باراك أوباما.. التاريخ عندما يستأنف سيره
بعد أن نجح في ضمان تأييد العدد الكافي من المندوبين ومن كبار الناخبين ضمن المعسكر الديمقراطي، سيُواجه السيناتور الشاب المُلوّن القادم من ولاية إيلينويز الجمهوري ماكين في السباق إلى البيت الأبيض، وهو ما اعتبرته الصحافة السويسرية حدثا "تاريخيا".
وفيما أكد فريق حملة كلينتون أن مرشحته ستعلن عن انسحابها من السباق قبل موفى الأسبوع، رددت عدة صحف سويسرية صدى وسائل الإعلام الأمريكية وعنونت على صدر صفحاتها الأولى “باراك أوباما يدخل التاريخ”.
ا
صحيفة لوماتان (تصدر في لوزان) لم تتردد في استعمال نفس العنوان ونقلت على لسان السينمائي جورج لوكاس قوله: “إن بطلا بصدد الظهور اليوم في الولايات المتحدة. وبالنسبة لجميع الذين لديهم أحلام وآمال في صفوفنا، يعتبر أوباما بطلا”.
وفيما تواصل صحيفة تاغس أنتسايغر (تصدر في زيورخ) على الدرب نفسه قائلة “أوباما يكتب التاريخ”، تتحدث صحيفة نويه لوتسرنر تسايتونغ (تصدر في لوتسرن) عن “فرصة تاريخية للولايات المتحدة”.
من جهتها، تذهب صحيفة “آرغاور تسايتونغ” (تصدر في آرغاو) إلى أن “باراك أوباما لم يكن أسود اللون أثناء السباق الديمقراطي إلا في لحظة انتصاره… ولعل من سخرية الأقدار أنه نجح في تحقيق أهدافه بعد أن أنسى الجميع لون بشرته تحديدا”.
صحيفة “در بوند” (تصدر في برن) اعتبرت أن هذا النجاح الذي حققه أوباما يمثل “لحظة تاريخية على طريق التصالح بين الأغلبية البيضاء والأقلية السوداء”، لكنها تُذكّـر في المقابل بأن الولايات المتحدة تظل بلدا محافظا أولا وقبل كل شيء وأن الأمور لم تُحسم بعدُ.
من أجل التغيير
لقد تحول أوباما في غضون ستة أشهر من مجرد شخصية مثيرة للفضول الإعلامي إلى مرشح يقف على أول الطريق المؤدية إلى البيت الأبيض، لذلك لم تتردد صحيفة “24 ساعة” (الصادرة في لوزان) في اختيار عنوان يقول: “أسود من أجل مصالحة الولايات المتحدة (مع نفسها)”. وفيما اعتبرت الصحيفة أن الأمريكيين يريدون التغيير، رأت أن أوباما يجسده أكثر من ماك كين.
وذهبت “24 ساعة” إلى أن مسيرة الرجل غير العادية (أو النمطية) لا تمثل عائقا بالمرة في بلد مثل الولايات المتحدة “المستعدة لأن تستجيب لإغراء رسالة أمل وتصالح داخل الحدود وتُجاه العالم “، لكن السؤال الذي يظل مطروحا اليوم “هل ستتوفر الولايات المتحدة بعد خمسة أشهر من الآن على نفس هذه الجرأة”؟
في كل الأحوال، تؤكد صحيفة “لاليبرتي” (تصدر في فريبورغ) من جهتها أن صدام الأجيال سيكون مضمونا والفرجة أيضا. ومع أن السؤال المتداول الآن يدور حول احتمال تحول هيلاري كلينتون لمرافقة أوباما كمرشحة لمنصب نائب الرئيس إلا أن “لاليبرتيه” تشدد على أن “الثنائي الذي يحلم به البعض يمثل قنبلة موقوتة لا يوجد من يعرف تفكيك شيفرتها السرية”.
ظل بيل كلينتون
ما من شك في أن تواجد هيلاري كلينتون إلى جوار أوباما سيساعد على مصالحة الديمقراطيين مع بعضهم البعض لكنه يبعث برسالة تتناقض مع الشعار الذي ما انفك أوباما يكرره منذ البداية القائل بأنه قد حان وقت التغيير. وهذا “دون أن ننسى – تقول الصحيفة – الظل الثقيل لبيل كلينتون خلف زوجته، وهو الشخص الذي يفر منه أوباما كما تهرب الظبي من الوحش العجوز”.
وفي واقع الأمر، تعتبر صحيفة “بازلر تسايتونغ” (تصدر في بازل) أن الديمقراطيين باختيارهم أوباما (مرشحا للرئاسيات) يطوون نهائيا صفحة عهد كلينتون، في حين لا تتردد صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” (تصدر في زيورخ) في القول: “إذا ما رضخ أوباما هيلاري فإنه سيجد نفسه على الفور مصنفا كرئيس يتراجع تحت الضغط”.
وفيما ترى الصحيفة أن أوباما لازال في هذه المرحلة – على الأقل – “مجرد ظاهرة أكثر مما هو مرشح”، اعتبرت أنه “من المحتمل” أن تتضح تفاصيل برنامجه وشخصيته السياسية بشكل أدق خلال الحملة الإنتخابية التي تُوشك على الإنطلاق. أما في الوقت الحاضر، “فإن جاذبيته تكمن في قدرته على تجسيد التجديد”، فهو أشبه ما يكون بذلك “الشاب الصغير الذي يلعب موسمه الأول ضمن أندية الدرجة الأولى”.
