اهتمام أممي بأوضاع حقوق المرأة في السعودية
تستعد المقررة الأممية الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة لزيارة المملكة العربية السعودية بدعوة من حكومة الرياض للوقوف على ما يُبذل من جهود في هذا المجال.
وتأتي زيارة المقررة الخاصة بعد وقت قليل من تقديم المملكة لأول تقرير لها في جنيف أمام لجنة حقوق الإنسان المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
تعرف المملكة العربية السعودية تحركا بخصوص ملف حقوق المرأة، بحيث وجهت دعوة للمقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان المعنية بالعنف ضد المرأة وأسبابه ونتائجه، التركية ياكين أرتورك، للقيام بزيارة للمملكة ما بين 4 و13 فبراير القادم، وهي الزيارة التي ستسمح للمقررة الخاصة بالاتصال بالسلطات الحكومية وممثلي المجتمع المدني وموظفي الأمم المتحدة وبضحايا العنف ضد المرأة، كما جاء في بيان صادر عن مفوضية حقوق الإنسان.
الزيارة ستشمل كلا من الرياض والدمام لجمع معلومات عن أشكال العنف الممارس ضد المرأة في المملكة، وللوقوف على المبادرات التي تقوم بها الحكومة السعودية في هذا المجال. وستقوم المقررة الخاصة بإعداد تقرير حول الزيارة، تعرضه على مجلس حقوق الإنسان في جلسته السابعة في شهر مارس.
أول تقرير أمام اللجنة المعنية
وكانت المملكة العربية السعودية قد عرضت في 17 يناير 2008 تقريريها الأول والدوري أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، للنظر في مدى تطبيق المملكة لبنود المعاهدة المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وجاء في التقرير السعودي، الذي قدمه السيد زيد بن عبد المحسن الحسين، نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان السعودية بأنه “للنساء حقوق مشابهة لحقوق الرجال ولا يمكن المساس بها”، وأوضح بأن “العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على أساس التكامل والتناسق”. وكان التقرير قد ذكّر بأن القوانين في المملكة مستمدة من تعاليم القرآن والسنة وأن هذه القوانين تحرم التمييز بسبب العرق او الجنس او اللون أو اية وسيلة تمييز أخرى.
واعترف أعضاء الوفد السعودي بأن الأمور تغيرت كثيرا عما عرف عن المملكة ما قبل 30 سنة، معددين بعض المكاسب، إذ ذكرت نورة يوسف، أستاذة الاقتصاد بجامعة الملك سعود والعضو في الوفد، بأن “34% من اليد العاملة في القطاع العمومي نسوية، وأن التعليم الابتدائي إجباري بالنسبة للأطفال من الجنسين”، وأضافت بأن “نسبة الطالبات في زيادة مستمرة في الجامعات السعودية وأن عدد المتخرجات الجامعيات أعلى من عدد المتخرجين”.
توقيع لكن بتحفظ
توقيع المملكة العربية السعودية على معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تم بالالتزام بتحفظ ينص على أنه “في حال تعارض أحد بنود المعاهدة مع التعاليم الإسلامية، تُعفى المملكة من الالتزام بما جاء في ذلك البند”، وهذا التحفظ كان محط تساؤل من قبل خبراء اللجنة الذين أعادوا طرح التساؤل مرات عديدة لأعضاء الوفد السعودي بغرض معرفة مدى تفسير المملكة لتطابق أو عدم تطابق بنود المعاهدة مع التعاليم الإسلامية الواردة في القرآن والسنة.
وردّ أعضاء الوفد على هذا التساؤل، كان على أساس أن “الإسلام كدين واقعي يعترف بأن المساواة الكلية بين الرجل والمرأة أمر مخالف للواقع”، وقد استند الأعضاء إلى الفوارق الفيزيولوجية والوظيفية لتفسير كيفية تحميل الرجل مسؤولية إعالة العائلة وما يترتب عن ذلك من فوارق في الميراث.
ولكن عند إجابة أعضاء الوفد السعودي بأن القوانين في المملكة لا تمنع المرأة من العمل وكون 34% من اليد العاملة في القطاع العمومي هي نسوية، تساءل بعض الخبراء عن سبب الاحتفاظ بهذه الفوارق في الحقوق، إذا كانت المرأة قادرة على كسب ما يسمح لها بالإنفاق على نفسها؟
الاعتراف بالعنف ضد المرأة كمشكلة
موضوع العنف ضد المرأة لم يعد مقبولا للمناقشة كمشكل في حد ذاته، إلا في عام 2004 باعتراف إحدى أعضاء الوفد السعودي السيدة مها بنت عبد الله المنيف، المديرة التنفيذية للبرنامج السعودي للضمان العائلي، لكنها ترى أن مشاريع القوانين القضائية التي أدخلت في عام 2007 والتي تنص على إنشاء محاكم للشؤون العائلية، وكذلك المراكز المخصصة لحماية العائلة التي أقيمت في كبريات المستشفيات في المملكة “قد توفر خدمات أنسب لضحايا العنف والتمييز”، مع الإشارة إلى أن المملكة تقوم “بمجهود تحسيسي في هذا المجال”، حسب اقوال أعضاء الوفد.
وقد شدّد خبراء اللجنة على العنف الممارس ضد المرأة غير السعودية العاملة، كالخادمات في البيوت اللواتي تتعرضن في بعض الأحيان للاغتصاب وسوء المعاملة ولسحب جواز السفر منها، وهي الفئة التي تشكل 8% من مجموع النساء في البلاد، حسب تقدير الوفد السعودي.
وفي رده على هذا التساؤل، اكتفى الوفد بالقول بان “خدم المنازل يعاملون كأفراد من افراد العائلة وأن تجاوزات من هذا النوع لا وجود لها”.
