مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تخفيفٌ مؤقت للحصار الإسرائيلي على غزة

Keystone

وافق وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك مساء الإثنين 21 يناير الجاري على تخفيف الحصار على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، بحيث أذن بدخول الإمدادات الطبية والوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الرئيسية في القطاع يوم الثلاثاء.

وتوقفت المحطة التي يمول الاتحاد الأوروبي إمدادات الوقود الخاصة بها عن العمل مساء الأحد بعد أن أغلقت إسرائيل المعابر الحدودية إلى غزة يوم الجمعة. في الأثناء، توالت ردود فعل المنظمات الإنسانية والحقوقية والدولية وعواصم عربية ودولية لإغاثة سكان غزة.

أوضحت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الدفاع إيهود باراك اتخذ هذا القرار مساء الإثنين بعد إعادة بحث الوضع، مما سيسمح بإعادة تشغيل المحطة الكهربائية الوحيدة في غزة التي تزود القطاع بـ30% من حاجياته.

“فـلـْيـمْش سكان غزة على الأقدام”

وبعد ليلة الظلام الحالك الذي غطست فيه غزة بسبب توقف محطة الكهرباء الرئيسية، كان وضع سكان القطاع على حافة الكارثة الإنسانية يوم الإثنين 21 يناير، في اليوم الرابع من الحصار الذي تفرضه عليهم الدولة العبرية.

وقد عرقل انقطاع التيار الكهربائي أيضا عمل المستشفيات التي تسعى جاهدة إلى الحفاظ على أنشطتها في أقسام الاستعجالات وفي شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قد قال في وقت سابق يوم الإثنين في القدس إنه ربما يتعين على الفلسطينيين في قطاع غزة التعود على العيش بدون بنزين ما دام النشطاء مستمرين في شن هجمات صاروخية عبر الحدود.

وصرح في هذا السياق: “فيما يخصني، فليمش كافة سكان غزة على الأقدام ويستغنوا عن سياراتهم لأنهم يخضعون لنظام قاتل”، مضيفا “يجب على سكان غزة أن يفهموا أنه طالما بقيت حماس في السلطة، لن نزودهم إلا بالحد الأدنى”.

صحة وتغذية سكان غزة في خطر

وقالت منظمات دولية يوم الاثنين إن الادوية والوقود اللازم لمولدات الكهرباء في مستشفيات غزة ستنفد خلال بضعة أيام ان لم تخفف اسرائيل لإغلاقها للمعابر الحدودية مع قطاع غزة.

ونوهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن المؤسسات الاستشفائية لم تعد تتوفر سوى على مخزون وقود يكفي لـ”يومين أو ثلاثة على أقصى تقدير”، وأنها تعرف “افتقارا مزمنا بما فيه الكفاية من حيث الأدوية”.

ولم يسمح الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين لشاحنة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر محملة بالأدوية والمعدات الإنسانية بدخول قطاع غزة.

من جهتها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) يوم الاثنين أيضا إنه سيتحتم عليها وقف توزيع الإمدادات الغذائية على 860 ألف فلسطيني في غزة خلال الأيام القادمة، إذا لم تخفف إسرائيل إغلاقها للمعابر الحدودية مع القطاع.

وفي تصريح لوكالة أسوشييتد بريس، قال المتحدث باسم الوكالة، كريستوفر غانيس “سيتعين علينا وقف العمليات يوم الخميس أو الجمعة (…) لأننا صرنا نفتقر للحقائب البلاستيكية التي نستعملها لتوزيع الأغذية، وللوقود”.

أما برنامج الغذاء العالمي الذي يوزع المؤن على 270 ألف من سكان غزة، فأوضح أنه قد يُجبر على تعليق عملياته يوم الخميس بسبب الافتقار للوقود.

