اهتمام سويسري خاص بإفريقيا
عرضت سويسرا أولوياتها في القارة الإفريقية بمناسبة احياء السلك الدبلوماسي الإفريقي المعتمد في سويسرا للذكرى الحادية والأربعين لقيام منظمة الوحدة الإفريقية.
وترى برن أن تحول المنظمة إلى “اتحاد إفريقي” مزود بمؤسسات ديمقراطية وتنموية وأمنية يمنح القارة السمراء “دفعا جديدا، ويجعلها تحظى بثقة أكثر لمواجهة التحديات”.
“سويسرا ملتزمة مع المجموعة الدولية من أجل العمل على استتباب الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية”: هذا هو فحوى الخطاب الذي نقله السفير بول فيفا المسؤول عن إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية السويسرية بمناسبة إحياء السلك الدبلوماسي الإفريقي المعتمد في سويسرا ليوم إفريقيا العالمي.
مراسيم الاحتفال التي جرت مساء يوم 24 مايو في جامعة فريبورغ، جمعت سفراء وممثلي البعثات الإفريقية وممثلين عن الاتحاد الإفريقي وممثلين عن مبادرة تنمية إفريقيا المعروفة باسم “نيباد” إلى جانب ممثلين للسلطات المحلية والفدرالية السويسرية إضافة إلى العديد من الأكاديميين وأصدقاء إفريقيا ورعايا بعض الدول الإفريقية.
وفيما سمحت جهود السفراء الأفارقة لأول مرة بتنظيم حدث ناجح يساهم في التعريف بالقارة السمراء، إلا أن التظاهرة اقتصرت على عدد محدود من المستفيدين علما أنها تمت في جامعة تُعد من أكثر المؤسسات تجسيدا للتعددية العرقية والثقافية والدينية في سويسرا.
انطلاقة إفريقية جديدة
إحياء يوم إفريقيا في سويسرا تزامن مع إضافة مؤسسة هامة إلى هياكل الاتحاد الإفريقي في شكل “مجلس أمن” أفريقي أطلق عليه اسم “مجلس السلم والأمن” ومع تحول وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي في زيارة رسمية إلى جمهورية مالي لحضور اجتماع الدول الأعضاء في مجموعة “الأمن الإنساني”.
وقد تميز احتفال جامعة فريبورغ، بقراءة خطاب موجه من الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي يواخيم كيسانو، تناول بالخصوص عزم الأفارقة على حل مشاكلهم بنفسهم من خلال مؤسسات جماعية وديمقراطية، آخرها مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي أعلن عن قيامه رسميا يوم 24 مايو.
وقد كشف الرئيس التنفيذي للاتحاد الإفريقي في خطابه عن بعض الخطوات العملية القادمة في مجال تعزيز العمل الإفريقي المشترك مثل تشكيل وحدات التدخل الاحتياطية التي تدخلت او ستتدخل في عدة صراعات بالقارة السمراء في بوروندي وليبيريا وكوت ديفوار والكونغو الديمقراطية.
أما البروفسور مبويا من سكرتارية برنامج الشراكة من أجل تنمية إفريقيا “نيباد” NEPAD، فقد تطرق لإنجازات وتحديات هذا البرنامج مركزا على قطاعات البنية التحتية وعلى التحديات الطموحة الرامية الى خلق الاستقرار والقضاء على الفقر ومحو الأمية، معترفا بأنه “من السابق لأوانه في الوقت الحالي الحديث عن نجاح”.
الاستثمار في الإنسان
وفيما ذكّـر رئيس بلدية فريبورغ في تدخله المفعم بشيء من الحماسة والمساندة للدول النامية بما أسماه “مسؤولية الدول الغربية ومن ضمنها سويسرا فيما تعاني منه إفريقيا اليوم من تخلف وأمراض وتعفن إداري وتدهور بيئي”، عـبّـر السفير بول فيفا، ممثل الحكومة الفدرالية في الإحتفال، عن اقتناع برن بأن “تنمية إفريقيا لا يمكن أن تنجح إلا إذا قام بها أفارقة، وتحت رقابة أفارقة ومن أجل الأفارقة”.