الولي وحدود الإستقلالية..
أكثر الأسئلة التي طرحها أعضاء اللجنة، تمحورت حول مدى استقلالية المرأة السعودية في اتخاذ القرارات، وما هي الحالات التي يتطلب الأمر فيها وجود ولي يتّـخذ القرار مكانها، سواء فيما يتعلق بمزاولة دراستها او لتلقي علاج في المستشفى او حتى للحصول على وثيقة رسمية؟
وكان رد الوفد السعودي بان تدخل الولي لتحديد متابعة الدراسة لا يتم إلا بالنسبة للأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد وأن وجوب وجود ولي بالنسبة للمرأة، لم يعد مطلوبا إلا في حالات الزواج.
وقد أوضح أعضاء الوفد السعودي بان المرأة السعودية أصبحت قادرة على السفر للخارج ومتابعة الدراسة، وأن وجود الولي مطلوب فقط في حالة الأطفال غير البالغين.
وقد أعرب أحد الخبراء عن الأسف لكون المرأة السعودية لا تتمتع بحق الترشيح للانتخابات وأن انتخابات 2004 لم يسمح فيها للنساء بالترشيح، في الوقت الذي سمح لهن فيها بالإدلاء بأصواتهن.
وإذا كان أعضاء لجنة حقوق الإنسان المعنية بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة قد رحبوا بالحوار الذي تم مع أعضاء الوفد السعودي المكون من ممثلين عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والعديد من الوزارات، فإنهم أصدروا توصياتهم في ختام الدورة الحالية يوم 1 فبراير 2008 دعت فيها السعودية لوضع حد على الفور لنظام وصاية الذكور التي قالت “إنها تحد بشدة من الحريات الاساسية للنساء في المملكة”.
وقالت لجنة الامم المتحدة للقضاء على التمييز ضد النساء في أول مراجعة لسجل السعودية في مجال المساواة بين الجنسين، ان العمل بالشريعة الاسلامية ينبغي أن لا يطغى على معاهدة حقوق المرأة الدولية التي وقعتها الرياض عام 2000.
ودعا خبراء اللجنة وعددهم 23 السعودية لـ “تعديل قوانينها لتؤكد أن المعاهدات الدولية لها الاولوية على القوانين المحلية” و”سن قانون للمساواة الشاملة بين الجنسين”، كما قالوا إنه يتعين على الرياض أن “تتخذ اجراءات فورية لانهاء نظام وصاية الذكور على النساء” والعمل على القضاء على “الممارسات والانماط السلبية في الثقافة”، التي تميز ضد النساء.
وذكرت اللجنة أن نظام وصاية الذكور في السعودية يحد بشدة من الحقوق المكفولة للمرأة بموجب معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي أبرمت في عام 1979، وأضافت أن هذا النظام يقيد حقوق المرأة القانونية في الزواج والطلاق وحضانة الاطفال والميراث والملكية واتخاذ القرارات في الاسرة، الى جانب اختيار محل الاقامة والتعليم والوظائف، وقالت اللجنة إن ذلك “يساهم في غلبة أيديولوجية أبوية تنطوي على أنماط واستمرار الاعراف والعادات والتقاليد الثقافية الراسخة التي تميز ضد النساء.”
وخلصت اللجنة (التي لا تتمتع بسلطة قانونية لفرض توصياتها) إلى أن الحظر الساري على قيادة النساء للسيارات، يعزز هذه الافكار النمطية.
وكانت المملكة قد قدمت تقريرا بشأن مدى التزامها بالمعاهدة، قالت فيه انه بوجه عام “لا يوجد تمييز ضد النساء في قوانين المملكة”، كما أبلغ وفد سعودي ترأسه زيد بن عبد المحسن الحسين، نائب رئيس المجلس السعودي لحقوق الانسان، اللجنة خلال مناقشة جرت في الاونة الاخيرة بأن “حقوق الانسان في المملكة تستند الى الشريعة الاسلامية”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
تزور السيدة ياكين أرتورك، المقررة الخاصة لدى مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة وأسبابه ونتائجه المملكة العربية السعودية بدعوة من الحكومة من تاريخ 4 الى 13 فبراير 2008.
وخلال الزيارة، ستلتقي المقررة الخاصة بالسلطات الحكومية وممثلي المجتمع المدني و موظفي الأمم المتحدة و ضحايا العنف ضد المرأة. و ستزور المقررة الخاصة الرياض و جدة و الدمام لجمع المعلومات الأولية حول العنف ضد المرأة في المملكة. وستناقش المقررة الخاصة مع الحكومة والمجتمع المدني أشكال العنف ضد المرأة في المملكة العربية السعودية، بالاضافة الى المبادرات التي تقوم بها المملكة لتناول المسائل التي تتعلق بتفويضها.
وتأتي زيارة المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة بعد دراسة اللجنة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة للتقريرين الرسميين الأول والثاني للمملكة العربية السعودية بتاريخ 17 يناير/ كانون الثاني، 2008 حول تطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
و ستعرض السيدة أرتورك، استنادا الى المعلومات التي ستتوفر لها خلال الزيارة، ورقة أولية الى الجلسة السابعة لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة. كما ستعرض تقريرا كاملا عن استنتاجاتها و توصياتها حول العنف ضد المرأة الى جلسة المجلس الآنفة الذكر.
السيدة أرتورك أستاذة في علم الاجتماع في الجامعة الفنية للشرق الأوسط بأنقرة، تركيا. عينت لدى مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة وأسبابه ونتائجه في سنة 2003.
(المصدر: بيان صادر عن المفوضية السامية لحقوق الانسان بتاريخ 28 يناير 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.