساعد على تعزيز الانسجام الوطني والدفاع عن اللغة الفرنسية.
إجراءات أخرى مرتقبة
لاشك بأن مسألة تعليم اللغات الأجنبية، يشكّـل نقطة الخلاف الرئيسية في هذا القانون الجديد، الذي نجم عن مبادرة برلمانية تقدم بها النائب الاشتراكي من فريبورغ كريستيان لوفرا، إلا أن نص القانون يتضمن أيضا إجراءات أخرى تجسم ما ورد في الفصل الدستوري حول اللغات، الذي اعتُـمد في عام 1996.
فعلى سبيل المثال، يهدف القانون إلى تعزيز اللغات الأربع الوطنية (الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش) باعتبارها خصوصية سويسرية فريدة وإلى تمتين عرى الانسجام الوطني. وبالإضافة إلى دعم التعدد اللغوي لدى الأفراد والمؤسسات، يشدد القانون المعروض على النقاش البرلماني على حماية اللغتين، الإيطالية والرومانش.
من جهة أخرى، يجب أن تحرص الكنفدرالية على أن تتعامل بشكل متساوٍ مع اللغات الوطنية الأربع وتشجيع المهارات اللغوية لموظفيها. إضافة إلى ذلك، يجب توفير الموارد والمساعدات المالية، لتسهيل عمليات تبادل التلاميذ والمدرسين بين المناطق اللغوية، والقيام ببعض الترجمات.
أخيرا، وعلى عكس ما ذهب إليه مجلس النواب، رفض مجلس الشيوخ تمكين برن من تقديم مساعدات مالية للكانتونات والبلديات لتدريب موظفيها في مجال ممارسة وإجادة اللغات الوطنية، لذلك، يعود الملف مجددا إلى مجلس النواب للنظر في نقاط الخلاف، التي يبدو أنها جوهرية بين غرفتي البرلمان.
سويس انفو مع الوكالات
في عام 1996، صادق الشعب السويسري على اعتماد فصل حول اللغات في الدستور الفدرالي، وبعد ثلاثة أعوام، سمحت مراجعة الدستور بقطع خطوة إضافية، واليوم، تعالج المسألة اللغوية في العديد من الفصول الدستورية: الفصل الرابع (اللغات الوطنية) والفصل 18 (حرية اللغة) والفصل 70 (حول اللغات).
يحدد الفصل 70 من الدستور اللغات الرسمية للكنفدرالية، وهي الألمانية والفرنسية والإيطالية، أما الرومانش فهي تعتبر أيضا لغة رسمية فيما يهُـم العلاقات التي تقيمها الكنفدرالية مع الأشخاص المتحدثين بها.
طِـبقا لهذا الفصل، يُـطلب من الكنفدرالية والكانتونات أن تعمل على تشجيع المبادلات بين المجموعات اللغوية.
إضافة إلى ذلك، يحث الفصل الكانتونات على احترام الأقليات اللغوية الوطنية المقيمة فوق أراضيها.
أخيرا، يوجب الفصل 70على الكنفدرالية تقديم الدعم للكانتونات المتعددة اللغات لمساعدتها على القيام بواجباتها المترتبة عن ذلك.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.