مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بداية مترددة لحملة حاسمة!

وفقا للمبادرة الجديدة، يحق لكل طفل أجنبي درس في المدارس السويسرية لمدة خمس سنوات الحصول على الجنسية بيسر Keystone

أطلقت الحكومة السويسرية يوم الاثنين 23 أغسطس حملتها الترويجية لصالح مبادرة تهدف إلى تسهيل إجراءات التجنيس للجيلين الثاني والثالث من الأجانب.

ورغم البداية المتراخية لهذه الحملة بسبب تردد وزير العدل والشرطة في التعبير عن توجهات الحكومة بوضوح، إلا أن موقفه يعبر في الواقع عن عُزلة حزبه اليميني المتشدد.

كان كأنه يمشي على حبلٍ مشدود! هكذا بدا وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر للصحافيين يوم الثلاثاء 23 أغسطس، عندما أعلن أمامهم عن بدء الحملة الحكومية لصالح مبادرة تسهيل إجراءات التجنيس للجيلين الثاني والثالث من الأجانب.

لكن ذلك كان متوقعاً منذ البداية. فالسيد بلوخر، الذي أشتهر باعتباره أبرز زعماء حزب الشعب السويسري اليميني المتطرف، كان طيلة عمله كنائب برلماني من أشد المعارضين لتلك المبادرة وللخطوات الشبيهة بها.

واليوم، كما تقول صحيفة دير بوند البرناوية الناطقة باللغة الألمانية، يجد نفسه في موقف المدافع عنها!

فئتان من الأجانب!

تنص المبادرة الحكومية، التي ستطرح على الاستفتاء الشعبي العام يوم 26 سبتمبر القادم، على تسهيل إجراءات منح الجنسية لفئتين اثنتين من الأجانب.

وبناء على بنودها، سيحق للأجانب من الشبان والمراهقين، ممن درسوا 5 سنوات في المدارس التعليمية الإلزامية في سويسرا، الحصول على الجنسية بشكل ميسر جدا.

كما سيحق للجيل الثالث من المهاجرين، ممن ولدوا في سويسرا أو عاش أحد والديهم في سويسرا 5 سنوات أو درس فيها، الحصول على الجنسية بصورة أوتوماتيكية.

اللسان ينطق بما ليس في القلب!

وقد جرت العادة في كل مرة تُطلق فيها الحكومة حملة انتخابية لفائدة إحدى مبادراتها، أن يتولى الوزير المختص بالملف التعبير عن موقفها، والدفاع عن رأيها أمام الرأي العام.

هكذا جرت العادة … إلى أن تولى السيد كريستوف بلوخر منصبه! فقد دأب الزعيم الشعبي المعروف، والذي انتخب كعضو في الحكومة الفدرالية في ديسمبر 2003 إثر حصول حزبه على مقعد ثان في التشكيلة الحكومية، على اتخاذ مواقف مستقلة عن الحكومة التي يمثلها.

يكفي التذكير بآخر موقف له من مسألة انضمام سويسرا إلى اتفاقية شنغين الأوربية، حيث دفع إسهابه في شرح “آراءه الشخصية” عنها، خلال اجتماع عقده ممثلو حزب الشعب السويسري يوم 21 أغسطس، أعضاء الحزب إلى إصدار توصية تدعو إلى التصويت بالرفض عليها.

وعلى نفس النسق، جاء موقف السيد بلوخر يوم الإثنين 23 أغسطس، حيث اكتفى بعرض الخطوط الأساسية لرأي الحكومة الفدرالية، رافضاً في الوقت ذاته التعبير عن موقفه الشخصي منه، ومؤكداً أنه لن يدافع عن هذا الموقف إلا لضرورات “الواجب”، على حد تعبيره. وكان واضحا وجليا أن الرجل – ببساطة – غير متحمس للمسألة برمتها.

موقف معزول!

لكن هذا “الانفصام الشخصي”، وهو التعبير الذي استخدمته صحيفة أولتنر الناطقة باللغة الألمانية، وإن كان يأتي متوافقاً مع شخصية السيد بلوخر القوية الرافضة لمبدأ المساومة، إلا أنه يعكس في الوقت ذاته الموقف المنفرد الذي يجد حزب الشعب السويسري نفسه فيه.

فكل الأحزاب السويسرية الرئيسية بلا استثناء صوتت في مؤتمرات كوادرها الحزبية، التي انعقدت على مدى الأسابيع الماضية، بالموافقة على مبادرة التجنيس ببنديها، ولم يرفع لواء المعارضة سوى حزب الشعب السويسري.

والأكثر من ذلك، فإن الحزب لا يجد نفسه وحيداً بين الأحزاب السياسية فقط، بل على المستوى الشعبي أيضاً.

ففي أخر استطلاع للرأي العام، أجرته مؤسسة GfS لسبر الآراء ونشرت نتائجه يوم 20 أغسطس، أعرب 75% من المستجوبين عن تأييدهم لمبدأ منح الجنسية للجيل الثالث من الأجانب (19% رفضوا المبدأ و 6% لم يحسموا قرارهم بعد). كما أعرب 68% عن موافقتهم على تسهيل إجراءات التجنيس للجيل الثاني من المهاجرين (24% لم يوافقوا على المبدأ و8% لازالوا مترددين في الرأي).

هذه النتائج تشير بصورة لا لبس فيها إلى أن الأغلبية الشعبية السويسرية (ذا صحت توقعات سبر الآراء) تقف إلى جانب المبادرة، غير آبهة بموقف حزب الشعب السويسري ولا ممثله في الحكومة السيد بلوخر.

ربما سيخفف ذلك إلى حد كبير من وقع الموقف المتردد للسيد بلوخر خلال إطلاقه الحملة الانتخابية للحكومة. ربما! لكن بغض النظر عن صحة هذا التوقع من عدمه، فإن الشيء المؤكد على حد قول صحيفة أولتنر هو أن على السيد بلوخر أن يتخذ قراره: “لصالح من يعمل”؟!

إلهام مانع – سويس إنفو

سيصوت السويسريون يوم 26 سبتمبر على عدة مبادرات، تتضمن التالي:
تيسير حصول الجيل الثاني والثالث من الأجانب على الجنسية السويسرية.
منح إجازة أمومة لمدة 14 أسبوعاً مدفوعة الأجر.
مبادرة تدعو إلى رفض إقفال بعض مراكز البريد في سويسرا، والنص قانونا على توفيرها كخدمة للمواطنين.

تنص مبادرة التجنيس على التالي:
يحق للأجانب اليافعين ممن درسوا 5 سنوات من السنوات التعليمية الإلزامية في سويسرا الحصول على الجنسية.
يمنح المهاجرون من الجيل الثالث الجنسية بصورة أوتوماتيكية .
وافقت كل الأحزاب الرئيسية (الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحزب الراديكالي، والحزب المسيحي الديمقراطي) على المبادرة، على حين رفضها حزب الشعب السويسري.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية