“بوش يصر على إيجاد حل عسكري لمشكلة تحتاج إلى حل سياسي”
يواصل الرئيس بوش إصراره على المُـضي قُـدما بإستراتيجيته الخاصة بزيادة حجم القوات الأمريكية في العراق، رغم تصاعد المطالبة الشعبية ومطالب أعضاء الكونغرس من الحزبين بإستراتيجية بديلة تنطوي على تقليص الدور الأمريكي في العراق والشروع في سحب القوات الأمريكية.
حول هذا الموضوع دار الحوار التالي بين سويس إنفو وبين السفير تشاس فريمان، المساعد السابق لوزير الدفاع الأمريكي ومدير مجلس سياسة الشرق الأوسط.
يواصل الرئيس بوش إصراره على المُـضي قُـدما بإستراتيجيته الخاصة بزيادة حجم القوات الأمريكية في العراق، رغم تصاعد المطالبة الشعبية ومطالب أعضاء الكونغرس من الحزبين بإستراتيجية بديلة تنطوي على تقليص الدور الأمريكي في العراق والشروع في سحب القوات الأمريكية.
السفير تشاس فريمان، المساعد السابق لوزير الدفاع الأمريكي ومدير مجلس سياسة الشرق الأوسط، وهي منظمة أمريكية تتناول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط من منظور المصالح الأمريكية وتشجيع الحوار حول وِجهات النظر المختلفة إزاء ما يجب أن تكون عليه تلك السياسة، عقد مؤخرا مؤتمرا صحفيا في الكونغرس بحضور عدد من زعماء الحزب الجمهوري، وصف فيه لجوء البيت الأبيض إلى أسلوب رصد مؤشرات قليلة كدليل على نجاح الإستراتيجية في العراق وتحميل حكومة المالكي مسؤولية الإخفاق في المؤشرات الأخرى بأنها محاولة تتجنّـب مواجهة الواقع.
سويس انفو التقت السفير فريمان وأجرت معه الحواري التالي:
سويس إنفو: ما هو الواقع الذي تقول إن البيت الأبيض يحاول تجنُـبه بشأن العراق؟
السفير تشاس فريمان: الواقع على أرض العراق يتلخّـص في وجود حكومة عراقية لا حول لها ولا قوة ولا سلطة لها في البلاد، ووجود قوات أمريكية تشكل قوة عسكرية ضخمة، ولكن لا سلطة لها على العراق، وما تحاول الإدارة الأمريكية عمله، هو نقل سلطة ليست بيدها، ومن غير المُـحتمل أن تمسك بها إلى الحكومة العراقية، ولذلك، فإن الجدل المحتدم حول نجاح إستراتيجية الرئيس بزيادة عدد القوات الأمريكية، ليس إلا محاولة للتمهيد لوقف الخسائر المتواصلة في القوات الأمريكية وإيجاد وسيلة للخروج من العراق، في ضوء الوضع الحرج الذي وجد الرئيس بوش نفسه فيه بين الحقائق القبيحة على أرض الواقع ورغبة الشعب الأمريكي في رؤية شيء مختلف عن تلك الدراما المفجعة.
سويس إنفو: لماذا تعتقد بأن استخدام المزيد من القوة العسكرية الأمريكية في العراق لن يجدي نفعا؟
السفير تشاس فريمان: لأن إدارة بوش تُـحاول بزيادة استخدام القوة المسلحة في العراق، إيجاد حل عسكري لمشكلة تحتاج بطبيعتها إلى حل سياسي، وبذلك، أقحمت الولايات المتحدة نفسها كطرف في سلسلة من الصراعات المسلحة التي تجري بين الأطراف المتنافسة في العراق، وعجزت باستخدام القوة المسلحة أن تدفع بتلك الأطراف إلى حل سياسي، كما أنه، باستثناء الأكراد والحكومة العراقية المتقوقعة داخل المنطقة الخضراء، فإن أطرافا عديدة من أبناء الشعب العراقي ترفض استمرار الوجود العسكري الأمريكي على التراب العراقي.
