مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ترامب يفرض “رسوما جمركية متبادلة” لإعادة “التوازن” للعلاقات التجارية

afp_tickers

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس أمرا تنفيذيا يسمح بفرض رسوم جمركية متبادلة على شركاء بلاده التجاريين ومنافسيها في آن معا، في تصعيد جديد لحرب تجارية يحذّر خبراء اقتصاديون من تداعياتها التضخّمية داخل الولايات المتحدة.

أسوأ من أعدائنا” –

وقال ترامب للصحافيين في المكتب البيضوي إنّه قرّر فرض الرسوم الجمركية المتبادلة، معتبرا أنّ حلفاء الولايات المتّحدة “هم غالبا أسوأ من أعدائنا” على الصعيد التجاري.

وإذ أقرّ الملياردير الجمهوري بأنّ “الأسعار قد ترتفع” في الولايات المتحدة بسبب هذه الرسوم، أبدى في الوقت نفسه ثقته بأنّ معدّل التضخّم الذي كان محورا أساسيا في الحملة الانتخابية العام الماضي، سينخفض في نهاية المطاف.

والرسوم الجمركية التي سيفرضها ترامب على شركاء بلاده التجاريين لن تكون موحّدة بل ستختلف باختلاف كل دولة، مع مراعاة عوامل غير جمركية بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة.

وقال ترامب إنّ الاتّحاد الأوروبي “عنيف جدا” في علاقاته التجارية مع الولايات المتّحدة.

من جهته، قال للصحافيين بيتر نافارو، المستشار التجاري لترامب إنّ “الدول المصدّرة الرئيسية في العالم تهاجم أسواقنا برسوم جمركية عقابية وحتى بحواجز غير جمركية أكثر عقابية”، مستهدفا خصوصا الاتحاد الأوروبي بسبب الضريبة على القيمة المضافة. 

وبحسب مسؤول في البيت الأبيض فإنّ إدارة ترامب ستبدأ بتقييم الاقتصادات التي يعاني التبادل التجاري الأميركي معها من أكبر عجز في الميزان التجاري أو من “أكثر المشاكل فظاعة”. 

وقال المسؤول، طالبا عدم نشر اسمه، إنّ عملية التقييم هذه ينبغي أن تُنجز “في غضون أسابيع، في غضون بضعة أشهر، وليس أكثر من ذلك”.

ومنذ تولّيه منصبه قبل ثلاثة أسابيع فرض ترامب مجموعة واسعة من التعرفات الجمركية ضدّ بعض أكبر شركاء بلاده التجاريين، مؤكدا أنّ هذه الرسوم ستساعد في معالجة الممارسات غير العادلة.

ولطالما قال قطب العقارات السابق إنّ الرسوم الجمركية تساهم في زيادة الإيرادات، ومعالجة الاختلالات التجارية والضغط على شركاء بلاده لتلبية مطالبها.

وبحسب المسؤول في البيت الأبيض فإنّ الولايات المتّحدة “عوملت بشكل غير عادل”.

وقال إن الافتقار إلى المعاملة بالمثل هو السبب وراء “العجز التجاري السنوي المستمر في السلع” في البلاد.

وبموجب الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب الخميس، سيعمل ممثّل التجارة الأميركية ووزير التجارة ومسؤولون آخرون على اقتراح إجراءات على أساس كلّ دولة على حدة.

وأتى هذا الأمر التنفيذي قبيل ساعات من استقبال ترامب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في البيت الأبيض.

ويقول محللون إنّ الرسوم التي يعتزم ترامب فرضها قد تمثّل ضربة قاسية لبعض الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل وتايلاند التي تفرض رسوما جمركية أعلى لحماية اقتصادها.

وعلى سبيل المثال، تفرض الهند رسوما جمركية بنسبة 25% على السيارات الأميركية، ما يعني أنّ الولايات المتحدة قد تفرض الرسوم نفسها على السيارات الهندية.

وبعد فرضه رسوما جمركية إضافية بنسبة 10% على المنتجات الصينية، و25% على كل واردات بلاده من الألومنيوم والصلب… يواصل ترامب سياسته الاقتصادية العدوانية، رافعا شعار “أميركا أولا”. 

ويستخدم ترامب الرسوم الجمركية أداة لجعل الولايات المتحدة “ثرية مجددا” تنفيذا لأحد وعوده الانتخابية. 

– قانون “العين بالعين” –

ويتبع ترامب في هذه الرسوم قانون “العين بالعين والسنّ بالسنّ”، معتبرا أنه أمر “بسيط جدا: إذا جعلونا ندفع، فسنجعلهم يدفعون”. 

وقال مستشار ترامب في مجال الاقتصاد كيفن هاسيت على قناة “سي إن بي سي” الاثنين إن “ما يعتقده الرئيس ترامب هو أننا جميعا نستطيع على الأقل أن نتفق على أنه إذا فرضوا علينا ضريبة بنسبة 20 في المئة، فيجب أن نكون قادرين أيضا على القيام بذلك. وبالتالي إذا خفّضوا تعريفاتهم الجمركية، فسنخفضها، هذه فكرة المعاملة بالمثل”. 

لكن خبراء في مجال الاقتصاد يحذّرون من أنّ فرض الرسوم الجمركية المتبادلة قد يثير استياء دول وشركات أجنبية ويضرّ بالاقتصاد الأميركي.

ويمكن أن يؤدّي اتّخاذ اجراءات انتقامية محتملة أو حتى إصدار دعوات إلى المقاطعة كما حدث في كندا إلى إضعاف قطاعات أميركية تعاني أصلا مثل الزراعة. 

ورأى الخبير الاقتصادي موريس أوبستفيلد أنّه “من الممكن أن نرى في نهاية المطاف دولا تسعى إلى الانفصال عن السوق الأميركية. إنها سوق ضخمة ومربحة جدا لكنها ترتّب مخاطر إلى حدّ قد يجعلها أقلّ جاذبية من الناحية الاقتصادية”. 

وتوقّع العديد من المحللين أيضا أن ترتفع التكلفة على الأميركيين لأنّ الرسوم الجمركية يدفعها المستوردون الذي يكبّدون المستهلكين ثمنها عادة.

ويُعتبر استياء الأسر من ارتفاع تكلفة السلع الاستهلاكية اليومية أحد أسباب فوز ترامب في انتخابات الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر. 

وبعدما بلغ التضخم ذروته عند +9,5% في ربيع العام 2022 بحسب مؤشر أسعار الاستهلاك، استمر ارتفاع الأسعار ولكن بوتيرة أقل، إلا أن تحديثا للمؤشر نُشر الأربعاء أفاد بارتفاع الأسعار في كانون الثاني/يناير بنسبة 3% على أساس سنوي في تزايد متسارع، وذلك قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ حتّى.

بور/س ح-بم

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية