الجولاني يتعهد حلّ الفصائل المسلحة ويطالب برفع العقوبات عن سوريا
تعهّد أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام” التي تولّت السلطة في سوريا إثر فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد، “حلّ الفصائل” المسلّحة في البلاد، داعيا إلى “عقد اجتماعي” بين الدولة وكل الطوائف ومطالبا برفع العقوبات المفروضة على دمشق.
وفي بيان باسم تحالف الفصائل المسلّحة التي تقودها الهيئة، قال الجولاني الذي بات يستخدم اسمه الأصلي وهو أحمد الشرع، إنّه “يجب أن تحضر لدينا عقلية الدولة لا عقلية المعارضة (…) سيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون”.
وأضاف أنّ “سوريا يجب أن تبقى موحّدة، وأن يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية”.
وبحسب البيان فقد أدلى الجولاني بتصريحه هذا خلال اجتماع مع عدد من أبناء الطائفة الدرزية في سوريا.
ونقل البيان عن الجولاني قوله إنّ “ما يهمّنا هو ألا تكون هناك محاصصة”، مؤكّدا أنّه “لا توجد خصوصية تؤدّي إلى انفصال”.
وخلال لقائه دبلوماسيين بريطانيين في دمشق، شدّد الجولاني على ضرورة رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلاده لتسهيل عودة اللاجئين الذين فرّوا بسبب الحرب.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام إنّ “دور بريطانيا الهامّ دوليا وضرورة عودة العلاقات”، مؤكدا كذلك على “أهمية إنهاء كافة العقوبات المفروضة على سوريا حتى يعود النازحون السوريون في دول العالم إلى بلادهم”.
وبعد هذا الوفد الدبلوماسي البريطاني، من المقرر أن تصل إلى دمشق الثلاثاء بعثة دبلوماسية فرنسية في خطوة غير مسبوقة منذ 12 عاما.
من جهته، وبعد مرور أكثر من أسبوع على إطاحته، خرج الرئيس المخلوع عن صمته الاثنين، مؤكدا أنه لم يفر من سوريا إلا بعد سقوط دمشق بأيدي مسلّحي المعارضة، واصفا قادة البلاد الجدد بـ”الإرهابيين”.
وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في 8 كانون الأول/ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن وعُرف بالقمع الوحشي. وفر الأسد إلى روسيا.
وأكد مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة الاثنين أثناء زيارته دمشق أن سوريا تحتاج إلى “تدفق كبير للدعم”.
وقال توم فليتشر إن “سبعة من كل عشرة سوريين يحتاجون إلى المساعدة حاليا”، موضحا أن الأمم المتحدة مستعدة لتكثيف نشاطها.
واحتفل السوريون بسقوط بشار الأسد في أنحاء سوريا، بعد قرابة 14 عاما على بدء الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011 بسبب قمع التظاهرات المطالبة بالديموقراطية، وقد خلف النزاع نصف مليون قتيل ودفع ستة ملايين سوري إلى خارج البلاد.
وقال الرئيس المخلوع في بيان نشرته صفحات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي “لم أغادر الوطن بشكل مخطط له كما أشيع، كما أنني لم أغادره خلال الساعات الأخيرة من المعارك”.
وأضاف الأسد الذي حكم سوريا بقبضة حديدية طوال 24 سنة “طلبت موسكو… الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 كانون الأول/ديسمبر”، مضيفا أن البلد بات “بيد الإرهاب”.
وكانت هيئة تحرير الشام أعلنت فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة عام 2016، لكنّ العديد من الدول ومن بينها الولايات المتحدة لا تزال تصنّفها “منظمة إرهابية”.
– انتقال “شامل وذي مصداقية” –
وتعمل السلطات السورية الجديدة على طمأنة المجتمع الدولي الذي يجري اتصالات تدريجية مع قادتها، ولا سيّما الجولاني.
وفي هذا الصدد، أعلن الاتحاد الأوروبي إيفاد ممثل رفيع المستوى إلى دمشق للقاء السلطات الجديدة.