سويس إنفو: صرّحت بأن الوجود العسكري الأمريكي في العراق، الذي دخل عامه الخامس، لم يُـسفر عن المساعدة في تحقيق المصالحة الوطنية اللازمة لإقامة دولة وحكومة مشروعة، فما هو الأساس الذي استندت إليه في تقييمك؟
السفير تشاس فريمان: من المستحيل أن تتمكّـن قوة عسكرية أجنبية تحتل أراضي دولة مستقلة، أن تتولى إقامة نظام حُـكم فيها يحظى بالمشروعية، وحتى عندما حاولت الولايات المتحدة ذلك عن طريق إجراء انتخابات في ظل الاحتلال، كان تصميم عملية الانتخابات في العراق سيِّـئا للغاية، بحيث أسفر عن تقسيم العراقيين على أسس عِـرقية ومذهبية، بدلا من توحيدهم ولمّ شملهم، ولا يوجد أي جُـهد عسكري يُـمكن أن تقوم به القوات الأمريكية في العراق، يكون من شأنه تغيير الوضع المزري الذي آلت إليه الوحدة الوطنية وتعثّـرت معه جهود المصالحة الوطنية.
سويس إنفو: البيت الأبيض رفض ويرفض قبول أي مقترحات لتغيير المسار الذي يُـصر عليه الرئيس بوش في العراق، فهل يعني ذلك أنه سيواصل نفس السياسة، بغضِّ النظر عمّـا يحدُث على أرض الواقع؟
السفير تشاس فريمان: لا، فنحن نشهد الآن بدايات المواجهة الكلاسيكية بين السلطات المستقلة للحكم في الولايات المتحدة، أي بين السلطة التشريعية، ممثلة في الكونغرس، والسلطة التنفيذية ممثلة في البيت الأبيض، وأعتقد أن هذا سيكون شيئا سيِّـئا، لأنه من الأفضل دائما أن يكون هناك تعاون بين الكونغرس والبيت الأبيض، ولكن المشكلة بصراحة أن الرئيس بوش بالتّـحديد أظهر باستمرار عدم الرغبة في الاستماع إلا إلى المقرّبين إليه في المُـعسكر المحافظ، الذين يقدمون له النّـصح والمشورة، ولذلك، فإن ما نتابعه هذه الأيام، هو عملية تصعيد في المواجهة بين الكونغرس والرئيس في شكل مطالب متلاحقة ومتزايدة، حتى يبدأ الرئيس في الإصغاء إلى رغبة الرأي العام الأمريكي، الذي ضاق ذِرعا بنتائج سياساته في العراق، والبدء في تطوير خطّـة لتامين انسحاب القوات الأمريكية من العراق في أسرع وقت ممكن.
سويس إنفو: ما الذي سيكون بوسع الكونغرس عمله آنذاك؟
السفير تشاس فريمان: سيكون الكونغرس مضطرا في نهاية المطاف إلى تكرار ما فعله، عندما وقعت القوات الأمريكية في مستنقع فيتنام، باتخاذ قرار بقطع الاعتمادات ووقف تمويل العمليات العسكرية للحرب، وبالتالي، إجبار القوات الأمريكية على الانسحاب والعودة إلى الولايات المتحدة.
سويس إنفو: كيف تفسِّـر رفض الرئيس بوش التعلّـم من أخطائه في العراق؟
السفير تشاس فريمان: إدارة الرئيس بوش لها سِـماتها الخاصة، فهي إدارة لا تعترف ولا تُـقر ولا تعتقد بأنها أقدّمت على فعل أي شيء إلا الشيء الصواب، والصحيح والمناسب في كل مرحلة وفي التعامل مع كل القضايا، ولا يشكِّـل عدم اعترافها بأخطائها في العراق أي استثناء، بل هو استمرار لنمط عام يُـفترض بأنه لا يمكن أن تكون تلك الإدارة قد ارتكبّـت أي خطأ، وبالتالي، فإن الرئيس بوش لا يمكن أن يقتنع بأنه أساء التصرّف في العراق.
سويس إنفو: رغم الفوضى والخراب، الذي يشيع في أنحاء العراق، لا زال الرئيس بوش يطلق على العراق الديمقراطية الوليدة، من وجهة نظرك هل هذه أحلام يقظة أم إنكار للحقائق على أرض الواقع؟
السفير تشاس فريمان: لا هذا ولا ذاك، إنه محض هراء وفقدان للمنطق والمعقولية، فالعراق أصبحت بسبب تلك الحرب خليطا يبعث على الأسى من الفوضى والحرب الأهلية المحدودة، وسيقود ما يحدث، إلى قيام دكتاتورية طائفية، وبالتالي، ليس هناك أية سمات للديمقراطية في العراق، وأعتقد أن أسلوب التعامل الأمريكي مع الشرق الأوسط من البداية كان بعيدا تماما عن واقع العراق أو المنطقة ككل واستند إلى قدر كبير من الهلوسة، فلم يتّـخذ الرئيس بوش قرار غزو العراق، الذي يعرفه العالم، وإنما قرّر غزو عراق آخر من نسج خياله وأحلام السياسيين المحيطين به، ولذلك، يجب إدراك ذلك القدر الكبير من العيش في الخيال البعيد عن أرض الواقع، الذي هيمن على قرار غزو العراق من البداية، والمشكلة الحقيقية، هي أن الرئيس ومن حوله لم يستفيقوا حتى الآن من ذلك الحُـلم الوهمي.
أجرى الحوار في واشنطن محمد ماضي
واشنطن (رويترز) – قال قائد القوات الأمريكية في شمال العراق، إن الولايات المتحدة قد تبدأ في سحب قواتها من المنطقة الشمالية في يناير القادم، وسط تصاعد الضغوط على إدارة الرئيس جورج بوش لإنهاء الحرب.
وقال الميجر جنرال بنيامين ميكسون، إن عملية سحب القوات قد تتم خلال ما بين 12 و18 شهرا، إذا واصلت القوات العراقية إحراز تقدم في إرساء الأمن في منطقته، لكنه حذر من أي خفض للقوات في شمال العراق هذا العام.
وقال ميكسون “أعتقد أنه يمكننا في المستقبل، ومن خلال طريقة منهجية ومدروسة بعناية – وأنا أتحدث فحسب عن فرقة الشمال التابعة للقوات متعددة الجنسيات- البدء في خفض القوة في يناير 2008”.
وتضم المنطقة الخاضعة لمسؤولية ميكسون، مدنا عراقية مثل كركوك وتكريت والموصل، بالإضافة إلى محافظة ديالى المضطربة، والتي شهدت في الأسابيع الماضية عملية عسكرية كبيرة شنّـتها القوات الأمريكية ضد جماعة القاعدة المتشددة في العراق.
وقال ميكسون، الذي كان يتحدث عبر دائرة تلفزيونية من العراق للصحفيين في وزارة الدفاع الأمريكية، إن لديه نحو خمسة أو ستة ألوية تحت قيادته وإن العدد قد يتقلص للنصف خلال 18 شهرا، إذا تحسن الوضع الأمني وأصبحت القوات العراقية أكثر مهارة. ويتألف اللواء عادة ما بين 3000 و5000 جندي.
وقال ميكسون، إنه مع تولي القوات العراقية المزيد من المهام الأمنية، فسوف تركِّـز القوات الأمريكية على تقديم الإمداد والتموين والقوة الجوية والمساعدة الطبية.
ويتعرّض بوش لضغوط من مشرّعين في حزبه الجمهوري وديمقراطيين ومن الرأي العام الأمريكي، لسحب القوات من العراق.
ويقول إنه يريد البدء في سحب القوات، عندما تسمح الظروف الأمنية، وعندما ينصح قادته العسكريين في العراق بذلك، لكنه يرفض إعطاء مواعيد محددة.
وعلى الرغم من تهديد بوش باستخدام الفيتو، وافق مجلس النواب الأمريكي، الذي يهيمن عليه الديمقراطيون بأغلبية 223 مقابل 201 يوم الخميس، على تشريع بسحب القوات القتالية من العراق بحلول شهر أبريل 2008.
وحثّ بوش الكونغرس على الانتظار، لحين موعد صدور تقرير عن التقدم المحرز في العراق، والمقرر في سبتمبر، وذلك قبل النظر في أي تغيير في المسار.
وقال ميكسون، إن أي خفض للقوات في منطقته، لا يجب أن يستند ببساطة على شعور بأن الوقت قد حان للخروج، وأضاف “يجب أن يكون مدروسا بعناية، ولا يمكن أن يكون إستراتيجية تستند على (حسنا.. نحتاج إلى الرحيل)، فهذه ليست إستراتيجية، إنها انسحاب”، وواصل “يبدو لي أن علينا أن نقرر أولا شكل النهاية التي نريدها في العراق وكيف تكون هذه النهاية مهمّـة للولايات المتحدة الأمريكية ولهذه المنطقة وللعالم، ثم نحدد كيف يمكن الوصول إلى تلك النهاية والوقت الذي تستغرقه”، وتابع “يبدو أن هذا الأمر، بالنسبة لي، هو الأكثر أهمية، لأنه ستكون هناك عواقب لأي انسحاب سريع من العراق”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 13 يوليو 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.