وفي منظمة الصحة العالمية، قالت المديرة العامة مارغاريت تشان يوم الإثنين في جنيف: “إنني قلقة جدا بشأن الوضع الخطر في غزة. إن الأمراض المعدية ليست المشكل الوحيد، فانقطاع الخدمات الأساسية لها عواقب وخيمة على المرضى الذين يحتاجون للعلاج مثل المصابين بالسرطان أو بأمراض القلب أو بالسكري”.

العفو الدولية تـذكـّر بمأساة صحية

أما منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، فأصدرت بيانا يوم الإثنين قالت فيه إن قرار إسرائيل منع إمدادات الوقود إلى قطاع غزة يشكل عقابا جماعيا، وقد يتسبب في تفاقم الوضع الصحي العام بشكل خطر.

ودعت المنظمة، التي تتخذ من لندن مقرا لها، إلى رفع فوري للحصار على الوقود وغيره من القيود التي منعت دخول أو خروج الأشخاص والبضائع من القطاع.

وجاء في البيان أن “أكثر من 40 مريضا مصابين بأمراض خطيرة قد ماتوا منذ أن أغلقت السلطات الاسرائيلية حدود غزة، وذلك نتيجة حرمانهم من العلاج في مستشفيات في الخارج”.

ولئن اعترفت منظمة العفو الدولية بحق اسرائيل في اتخاذ تدابير لحماية سكانها من الصواريخ وغيرها من الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة، فإنها أدانت قرار السلطات الاسرائيلية قطع الإمدادات غير الوفيرة أصلا من الوقود والكهرباء والمساعدات الانسانية لغزة، على حد تعبيرها.

بروكسل طالبت بحل سريع

وبينما أعربت فرنسا عن “أسفها الشديد” للحصار الإسرائيلي، أدانت المفوضية الأوروبية ما وصفته بـ “العقاب الجماعي”. وطلبت بروكسل من إسرائيل استئناف تزويد قطاع غزة بالوقود.

وجاء في بيان صدر عن بنيتا فيريرو – فالدنر، مفوضة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي “أوضحت أني ضد هذا العقاب الجماعي لسكان غزة (…) وأحث السلطات الاسرائيلية على استئناف امدادات الوقود وفتح المعابر من أجل مرور الامدادات الانسانية والتجارية.”

الاتحاد الاوروبي الذي أكد أنه يتفهم حاجة اسرائيل للدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية عبر الحدود، وصف، في المقابل، القيود المفروضة على سكان غزة بأنها “عقاب جماعي” مضيفا أنها يجب أن ترفع.

وذكر مسؤولون من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن المنظمتين تضغطان على إسرائيل للسماح بدخول الوقود والادوية على الفور لقطاع غزة الذي تقطنه 1.5 مليون نسمة.

وأوضح ريتشارد ميرون، المتحدث باسم روبرت سيري مبعوث الامم المتحدة للشرق الاوسط “نأمل ونتوقع قرارا إيجابيا اليوم … نريد أن يحدث ذلك اليوم.”

العرب وإيران يطالبون باجتماعات طارئة

وقد توالت المظاهرات التضامنية مع غزة في لبنان والأردن وموريتانيا. وفي مصر، أجرى الرئيس حسني مبارك أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لـ “التشديد على ضرورة وضع حد لـ “العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني”.

وفي دمشق، دعت وزارة الخارجية السورية إلى “تدخل فوري” عربي ودولي لوقف ما وصفته بـ “العقابات الجماعية والجرائم الإسرائيلية”. كما أدانت ما أسمته المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والحصار الذي فرضته عليها، محذرة من “مأساة إنسانية جراء انتهاك اسرائيل للحقوق الإنسانية الأساسية”. وقد طالب سوريا إلى جانب لبنان بعقد قمة عربية طارئة.

