تراجعت النسبة لكن الظاهرة مستمرة
طمأن المكتب الفدرالي للإحصاء الرأي العام، وأعلن صباح الثاني من أبريل عن تراجع ظاهرة العمال الفقراء في سويسرا، بسبب النمو الاقتصادي الجيد في الفترة ما بين عامي 2000 و 2005.
إلا أن الظاهرة تبقى قائمة في قطاعات محددة تضم العمال غير المؤهلين بشكل جيد والمطلقات والأرامل والأسر التي يزيد عدد أفرادها عن 4 أشخاص، فضلا عن ارتفاع نسبة المستفيدين من المعونات الاجتماعية.
ويرى المكتب الفدرالي للإحصاء أن هذا التراجع دليل واضح على جدية التعامل مع ظاهرة العمال الفقراء، لاسيما بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و 59 عاما، فمنذ الإعلان عن تلك الظاهرة في مطلع الألفية والتي رصدتها الإحصائيات بأنها في حدود 9.1% من سكان سويسرا، حاولت العديد من الجهات وضع علاج سريع لها، كي لا تنتشر في المجتمع.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن العمال الفقراء يتوزعون على شرائح اجتماعية مختلفة، فنسبة 10.3% منهم من الأرامل والمطلقات اللائي يتحملن عبئ تربية أبنائهن وحدهن، في حين ترتفع هذه النسبة إلى 16.5% من الأسر التي يزيد عدد أفرادها عن 4 أشخاص، في حين يمثل العمال غير المؤهلين نسبة 11.4% وهم ممن يعملون في وظائف لا تتطلب تأهيلا مهنيا محددا، ويضطرون للقبول بأية عمل يتم عرضه عليهم، كي لا يتم اتهامهم بأنهم يتعيشون فقط من أموال الدعم الاجتماعي، وهي نفس الشريحة أيضا التي ينطوي تحتها 8.4% من العمال الفقراء الذين يعملون بتعاقدات محدودة الأجل وغير قابلة للتجديد.
في الوقت نفسه، يعاني أيضا من يمتهنون العمل الحر من مشكلة تدني دخولهم بشكل كبير يكاد يقترب بهم من حافة الفقر، وهم يمثلون حوالي 12.8% من العمال الفقراءـ وأعلب هذه النسبة هم ما يحاولون شق طريقهم من خلال مشروعات خاصة على أمل الانطلاق إلى مصاف الشركات الصغرى والمتوسطة، وفي حالة الاستعانة بموظف آخر تنخفض هذه النسبة إلى 9.2%، إذ من المرجح أن تكون هذه الأنشطة ذات عائد وإن بقي محدودا للغاية وليس مستمرا طيلة العام.
ويوضح الخبراء أن هذا الوضع ينعكس بشكل سيء على الأطفال، لعدم توفر الإمكانيات لمناسبة التي تساعد في دراستهم، مما ينعكس على مستوى التحصيل ويترك آثارا سلبية على المسار الدراسي، وبلغة الأرقام فإن 10% من أطفال سويسرا يعيشون على الحد الأدنى من المقومات الضرورية للحياة اليومية،
وترى كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية أن هذه الأرقام دليل على أن برامجها لدعم وتطوير الإصلاحات الاقتصادية هي السبب في تراجع تلك النسبة، حيث سمحت بتراجع معدلات البطالة وأفسحت المجال لفرص عمل أكثر، لاسيما في الفترة ما بين عامي 2000 و 2002، حيث تراجعت معدلات البطالة بشكل جيد، وكانت فرص الوظائف أفضل مما كانت عليه من قبل، في حين تراجعت هذه النسبة في السنوات ما بين 2002 و 2004 ثم بقيت مستقرة تقريبا في عام 2005.
ردود فعل متفاوتة
ويقول رودي هوفشتيتر رئيس إدارة الشؤون الاجتماعية في كانتون زيورخ معلقا لسويس انفو على هذه الأرقام “إن أخذ معايير تحديد الحد الأدنى للمعيشة ومستوى خط الفقر التي وضعها المؤتمر السويسري للمساعدات الاجتماعية هو مؤشر جيد في حد ذاته”، كما أكد على أن هناك علاقة أكيدة بين النمو الإقتصادي وانخفاض نسبة العمال الفقراء.
