الـرق بين مـآسـي الماضي وهـواجس الـيـوم
مساهمة منها في إحياء السنة الدولية لمحاربة الرق، استضافت اللجنة السويسرية لليونسكو معرضا متنقلا حول تاريخ الرق والعبودية ومراحل التخلص منها.
ويهدف المعرض المقام في قصر الأمم بجنيف إلى موفى أكتوبر، إلى التذكير بمآسي الحقبة القاتمة لتجارة الرق، والتحذير من مخاطر الأوجه الجديدة لأساليب الاستعباد الاستغلال.
يتزامن إعلان الأمم المتحدة عام 2004 سنة دولية لإحياء ذكرى مكافحة الرق وإلغائه، مع مرور قرنيين على قيام أول جمهورية للسود بعد ثورة الزنوج في عام 1804 في سان دومينغ أي جمهورية هايتي الحالية.
وإسهاما من سويسرا في إحياء هذه السنة، استضافت اللجنة السويسرية لليونسكو، المعرض المتنقل الذي يحمل عنوان: “حتى لا ننسى الانتصار على الرق والعبودية”. وهو المعرض الذي حل بقصر الأمم المتحدة في جنيف قادما من جزيرة جوري Gorée بالسنغال التي كانت تعتبر منطلقا رئيسيا للسفن التي أقلت ملايين العبيد باتجاه باقي القارات.
ضرورة كسر الصمت
لقد عرفت الإنسانية أحلك مراحل العبودية والرق في الفترة التي امتدت ما بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، التي تخللتها ثورات دامية ومتعددة قام بها ضحايا الإستعباد لتخليص أنفسهم منه.
وإذا كانت أولى الندوات الدولية قد عقدت في برلين في عام 1885 للحث على وضع حد لممارسة الرق، وتلتها أخرى في عام 1890 في بروكسل لتحديد ممارسة الرق على المستعمرين الأوربيين، فإن أول معاهدة دولية تحث على قمع ممارسة الرق لم تتبناها عصبة الأمم إلا في 25 سبتمبر من عام 1926.
أما السيدة فرانشيسكا جيمنيتي، رئيسة اللجنة السويسرية لليونسكو، فقد حرصت على التذكير في ندوة صحفية عقدتها صبيحة الثلاثاء 5 أكتوبر في قصر الأمم بجنيف، بأن “الرق والعبودية ليسا من صور الماضي فحسب، بل واقعا يعيشه اليوم ملايين الأشخاص من نساء وأطفال من خلال القيام بأعمال قسرية”.
وتقدر منظمة العمل الدولية ومنظمة اليونسكو عدد البالغين الخاضعين لهذه الممارسات اليوم في العالم بحوالي 20 مليون شخص، يضاف لهم حوالي 250 مليون طفل.
تذكير بالماضي وتحذير للمستقبل
تنظيم هذا المعرض المتنقل الذي سيتوجه بعد جنيف الى مقر البرلمان السويدي في ستوكهولم، يهدف من خلال لوحاته الاثنين والثلاثين الى “تزكية أرواح ما بين 15 و 18 مليون من ضحايا تجارة الرق الذين سقطوا أثناء نقلهم الى الأمريكيتين”، حسب تعبير إينجيبورغ براينس، ممثلة اليونيسكو في جنيف.
من جهتها، عبرت مادلين فيفياني، الأمينة العامة للجنة السويسرية لليونسكو في حديث لسويس إنفو عن الأمل في أن “يسهم المعرض المقام في قصر الأمم، في توعية طلاب المدارس وزائري قصر الأمم، بمآسي هذه الحقبة من التاريخ الانساني”.
فقد شملت اللوحات المختلفة صورا لوثائق تاريخية تعكس تشريع عملية الرق وممارسته وأخرى تنص على إلغائه. كما احتوى على العديد من الصور اليدوية والفوتوغرافية التي تعكس عمليات إلقاء القبض على العبيد ونقلهم وترحيلهم، وظروف تشغيلهم في مزارع قصب السكر وغيرها.
وفيما تطرقت بعض اللوحات الى الحياة الاجتماعية والروحية لهؤلاء العبيد، ولثوراتهم المتعاقبة وكفاحهم من أجل التحرر والإنعتاق، تم تخصيص مكانة بارزة لنخبة من الزعماء الذين كانوا روادا في مجال تحرير العبيد ومحاربة الرق.
عمر ابن سعيد، عبدٌ عربي
ومن بين ما يستوقف الزائر صورة مخطوط عربي وبجانبه صورة رجل ملون، وهي الصورة التي تلخص قصة عمر ابن سعيد الذي تم اختطافه في غرب افريقيا في عام 1807 ونقل الى كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية.
ونظرا لإلمامه باللغة العربية ألف عمر ابن سعيد كتابا (لم يعثر عليه إلا في عام 1995) يروي فيه مراحل بيعه من مالك لآخر وتعرضه للمضايقات بسبب كتاباته على الجدران باللغة العربية، كما اشتمل المخطوط على نصوص قرآنية.
وإذا كان في صور الماضي ومآسيه دروس عديدة يمكن استخلاصها، فإن إحياء السنة الدولية لذكرى مكافحة الرق وإلغائه كان فرصة اغتنمها الياباني كويشيرو ماتسورا، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) للحث على ضرورة مشاركة الجميع في إحياء هذه السنة، “ليس فقط لتعميق الوعي بمآسي الماضي بل للتوعية بمخاطر الحاضر والمستقبل”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.