بوادر توتر بسبب “مذبحة الأرمن”
وافق مجلس النواب السويسري على توصية تحمل تركيا مسؤولية ما حدث للأرمن عام 1915 واعتبارها "جريمة إبادة شعب".
وبهذا القرار تكون الغرفة الكبرى في البرلمان قد تجاوزت ما اتهمت به سابقا بتفضيل العلاقات الاقتصادية على الحقائق التاريخية، أما تركيا فقد نددت بشدة.
بأغلبية 113 صوتا وافق مجلس النواب السويسري على التوصية المرفوعة إليه من مجلس شيوخ كانتون فو Vaud في عام 2001، وطالب جان كلود فودرو الحكومة بضرورة توصيل قرار المجلس إلى الحكومة التركية عبر القنوات الرسمية.
ويقول النواب المؤيدون لتلك التوصية بأن ما حدث للأرمن عام 1915 من عمليات إبادة جماعية حقيقة تاريخية وليست فرضية جدلية تثور حولها النظريات، في الوقت نفسه لا تعتبر مجالا لاتهام الحكومة التركية الحالية.
ويرى دومينيك دي باومان عضو مجلس النواب عن الحزب الديموقراطي المسيحي، بأن الاعتراف بوقوع هذا الظلم يعتبر من أهم أساسيات المصالحة بين الشعبين التركي والأرمني، ولا يشكل أية إساءة للشعب التركي، الذي يجب أن يتعامل مع ماضيه، بنفس المنطق الذي تعاملت به سويسرا مع تاريخها إبان فترة الحرب العالمية الثانية.
وقد اعتبر يوهان نيكلاوس شنايدر أمان من الحزب الراديكالي أنه لا يمكن تكذيب الوحشية التي مورست في مذابح الأرمن عام 1915، إلا أن هذا لا يعني بأن أتراك اليوم يجب عليهم تحمل مسؤولية ما قامت به الدولة العثمانية آنذاك، مؤكدا أيضا على ضرورة تعامل الأتراك مع تاريخهم بأنفسهم.
الحكومة بين “نعم” و”لا”
الحكومة السويسرية رفضت رسميا حتى الآن استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية” في خطابها بشأن ما حدث للأرمن، وتستعمل عوضا عن ذلك عبارة “التخلص الجماعي والمذبحة التي شهدتها الحقبة الأخيرة من الدولة العثمانية” عند الحديث عن مشكلة الأرمن.
أما وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي فقد أكدت في كلمتها أمام المجلس بأن سويسرا تدين دائما ما حدث للأرمن عام 1915، وأضافت بأنه يجب أن تتعامل كل دولة داخليا مع ما وصفته بـ”الفصول المؤلمة” من تاريخها، مشيرة على أهمية الحوار مع تركيا.
كما رأت وزيرة الخارجية بأن رفض الحكومة لتوصية مجلس النواب ترجع على أن تحويل التوصية إلى قرار سيكون له أثر عكسي في تركيا، بدت مؤشراته عند إلغاء زيارة كانت مقررة لوزيرة الخارجية في موفي سبتمبر الماضي، تعبيرا عن غضب أنقرة من قرار البرلمان المحلي لكانتون فو Vaud، بعدما سبقه في تلك الخطوة كانتون جنيف، واللذان أوصيا باعتبار مذبحة الأرمن جريمة إبادة شعب ارتكبتها الدولة العثمانية.
وفي وزارة الخارجية قالت المتحدثة باسمها دانيللا شتوفيل فاتسر، بأن سويسرا مهتمة بمواصلة الحوار مع تركيا لما فيه صالح للبلدين، وتمنت بألا تتأثر العلاقات التركية السويسرية بقرار مجلس النواب.
ردود فعل متباينة
وفي تركيا جاءت ردود الفعل قوية، حيث اصدرت وزارة الخارجية بيانا انتقدت فيه القرار بشدة، محذرة من “العواقب السلبية” ورافضا استعمال كلمة “إبادة شعب” من جانب واحد لا سيما وأن الاحداث كانت مرتبطة بالحرب العالمية الأولى والتي عانى من ولايتها الشعبين التركي والأرمني.
وقال البيان إن مجلس النواب اتخذ هذه التوصية لأسباب سياسية داخلية، دون اكتراث بتأثيرها على العلاقات بين أنقرة وبرن، وغير عابئ بمشاعر الأتراك المقيمين في سويسرا، كما حمَّل البيان مجلس النواب مسؤولية عواقب الموافقة على إصدار تلك التوصية.
من جانبها استدعت الخارجية التركية السفير السويسري لدى أنقرة، لإحاطته علما باستيائها من قرار مجلس النواب، وفي الوقت نفسه رحبت بموقف الحكومة من عدم الاعتراف رسميا بتوصية مجلس النواب.
في المقابل، رحب السفير الأرمني في جنيف زهراب مناتسكنيان بتوصيات مجلس النواب السويسري، واعتبرها “أحد أنواع العدالة”، كما رحبت الجمعية السويسرية- الأرمنية وجمعية الشعوب المهددة بتلك الخطوة، حيث رأت بأن سويسرا أعطت وميضا من العدالة لضحايا عملية إبادة شعب، وقدمت خطوة جريئة للكشف عن الجرائم الموجهة ضد الانسانية، حسب ما جاء في بيانها، الذي رأت فيه ان تلك الخطوة تساعد على التقارب بين الشعبين التركي والأرمني.
وكانت الكنائس السويسرية قد رحبت الاسبوع الماضي في بيان مشترك لها بتوصية مجلس النواب وطالبت بالاعتراف بأن الأرمن تعرضوا لعملية إبادة.
سويس انفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.