اين حقوق الشعوب الأصلية؟
لا يكفي أن الشعوب الأصلية لم تحصل على اعتراف دولي بحقوقها منذ أن بدات حملة قبل 20 عاما للاعتراف بها، بل أن بعض الدول ترغب في تجريدها من فريق العمل الساهر على اعداد معاهدة دولية تقر الاعتراف بها.
توافد أكثر من 600 ممثل لتجمعات الشعوب الأصلية من مختلف أرجاء المعمورة لحضور الاجتماع السنوي الذي يعقد في قصر الأمم المتحدة. وليس هذا بالحدث الذي يمر دون إثارة الانتباه في جنيف وفي قصر الأمم المتحدة، بسبب ارتداء كل ممثل الزي التقليدي المميز لشعبه، من قبائل الماساي الافريقية مرورا بالهنود الحمر من الأمريكيتين والقبائل الماغولية وسكان جزر هاواي والصحاري الثلجية في سيبيريا. دون أن ننسى بالطبع ممثلي الشعوب الأصلية في العالم العربي والذين غالبيتهم من الطوارق والبربر او الأمازيغ.
فقد تزامن الاجتماع السنوي لهذا العام في الأسبوع الأخير من شهر يوليو مع مرور 20 عاما من المحاولات المضنية لانتزاع اعتراف دولي بحقوق الشعوب الأصلية في صيغة إعلان عالمي يقر تعريف خصائص الشعوب الأصلية، ويعترف لها بحقوقها الثقافية والترابية والاقتصادية.
لكن، على الرغم من إنشاء الأمم المتحدة فريق عمل مكلف بهذه القضية منذ عام 1982، لم يكتب لهذا الإعلان العالمي أن يرى النور، نظرا لمعارضة العديد من الحكومات التي تخشى أن يقود أي اعتراف بهذه الحقوق إلى تغيير في خرائط سياسية وجغرافية وفي أوضاع اقتصادية تميزت في معظمها بنهب ثروات اكثر من 300 مليون شخص حسب تقديرات الأمم المتحدة وأكثر من 500 مليون حسب تقديرات منظمات الشعوب الأصلية.
الهيئة الدائمة، مجلس استشاري لا غير.
أكبر تقدم سجل في قضية الشعوب الأصلية منذ تأسيس فريق العمل في عام 1982 هو تشكيل الهيئة الدائمة للشعوب الأصلية في العام الماضي والتي عقدت أول اجتماع في نيويورك في شهر مايو 2002.
هذه الهيئة المشكلة من 8 ممثلين للحكومات و8 ممثلين عن تجمعات الشعوب الأصلية، تكتسي طابعا استشاريا فقط لدى المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة. ويبدو من خلال بعض المناورات وراء الكواليس أن عددا من الدول تعمل على إلغاء فريق العمل بحجة أن هناك هيئة دائمة للشعوب الأصلية.
وفي هذا الإطار، يقول العضو في الهيئة الدائمة للشعوب الأصلية ورئيس منظمة “تامينوت” المدافعة عن حقوق الأمازيغيين في المغرب، المحامي حسن أيد بلقاسم “إذا ما تم إلغاء فريق العمل، فذلك سيعمل على توقيف عملية وضع المعايير الدولية الجديدة لحماية حقوق الشعوب الأصلية، خصوصا أن إعلان حقوق الشعوب الأصلية الذي اعتمدته اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان لا زال محط نقاش داخل لجنة حقوق الإنسان”.
اعتراف في الجزائر وخطوات أولى في المغرب
تعتبر منظمة العمل الدولية المحفل الدولي الوحيد الذي اعترف للشعوب الأصلية جزئيا بحقوقها وذلك من خلال المعاهدة رقم 169 الصادرة في عام 1989، لكن هذه اللائحة لم توقع عليها سوى 15 دولة.
ويأسف السيد حسن إيد بلقاسم، الخبير في الهيئة الأممية للشعوب الأصلية، لكون الدول الموقعة على المعاهدة رقم 169 لمنظمة العمل الدولية، لا تشتمل على أي دولة عربية ولا إفريقية ولا آسيوية، لكنه يعترف بكون بعض الدول العربية والإفريقية بدأت تحقق بعض التقدم فيما يتعلق بالاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية لديها وهذا على مستويات مختلفة.
فالجزائر، دائما حسب هذا الخبير في قضايا الشعوب الأصلية، اعترفت رسميا باللغة الأمازيغية أو القبائلية كلغة وطنية. ولكن ذلك لم ينه الخلافات القائمة بين الحركة الأمازيغية والسلطة المركزية وهو ما يعرف بصراع منطقة القبائل او المواجهة بين قوات الأمن وممثلي العروش.
وفي المغرب، يرى السيد إيد بلقاسم، أن خطاب العاهل المغربي محمد السادس قبل عام، فتح المجال أمام اتخاذ إجراءات جديدة لحماية اللغة والثقافة الأمازيغية. وحتى وان لم يتم الاعتراف بعد باللغة الأمازيغية كلغة وطنية في البلاد، فقد تم الاعتراف بالبعد الأمازيغي للهوية المغربية إلى جانب البعدين العربي والإفريقي. وهو ما يراه مشجعا على طريق تحقيق ما يطالب به الأمازيغ الذين يشكلون اغلبية سكانية في المغرب.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.