بعد العراق.. أول دعم عربي للرؤية المغربية في قضية الصحراء
يذكُـر المغاربة لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أنه النظام العربي الوحيد الذي وقف إلى جانبهم في قضية الصحراء الغربية دون مواربة أو حرج منذ اليوم الأول لاندلاع النزاع.
وفي الأسبوعين الماضيين، حصل المغرب للمرة الأولى على دعم دولتين عربيتين لمبادرته بمنح الصحراويين حُـكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كحلٍّ للنزاع، هما الكويت والبحرين.
يذكُـر المغاربة لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أنه النظام العربي الوحيد الذي وقف إلى جانبهم في قضية الصحراء الغربية دون مواربة أو حرج منذ اليوم الأول لاندلاع النزاع. ورغم أن ذلك كلّـف العراق كثيرا إبان حربه مع إيران طِـوال عقد الثمانينات، حين تبنّـت الجزائر موقفا قريبا للموقف الإيراني، فإن العراق بقي متمسِّـكا بموقفه المؤيّـد لمغربية الصحراء.
يذكر المغاربة للرئيس العراقي السابق موقفه هذا، إلى جانب مواقفه الإيجابية الأخرى تُـجاه بلادهم، مثل تزويدها بالنفط بأسعار تفضيلية وأحيانا مجانية واستقباله لمئات من العائلات المغربية ومنحهم مزارع في العراق، وهم في حالة استنكار من طريقة وتوقيت إعدامه بعد قرابة أربع سنوات من الغزو الأمريكي لبلاده واحتلالها، وبعد أن استطاع خلال محاكمته على مدى السنوات الماضية أن يُـزيل صورته التي طُـبعت في عقولهم حين اعتقل قبل ثلاث سنوات.
غير أنهم يذكُـرونه في هذه الأيام أيضا، بعد أن هطل عليهم خلال الأسبوعين الماضيين موقفين عربيين داعمين لمُـقاربتهم لتسوية النزاع الصحراوي المتفجِّـر منذ منتصف السبعينات، كان الموقف العربي الرسمي تُـجاه هذا النزاع خلال هذه السنوات الطويلة، الذي بشكل من الأشكال، كان في العلاقات الدبلوماسية الدولية، نزاعا جزائريا – مغربيا، يتراوح بين التّـجاهل أو الدعوة للتفاهم بين أطراف النزاع لحلّـه سلميا.
وفي الأسبوعين الماضيين، حصل المغرب على دعم دولتين عربيتين لمبادرته بمنح الصحراويين حُـكما ذاتيا تحت السيادة المغربية كحلٍّ للنزاع، هما الكويت والبحرين، حيث جاء في بلاغين مُـشتركين بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وكل من أمير دولة الكويت صُـباح الأحمد وعاهل البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في خِـتام زيارة رسمية لكل منهما للمغرب، دعم بلديهما للوِحدة الترابية المغربية وتأييدهما للجهود التي يبذلها المجتمع الدولي تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حلٍّ سلمي توافُـقي ونهائي لقضية الصحراء المغربية في إطار احترام سيادة المغرب ووِحدته التُـرابية.
الإعفاء من الإحراج
هذا الموقف الواضح والصّـريح بتأييد المغرب ورُؤيته لتسوية النزاع الصحراوي في إطار السيادة المغربية، جديد في السياسة العربية تُـجاه النزاع الذي تنقّـل في أروقة منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي فيما بعد) وحركة عدم الانحياز ومنظمة الأمم المتحدة، وأصبح مِـلفا مفتُـوحا وتُـتّـخذ بشأنه قرارات تكون محل توافُـق أحيانا أو بالتصويت أحيانا أخرى، لكن الجامعة العربية واجتماعاتها على مُـختلف المستويات بقِـيت مُـعفاة من هذا الإحراج.
المرة الوحيدة التي حاولت فيها الجامعة العربية الاقتراب من نار الصحراء الغربية، كانت بُـعيد تولِّـي عمرو موسى مُـهمته كأمين عام للجامعة، حين أعلن عن ضرورة مُـبادرة عربية تُـساهم في حلّ للنِّـزاع، فاكتوى بنارها واضطُـر للتّـراجع.
في منتصف الثمانينات، سألنا العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني في مؤتمر صحفي عن المانع في دور عربي في النزاع الصحراوي، فأجاب أن للجامعة العربية من المشاكل والقضايا ما يكفيها، وانه لا يريد أن يضيف إليها مشكلة الصحراء.
هذا الإعفاء من الإحراج لم يقتصر على الجامعة العربية كمؤسسة، بل شمل أيضا اللقاءات الثنائية العربية، وحرِصت كل من الجزائر والرباط على ذلك، ولم تطلب تأييدا من هذه العاصمة العربية أو تلك، دون أن تمانع بأية مُـبادرة تأييد.