أما في تونس، فقال بيان لوزارة الخارجية “تتابع تونس ببالغ الانشغال والقلق ما آلت اليه الاوضاع في الاراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة من تدهور بالغ ينذر بحصول كارثة انسانية.” واضاف البيان أن “تونس تؤكد رفضها لمنطق القوة ولجميع أشكال الممارسات التعسفية واجراءات الحصار والاغلاق وقطع كافة الامدادات والمستلزمات الاساسية للحياة عن الشعب الفلسطيني.”

من جهته، حث الرئيس الإيراني محمود أحمد نجاد البلدان المسلمة إلى منع “الصهاينة من مواصلة جرائمهم”، داعيا إلى اجتماع طارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حسب ما أفادته وكالة الأنباء الإيرانية.

خالد مشعل يوجه نداء قويا إلى القادة العرب

وفضلا عن الحصار، ضاعفت إسرائيل هجماتها ضد قطاع غزة منذ 15 يناير الجاري، مما أسفر عن مقتل 37 شخصا من بينهم نشيطين سقطا يوم الأحد 20 يناير، في محاولة لوقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل.

كما قتل جنود إسرائيليون يوم الإثنين ناشطا من حركة الجهاد الإسلامي كان متحصنا في منزل قرب طول كرم بالضفة الغربية. واتهمت حركة المقاومة الإسلامية حماس إسرائيل بـ”الحكم بالموت” على القطاع.

المتحدث باسم حماس، سامي أو زهري، دعا جامعة الدول العربية إلى “إجبار” مصر على فتح حدودها مع غزة. من جانبه، ناشد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، المستقر في دمشق، قادة الدول العربية تقديم المساعدة لسكان غزة قائلا لهم: “إنكم مسؤولون أمام الله عن كل فلسطيني يموت في غزة. إذا لم تدعموهم، فلن يسامحكم الله ولا شعوبكم”.

غير أن إسرائيل، التي أكد جيشها تراجع إطلاق الصواريخ من غزة بشكل قوي منذ يوم الجمعة الماضي، أصرت على التقليل من خطورة انعكاسات إجراءاتها، إذ أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع، شلومو درور، أنه “ليس هناك أزمة إنسانية في غزة”، وأن تلك المخاوف ناجمة عن “دعاية” من ترويج حماس. كما شدد على أن إسرائيل واصلت تزويد احتياجات غزة من الكهرباء بـ70%.

سفير إسرائيل في جنيف يرفض “الانتقادات العنيفة”

وفي جنيف، رفض سفير إسرائيل لدى المقرر الأوروبي للأمم المتحدة، إسحاق ليفانون “الانتقادات العنيفة” لمقرر الأمم لمتحدة حول الأراضي الفلسطينية الذي اتهم الجيش الإسرائيلي يوم السبت الماضي بارتكاب “جرائم حرب خسيسة” في غزة.

وقال في بيان نشره يوم الإثنين “إن الجيش الاسرائيلي لا يستهدف سوى المنظمات الإرهابية بينما تستهدف هذه الأخيرة بشكل متعمد المدنيين الإسرائيليين، وهذه هي جريمة الحرب الحقيقية”.

وكان الخبير المستقل جون دوغارد (من جنوب إفريقيا) قد اتهم اسرائيل باللجوء إلى عقاب جماعي ضد سكان غزة، وبعدم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية خلال الغارات على قطاع غزة الأسبوع الماضي.

سويس انفو مع الوكالات

غزة (رويترز) – قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) يوم الاثنين 21 يناير 2008 إنها ستضطر إلى وقف توزيع امدادات الغذاء على 860 ألف فلسطيني في قطاع غزة ربما بحلول يوم الاربعاء اذا لم تخفف اسرائيل اغلاقها للمعابر الحدودية للقطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس).

وقالت منظمات دولية أخرى ان الادوية والوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في مستشفيات غزة سينفد خلال بضعة أيام ان لم تسمح اسرائيل بمرور السلع عبر المعابر الحدودية التي أغلقت يوم الجمعة فيما قالت اسرائيل انه محاولة لاجبار النشطاء على وقف هجمات الصواريخ.

