مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بداية ظهور النتائج الأولية للإنتخابات الفدرالية

Keystone

بعد مرور بضع ساعات على إغلاق مكاتب الإقتراع في سويسرا، بدأت بعض نتائج الإنتخابات في الكانتونات الصغيرة والتوقعات بالحصيلة النهائية في البعض الآخر في الورود لكن دون أن يسمح ذلك بالخروج باستنتاجات عامة على المستوى الوطني.

وفيما ينتظر الإعلان عن أولى التوقعات الشاملة على المستوى الوطني للخارطة السياسية الجديدة في مجلس النواب (ويسمى أيضا غرفة الشعب) في حدود السابعة من مساء اليوم بالتوقيت المحلي، بدأت أولى النتائج المتعلقة بمجلس الشيوخ (ويسمى غرفة الكانتونات) في الظهور تباعا.

من التقاليد الراسخة في الإنتخابات البرلمانية التي تنتظم كل أربعة أعوام في سويسرا هو أن النتائج لا تترجم عادة انتصارا ساحقا لفائدة معسكر على حساب آخر بل تسجل “انزلاقات” محدودة من خلال بعض المقاعد التي تُخسر هنا أو تُكسب هناك.

وعلى الرغم مما شاب الحملة الإنتخابية هذا العام من تجاوزات وحدة أدى إلى وصفها بـ “الأكثر وساخة” في تاريخ البلاد، إلا أن التوقعات واستطلاعات الرأي أجمعت على احتمال تسجيل الخضر لتقدم ملموس هذه المرة وتثبيت حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) في موقعه كأول حزب على المستوى الوطني لجهة عدد أصوات الناخبين.

في منتصف نهار اليوم (الأحد 21 أكتوبر)، أغلقت مكاتب الاقتراع أبوابها في جميع أنحاء الكنفدرالية، وبعد ذلك بقليل، بدأ سيل المعلومات والأرقام والأسماء في التدفّـق من الدوائر المسؤولة عن إعلان النتائج الرسمية في الكانتونات الست والعشرين التي تتشكل منها سويسرا.

وابتداءً من الساعة الثانية بعد الظهر، بدأ الإعلان تباعا عن النتائج الأولى في الكانتونات، التي تتوفر على أقل عدد من الناخبين، أما في الساعة السابعة مساءً، واعتمادا على المعطيات الواردة من معظم الكانتونات، فإن هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية ستقوم بنشر أول نتائج متوقّـعة للانتخابات على المستوى الوطني.

وبحلول منتصف الليل، يُـفترض أن تُـستكمل الصورة بورود نتائج التصويت في الكانتونات، ذات الكثافة السكانية العالية (زيورخ وبرن وفو)، شريطة عدم حدوث أعطاب تقنية غير متوقعة.

الحملة الأكثر “وساخة”

وفيما يستعد الشعب السويسري لمعرفة أسماء ممثليه للفترة التشريعية القادمة بعد أشهر من النقاشات والاجتماعات والتظاهرات والحوارات الانتخابية، يستذكر الجميع أن الأشهر الماضية تميـزت أيضا بخصومات استُـعملت فيها نبرة أكثر احتدادا من العادة، وشهدت سِـجالات عنيفة حول لافتات انتخابية تُـشتَـم منها رائحة الكراهية للأجانب، وبخصوص مؤامرات مزعومة قد يكون تعرّض لها المدعي العام الفدرالي السابق أو الوزير الحالي للعدل والشرطة، كما أجريت مقارنات مثيرة للجدل مع الحقبة الفاشية في إيطاليا وأقدم شبّـان من أقصى اليسار على ارتكاب أحداث عُـنف.

مجلة “دير شبيغل” الألمانية اعتبرت أن هذه الحملة كانت “الحملة الأوسخ في تاريخ سويسرا، والمؤكّـد أن الحملات الانتخابية السابقة لم تجتذب أبدا نفس هذا القدر من الاهتمام، كما أنها لم تُـثر بالمرة نفس القدر من التساؤلات والانتقادات من طرف الصحافة العالمية”.

يوم الاثنين الماضي 15 أكتوبر، تضمن الملحق الأسبوعي لصحيفة نيويورك تايمز (المنشور أيضا من طرف صحف عالمية مهمّـة أخرى)، رسما كاريكاتوريا يقوم فيه أحد الأشخاص بتحوير الصليب الأبيض، الذي يتوسط العلم السويسري، إلى صليب معقّـف (في إشارة إلى توجّـه أعداد متزايدة من الناخبين للتصويت لفائدة حزب يميني متشدد)، من جهتها، عبّـرت وزارة الخارجية السويسرية عن انشغالها بصورة الكنفدرالية في العالم.

استقطاب الاهتمام

من جهة أخرى، لم يسبِـق أن نجح حزب سياسي في احتكار حملة انتخابية واستقطاب أوسع الاهتمام، مثلما حدث في هذا العام.

فقد نجح حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) من خلال ندوات صحفية وتصريحات وتهجّـمات ومبادرات شعبية حول موضوع الأجانب المفضّـل لديه ولافتات إشهارية مثيرة وومضات فيديو على شبكة الإنترنت في إثارة ردود فعل وسِـجالات لم تتوقّـف، ما أدى إلى تهميش القضايا المثارة من طرف بقية الأحزاب وإبعادها عن مقدمة ركح الحملة الانتخابية.

