تحديات وتطلعات المستقبل
تعهدت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – راي بمضاعفة الجهود من أجل انضمام الكنفدرالية إلى الاتحاد الأوروبي وبالتمسك بخيار "الدبلوماسية العلنية".
جاء ذلك بمناسبة مرور 100 يوم على توليها رئاسة الدبلوماسية السويسرية.
انتهزت وزيرةُ الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – راي مناسبة انعقاد المؤتمر الصحفي لتوجيه نداء يدعو إلى التحرك بجدية من أجل انضمام الكنفدرالية إلى الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت الوزيرةُ أن مشروعَ توسيع الاتحاد- الذي سيضم اعتبارا من مايو 2004 عشرة بلدان جُدد من أوروبا الشرقية- سيزيد الوضع تعقيدا بالنسبة لسويسرا ويضع المزيد من العقبات أمام مساعي الكنفدرالية للدفاع عن مصالحها.
وتقول السيدة كالمي – راي في هذا السياق: “إن مجال المناورة يضيق أمامنا يوما بعد يوم”، مضيفة أنه لا يتعين على سويسرا الاكتفاء بـ”دور المُتفرج”، وأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيصبح يوما ما واقعا لا يمكن تفاديه.
وشددت وزيرةُ الخارجية السويسرية على ضرورة شروع الحكومة في مُناقشة هذا الملف بعد الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في أكتوبر القادم، واتخاذ قرار واضح بشأن إطلاق مفاوضات الانضمام أم لا خلال السنوات الأربع التي سيتولى خلالها البرلمان الجديد مهامه.
مسلسل الانتقادات
وجاءت تصريحات وزيرة الخارجية حول ضرورة اندماج سويسرا في المنظومة الأوروبية بمثابة رد على الانتقادات المُباشرة التي وجهها لها مؤخرا رئيس الكنفدرالية باسكال كوشبان. وكان السيد كوشبان، الذي يترأس أيضا وزارة الداخلية، قد ألمح أثناء انعقاد المؤتمر الأوروبي الأخير في أثينا في أبريل الجاري أن السيدة كالمي – راي تهمل بعض الشيء ملف الانضمام إلى أوروبا لصالح ملفات أخرى.
ومنذ توليها حقيبة الخارجية قبل ثلاثة أشهر، لم تسلم الوزيرة الجديدة من انتقادات زعماء التيار اليميني وجانب هام من الصحافة الوطنية بسبب مواقف يعتبرونها مندفعة أو تصريحات في غير محلها. وقد بدأ مسلسل الانتقادات عندما وضعت السيدة كالمي – راي شروطا مُسبقة للمشاركة في الدورة الـ33 لمنتدى دافوس الاقتصادي التي انعقدت من 23 إلى 28 يناير الماضي. وأصرت وقتها الوزيرة الجديدة على عدم حضور المنتدى إلا إذا اقترن ذلك بلقاءها مع وزير الخارجية الأمريكي كولين باول لإبلاغه بموقف سويسرا الرافض لشن حرب ضد العراق. هذا الإصرار كلف السيدة كالمي – راي انتقادات لاذعة ملأت أعمدة افتتاحيات كثير من الصحف السويسرية.
وتوالى سيل الانتقادات عندما تجرأت الوزيرة على الدعوة إلى عقد مؤتمر إنساني حول العراق قُبيل اندلاع الحرب دون استشارة زملاءها في الحكومة في فبراير الماضي. ولم يتردد حينها حزبُ الشعب اليميني في اتهام السيدة كالمي – راي بإعطاء الأولوية “للترويج لشخصها بدل تحقيق نتائج ملموسة”.
وعقب إعلانها في موفى شهر مارس الماضي عن مشروع نشر قائمة الضحايا المدنيين في حرب العراق الأخيرة على موقع وزارة الخارجية السويسرية على شبكة الإنترنت، اتهمها الحزب الراديكالي بالتحرك بـ”خلفية انتخابية” لكسب الدعم الشعبي للحزب الاشتراكي الذي تنتمي إليه و”استغلال مآسي الحرب لأغراض الدعاية السياسية”. لكن الوزيرة اضطرت لإلغاء المشروع في بداية الشهر الجاري بسبب صعوبة إيجاد مصادر معلومات موثوقة.
التمسك بـ”الدبلوماسية العلنية”
ورغم قسوة الانتقادات التي تتلقاها من حين لآخر، تبدو وزيرة الخارجية السويسرية واثقة من الأسلوب الدبلوماسي الذي انتهجته منذ البداية. فهي من جهة لا ترفض الانتقادات بل تؤكد أنها تتفهما.
من جهة ثانية، تعتبر السيدة كالمي – راي النقاش العلني الذي يحيط بنشاطاتها السياسية أمرا إيجابيا حيث تقول: “هذا يُظهر لي أن السويسريين يهتمون (بشؤون الدبلوماسية السويسرية) ومن حق الشعب أن يعرف مواقف بلاده من الملفات المطروحة على الساحة الدولية”.
وتعتقد الوزيرة أن “الدبلوماسية العلنية” تبقى منهجا ضروريا لأنها تسمح بمُمارسة المزيد من الضغط على الشركاء خلال أي نوع من المُفاوضات. ولئن كانت أساليب السيدة كالمي – راي لا تحظى بإعجاب بعض وسائل الإعلام أو بعض السياسيين، فهي حازت في المقابل على رضى حيز هام من الرأي العام الوطني.
وعن “الدبلوماسية العلنية” التي ميزت أداء السيدة كالمي- راي منذ توليها حقيبة الخارجية، يعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة برن هانس هيرتر عن اعتقاده أن الوزيرة الجديدة يبدو وكأنها تتعلم من “الأخطاء” التي ارتكبتها منذ توليها المنصب قبل ثلاثة أشهر.
ويضيف المحلل السياسي أن وزيرة الخارجية بدأت تدرك أنها لا يمكن أن تعزل نفسها عن باقي أعضاء الحكومة المتكونة من سبعة مستشارين فدراليين، وأن تصريحاتها الخاصة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تعكس تصورات معظم أعضاء الحكومة.
لكن تمسك وزيرة الخارجية الجديدة بـ”الدبلوماسية العلنية” لا يعني عدم لجوءها إلى أساليب أخرى حسب ما تقتضيه الظروف وطبيعة الملفات المطروحة حيث تقول: “يمكن أن نجعل من السياسة الخارجية نشاطا علنيا مع مواصلة انتهاج دبلوماسية كتومة. الواحدة لا تنفي الأخرى”.
وتضيف الوزيرة “لقد اخترت طريق الشفافية والنقاش العلني علما أن الكتمان هو بالتأكيد منبع التمتع بقدر أكبر من السكينة…إنه الثمن الذي يجب دفعه لتحويل السياسية الخارجية إلى رهان للسياسة الداخلية”.
سويس انفو
وُلدت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي-راي يوم 8 يوليو عام 1945 في مدينة سيون بكانتون فالي
هي متزوجة من اندري كالمي ولها ابنان وثلاثة أحفاد
حصلت على اجازة في العلوم السياسية عام 1968
ترأست الحزب الاشتراكي في جنيف من 1986 الى 1990 ومن 1997 الى 1999
تولت منصب وزيرة المالية في كانتون جنيف من 1997 الى 2002
انتختب وزيرة الخارجية في الحكومة الفدرالية السويسرية يوم 4 دسمبر عام 2002
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.