هوية أمريكا
صحيفة “لوتون” (تصدر في جنيف) تعتقد من ناحيتها أن الأمريكيين (أكثر من أي شعب آخر ربما) يحبون أن يروا في رئيسهم رجلا يقدُم من نفس تركيبتهم (أو قالبهم) لأنهم يريدون أن يكونوا فخورين ومعتزين به.
لذلك لا يجب على “السيناتور الشاب” أن يُقنع ملايين المؤيدين لهيلاري المصابين بخيبة أمل ويُعيد الوحدة إلى صفوف الديمقراطيين فحسب، بل يتوجب عليه أيضا أن “يقيم الدليل على أنه بالفعل أمريكي مثل الآخرين”، كي يتمكن من إلحاق الهزيمة بجون ماكين.
لكن صحيفة “لوتون” تذهب إلى أبعد من ذلك وترى أن تعريف أمريكا تفسه أصبح في الميزان من خلال ترشح أوباما حيث يتوجب على البلد أن يُظهر ما إذا كان في مستوى الرهان المتمثل في انتخاب “حفيد مُطبب من كينيا نشأ وفق التقاليد الإسلامية ويحمل اسما ثانيا مماثلا لديكتاتور العراق السابق” لرئاسة القوة الأولى في عالم اليوم.
سويس إنفو
واشنطن (رويترز) – قالت هيلاري كلينتون في رسالة يوم الخميس 5 يونيو 2008 انها ستعلن دعمها القوي لمسعى باراك اوباما للفوز برئاسة الولايات المتحدة وستحشد المؤيدين من حوله لتسدل الستار على معركة منهكة على مدى 16 شهرا للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة والتي ادت لتقسيم الحزب على نحو خطير.
وستؤيد كلينتون اوباما علنا يوم السبت 7 يونيو وتتعهد بالعمل من اجل وحدة الحزب في سباق الانتخابات العامة ضد الجمهوري جون مكين.
وقالت سناتور نيويورك والسيدة الاولى سابقا في رسالة الى مؤيديها نشرت صباح يوم الخميس “سأقدم يوم السبت تهنئتي إلى السناتور اوباما وسأدعم ترشيحه”. واضافت “قلت طوال الحملة انني سأدعم بقوة السناتور اوباما اذا اصبح مرشح الحزب الديمقراطي.. وانا اعتزم الوفاء بهذا الوعد”. واكدت كلينتون انها ستقيم احتفالا في واشنطن يوم السبت لتشكر جميع من ساندوا حملتها. وكان من المقرر اقامة الاحتفال اصلا غدا الجمعة لكنه اجل يوما للسماح بحضور مزيد من المؤيدين.
وقالت في الرسالة “كانت تلك حملة طويلة وصعبة لكن كما قلت دائما فان اختلافاتي مع السناتور اوباما صغيرة بالمقارنة مع اختلافاتنا مع السناتور مكين والجمهوريين.” واضافت “سأتحدث يوم السبت حول كيف يمكننا معا حشد الحزب وراء السناتور اوباما. المخاطرة كبيرة والمهمة ذات شأن بالنسبة لنا لدرجة لا تسمح بأن نقوم بها بطريقة اخرى”. وقال مساعدون لكلينتون انها لم تقرر ما اذا كانت ستنهي حملتها رسميا ام ستعلقها بما يسمح لها بالاستمرار في السيطرة على مندوبيها في مؤتمر الترشيح.
وامضت كلينتون كثيرا من وقتها يوم الاربعاء في التحدث مع مؤيديها الذين حثها كثير منهم على وقف مسعاها بعدما فاز اوباما بالترشيح. وحضر اوباما حدثين لجمع التمويل في مدينة نيويورك مساء الاربعاء وقال للحضور في احد الحدثين تعليقا على قرار كلينتون ” شاركت سناتور ولايتكم نيويورك في حملة غير عادية.” واضاف “بعد انتهاء النزاع داخل الاسرة يمكن لنا جميعا التركيز على ما ينبغي عمله في نوفمبر” تشرين الثاني.
وشكل اوباما وهو اول مرشح اسود يقود حزبا امريكيا كبيرا في السباق إلى البيت الابيض فريقا ثلاثيا ليقود البحث عمن يدرجه معه على تذكرته الانتخابية كمرشح لمنصب نائب الرئيس في حين بدأ سناتور ايلينوي مهمة توحيد الحزب بعد فوزه بالترشيح.
واقترح مكين ان ينضم اوباما اليه في سلسلة من الاجتماعات الصيفية المشتركة في البلديات في انحاء الولايات المتحدة. ووصف مدير حملة اوباما الفكرة بأنها “جذابة” لكنه اقترح تغييرات في الشكل ولم يعلن التزاما فوريا.
ويمثل انتصار اوباما وهو ابن لاب كيني اسود وام بيضاء من كنساس معلما في تاريخ الولايات المتحدة. وجاء هذا الانتصار بعد 45 عاما من ذروة حركة الحقوق المدنية كما انه جاء من خلال واحدة من اصعب واطول معارك الترشيح في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 5 يونيو 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.