وباستثناء الجزائر، لا تعترف أية دولة عربية بالجمهورية الصحراوية التي تشكّـلها جبهة البوليساريو من جانب واحد، إلا موريتانيا، والاعتراف الموريتاني حاليا، يعتبر اعترافا باردا وليس أكثر من اعتراف استمراري لقرار نواكشوط بعد الانقلاب على الرئيس المختار ولد داداه عام 1978، وعلى مدى سنوات النزاع، لم يعترف بهذه الجمهورية إلا دولة اليمن الديمقراطي، الذي انتهى مع قيام دولة الوحدة اليمنية عام 1990، التي واصلت المَـسار على النّـهج العربي العامّ تُـجاه النزاع.
أما الدول التي كانت قريبة من الجزائر وفي تحالف سياسي معها إبان تقسيم الدول العربية إلى تكتلات مثل سوريا وليبيا، فإنها فتحت مكاتب وممثليات لجبهة البوليساريو، دون رفع مستوى هذا التمثيل إلى مستوى السفارة أو الاعتراف بالجمهورية.
بداية عربية جديدة؟
فرغم أن ليبيا كانت أول دولة تدعم جبهة البوليساريو، سياسيا وعسكريا وإعلاميا، منذ تأسيسها عام 1973، أي قبل عملِـها المسلّـح وشنّ هجمات ضد القوات الإسبانية قبل عام 1976، وضد القوات المغربية والموريتانية، ثم ضد القوات المغربية بعد انسحاب نواكشوط من وادي الذهب عام 1979، إلا أنها لم تعترف يوما بالجمهورية الصحراوية، واكتفت طِـوال العُـقود الماضية بممثلية لجبهة البوليساريو.
غير أن العلاقات المغربية توتّـرت مع كل من تونس ومصر، لِـما اعتبرته الرباط اعترافا ضمنيا بالجمهورية الصحراوية من تونس والقاهرة، حين وافقتا على مُـشاركة الصحراويين في القِـمم الإفريقية التي استضافتها، وإن كانت العاصمتين أكّـدتا أن مبرر حضور الصحراويين كان لمجرد أنهم أعضاء في منظمة الوحدة الإفريقية.
على الجانب الآخر وفي ظل محاولات المصالحة أو التقريب بين أطراف النزاع الصحراوي، كانت عددٌ من العواصم العربية، مثل الرياض وأبو ظبي، تقدم دعما ماديا وسندا عسكريا للمغرب، دون أن تقترب من الدعم السياسي أو الإعلامي، ورغم أن ذلك كان يُـزعج الجزائر، إلا أنها ابتعدت عن سياسات تعبر عن انزعاجها إلى حد التوتر مع هذه العواصم، تاركة المجال لدور تصالحي تلعبه.
والمغرب، دون أن يعلن عن ذلك رسميا، يتمنّـى أن يكون الموقف الكويتي والبحريني، الذي جاء بعد أن تخلّـت الرباط والجزائر على اعتبار الموقف من النزاع الصحراوي، هو مرجعية علاقاتها الدبلوماسية، بداية عربية جديدة في التعاطي مع النزاع الصحراوي، الذي يتفق أطرافه والمعنيين، أنه يحُـول دون قيام تكتّـل سياسي واقتصادي مغاربي يُـساهم في تقليص أزماتها الاقتصادية وتخفيف حِـدّتها ومظاهرها، مثل الأمية والفقر والبطالة، وما تولِّـده من مخاطر تُـهدد أمنها واستقرارها.
محمود معروف ـ الرباط
أدى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين صلاة عيد الأضحى المبارك مع أخيه العاهل المغربي الملك محمد السادس وأخيه سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، وذلك بمسجد أهل فاس بالرباط.
وبخصوص قضية الصحراء المغربية، جدّد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية مؤكدا تأييد جلالته للجهود التي يبذلها المجتمع الدولي تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي توافقي ونهائي لقضية الصحراء المغربية في إطار احترام سيادة المغرب ووحدته الترابية.
ونوه جلالته في ذات الوقت بمبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، كمقاربة كفيلة بإيجاد حل نهائي لقضية الصحراء المغربية وإتاحة فرصة الاستقرار والتطور بالنسبة للمنطقة المغاربية بكاملها.
وقد حرص العاهل المغربي الملك محمد السادس على الإعراب عن خالص شكره وعميق امتنانه لأخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للمواقف المشرفة الثابتة والمساندة للمملكة المغربية، فيما يتعلق بوحدة المغرب الترابية.
(المصدر: برقية صادرة يوم 31 ديسمبر 2006 عن وكالة الأنباء البحرينية الرسمية)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.