إلا أن منظمة كاريتاس للمساعدات الاجتماعية لها رأي آخر، إذ انتقد مديرها يورغ كورميناخر المعايير التي اتخذها المكتب الفدرالي للإحصاء لتعريف الحد الأدنى لمستوى المعيشة وتعريف الفقر في سويسرا، إذ يعتقد أن الأرقام التي أعلنتها الإحصائيات تقل 40% عن الحد الأدنى للفقر وفق البيانات الفدرالية المنشورة عام 2004.
وكانت المنظمة الخيرية قد نشرت في نهاية عام 2006 تقريرا حول الفقر في سويسرا قالت فيه إن عدد الفقراء في البلاد لا يقل عن مليون نسمة.
في حين يعتقد فالتر شميد رئيس المؤتمر السويسري للمساعدات الإجتماعية أن هناك اختلاف في تحديد مفهوم الفقر والمعايير التي يتعمد عليها كل طرف لقياس النسبة بين الرواتب ومستوى المعيشة ومتطلبات الحياة اليومية، ففي حين تضم الإحصائيات الفدرالية بيانات عن الأشخاص البالغين القادرين على العمل، تنظر كاريتاس إلى جميع السكان بما فيهم الأطفال والمحالين إلى التقاعد.
وهذا ما يعني حسب رأي كيشيل كورنو رئيس مكتب الشؤون الإجتماعية في لوزان، أن عدد العمال الفقراء لم يتراجع وفقا للإحصائيات بل تم التعامل مع الأرقام من منظور مختلف ومعايير أخرى.
تراجع هنا وتزايد هناك
لكن المفارقة تكمن في ارتفاع نسبة المعتمدين على المعونات الاجتماعية، وذلك وفقا للبيانات الواردة من الكانتونات والمدن الكبرى، وهو ما قد يعني أن العمال الفقراء كفوا عن العمل الذي لا يسمن ولا يشفي من جوع ولجئوا إلى الدولة للحصول على الحد الأدنى من المعيشة، وذلك رغم القيود الصعبة التي تفرضها الكانتونات على الشروط الواجب توافرها للحصول على الدعم الاجتماعي.
وتشير التقديرات الأولية لنسبة لحاصلين على الدعم الاجتماعي إلى أنها زادت في المدن الكبرى مثل سان غالن وبرن ولوتسرن وشافهاوزن وفينترتور زيورخ، تلك الأخيرة التي وصل عدد المستفيدين من الدعم الاجتماعي فيها إلى 50000 شخص في عام 2005 بزيادة 5.8% عما كانت عليه تلك النسبة في عام 2004، في حين وصلت نسبة الزيادة في كانتون برن إلى 6.6% لتهبط في منطقة بازل إلى 4.9% وتورغاو إلى 5.5%.
وهو ما يعني أن 220000 نسمة أو ما يعادل 3% من سكان سويسرا يعيشون على المساعدات الاجتماعية إلى جانب 8.5% من العمال الفقراء.
سويس انفو – تامر أبوالعينين
يحدد المؤتمر السويسري للمساعدات الإجتماعية مفهوم الفقر بأنه الشخص الذي يربح أقل من 2200 فرنكا في الشهر، أما الأسرة ذات العائل الواحد مثل الأرامل والمطلقات ولديها ما لا يقل عن طفلين تقل أعمارهما عن 16 عاما فيصل الأحد الدنى إلى 3800 فرنك شهريا.
وللأسرة المكونة من 4 اشخاص فإن الحد الأدنى هو 4600 فرنك.
يغطي هذا الحد الأدنى من الدخل النفقات الاساسية للحياة اليومية في سويسرا مثل ايجار المسكن وتكاليف التأمين الصحي الإجبارية والتغذية الأساسية.
ويتم تصنيف الأشخاص الذين تلتهم نفقاتهم الشهرية بالإضافة إلى الضرائب والتأمينات الإجتماعية رواتبهم بأنهم فقراء.
اختلف خبراء التنمية في تعريف العامل الفقير، فهو في رأي البعض من يعمل على الأقل ساعة واحدة أسبوعيا، وآخرون يعتقدون بأنه من يعمل بشكل كامل ورغم ذلك لا يتمكن من الوفاء بإلتزامته المالية سواء كفرد أو كعائل مسؤول علن اسرة كاملة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.