وقال كريستوفر جانيس المتحدث باسم أونروا “بسبب نقص النيلون اللازم لصنع الاكياس البلاستيكية والوقود اللازم للسيارات ومولدات الكهرباء سنضطر يوم الاربعاء أو يوم الخميس الى وقف برنامج توزيع الاغذية على 860 ألف شخص في غزة اذا استمر الوضع الحالي.”

وقال الاتحاد الاوروبي الذي يمول امدادات الوقود لمحطة الكهرباء الرئيسية في غزة المتوقفة الان عن العمل انه يتفهم حاجة اسرائيل للدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية عبر الحدود لكنه وصف القيود المفروضة بأنها “عقاب جماعي” مضيفا أنها يجب أن ترفع.

وقال أبو محمود الذي يعمل صيادا “ليس هناك وقود وهو ما يعني أنه ليس هناك عمل… واجهنا أوقاتا عصيبة من قبل لكنها لم تكن أسوأ من هذه الايام.”

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت لحزبه انه طمأن في اتصال هاتفي الرئيس المصري حسني مبارك الذي يشعر بالقلق بأن “اسرائيل لن تسمح بحدوث أزمة انسانية في غزة.”

لكن في تصريحات جرى بثها قال أولمرت انه لن يسمح بأن يعيش سكان غزة ” حياة مريحة وهادئة” مع استمرار سقوط الصواريخ على بلدات جنوب اسرائيل.

وأضاف أولمرت “في رأيي يمكن لكل سكان غزة السير على الاقدام والاستغناء عن وقود سياراتهم لان لديهم نظاما ارهابيا قاتلا لا يسمح للسكان في جنوب اسرائيل بالعيش في سلام.”

لكنه وعد بالسماح بوصول المساعدات الانسانية الى “المستشفيات والعيادات والصغار والذين لا حول لهم ولا قوة” دون أن يحدد موعدا.

وفي وقت لاحق قال متحدث باسم وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان باراك وافق على السماح بدخول الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الرئيسية في غزة اضافة الى دخول الامدادات الطبية يوم الثلاثاء الى قطاع غزة.

وكان سكان غزة استيقظوا يوم الاثنين وقد خلت الشوارع تقريبا من السيارات وأغلقت المتاجر أبوابها مع نقص البنزين. وتوقفت محطة الكهرباء الرئيسية في غزة عن العمل يوم الاحد بعد أن أوقفت اسرائيل امدادات الوقود ليغرق جزء كبير من مدينة غزة في الظلام.

وتعهد النشطاء في غزة بمواصلة اطلاق الصواريخ.

ودعت الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية في بيان الى ممارسة ضغوط دولية على اسرائيل لوقف ما وصفته بسياسة الحصار غير الانسانية وغير العادلة في قطاع غزة.

واعتبر البيان أن اسرائيل تتسبب في جعل مفاوضات السلام عملية غير مجدية. لكنه لم يصل الى حد التهديد بتعليق المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية التي استؤنفت بعد مؤتمر السلام الدولي الذي عقد برعاية أمريكية في انابوليس بولاية ماريلاند الامريكية في نوفمبر تشرين الثاني.

وتسبب الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة أيضا في توقف شحنات المساعدات التي تقدمها الامم المتحدة وتتضمن امدادات غذائية وانسانية أخرى. وقدرت أونروا أن لديها مخزونات غذائية في غزة تكفي لمدة شهرين.

وأفاد مسؤولون بالاتحاد الاوروبي بأن الوقود بدأ ينفد في المستشفيات التي يستخدم الكثير منها الان مولدات الكهرباء.

وبالرغم من موقفها المتشدد المعلن لم تقطع اٍسرائيل امداداتها المباشرة من الكهرباء لقطاع غزة. وتقدم مصر امدادات كهرباء أيضا للجزء الجنوبي من القطاع.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 21 يناير 2008)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية