اهتمامات مشتركة بين برن والرياض
في حديث خص به القسم الإنجليزي لـ"سويس انفو"، شدد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على أهمية دور المجتمع المدني في مبادرة جنيف.
وكانت العلاقات الثنائية والتجارية بين المملكة وسويسرا من أبرز محاور اللقاء الذي انعقد في ختام أول زيارة يقوم بها وزير خارجية سعودي إلى الكنفدرالية.
قبل مغادرته سويسرا في ختام أول زيارة يقوم بها وزير خارجية سعودي إلى الكنفدرالية، استقبل الأمير سعود الفيصل صباح يوم الأربعاء 18 فبراير الجاري صحفيا من القسم الإنجليزي بـ”سويس انفو” في أحد فنادق العاصمة برن.
سويس إنفو: هذه هي أول زيارة يؤديها وزير خارجية سعودي إلى سويسرا. لماذا هذا التوقيت تحديدا؟
الأمير سعود الفيصل: السبب في حد ذاته سبب جيد للقيام بهذه الزيارة نظرا لعدم قيامنا بها من قبل.
إن العلاقات بين الدولتين بلغت مستوى أصبح يُُحتِّم على الجانبين في الوقت الراهن إجراء مُشاورات عالية المستوى بين المسؤولين الحكوميين.
تربطنا علاقاتٌ جيدة منذ زمن بعيد، وربما حال صفو العلاقات بين الجانبين دون التفكير في تبادل الزيارات سواء على مستوى وزراء الخارجية أو مستويات أخرى. لكن اعتقد أنه حان الوقت، والتوقيت مهم، لأننا لا نشاطر فقط الرغبة في تحسين علاقاتنا على المستوى الثنائي، لكن لدينا أيضا انشغالات مشتركة خاصة فيما يتعلق بالسلام والأمن في العالم.
سويس انفو: من أبرز القضايا التي تهم الجمهور السويسري موقفكم من مبادرة جنيف. قلتم إنها تكمل مساعي أخرى تُبذل حاليا في الشرق الأوسط للتوصل إلى تسوية سلمية. ماذا تقصدون بالضبط؟
الأمير سعود الفيصل: إن أهم مزايا مبادرة جنيف كونها ثمرة لجهود مدنـيين من طرفي النزاع، وليس ثمرة تحرك حُكومي. هذه المبادرة تهدف إلى التأثير في الرأي العام لكلا الطرفين، الشيء الذي يجعلها تخدم جانبا من عملية السلام لم يتم تناوله من قبل، وأعتقد أن هذه الخصوصية بالغة الأهمية.
وبالتالي، تُُكمل هذه المبادرة خارطة الطريق والمبادرة التي طرحت (من قبل ولي العهد السعودي الأمير عبد الله) في قمة جامعة الدول العربية في بيروت. وهي مقترحات تأخذ بعين الاعتبار التحركات الحكومية إزاء عملية السلام.
لكن مغزى مبادرة جنيف يكمن في بذل الجهود لتقوية الرأي العام في كل من إٍسرائيل وفلسطين من أجل دعم عملية السلام.
سويس انفو: كيف يُنظر لمبادرة جنيف في المملكة العربية السعودية؟ هل تعتبر بادرة لدولة صغيرة في أوروبا تحاول التدخل نوعا ما في شؤون الشرق الأوسط، أم تلقى صدى إيجابيا كخطوة يمكن أن تقدم بعض المساعدة؟
الأمير سعود الفيصل: لا أدري كيف يمكنكم اعتبار سويسرا دولة صغيرة في إطار الشؤون العالمية. إنها ليست دولة صغيرة، بل دولة حققت لنفسها مكانة أخلاقية وسط المجتمع الدولي. لقد كانت نشطة جدا في قضايا السلام منذ الحرب العالمية الثانية وإلى غاية يومنا هذا.
لديها تاريخ في مجال العمل الإنساني. ولو كنتم تحاولون اصطياد مجاملات لسويسرا، فيمكنني قول الكثير في هذا السياق.
لكن سويسرا دولة مهمة، ليست صغيرة على الإطلاق، وهذا يتماشى تماما مع مفاهيمها وتحركاتها الإيجابية دائما والرامية إلى إحلال السلام والاستقرار حول العالم.
سويس انفو: المملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري لسويسرا في منطقة الشرق الأوسط. تباحثتم خلال زيارتكم لسويسرا حول تكوين مجلس أعمال أو غرفة تجارية مشتركة، هل لكم أن تعطونا المزيد من التفاصيل عن هذا المشروع؟
الأمير سعود الفيصل: لقد توصلنا لحد الآن إلى اتفاق يتضمن إنشاء لجنة ثنائية على المستوى الحكومي.