واعتبرت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أنه “يجب ألا يكون هناك مكان” في سوريا لروسيا وإيران.
من جهته، شدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن خلال لقائه الشرع الأحد على “الحاجة إلى انتقال سياسي شامل وذي مصداقية”.
كما أعادت تركيا المجاورة، وهي فاعل رئيسي في النزاع في سوريا وتدعم السلطات الجديدة، فتح سفارتها في دمشق السبت قائلة إنها “مستعدة” لتقديم مساعدة عسكرية إذا طلبت الحكومة السورية الجديدة ذلك.
وفي ظل الوضع الإقليمي المتوتر، لا تزال الدول الغربية حذرة في تعاملها هيئة تحرير الشام، لكن لا أحد يريد تفويت فرصة تجديد العلاقات مع سوريا، نظرا لخطر انقسام البلاد وعودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي الذي يواصل نشاطه في البادية السورية.
وأعلن الجيش الأميركي أنه قضى على 12 عنصرا من تنظيم الدولة الإسلامية في غارات جوية في سوريا الاثنين.
من جهته، أكد رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير ضمان حقوق جميع الطوائف والمجموعات، فيما تعود الحياة إلى طبيعتها تدريجيا في سوريا.
– “نريد أولادنا” –
في مجمع عسكري قرب دمشق، أضرم سكان بينهم أطفال النار في منازل ضباط في الجيش السابق، بحسب ما أفاد صحافيو وكالة فرانس برس. وكان قد تم نهب الطاولات والخزائن والكراسي في المجمع.
وفي مدينة اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط، اصطف مئات الرجال وبعض النساء من القوات الحكومية السابقة أمام مكاتب طلبت منهم السلطات الجديدة القدوم إليها لتسليم أسلحتهم وتسجيل أنفسهم.
وقال المسؤول عن المكان محمد مصطفى (26 عاما) وهو مقاتل من إدلب معقل المعارضة السابق في شمال غرب سوريا، لوكالة فرانس برس إنه يتوقع قدوم ألف عنصر على الأقل للتسجيل. وأوضح أن السلطات الجديدة ستجري تحقيقات بشأن ماضيهم وفي حال ارتكابهم جرائم خطيرة سيتم تحويلهم إلى القضاء.
وعلى غرار آلاف السوريين الذين اختفى أحباؤهم خلال الحرب وعقود القمع في ظل حكم عائلة الأسد، تبحث أيوش حسن (66 عاما) المتحدرة من ريف حلب عن ابنها بيأس منذ سقوط نظام الأسد.
وقالت لوكالة فرانس برس قرب سجن صيدنايا “نريد أولادنا أحياء أم أموات. محروقين، أو رماد، أو مدفونين جماعيا. فقط أبلغونا”.
في هذا السياق، بدأ فريق من الوكالة التركية لإدارة الكوارث (آفاد) الاثنين إجراء عمليات بحث عن أقبية أو زنزانات يعتقد أنها مخفية تحت الأرض في سجن صيدنايا “بناء على طلب قدمته السلطات السورية”، وفق ما أفاد مدير الوكالة.
في سياق التغيير التاريخي في بلد مدمر ومقسم إلى عدة مناطق نفوذ، نفذت إسرائيل المجاورة ليل الأحد والاثنين ضربات مكثفة على مواقع عسكرية في منطقة طرطوس الساحلية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد إن هذه “أعنف” الضربات الإسرائيلية “منذ العام 2012” على المنطقة التي تضم قاعدة بحرية روسية، بينما يدعي الجيش الإسرائيلي أنه يريد منع وقوع أسلحة الجيش في أيدي متطرفين.
وبعد ساعات من الضربات، تواصل اشتعال النيران في مجمع مستودعات ذخيرة وسط انفجارات متقطعة.
وقال إبراهيم أحمد (28 عاما) الذي يعمل في مكتب محاماة محلي “كان الأمر أشبه بزلزال. كل النوافذ في منزلي تحطمت”.
بور-انر/الح-ح س/بم