“بروهلفيتسيا”: عام الفعاليات بعد سنة الصعوبات
أعلنت مؤسسة بروهيلفيتسيا عن حصيلة أعمالها لعام 2005 وتوجهاتها في السنة الحالية، بعد إدخال تعديلات كبيرة على برنامجها واستراتيجيتها وإعادة هيكلتها الإدارية.
ورغم التقشف المفروض عليها، إلا أن المنظمة المكلفة بترويج الثقافة السويسرية في العالم نجحت في الحصول على تمويل بديل، لتواصل إشعاعها الدولي.
لم يكن العام 2005 موسما سهلا على الثقافة السويسرية ، بل زارتها رياح التقشف وتوفير الميزانية، ولم يعد أمامها المرور عبر بوابة “إعادة الهيكلة” لتخرج منه بثوب جديد، يفرض على ميزانيتها رشاقة قاسية، لتخضع في النهاية لجراحة لتحسين في الشكل الخارجي، والبحث عن “مقويات” تواجه به خطر الضعف المالي الذي تم فرضه عليها.
“الحمية” التي فرضتها السياسة على المؤسسة الرئيسية في الحقل الثقافي السويسري، كبدتها 10 وظائف، تم الاستغناء عن العاملين فيها بشكل نهائي، و6 آخرون سيتقاضون رواتبهم من جهات أخرى تهتم بأن يكون للثقافة السويسرية حضورها في الخارج، كما لن تتمكن بودابست وبراتيسلافا وبراغ من متابعة آخر الفعاليات الثقافية السويسرية بعد أن أغلقت أبوابها في أوروبا الشرقية، وفي ميلانو سيختفي اسم بروهليفيتسيا، ليحل محلها فرع الأكاديمية السويسرية في روما.
وقد أكد ماريو أنوني المدير الجديد لمؤسسة بروهيلفيتسيا، في المؤتمر الصحفي السنوي للمؤسسة يوم الثلاثاء 25 أبريل الجاري، بأنها تسير في الطريق الصحيح وقدم للإعلام الشعار الجديد الذي ستظهر به المنظمة في العالم، رغم أن ميزانيتها تراجعت إلى 33 مليون فرنك في العام (بعدما كانت 35 مليون) ولم تكن كافية لتمويل كافة الافكار والمقترحات، لكن أنوني يقول بأنه سيتم توزيع تلك الميزانية الجديدة حسب المعايير الأوروبية المتبعة، مثل تخصيص 15.8% منها للإدارة، 17.3% منها للإنتاج الخاص، والبقية بين الأنشطة المحلية والدولية.
وستبقى المؤسسة على فرعها الرئيس في زيورخ، ومكتب لها في جنيف على اعتبار أنهما من أكثر المدن السويسرية التي يفد عليها أجانب، سواء للعمل الإقتصادي أو في البعثات الديبلوماسية الدولية، كما يمكن من خلالهما دعم الحركة الثقافية المحلية.
ميزانية أقل وفعاليات أكثر!
وإذا كانت بروهيلفيتسيا قد نجحت في العام الماضي في توزيع 63% من ميزانيتها على الترويج للثقافة السويسرية في العالم، سواء في برامج مشتركة مع جهات أجنبية، أو في إطار التبادل الثقافي بين الدول المختلفة وتعاني من نقص في الميزانية، إلا أنها ستزيد برامج العمل في هذا العام بنسبة 10% عما كانت عليه في السنة الماضية، حيث تعتزم افتتاح فرع لها في الهند، ووضع برنامج طويل المدى لتعريف الصين بالثقافة السويسرية.
هذه المشروعات قد تتناقض على سياسة التقشف المفروضة على الجهاز الوحيد المعني بنقل الثقافة السويسرية إلى الخارج، ولكنها لن تكلف ميزانية الحكومة الشيء الكثير، إذ أن أغلب تلك الفعاليات الجديدة، ستكون ثمرة أول تعاون من نوعه مع القطاع الاقتصادي الذي سيدعم نسبة كبيرة من الفعاليات السويسرية في المنطقتين، بسبب الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها، وأعترف رئيس بروهيلفيتسيا بأنه لولا دعم الاقتصاد الخاص، لما تمكنت المؤسسة من التفكير في تلك الفعاليات.