نحن نُُعتبر دولتين لهما توجُّه نحو القطاع الخاص. وخلال السنوات الأخيرة، قطعت المملكة العربية السعودية أشواطا كبيرة في هذا الاتجاه. وكانت سويسرا دائما تسير على هذا النهج.
اعتقدنا أن القطاع الخاص سيقوم بدور كبير. وفي كلا الدولتين، هنالك جهة تهتم بالتجارة على سبيل المثال.
لا يمكن أن نفكر في إقامة أو توسيع علاقاتها التجارية دون الحديث عن القطاع الخاص. فهو الذي يهتم بالتجارة.
كذلك الشأن بالنسبة للاستثمار الذي يتم أيضا في إطار القطاع الخاص.
لهذا فقد فكرنا في إقامة هيئة تجمع رواد القطاع الخاص في كلا الدولتين وتتولى التنسيق لمعرفة حاجياتهم في مجال المساعدة والإطار القانوني مثل الازدواج الضريبي على سبيل المثال وحماية اتفاقات الاستثمار، ولمعرفة ما يمكن للحكومات تقديمه من أجل المساعدة بهدف السماح للقطاع الخاص بالقيام بأعماله بالطريقة الصحيحة والمربحة.
سويس انفو: والآن، هل يمر المشروع بمرحلة استشارية يبحث فيها كل طرف مع القطاع الخاص ما يمكن القيام به؟
الأمير سعود الفيصل: عليهم الآن أن يتخذوا القرار، نحن يمكن أن نزودهم بالفكرة، لكن على الطرفين التوصل إلى اتفاق بينهما.
سويس انفو: أصدرت سويسرا تقريرا ينصح السواح بعدم السفر إلى المملكة خاصة إذا لم تكن لهم أعمال هامة هناك وذلك خشية من وقوع اعتداء إرهابي ضد الأجانب على وجه خاص. هل تؤثر مثل هذه القرارات على علاقات السعودية ببلد مثل سويسرا؟
الأمير سعود الفيصل: المبالغة في إجراءات الأمن ليست في صالحنا بالتأكيد. المملكة السعودية اتخذت إجراءات شديدة لتوفير الأمن ولم تقع أحداث تذكر منذ فترة.
أعتقد أن الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها في السعودية تشبه الإجراءات الأمنية التي اتخذت في أي مكان آخر. بطبيعة الحال، القلق حول حياة المواطنين هو دور أية حكومة وكل ما يمكن أن نقوله في هذا الصدد إنه لا يوجد تهديد للمواطنين السويسريين في المملكة العربية السعودية. وإذا قدموا لبلادنا سنبذل قصارى جهدنا لحمايتهم بنفس الطريقة التي نحمي بها المواطنين السعوديين.
لكن الظروف الحالية جنونية. ويتمثل جزء من هذا الجنون في تحويل تهديدات صغيرة إلى زلازل في وسائل الإعلام- وسامحوني إن ذكرت هنا وسائل الإعلام- وبالتالي يصاب الناس بالقلق. وعندما يتضح هذا القلق تضطر الحكومات أن تظهر أنها مصابة بنفس قلق مواطنيها وتعمل كل ما بوسعها لحمايتهم.
إذن نحن نفهم الدوافع، لكن نتساءل عن الحكمة في تصعيد التوتر حول العالم لأن ذلك يخدم مصلحة الإرهابيين أنفسهم.
فهم يعتبرون أنهم نجحوا في منع الناس من السفر أو التحرك، وبالتالي فهم يعتقدون أنهم نجحوا في خلق هذا التوتر أكثر من نجاحهم في تحقيق أهدافهم الحقيقية.
سويس انفو: كم كان نصيب مُحاربة الإرهاب على المستوى الدولي في محادثاتكم مع وزيرة الخارجية السويسرية؟
الأمير سعود الفيصل: تطرقنا لهذا الموضوع لكن ليس بصفته المحور الأهم أو الرئيسي.
سويسرا على علم بما نقوم به من أجل مكافحة الإرهاب وليس لديها أية أسئلة لنا في هذا المجال.
وعد كل طرف منا الآخر بالتعاون بالطبع لمحاربة الإرهاب.
التهديدات تظل دائما قائمة حول هذا البلد أو ذاك وتعهد كل منا بالتعاون في مثل هذه القضايا.
لكن الحيز الأكبر من محادثاتنا كان حول القضايا الثنائية وجهود السلام في منطقة الشرق الأوسط سواء تعلق الأمر بالعراق أو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
هذه هي المحاور التي أخذت وقتا أطول.
سويس انفو – جوناتان سامرتون/ ترجمة إصلاح بخات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.