في المقابل، لم يُـغـفل مسؤولية الدول الغربية وواجب سويسرا أيضا في دعم الأفارقة في مواجهة التحديات القادمة محددا الميادين التي تحظى بالأولوية في نظر الكنفدرالية وهي: “نشر الديمقراطية وقيام دولة القانون واحترام حقوق الإنسان كعوامل أساسية لتحقيق التنمية”. ويرى السفير بول فيفا أنه “بدون الاستثمار في الإنسان لا يمكن تحقيق أي تقدم”.
من القول إلى الفعل
ومن المفيد التذكير بأن التزام سويسرا في القارة الإفريقية اتخذ في السنوات القليلة الماضية ثقلا كبيرا خصوصا مع بروز أنظمة سياسية بدأت تطبق أسس الديمقراطية في ممارسة الحكم والتداول السلمي على السلطة.
ولا يقتصر هذا الالتزام على مستوى “وكالة التعاون والتنمية” التابعة لوزارة الخارجية مثلما كان في السابق بل أصبح يشمل أعلى المستويات السياسية، مثلما جسمته مشاركة وزيرة الخارجية السويسرية في الاجتماع السادس لـ “شبكة الأمن الإنساني” المنعقد في مالي ما بين السابع والعشرين والتاسع والعشرين من شهر مايو.
وتركز سويسرا جهودها ضمن هذه الشبكة على دعم احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ومحاربة الانتشار غير المشروع للأسلحة الخفيفة، ومراقبة دور الشركات المتعددة الجنسيات والأطراف غير الحكومية في الصراعات المسلحة.
وكانت سويسرا قد أسهمت (ولا زالت) بشكل فعال في المحاولات الجارية لحل الأزمة السودانية بحيث استضافت جولة مفاوضات حول منطقة جبال النوبة عام 2003، كما خططت لعقد مفاوضات بخصوص النزاع في إقليم دارفور، لكن لم يكتب لها الإنعقاد بسبب تطور الصراع.
كما شاركت عدة مصالح ومعاهد سويسرية في دعم مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والمتمردين في الجنوب عبر تقديم الخرائط الجغرافية أو عن طريق الإستجابة لبعض طلبات الأمم المتحدة التى اقترحت تعيين شخصية سويسرية على رأس اللجنة التي سيعهد إليها الإشراف على مراقبة وقف إطلاق النار في إقليم دارفور غرب السودان.
شراكة جديدة
كما يأخذ التزام سويسرا تجاه القارة السمراء بعدا عمليا آخر من خلال مساهمتها المالية في بنك التنمية الإفريقي الذي يعقد اجتماعه السنوي في العاصمة الأوغندية كمبالا هذه الأيام باعتبارها عضوا في هذا البنك منذ العام 1982.
وقد تعهدت سويسرا بالمساهمة في رأس مال بنك التنمية الإفريقي بحوالي 270 مليون دولار، قدمت منها لحد الآن 33،8 مليون وهو ما يمنحها نسبة 1،4% من حق التصويت.
كما تسهم سويسرا أيضا في “صندوق التنمية الإفريقي” منذ تأسيسه في عام 1973. وقد قدمت، شأنها في ذلك شأن باقي الدول المانحة، حوالي 153،4 مليون فرنك كمساهمة غير قابلة للتسديد.
وإذا كان الأفارقة يعقدون آمالا كبرى على برنامج الشراكة من أجل تنمية إفريقيا “نيباد” باعتباره يمثل “انطلاقة جديدة لتعاون شراكة بين الغرب وإفريقيا” على حد قول ممثل النيباد في سويسرا، فإن الدول الغربية ومن بينها الكنفدرالية “تبدي ثقة في الاتحاد الإفريقي من أجل القدرة على مواجهة التحديات” كما جاء على لسان ممثل الحكومة.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.