على الصعيد المحلي فقد استأثرت الفعاليات الثقافية في القسم الألماني بنصيب الأسد من الميزانية، والتي بلغت 59%، وذهب 25% منها إلى المنطقة الروماندية الناطقة بالفرنسية في غرب الكنفدرالية، بينما حصل تيشنو الجنوبي الناطق بالإيطالية على 8% ليتبقى 2% فقط لفائدة اللغة الرومانتشية في جنوب شرق البلاد.
وحضور في المشرق وشمال افريقيا
عربيا كانت بروهيلفيتسيا حاضرة بشكل جيد في أكثر من فعالية، تركزت أغلبها في القاهرة التي بلغت 25 نشاطا ثقافيا، في المسرح والموسيقى والرسم والتصوير والسينما والأدب، لعل أبرزها كانت جولة الأديب هوغو لوتشر في مصر وليبيا وتونس وكان محورها الأدب كمفتاح للحوار، وحفلا موسيقيا مشترك بين آنا سبينا وبوركارد شترايت في قاعة بيت الهواري الثقافي، وجولة فنية في سويسرا ومصر، عرضت الفرق بين الموسيقى المصرية والسويسرية، وتمويل “النافذة السويسرية” في مهرجان القاهرة، وتستعد لإقامة معرض كبير في القاهرة هذا العام، وضعته على رأس اهتماماتها في العالم العربي لهذا العام.
وفي العراق مولت المؤسسة ترجمة ونشر 5 أعمال كاملة للأديب السويسري المشهور أدولف موشغ، وفي الأردن دعمت عملا أدبيا يحمل عنوان رحلة على الأردن، أعده كاتب حول انطباعاته في زيارته إلى المملكة الهاشمية، ومعرضا للرسم لفنان سويسري أقام لمدة نصف عام هناك، كما ترجمت أحد أعمال الأديب السويسري ماكس فريش.
وفي المغرب، دعمت عملا أدبيا لكاتب سويسري ساهم به في عيد الفرانكفونية في الرباط، وساهمت في دعم كورال الكونسرفتوار الوطني المغربي ليدخل في مهرجان الرباط الدولي 2006، كما مولت رحلة فنية لأحد الموسيقيين التقليديين.
وفي مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية مولت دورة لتأهيل المهتمين بإنتاج الفيديو، وساعدت أحد الرسامين السويسريين في إقامة معرض حول انطباعاته بعد نصف عام من الإقامة في رام الله.
أما في تونس فقد بعثت إليها بأوركسترا لوتسرن لموسيقى الغرفة النحاسية وفرقة للرقص الحديث، للمشاركة في مهرجان قرطاج الدولي، إلى جانب فرقة بالية مسرح جنيف الكبير في عرض متنوع على مسرح تونس العاصمة.
الثقافة مفتاح هام
في عام 2006 سيجوب الحضور الثقافي السويسري المتنوع أرجاء المعمورة، انطلاقا من زيورخ إلى باريس ووارسو ثم القاهرة وجنوب افريقيا فنيودلهي، ومنها إلى نيويورك.
وكما أن للبضائع التجارية السويسرية مسالكها ودروبها، فالثقافة السويسرية لها طريقها الموازي بعد أن أدرك السويسريون والمشرفون على مؤسسة بروهلفيتسيا أهمية الثقافة، وعرفوا كيف يستخدمون إنتاج مبدعيهم في شتى الفنون والمناحي الثقافية بشكل جيد، رغم إمكانياتهم المحدودة.
سويس انفو – تامر أبو العينين
تعني منظمة بروهيلفيتسيا بنشر وترويج الثقافة السويسرية في جميع أنحاء العالم.
بلغت ميزانيتها عن عام 2005 حوالي 33 مليون فرنك.
لم تسلم بروهيلفيتسيا من عمليات إعادة الهيكلة، حيث تم الاستغناء على 10 من العاملين بها، وأغلقت فروعها في بلدان أوروبا الشرقية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.