برن لن تسحب طلب انضمامها للاتحاد الأوروبي
في خطوة مُتوقعة، قررت الحكومة السويسرية عدم سحب طلب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي المجمد من قبل بروكسل منذ عام 1992، رغم تحويلها لذلك الطلب من "هدف استراتيجي" إلى "خيار مفتوح".
وقبل اتخاذ أي قرار بالنسبة للخطوات الموالية، ستنتظر برن التقرير السويسري حول السياسية الأوروبية المتوقع صدوره قبل صيف 2006.
لم يعد إذن طلب انضمام سويسرا إلى الاتحاد الأوروبي “هدفا استراتيجيا” – وهي العبارة الواردة في تقريري السياسة الخارجية السويسرية لعامي 1993 و2000- بل نقلته الحكومة السويسرية إلى خانة “الخيارات المفتوحة”، مثلما شدد على ذلك وزير الاقتصاد السويسري جوزيف دايس في مناسبات عديدة خلال الجلسة الخاصة التي كرستها الحكومة للسياسية الأوروبية يوم الأربعاء 26 أكتوبر الجاري في العاصمة الفدرالية برن.
ولا تريد الحكومة السويسرية اتخاذ أي خطوة موالية قبل الإطلاع على تقرير هام يتوقع صدوره قبل صيف عام 2006. ويفترض أن يحدد التقرير إيجابيات وسلبيات مختلف الخيارات على مستوى السياسة الأوروبية للكنفدرالية.
وبرفضها تحديد الأولويات في الوقت الراهن، عبرت الحكومة عن مقاومتها للجبهة السويسرية المعارضة للتقارب مع الاتحاد الأوروبي. ودعت بهذا الشأن إلى رفض مذكرتين تقدم بهما حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد ومجموعة نواب من التيار البورجوازي. وتطلب المذكرتان أن تسحب برن من بروكسل طلب انضمام سويسرا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأكد السيد دايس أن سحب الطلب لن يحقق أي امتياز، بل بالعكس سيخلق “الحاجة لإعطاء تفسيرات منعدمة المنفعة داخل البلاد وخارجها”.
وفيما يتعلق بفكرة وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر (حزب الشعب السويسري) الداعية إلى فرض تعليق (موراتوريوم) لمدة عشر سنوات على ملف الانضمام إلى الاتحاد، أعرب كل من وزير الاقتصاد جوزيف دايس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي راي عن اعتقادهما أن الموراتوريوم لا يـُشكل خيارا.
سيناريوهات مختلفة تحت المجهر
وسيتناول التقرير المرتقب قبل صيف 2006 خمسة بدائل رئيسية يفترض أن تحدد المراحل الموالية لعلاقات سويسرا مع الاتحاد الأوروبي بأعضاءه الخمسة والعشرين.
وقد شددت السيدة كالمي راي على أن صياغة التقرير ستتم تحت إشراف مكتب الاندماج السويسري الأوروبي – التابع لوزارة الخارجية السويسرية والمكلف بمتابعة العلاقات بين برن وبروكسل- ولن تضم خبراء خارجيين.
وسيبحث التقرير خيار مواصلة النهج الثنائي الذي تسلكه سويسرا في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي من خلال الاتفاقيات القطاعية الثنائية، لكن مع الاكتفاء بدراسة بعض الاتفاقيات الإضافية الدقيقة في مجالات المصالح المشتركة.
أما الخيار الثاني الذي سيخضع للدراسة فيتمثل في “نهج ثنائي مُُوطد”، مع تعزيز الإطار المؤسساتي ومجالات تعاون جديدة. وقد أشارت وزيرة الخارجية إلى أن التقرير سيقدم أيضا بعض الأنواع المتقدمة للتعاون متعدد الأطراف، مثل المجال الاقتصادي الأوروبي.
أخيرا، سيتناول التقرير خيار انضمام “خفيف” إلى الاتحاد الأوروبي مع مخالفات دائمة لبعض القرارات الأوروبية، وأيضا خيار انضمام كامل العضوية للاتحاد.
سويسرا “غير مُعطلة”!
