ترحيل قانوني… له أسبابه!
زيارة وزيرة العدل السويسرية إلى كل من السنغال ونيجيريا في الأسبوع الأول من يناير ليست زيارة عادية.
فالهدف منها التوقيع على اتفاقيتين تسمحان لسويسرا بإعادة ترحيل طالبي اللجوء الأفارقة. ورغم تحفظ المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين فإن للخطوة أسبابها.
تقف زيارة السيدة روث متزلر إلى كل من السنغال ونيجريا في الفترة بين 7 – 10 يناير على طرف نقيض من زيارة أخرى لوزيرة فدرالية سابقة. فالمدافعون عن سياسات لجوء سويسرية أكثر مرونة يحلو لهم التذكير برحلة وزيرة الداخلية السابقة روث درايفوس إلى مخيم للاجئين الكوسوفيين في مقدونيا عام 1999.
حينها، عادت السيدة درايفوس إلى برن وعلى متن طائرتها عشرون عائلة من اللاجئين، وأُعتبر تصرفها العفوي ذاك مؤشرا على موقف سويسرا المتفهم لمحنة اللاجئين الكوسوفيين أثناء أزمتهم الطاحنة.
أما اليوم، فإن زيارة السيدة متزلر إلى القارة الأفريقية تحمل رسالة أخرى، مفادها أن برن لن تتسامح مع طلبات اللجوء المشكوك في مشروعيتها، وأنها لذلك ستتخذ من الإجراءات القانونية ما يلزم لضمان التعامل معها بالجدية والحزم اللازمين.
اتفاقيتان لهدفين مختلفين…
ستوقع السيدة متزلر على اتفاقيتين مع كل من نيجيريا والسنغال. تتيح الاتفاقية الأولى لسويسرا، ترحيل طالبي اللجوء من النيجيريين إلى بلدهم في حال رفضهم.
في المقابل، تسمح الاتفاقية الثانية لبرن بإرسال طالبي اللجوء من بلدان إفريقيا الغربية، ممن لا يحملون أوراقا رسمية أو يرفضون الإعلان عن جنسيتهم، إلى السنغال.
وباعتبار أن هذه المشكلة (تحديد هوية طالبي اللجوء) تظل من أهم العقبات التي تقف أمام عملية البت في طلبات اللجوء، فإنه لم يكن مستغربا أن يعرب المكتب الفدرالي للاجئين عن ترحيبه بهذه الخطوة.
وفقا لهذا الأجراء، سيتم إرسال طالب اللجوء إلى السنغال لفترة 72 ساعة. وخلالها، سيسعى المسؤولون السويسريون، بالتعاون مع السلطات السنغالية ومسؤولي سفارات بلدان إفريقيا الغربية، إلى تحديد جنسية طالب اللجوء، وفي حال فشلهم في تحقيق ذلك، يعاد إرساله إلى سويسرا من جديد.
وتحفظ…!
أبدت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين (وهي منظمة غير حكومية) تحفظها على “اتفاق العبور” مع السنغال. فمن جانب، عاب السيد يان جولاي، المسؤول في المنظمة، على الاتفاق إغفاله تحديد بنود واضحة ومفصلة عن طبيعة الأجراء والخطوات التي يتوجب اتخاذها.
ومن جانب أخر، ورغم ترحيبه بالقيد الزمني الذي حدده الاتفاق (72 ساعة)، إلا أنه لفت الانتباه إلى إمكانية تحديد هوية طالب اللجوء في سويسرا نفسها دون الحاجة إلى إرساله إلى السنغال.
أسأل عن السبب!
لعله من الملائم في هذا السياق التساؤل عن مبرر تكلف سويسرا عناء التوقيع على اتفاقيتين من هذا النوع، بل وتقديمها لحوافز تنموية للبلدين كي توافقا على طلبها. فالقول بإن تلك الإجراءات تأتي في سياق موجة عنصرية تشهدها البلاد يبدو غير مقنع، لاسيما وأن عدد الأفارقة الذين يعيشون في سويسرا منذ 15 عاما لا يزيد على 20 ألف شخص، أي نحو 1% من إجمالي عدد الأجانب في البلاد.
الشيء المؤكد هو أن تصرفات أقلية من طالبي اللجوء الأفارقة أدت إلى ردة فعل سلبية قوية، حيث لوحظ في الفترة الأخيرة تزايد عدد طالبي اللجوء الأفارقة المتورطين في نشاطات غير قانونية، وبالتحديد في الاتجار بالمخدرات. وزاد من تعقيد الصورة أن المكتب الفدرالي للاجئين أصدر تقييما في منتصف العام الماضي اعتبر فيه أن نصف عدد طالبي اللجوء الأفارقة (نحو 3000) يقعون في خانة المجرمين المحتملين.
ولأن حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد عمد إلى استغلال هذا الواقع في مبادرته الشعبية لتضييق قوانين اللجوء، ولأن رفض الناخبين السويسريين للمبادرة في 24 فبراير من العام الماضي جاء بفارق ضئيل للغاية، فقد كان من المنطقي أن تستجيب الحكومة الفدرالية لضغوط الرأي العام… ولمستجدات الواقع أيضا.
إلهام مانع – سويس إنفو
تعتزم وزيرة العدل روث متزلر توقيع اتفاقيتين لإعادة طالبي اللجوء إلى بلدانهم مع كل من نيجيريا والسنغال.
صادق البرلمان السويسري على الاتفاقيتين في 20 ديسمبر من العام الماضي.
توصلت سويسرا إلى اتفاق مع السنغال يتيح لها إمكانية ترحيل طالبي اللجوء من بلدان غرب إفريقيا ممن يرفضون الإعلان عن جنسيتهم.
رفض الناخبون السويسريون العام الماضي مبادرة كانت تهدف إلى تشديد قوانين اللجوء.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.