عودة الجدل حول إبادة الأرمن بين برن وأنقرة
استقبلت وزارة الخارجية السويسرية يوم الخميس السفير التركي لدى برن للتباحث حول التحقيقات الجارية في سويسرا ضد سياسي ومؤرخ تركيين شككا في وقوع إبادة الأرمن.
واعربت الوزارة عن قناعتها بأن إيضاحاتها حول لقانون الجنائي السويسري ستسمح بعودة أجواء عمل “أكثر هدوء” بين برن وأنقرة التي طالبت بوقف فوري للتحقيقات.
“لا يجب أن ترضح سويسرا لضغوط تركيا”. هذا هو رأي النائب الاشتراكي السويسري إيروين يوتسيت الذي أعرب عن اعتقاده أنه يتعين على أنقرة الكف عن رد الفعل بحساسية كلما أثيرت قضية التحقيقات السويسرية ضد شخصيتين تركيتين شككتا في وقوع إبادة ضد الشعب الأرمني.
وفي حديث نشرته صحيفة تاغس أنتسايغر الصادرة في زيورخ يوم الأربعاء 27 يوليو الجاري، أوضح البرلماني المنحذر من دويلة فريبورغ “أن الأجدر بتركيا أن تعترف أخيرا بالمذبحة الأرمينية”. وأضاف النائب يوتسيت -الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب السويسري- أن على تركيا المبادرة بدل “الإعراب دائما عن شعورها بالتكدر وممارسة الابتزاز”.
في المقابل، أعرب النائب البرلماني عن اعتقاده أنه يجب على برن أيضا أن تتقبل صعوبة علاقاتها مع أنقرة. كما نوه إلى ضرورة شرح سويسرا لشركاءها الأجانب أن الفصل بين السلط أمر “مقدس” في الكنفدرالية.
تحقيقات في التشكيك بوقوع الإبادة
وتدهورت العلاقات التركية السويسرية منذ الاستماع يوم السبت 23 يوليو الجاري لأقوال رئيس حزب العمال التركي دوغو بيرينتشيك في مدينة فينترتور السويسرية في إطار التحقيقين المفتوحين ضده بسبب تشكيكه في وقوع إبادة ضد الارمن.
كما احتجت أنقرة أيضا على التحقيق المفتوح ضد المؤرخ التركي يوسف هالاكونغلو في كانتون فو بسبب التصريحات التي أدلى بها بخصوص إبادة الأرمن في عام 1915.
وقد استقبلت وزارة الخارجية السويسرية يوم الخميس 28 يوليو السفير التركي لدى برن لتوضيح المواقف بهذا الشأن، وأعربت سلطات الكنفدرالية مجددا عن اندهاشها من إحتجاجات أنقرة، مشددة على قابلية تطبيق القانون السويسري على القضيتين.
وأجرى رئيس الدائرة السياسية الأولى في وزارة الخارجية السويسرية جون كاك دو دارديل محادثات مع السفير التركي أليف كيليش، ذكره خلالها بأن مادة 261 مكرر من القانون الجنائي السويسري تنص على أن أي شخص يدلي بتصريحات تميل إلى نفي أو التقليل من شأن أو تبرير إبادة أو جرائم أخرى ضد الانسانية يستحق العقاب، حسب ما ورد في بيان صدر بعد ظهر الخميس عن الوزارة.
وكانت وزارة الخارجية التركية قد استدعت يوم الأربعاء السفير السويسري لدى أنقرة فالتر جيجر لإحاطته علما باحتجاج السلطات التركية والرأي العام التركي على حد سواء بقوة على التحقيقين ضد السياسي بيرينتشيك والمؤرخ هلالاكونغلو.
وقد أبلغ كاتب الدولة في وزارة الخارجية التركية نابي سانسو السفير السويسري في هذا اللقاء بأن التحقيقين يتعارضان مع مبادئ القانون الدولي من وجهة نظر انقرة.
تحذير تركي
وتعتقد السلطات التركية بأن العدالة السويسرية ليست مُخولة للحكم في المسألة الأرمينية، بما أنه لم يسبق لأي محكمة دولية إصدار قرار بهذا الشأن. لذلك، تطالب بوقف القضاء السويسري على الفور للتحقيقين.
وتعتبر انقرة أي تصرف آخر في هذا الصدد بمثابة عرقلة لحرية التعبير. كما تحذر من أن الاستمرار في معاملة المواطنين الأتراك بهذا الأسلوب سيتسبب “لا محالة في إلحاق أضرار بالغة بالعلاقات الثنائية بين البلدين”.
وكان وزير الخارجية التركي عبد الله غول قد انتقد يوم السبت الماضي استجواب دوغو بيرنتشيك من قبل قاضي تحقيق في محكمة دويلة فينترتور واصفا ذلك بعمل “غير مقبول و”مخالف تماما لمبادئ حرية التعبير”.
من جهتها، قدمت برن تقريرا مخالفا تماما للأحداث، إذ أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية السويسرية كارين كاري “أنه لم يتم استدعاء السفير السويسري فالتر جيجر الى وزارة الخارجية في أنقرة، بل هو الذي طلب مقابلة نابي سينسوي لتبادل وجهات النظر بين الطرفين”.
أما السفير التركي لدى سويسرا، فقد طلب من جهته مقابلة السلطات التركية مثلما أوضحت السيدة كاري. وهو اللقاء الذي تم يوم الخميس في برن مع جون جاك دو دارديل، رئيس الدائرة السياسية الأولى بوزارة الخارجية السويسرية.
“ما يسمى بالإبادة”
وكانت النيابة العامة في قضاء فينترتور قد فتحت يوم السبت تحقيقا ضد رئيس حزب العمال التركي ذي التوجه القومي اليساري، بسبب التصريحات المشككة في وقوع إبادة ضد الأرمن، والتي ادلى بها أمام الصحافة يوم الجمعة في مدينة جلاتبورغ بكانتون زيورخ.
وكان دوغو بيرينتشيك قد وصل الى سويسرا يوم الجمعة للاحتفال بذكرى إبرام معاهدة لوزان التي كانت أساس قيام الدولة التركية عام 1923. وقد كرر بهذه المناسبة تصريحات ذكر فيها عبارة “ما يسمى بإبادة الأرمن”. وكان السياسي عرضة لتحقيق قضائي من قبل في دويلة فو، بسبب تصريحات مماثلة تنتهك قوانين محاربة العنصرية.
وفُتح تحقيق قضائي ضد المؤرخ التركي يوسف هالاكوغلو أيضا من قبل النيابة العامة في فينترتور بسبب انتهاك قوانين محاربة العنصرية. ويتهم المؤرخ هالاكوغلو بالتشكيك في وقوع إبادة الأرمن أثناء إلقائه خطابا في شهر مايو من عام 2004.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.