وعلى مستوى السياسة الأوروبية، أعربت السيدة كالمي راي أن سويسرا “ليست مُصابة بعطل”، وخير دليل على ذلك في نظرها الاتفاقيات الثمانية عشر المبرمة بين برن وبروكسل.
وتظل الأولوية الآن للمصادقة على توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص إلى الدول العشر الجديدة في الاتحاد الأوروبي التي يتوقع أن تدخل حيز التطبيق عام 2006، واتفاق شنغن ومعاهدة دبلن (بعد عام 2008).
وأوضح وزير الاقتصاد السويسري أن برن ستبحث قريبا إمكانية إطلاق مفاوضات جديدة مع بروكسل في مجالات مثل الكهرباء أو الصحة العمومية.
وقد أكدت الحكومة يوم الأربعاء من جديد عزمها على دعم الدول الجدد في الاتحاد الأوروبي بمبلغ مليار فرنك تُصرف على مدى خمس سنوات.
وذكرت السيدة كالمي راي أن هذا المبلغ هو عبارة عن “مساهمة من أجل تقليص الفروقات الاقتصادية والاجتماعية” في الدول الجديدة، وليس دعما لصندوق الاندماج الأوروبي.
ردود فعل متباينة
وقد أثار الموقف الذي عبرت عنه الحكومة يوم الأربعاء إزاء ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ردود فعل متباينة ضمن الأحزاب ومنظمات أرباب العمل وجماعات الضغط المختلفة.
على أقصى يمين الخارطة السياسية السويسرية، أعرب رئيس حزب الشعب السويسري أوري ماورر عن أسفه لبقاء الحال على ما هو عليه قائلا: “هذا يعبر عن مواصلة سياسة تفتقر إلى الانسجام”.
من جهته، اعتبر رئيس الحزب الراديكالي فولفيو بيلي أن قرار الحكومة الفدرالية عدم سحب طلب الانضمام “خطأ استراتيجي”.
في المقابل، عبر الأمين العام للحزب الديمقراطي المسيحي ريتو ناوس عن ارتياحه لموقف الحكومة الذي “يعزز خيار النهج الثنائي مع الاتحاد الأوروبي الذي أثبت نجاحه”.
أما الحزب الاشتراكي فأوضح على لسان رئيسه هانس يورغ فير أن الحزب كان يأمل أن تضع الحكومة خيار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي فوق أو على الأقل على قدم المساواة مع النهج الثنائي.
من ناحيتها، قالت رئيسة حزب الخضر روت غينير إن الارتباط بالمسار الثنائي سيبوء بالفشل في مرحلة ما لأنه “معقد جدا”.
نفس تباين الآراء عكسته مواقف المنظمات. فبالنسبة لهانس فير، مدير منظمة “العمل من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة”، احتقرت الحكومة الرغبة الواضحة التي عبرها عنها الشعب السويسري (برفضه الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي).
في المقابل، نوه رئيس الحركة الأوروبية السويسرية الجديدة إيف كريستن إلى أن “الحكومة السويسرية شعرت أنها تعززت بنجاح الاتفاقيات الثنائية ورفضت سماع صفارات الانعزال”.
من جهته، صرح رودولف رومساور، رئيس إدارة رابطة الشركات السويسرية (economiesuisse) “نحن نتفق مع مواصلة المسار الثنائي”.
أما رئيس نقابة “العمل السويسري” هوغو فازيل، فأعرب عن أسفه لتحويل الانضمام الى الاتحاد الأوروبي من خانة “الهدف الاستراتيجي” إلى درجة “الخيار المفتوح”.
سويس انفو مع الوكالات
قدمت سويسرا طلب الانضمان إلى الاتحاد الأوروبي في مايو 1992.
جمدت بروكسل هذا الطلب في نفس العام بعد أن رفض الناخبون السويسريون في استفتاء شعبي الانضمام إلى المجال الاقتصادي الأوروبي.
وافقت الحكومة السويسرية يوم الأربعاء 26 اكتوبر 2005 على فتح سفارة للاتحاد الأوروبي في سويسرا.
تعتقد برن أن وجود وفد أوروبي دائم في العاصمة السويسرية قد يسهل الاتصالات وإدارة العلاقات “المكثفة” بين الكنفدرالية والاتحاد الأوروبي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.