تحركاتٌ سويسرية لنزع ألغام العراق
بعثت "المؤسسةُ السويسرية لنزع الألغام" مؤخرا خمس فرق إلى العراق بهدف تنظيف الطرق والمدن من الذخيرة والألغام التي لم تنفجر بعد.
ويأتي هذا التحرك استجابة لطلب الأمم المتحدة وخاصة برنامج الغذاء العالمي الذي يعتزم فتح معبرين إنسانيين جديدين في العراق في أسرع وقت ممكن.
تواجهُ عملياتُ توزيع المُساعدات الغذائية على الشعب العراقي مُعضلة الألغام والذخائر التي لم تنفجر خلال الحرب الأخيرة وربما الحروب السابقة في العراق، مما يحول دون وصول الإمدادات الإنسانية الملحة إلى المتضررين.
ولتجاوز هذه العراقيل، طلب برنامجُ الغذاء العالمي الأممي من “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام”- التي كانت تحمل سابقا اسم “الفدرالية السويسرية لنزع الألغام”- إرسال خبراء للعراق لتنظيف الطرق والمُدن من الألغام والذخيرة التي لم تنفجر بعد، بهدف تأمين وصول الإمدادات الغذائية إلى الشعب العراقي.
وقد سارعت المؤسسة السويسرية غير الحكومية إلى إرسال فريق أول إلى منطقة الشرق الأوسط من أجل توظيف وتدريب حوالي 80 من عمال إزالة الألغام المحليين في العراق وثلاث دول حدودية هي الكويت وإيران والأردن.
الاعتماد على الأيدي في انتظار المعدات الثقيلة
وقام فريق الخبراء بدراسات ميدانية في العراق للتعرّف على نوعية الذخائر والألغام التي لم تتفجر أثناء الغارات الأمريكية والبريطانية الكثيفة وتخلي الجنود العراقيين عن المعدات الحربية والمنشآت العسكرية خلال الحرب الأخيرة التي أدت إلى سقوط نظام صدام حسين.
ويتوقع خبراء “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” العثور على ألغام تعود للحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات ولحرب الخليج الثانية عام 91 بالإضافة إلى الذخيرة التي استعملت في الحرب الأخيرة.
وقد قررت المؤسسة اقتناء مُعدات ثقيلة لتنفيذ مهمتها في العراق. ومن ضمن هذه التجهيزات عربات مضادة للألغام مصنوعة خصيصا لاستيعاب صدمة الانفجارات. وفي حديث لـ”سويس انفو”، صرح رئيس “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” Hansjörg Eberle أنه قد تمر أسابيع عديدة إن لم تكن أشهر قبل وصول هذه العربات إلى العراق.
وأوضح السيد ابرل أنه في انتظار وصول المعدات الثقيلة، لن يُعول خبراء المؤسسة إلا على أيديهم لنزع المناطق الملغومة في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن إزالة كل قنبلة عنقودية على حدة هو عمل شاق وخطير للغاية.
وحسب السيد ابرل، فإن “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” هي المنظمة الوحيدة المتخصصة في إزالة الألغام المتواجدة حاليا في العراق. وأعرب رئيس المؤسسة عن أمله في أن يتغير الوضع في أسرع أجل بوصول منظمات أخرى تمد يد المساعدة. ولفت المسؤول الانتباه إلى أن عددا من المساجد والمدارس العراقية مليئة بالذخيرة التي لم تنفجر وبالأسحلة المطمورة التي تجتذب الصغار حولها.
ضغط المنظمات غير الحكومية
وتخشى المنظمة السويسرية من الوقوع تحت ضغط المنظمات غير الحكومية- من بينها عدد من المنظمات الأممية- التي تعتقد أنه يمكن إنهاء عمليات إزالة الألغام بوتيرة أسرع، والتي تنتظر بفارغ الصبر التمكن من تقديم المساعدات الإنسانية للشعب العراقي.
وتعبر حاليا قافلات المساعدات الإنسانية الأممية كلا من إيران والأردن باتجاه العراق. وقد أعلن برنامج الغذاء العالمي الأسبوع الماضي اعتزامه فتح معبرين إنسانيين جديدين في العراق. وستتكفل “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” بإخلاء هذين المعبرين من الألغام والذخيرة.
ويقود فرق المؤسسة السويسرية خبراء مدنيون من جنسيات مختلفة لهم خلفية عسكرية. وغالبا ما يكون هؤلاء الخبراء قد عملوا سابقا في عدد من النقط الساخنة في العالم، من أفغانستان إلى أنغولا مرورا بسريلانكا والسودان. ويعتمد تمويل المؤسسة على تبرعات خاصة ومساعدات السلطات السويسرية والمنظمات الدولية وحكومات عدد من الدول على رأسها الولايات المتحدة وألمانيا.
أهو واجب إنساني أم عسكري؟
وفي حالات التدخل السريع مثل الوضع الإنساني في العراق، تتلقى “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” أيضا مساعدات من قبل المنظمة التي تكلفها بتنفيذ مهمة ما. ورغم ذلك، تفتقر المؤسسة إلى الأموال الكافية خاصة بعد أن قلصت الحكومة السويسرية حجم المساهمات المالية التي كانت تقدمها للمؤسسة.
ويقول رئيس المؤسسة السيد هانسيورغ ابرل في هذا السياق: “مع الأسف، نرى مواردنا المالية تتراجع سنة بعد سنة، ويبدو أنه لا يمكننا الاستفادة من أموال دائرة التعاون والتنمية السويسرية (لتنفيذ مهمتنا في العراق). لا أفهم هذا القرار خاصة أنه من مصلحة سويسرا السياسية أن تظهر أنها تبذل جهودا جادة في مجال نزع الألغام”.
وعن هذا العتاب، يرد المسؤول عن الشؤون الإنسانية في دائرة التعاون والتنمية السويسرية التابعة لوزارة الخارجية ماركو فراري بالقول إن الحكومة السويسرية تود رفع حجم مساعداتها للمؤسسة السويسرية لنزع الألغام لكن ضغوط ميزانيتها الخاصة تحد من حريتها في التصرف.
وحتى إن وُضعت مشاكل الميزانية جانبا، فإن السيد فراري يعتقد أن نزع الألغام لا يجب أن يُعتبر نشاطا إنسانيا محضا، حيث يقول: “نود تركيز جهودنا على سبل مساعدة الضحايا والوقاية. في حال تواجد قوة مُحتلة على الميدان، فليس معقولا أن تُسند مهمة نزع الألغام لمنظمات إنسانية بينما يمكن للجيش أن يقوم بذلك.”
لكن هذا التبرير لا يقنع رئيس المؤسسة السويسرية لنزع الألغام هانسيورغ ابرل الذي يقول: “تجربتي الخاصة أظهرت لي أن الجنود ينزعون الألغام في الطرق أو الميادين التي يريدون عبورها على متن دباباتهم وشاحناتهم، لكن نزع الألغام لأغراض إنسانية يُنفذ من قبل منظمات مثل المؤسسة السويسرية لنزع الألغام أو شركات خاصة”.
سويس انفو
كانت “المؤسسة السويسرية لنزع الألغام” تحمل سابقا اسم “الفدرالية السويسرية لنزع الألغام” وتأسست عام 1997
في بداية عام 2003 حولت المؤسسة مقرها من فريبروغ إلى جنيف
تتمثل أولية خبراء المؤسسة في العراق في تدريب حوالي 80 من عمال نزع الألغام المحليين في العراق وثلاث دول مجاورة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.