تدخين المراهقين
زادت نسبة المدخنين في السنوات الأخيرة بين تلاميذ المدارس الثانوية في سويسرا بشكل لافت للنظر لا سيما بين الفتيات، مما دفع الدوائر المهتمة بالصحة إلى إطلاق صيحة تحذير.
وتعول السلطات على برامج مختلفة، بعضها يتجه مباشرة إلى لب المشكلة لدى الشباب وبعضها يتطرق إليها بشكل غير مباشر.
ماأن يغادر التلاميذ والتلميذات الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عام مدارسهم حتى يندفع عدد كبير منهم إلى علبة السجائر بشكل يكاد يكون تلقائيا. وأظهرت الإحصائيات الأخيرة ان نسبة الذكور المدخنين في تلك المرحلة من العمر ارتفعت إلى 52% بعدما كانت 42% قبل عشر سنوات. أما الزيادة في نسبة الفتيات خلال نفس الفترة فكانت مخيفة، حيث وصلت إلى 110% بعدما كانت 39%.
ويعتقد المسؤولون عن ملف مكافحة التدخين في المكتب الفدرالي للصحة أن ارتفاع عدد الفتيات المدخنات قد يرجع إلى رغبتهن في تقليد الذكور وكتعبير عن نوع من “الاستقلالية والحرية”.
ويرى المختصون أن انتشار التدخين بصفة عامة بين كافة طبقات المجتمع يمثل صورة طبيعية يشب عليها الصغار، لاسيما إذا كان المدخن من أفراد الأسرة أو يقيم مع الطفل في بيت واحد، فلا يشك للحظة واحدة في أن التدخين ضار أو غير مرغوب فيه.
ولا يؤثر على هذه الصورة “العادية” تزايد أعداد الأماكن العامة التي لا ترحب بالمدخنين سواء في المكاتب الحكومية أو العديد من الشركات الخاصة، ناهيك عن وسائل المواصلات التي حظرت التدخين منذ أمد طويل، فتحول الأمر إلى شيء عادي غير ملفت للانتباه.
اعلانات مضادة بأساليب مختلفة
على الرغم من أن الإعلان عن السجائر مازال مسموحا به في بعض الأماكن، إلا أن هناك إعلانات مضادة لها تستخدم أسلوبا متميزا. فبعض الإعلانات يعتبر التخلص من التدخين نوعا من التعبير عن قوة الشخصية والقدرة على الإفلات من سيطرة وهيمنة التبغ، وبعضها يرى أن عدم التدخين من بين الصفات الحميدة في الشاب أو الفتاة.
ومن بين البرامج العملية التي بدأ المتخصصون في تطبيقها، برنامج “جرب عدم التدخين”، وقد ساهمت الحملة القوية التي قامت بها الإدارات التعليمية مع المكتب الفدرالي للصحة في تشجيع أربعين ألف شاب وفتاة على التسجيل فيها.
إلا أن نتيجة هذه التجربة بقيت محصورة في اقتناع المشاركين بعدم التدخين لفترة زمنية محددة، على أمل أن يتعود المشارك تدريجيا على الابتعاد عن التبغ، فيتخلص تلقائيا من التدخين.
ولم تنشر الجهات المنفذة لهذا المشروع أية أرقام عن أعداد الذين أقلعوا بالفعل عن التدخين بعد مشاركتهم في البرنامج، إلا أن اقتناع عدد من الشباب بفكرة الامتناع عن التدخين ولو لفترة محدودة، كاف لأن يفسح المجال لمواصلة التجربة وربما بأسلوب آخر.
الفتيات … بين السيجارة والرشاقة
وقد يتوقع البعض أن ارتفاع نسبة المدخنات بهذا الشكل المخيف، يتطلب برنامجا خاصا للفتيات، إلا أن المختصين يرون أن مثل هذا البرنامج “للتلميذات فقط” سيكون مستفزا، على اعتبار أنه نوع من التمييز بين الجنسين. كما يمكن أن يتخذ كذريعة للهجوم على الفتيات ووضعهن في قفص الاتهام بالإهمال وعدم الاهتمام بالرعاية الطبية، في الوقت الذي تعودن فيه على المساواة مع زملائهن من الشباب.
ومن العوائق التي تقف حائلا دون نجاح العديد من برامج تشجيع الفتيات على عدم التدخين، قناعتهن بأن أوزانهن تزيد بشكل ملحوظ بعد الاقلاع عن السجائر، فيفضلن الحفاظ على “رشاقتهن” معها بدلا من الدخول في متاهات محاولة إنقاص الوزن.
ومن البرامج الأخرى التي يمكن أن تلقى قبولا من الشباب، افتتاح مواقع على شبكة الإنترنت لعلاج هذه الظاهرة وتبادل الأفكار والخبرات حول كيفية الإقلاع عن التدخين، إما من خلال غرف الحوار أو ترتيب مناقشات مع متخصصين وتوضيح العديد من الحقائق حول الاثار السلبية للتدخين.
الافتقار إلى القدوة
إلا أن خبراء التربية يرون أن العامل الاجتماعي هو الأهم في علاج هذه الظاهرة. فالشباب في مرحلة المراهقة يأبى أن يكون منبوذا ويحب أن يشيد الآخرون بمميزاته، وتعود الأطفال خلال سنوات دراستهم الأولى على احترام التعليمات واتباع النظام، وبالتالي فمن السهل اللعب على هذا الوتر ولو بشكل غير مباشر لدفعهم للتخلي عن التدخين.
أما العامل الاهم في مكافحة التدخين، فيبقى تقديم القدوة والمثال الذي يمكن للشاب أو الفتاة أن يحتذي به، ليس فقط في عدم التدخين بل ايضا في تجنب العديد من السلوكيات السيئة التي من شأنها أن تؤثر سلبيا على مستقبل الشباب وبشكل ينعكس تلقائيا على المجتمع.
تامر أبو العينين – سويس انفو
ارتفعت نسبة المدخنين بين التلاميذ الذكور إلى 52% بعدما كانت 42% قبل عشر سنوات.
الزيادة في نسبة التلميذات المدخنات خلال نفس الفترة قفزت من 39% إلى 110%.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.