“بداية جديدة” لمنتدى دافوس
يعتزم المنتدى الاقتصادي الدولي العودة إلى الاهتمام بالمواضيع التقليدية، السياسية منها والاقتصادية ولكن في ظل غياب أمريكي ملفت ومشاركة 32 رئيس دولة وحكومة.
وتحظى المنطقة العربية في منتدى دافوس باهتمام بالغ حيث من المحتمل أن يشارك في أشغاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو من خلال مشاركة أكثر من 30 وزيرا ورئيس وزراء.
بعد 34 سنة من الانعقاد المنتظم، يرغب الساهرون على المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي سينعقد ما بين 26 و 30 يناير الحالي في منتجع دافوس (شرق سويسرا)، إعطاء التظاهرة الدولية الهامة “بداية جديدة”، على حد تعبير مؤسس المنتدى ورئيسه، كلاوس شفاب.
هذه الانطلاقة الجديدة حسب السيد شفاب، تمليها أوضاع العالم مثل “وصول قادة جدد لمناصب الحكم في العديد من البلدان، وتعيين إدارة جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتنصيب مفوضية أوروبية جديدة وحدوث تغييرات هامة في العديد من بلدان أوربا الشرقية”.
إضافة إلى ذلك، يرى رئيس المنتدى أن هناك نافذة جديدة لفرص إحلال السلام في الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار أكد المسؤولون في المنتدى أنهم لا زالوا في انتظار حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دافوس رغم المعلومات التي حصلت عليها سويس إنفو من أن الوفد الفلسطيني سوف يقتصر على كل من ياسر عبد ربه ووزيري المالية والخارجية في السلطة الوطنية.
عودة إلى الاهتمامات التقليدية
يكمن “الجديد” في منتدى دافوس لهذه السنة، في عودته للاهتمام بالمواضيع التقليدية نظرا لما عرفته السنوات الماضية من أحداث كبرى شملت انهيار تكنولوجيا الاتصالات في “سيليكون فالي” في عام 2001، وتداعيات أحداث الحادي عشر سبتمبر في عام 2002، وهيمنة أحداث الحرب في العراق خلال العامين الماضيين.
لذلك يرى كلاوس شفاب أن “أشغال منتدى دافوس هذا العام ستعود للتركيز على مجمل المشاكل بشكل شامل ومترابط ، ليظل المنتدى تلك المرآة التي تعكس الصورة الحقيقية عن تعقيد وغموض، وفي بعض الأحيان، خطورة أوضاع هذا العالم” حسب قوله.
وقد تضمن البرنامج تخصيص 220 جلسة نقاش (خلال الأربعة أيام ونصف التي يستغرقها المنتدى) سوف تشهد مشاركة أكثر من 2250 شخصية من قادة سياسيين ورجال مال وأعمال وزعماء دينيين ورجال ثقافة وإعلام وممثلين عن هيئات المجتمع المدني.
وطبقا لما صرح به مدير الدراسات الإستراتيجية بالمنتدى جيد ديفيس، فإن المواضيع المقترحة للنقاش تشمل “الثقل الاقتصادي للصين، وبروز الدور الاقتصادي لآسيا، والتغيرات المناخية ومحاربة الفقر، والتوصل إلى عولمة عادلة، وقضايا أوربية والدور المنتظر من أوربا على الساحة الدولية، والقضايا الاقتصادية العالمية وقضايا الحكم الرشيد في العالم، والإسلام والتحديات المطروحة للنقاش داخل المجتمعات الإسلامية، وحظوظ السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين وإسرائيل، والتساؤلات المطروحة حول زعامة الولايات المتحدة في العالم ومن أجل فهم توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، وقضايا التجارة العالمية وأسلحة الدمار الشامل”.
من جهة أجرى، أدخل بعض التجديد على كيفية اختيار المواضيع، من خلال إشراك كل المشاركين في الجلسة الأولى في عملية تحديد المواضيع التي سوف تحظى بالأولوية، وهو أسلوب وصفه المدير المسؤول عن العمليات بالمنتدى أندري شنايدر بمثابة “تقليد للديموقراطية المباشرة السويسرية، بحيت يطلب من المشاركين تحديد المواضيع التي تحظى بالأولوية”.
مختبر أفكار ومبادرات
السيد كلاوش شفاب، ذكر مرة أخرى بأن منتدى دافوس قد سمح بـ “إطلاق مبادرات واعدة مثل مبادرة الشراكة الافريقية NEPAD”، لكنه لم يتردد هذه السنة في إفساح المجال أمام العديد من المواضيع مؤكدا بذلك الصفة الرئيسية التي تلتصق به أكثر باعتباره “مختبر أفكار”.
ومن بين المبادرات الواعدة (حسب المسؤولين عن المنتدى)، مبادرة القطاع الخاص في مجال تطوير برامج معلوماتية لتعليم الرياضيات واللغات في الأردن. وهي مبادرة قال عنها ريشار سامانس، المدير المسؤول عن الشراكة والحكم الرشيد بالمنتدى “إنها سمحت باستفادة حوالي 50 ألف من طلاب المدارس في الاردن”، وأشار إلى أنه سيتم في دافوس مناقشة “إمكانية تعميمها إلى بلدان في المنطقة مثل مصر والضفة الغربية بل حتى الهند”.
من جهة أخرى، لوحظ اهتمام كبير في برنامج هذه الدورة بمواضيع البيئة والتغيرات المناخية، كما تم التجرؤ على تخصيص جلسة يُطرح فيها موضوع الرشوة للنقاش بين مسؤولي كبريات الشركات العالمية.
وبما أن العالم على أبواب حصيلة قمة الألفية المخصصة للتنمية ولمحو الفقر، تم تخصيص جولة نقاش بين كبار القادة السياسيين والاقتصاديين حول دور القطاع الخاص في تحقيق بعض من هده الأهداف خصوصا في ميادين التعليم والرعاية الصحية وكذلك موضوع محاربة الإرهاب.
حضور عربي مكثف
إذا كان الحضور العالمي هذه السنة في منتدى دافوس يتميز بمشاركة 25 رئيس دولة وحكومة، وغياب أسماء لامعة أمريكية والاكتفاء بالمستشار الألماني شرودر، والرئيس البرازيلي لولا، والجنوب افريقي مبيكي، مع شكوك حول مشاركة الوزير الأول البريطاني بلير، فإن الحضور العربي بلغ رقما قياسيا من الناحية العددية حيث سجلت مشاركة لأكثر من 30 وزيرا ورئيس وزراء.
وإذا كانت الأنظار متجهة نحو حضور أو عدم حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فإن مصر اختارت وضع كل ثقلها في منتدى دافوس هذا العام سعيا منها لتحسين ظروف الاستثمار. إذ يشارك وفد مصري بقيادة رئيس الوزراء أحمد نظيف وبمشاركة خمسة وزراء إضافة إلى تواجد نجل الرئيس المصري جمال مبارك ضمن الوفد مما قد يفسح المجال أمام توسيع دائرة الاهتمام إلى أبعد من مجرد جس نبض المستثمرين والاقتصاديين.
ولاشك في أن مشاركة نجل العقيد القذافي سيف الإسلام القذافي في منتدى دافوس سيزيد من اهتمام المتتبعين (عن حق أو باطل) لمسلسل “توريث السلطة” في بعض الأنظمة العربية، وهو موضوع لا يزعج مسؤولي منتدى دافوس بالمرة بحيث عبر كلاوس شفاب عن اعتزازه بأن يكون المنتدى “منصة للتعريف بالقادة الجدد”.
على صعيد آخر، تسجل الكويت أول حضور رسمي لها في أشغال منتدى دافوس بمشاركة وزيري، النفط (والرئيس الحالي لمنظمة أوبيك) احمد الفهد الأحمد الصباح، والتجارة والصناعة عبد الله عبد الرحمن الطويل. إضافة إلى الحضور التقليدي للعديد من الوزراء الخليجيين من السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، مع غياب ملفت لوزراء من البلدان المغاربية باستثناء أندري ازولاي، مستشار العاهل المغربي.
وإذا كان موضوع “الإصلاح الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط”، سيشكل من جديد أحد محاور الإهتمام ضمن المبادرات المطروحة للنقاش في المنتدى، فإن مكان استضافة “المنتدى الإقليمي” الذي عادة ما ينظمه منتدى دافوس في الأردن، سيكون بدون شك موضوع تنافس بين الأردن البلد المنظم التقليدي له، ومصر التي يبدو أنها تطمح لجلبه إليها ابتداء من العام القادم.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
ينتظم منتدى دافوس من 26 إلى 30 يناير 2005
يشهد مشاركة أكثر من 2250 شخصا يقدمون من 96 بلدا
من بين المشاركين 25 رئيس دولة وحكومة، وحوالي 70 وزيرا، و26 زعيما دينيا، و15 زعيما نقابيا، وأكثر من 50 ممثلا لمنظمات غير حكومية، والف ممثل عن الشركات الكبرى
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.