ففي يوم الاثنين الماضي 15 أكتوبر، تقدّم قياديون بارزون في حزب الشعب السويسري بالشكر (فيه الكثير من التهكّـم) لمعارضيهم، وقالوا إن الجدل الذي أحاط باللافتات الانتخابية، التي اشتملت على خِـرفان بيض يقومون بطرد خروف أسود من الأراضي السويسرية، مكّـنهم من الحصول في وقت قياسي على 200 ألف توقيع لفائدة مبادرتهم، التي تقترح طرد جميع الأجانب المرتكبين لجرائم خطيرة.

ويتساءل مراقبون، هل سيقوم أكبر حزب في سويسرا مجددا بتقديم الشكر لمنافسيه، بعد الانتهاء من احتساب الأصوات يوم الأحد؟ فبعد النتائج الإيجابية، التي حققها الحزب خلال العامين الماضيين في عدد من الانتخابات المحلية في الكانتونات، توقع عدد من الخبراء السياسيين أن يتوقّـف المسار التصاعدي لحزب كريستوف بلوخر، الذي بدأ منذ عام 1991، لكن نتائج آخر استطلاعات الرأي، تشير إلى أن الأسلوب السياسي الهجومي لحزب الشعب السويسري، لا زال مُـثمرا على المستوى الانتخابي، حسب ما يبدو.

هل يتوقف النزيف؟

تساؤل بارز آخر، يتعلّـق بالتشكيلتين السياسيتين للوسط. فهل سينجح الحزب الراديكالي والحزب الديمقراطي المسيحي في وضع حدٍّ لنزيف الأصوات، الذي يعانيان منه بدون توقّـف منذ عام 1979؟ ويبدو أنه، استنادا لنتائج استطلاعات الرأي، أن الديمقراطيين المسيحيين سيتمكّـنون من النهوض مجددا في الاقتراع الحالي، وقد يتقدّمون هذه المرة على الراديكاليين.

إذا ما حدث ذلك فعلا، فإن الرهان الحقيقي لهذه الانتخابات قد يتمثل في التشكيلة المقبلة للحكومة الفدرالية. ففي شهر ديسمبر القادم أو في غضون الفترة التشريعية المقبلة، يُـحتمل أن يجد الراديكاليون أنفسهم مضطرين للتخلي عن حقيبة حكومية لفائدة الديمقراطيين المسيحيين.

على جبهة اليسار، يظل السؤال الأهم متعلقا بحجم التقدم المرتقب للخُـضر، الذين يُـفترض أن يحتفلوا هذا العام بربيع ثانٍ يركب موجة التهديدات المناخية، التي أصبحت الشغل الشاغل لقطاع لا بأس به من السويسريين.

ومن المحتمل جدا أن يدفع الاشتراكيون بالخصوص فاتورة الحساب، بعد أن ألحقت الوضعية الاقتصادية الوردية “جدا” في سويسرا، أضرارا معتبرة باهتماماتهم ومحاور دعايتهم السياسية التقليدية.

اهتمام سويسرا الخامسة

من الظواهر الجديدة، الاهتمام المتزايد بالانتخابات البرلمانية من طرف الجالية السويسرية الكبيرة العدد المقيمة في الخارج. ففي هذا العام، سُـجِّـل ترشح 44 ممثل عن سويسرا الخامسة في السباق الانتخابي، وهو رقم يزيد ثلاث أضعاف عن عدد المرشحين في عام 2003.

ويبدو أن نسبة مشاركة السويسريين في الخارج في الانتخابات البرلمانية، لن تقِـل كثيرا هذه المرة عن نسبة المقيمين في الكنفدرالية، حيث أشارت منظمة السويسريين في الخارج إلى أن ما بين 30 إلى 50% من المهاجرين المسجلين على اللوائح الانتخابية، الذين يبلغ تعدادهم 110 ألف شخص، عادة ما يشاركون في الانتخابات والاقتراعات الفدرالية.

سويس انفو – أرماندو مومبيلي وكمال الضيف

للمرة الأولى، تتابع الانتخابات البرلمانية السويسرية من طرف مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

هذه البعثة لا تهدف إلى مراقبة السير العادي لعمليات التصويت ولكن إلى تحصيل معلومات ومعارف يُـمكن استعمالها، للمساعدة على تطوير الديمقراطيات الناشئة في فضاء المنظمة.

مع ذلك، انتقد رئيس البعثة بول دي غريغوريو، الأمريكي الجنسية، عنصرين في النظام الانتخابي السويسري، وهما قلة الشفافية فيما يتعلق بتمويل الأحزاب السياسية وعدم وصول أصوات السويسريين في الخارج في الآجال المحددة، كي يتم احتسابها.

حزب الشعب السويسري: 26،7% (27،3% في آخر استطلاعات الرأي)

الحزب الاشتراكي: 23،3% (21،7%)

الحزب الراديكالي: 17،3% (15،5%*

الحزب الديمقراطي المسيحي: 14،4% (15،4%)

حزب الخًـضر: 7،4% (10%)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية