المنتدى الإقتصادي العالمي يُـنـاقـش ضرورة “إعادة ترتيب القيادة العالمية”
في دورته لهذا العام، يتركز الإهتمام في المنتدى الإقتصادي العالمي على البحث عن سبل ردم الهوة القائمة بين قادة العالم وشرائح مختلفة من مجتمعاتهم.
يعقد المنتدى دورته لعام 2012، على خلفية أزمة الديون السيادية الأوروبية، وتواصل الإضطرابات الاجتماعية في العديد من مناطق العالم، والأخطار المترتبة عن الإفراط في سرعة انتعاش الاقتصادات الناشئة.
فقد قال مؤسس منتدى دافوس الاقتصادي العالمي كلاوس شفاب، أمام وسائل الاعلام يوم الأربعاء 18 يناير، بأن إقامة نظم للتسيير والأعمال يُعد أمرا ملحا من أجل تحقيق إصلاح جذري.
وقال كلاواس شفاب: “إن الرأسمالية بشكلها الحالي لم تعد مناسبة للعالم الذي يحيط بنا”. وأضاف “لقد فشلنا في استخلاص الدروس من الأزمة المالية لعام 2009. لأن هناك ضرورة ملحة لإصلاحات شاملة، ويجب أن يبدأ ذلك بإعادة الشعور بالمسؤولية الإجتماعية على المستوى العالمي”.
وأضاف قائلا: “إننا نبحث بشكل يائس، في مختلف أنحاء العالم عمن بإمكانه تقديم الحلول. إننا نواجه خطر فقدان ثقة الأجيال القادمة”.
إنذارات جديدة
ومثلما جرت العادة، سيتداول على منصة منتدى دافوس الإقتصادي العالمي الذي يلتئم ما بين 25 و 29 يناير الجاري ممثلون كبار من قطاع المال والأعمال، والسياسة، والدين، والمجتمع المدني، والمعاهد الأكاديمية والعلوم وذلك تحت شعار “البحث عن نماذج جديدة لتحول كبير”.
ومن المنتظر أن يهتم المشاركون بمناقشة بعض المشاكل والقضايا مثل كيفية إنقاذ اليورو، وتخفيض مديونية الدول دون المساس بالنمو المستقبلي، وتوفير فرص العمل للسكان رغم نمو ديموغرافي مستمر، وكيفية التحكم في نمو لامتناه لاقتصاديات بلدان صاعدة مثل الصين.
هذه المشاكل تعد قضايا معروفة بالنسبة لقادة العالم. فقد أحدثت وكالات التصنيف العالمية في بداية هذا الشهر ضجة بتخفيض تصنيف عدد من الدول الأوروبية التي تصارع ضد ارتفاع الديون وانخفاض معدل النمو.
من ناحيته، وجّـه البنك الدولي يوم الأربعاء 18 يناير تحذيرا لاقتصاديات البلدان النامية، دعا فيه للإستعداد لمواجهة تراجع في نموها إذا ما ازدادت أزمة المديونية الأوروبية تعقيدا.
وفي هذا السياق، قال رئيس الخبراء الإقتصاديين في البنك الدولي جوستين ييفو لين: “إن الإقتصاد العالمي دخل في مرحلة جديدة من عدم اليقين والإضطراب. وإن مخاطر جمود لأسواق المال في العالم وظهور أزمة عالمية شبيهة بما حدث في عام 2008 هو أمر وارد”.
وانتهى الخبير إلى أن “الدول النامية تحتاج إلى إعادة تقييم لنقاط الضعف لديها وأن تُـعـدّ نفسها لصدمات قادمة لأن الوقت مازال متوفرا أمامها”.
الإضطرابات المدنية
في سياق متصل، ما زالت “ثورات الربيع العربي” التي انطلقت في موفى 2010 في شمال إفريقيا، متواصلة في سوريا واليمن، في الوقت الذي تشهد فيه أجزاء كثيرة من أوروبا اضطرابات اجتماعية وغليانا تحت السطح خصوصا في البلدان التي تعرف نسبة بطالة مرتفعة.
وفي السنة الجارية، يُضاف إلى عدم اليقين هذا، عدد من الإستحقاقات الإنتخابية الرئاسية في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا. فالعالم يواجه إذن مزيدا من الأزمات المحتملة، حسب تقييم المنتدى الإقتصادي العالمي في تقريره السنوي الخاص بالأخطار. وهي تمتد من هاجس شتاء الإنفجارات البركانية، إلى هجمات القرصنة السيبرانية التي بإمكانها شل نشاطات منظمات بل حتى حكومات بحالها.
وبالرغم من أن هذه المشاكل معروفة من قبل الجميع، إلا أن كلاوس شفاب يعتقد بأن القيادات الحالية ليست قادرة على القيام بمهامها المتمثلة في قيادة العالم للخروج من ورطته الحالية. وقال شفاب في الندوة الصحفية التي نظمها في مقر مؤسسته بمدينة جنيف يوم الأربعاء 18 يناير: “إن الكثير من الناس فقدوا الثقة في قياداتهم، وينظرون للحياة المستقبلية بنوع من التعقيدات. والسؤال المطروح هو: ما الذي يمكن أن نقوم به وما علينا القيام به”.
وحسب كلاوس شفاب “يجب على نظام القيادة الجديدة أن يُجسّد تقاسم السلطة، وأن يشجع على مزيد من التسامح الديني، وأن يخلق مواطن شغل مستدامة، وأن يقضي على الفوارق في الدخل”.
محاصرة المتظاهرين
وسواء كان قادة العالم من الذين يشاطرون هذا التحليل أم لا، فإن عددا منهم سيشارك في المنتدى الذي يلتئم في منتجع دافوس شرق سويسرا في محاولة للتوصل الى أرضية مشتركة لحل المشاكل القائمة.
فقد وافقت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على ترؤس أشغال الدورة 42 للمنتدى السنوي. وستنضم إليها شخصيات دولية مثل رئيس الخزينة الأمريكية تيم غايتنر، والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي و 40 رئيس دولة، و 18 مدير بنك مركزي، وستة وزراء من الحكومة الفدرالية السويسرية. وسيشاركهم في هذا الإجتماع أكثر من 1600 من أقطاب الإقتصاد الذين دفعوا رسوما باهظة للمشاركة جنبا إلى جنب مع أصحاب القرار في تسطير السياسة العالمية داخل هذا الملتقى.
في المقابل، سينتظر المتظاهرين خارج الأسوار المقدسة عندما تصل “حركة الإحتلال” الى منطقة دافوس حيث قام المتظاهرون المناهضون للرأسمالية ببناء مكان تجمعهم الذي ينطلقون منه هذا العام وهو عبارة عن مخيم من الكهوف الثلجية.
وكانت السلطات قد حظرت على المتظاهرين القيام بمسيرات عبر شوارع قرية دافوس، وعليهم الإكتفاء بالتظاهر في المنطقة المحيطة بمركز مجلس المدينة.
بدأ المنتدى الإقتصادي العالمي أشغاله في عام 1971 تحت تسمية “منتدى التسيير الاقتصادي الأوروبي”.
أسسه كلاوس شفاب، رجل الأعمال الألماني الأصل، بهدف ربط الصلة بين زعماء المال والأعمال الأوروبيين ونظرائهم في الولايات المتحدة لإيجاد طرق تعزيز التعاون وحل المشاكل.
المنتدى منظمة غير ربحية، يوجد مقرها في جنيف، وتمول نفسها بالإشتراكات التي يدفعها أعضاؤها.
تحول الملتقى الى المنتدى الإقتصادي العالمي في عام 1987 عندما اتسعت نشاطاته لتشمل إمكانية البحث عن حل لصراعات دولية. ويدعي المنتدى الإقتصادي العالمي أنه ساهم في تهدئة الخلافات بين تركيا واليونان، وبين الكوريتين، وبين ألمانيا الشرقية والغربية، وفي جنوب افريقيا اثناء نظام التمييز العنصري.
ويقدم المنتدى تقارير مفصلة إما شاملة أو خاصة ببعض الدول، كما تقدم تقارير حول مواضيع محددة لأعضائه. كما يشرف على عدد من الإجتماعات الإقليمية أهمها اجتماع دافوس في الأسبوع الأخير من شهر يناير بداية السنة.
على مدى تاريخه، اجتذب المنتدى الإقتصادي العالمي أسماء لامعة من عالم الأعمال، والأكاديميين، والسياسة، والفن. من بينهم نلسن مانديلا وبيل كلينتون وياسر عرفات وتوني بلير وبونو وأنجيلا ميركل وبيل غيت وشارون ستون وغيرهم كثير.
عندما عرف المنتدى توسعا وشهرة أكثر في التسعينات، تعرّض للكثير من الإنتقادات من قبل المعارضين للعولمة الذين انتقدوا تركيزه على النخب وحصر الإهتمام بقضايا ومشاغل المشاركين فيه فقط.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: محمد شريف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.