مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تساؤلات حول سلامة الأطفال في سويسرا

كانت الطفلة إيلينيا تحمل مثل هذه الحقيبة التي تعرضها شرطة كانتون أبنزل في هذه الصورة Keystone

طرح اختفاء الطفلة يـيلينيا (5 سنوات) منذ أكثر من أسبوعين في كانتون أبنزل أسئلة كثيرة بل أزمة "وجودية" حول حماية الأطفال في سويسرا التي تـُعتبر "آمنة" في العادة.

وفي لقاء مع سويس انفو، أكد الدكتور فيليب جافي، أستاذ علم النفس في جامعة جنيف، أن هنالك العديد من الخطوات الوقائية التي يمكن للآباء القيام بها.

في العادة، تعتبر الجرائم التي ترتكب بحق الأطفال (من قتل أو اختطاف وما شابه ذلك) من الأحداث النادرة في سويسرا. وقد احتل اختفاء الطفلة ييلينيا يوم 31 يوليو الماضي الصدارة في الصحف الوطنية، إذ استحوذ على اهتمام البلاد بأسرها وتجاوز حدود سويسرا ليصل صداه إلى الخارج أيضا.

سويس انفو استطلعت رأي الدكتور فيليب جافي، أستاذ علم النفس بجامعة جنيف حول الموضوع في سياق الحديث التالي.

سويس انفو: اختفاء يلينيا – وقبلها الطفلة البريطانية مادلين ماكين في البرتغال – أثار تساؤلات مُبررة حول حماية الأطفال، هل خوفنا مُبرر الآن؟

الدكتور فيليب جافي: لا، لأن اختطاف الأطفال هو حدث نادر جدا في كل مكان تقريبا، وخاصة في سويسرا. فـقلقـنا لا يتناسب بالفعل مع الخطر الحقيقي وعوامل الخطر.

لكن مما لا شك فيه أن هنالك المزيد من حالات اختطاف الأطفال، غير أن طبيعتها قد تغيرت. في السابق، كان يـُلجأ للاختطاف من أجل الحصول على فدية، مثل حالات شارلز ليندبيرغ وغيتي. أما الآن، فقد أصبح الاختطاف يتم بغرض الاستغلال الجنسي للأطفال.

سويس انفو: ما مدى حقيقة التهديد الذي يمثله مستغلو الأطفال جنسيا؟ لقد تزايدت بعد المخاوف في بلدان آخرى، هل جاء الدور على سويسرا؟

الدكتور فيليب جافي: في الواقع، تمتعت سويسرا طويلا بنعمة الأمن بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وأعتقد أن هذا (أي حادثة اختفاء ييلينيا) مؤشر آخر على فقدان هذا البلد لبراءته.

لقد كانت سويسرا على الدوام “متخلفة عن الركب” (مقارنة بما يحدث في العديد من البلدان الغربية) على مستويات عديدة. والآن وبعد أن استيقظت المخاوف، لن أستغرب إن تم اللجوء في سويسرا خلال خمس سنوات إلى نفس الممارسات التي تُـطبق في بريطانيا وأمريكا الشمالية: أي أخذ بصمات الأطفال، وعينات من الحمض النووي، ووضع بطاقات إلكترونية على أجسامهم. أنا أسمع الناس تتحدث عن هذه الأمور وهذا أمر مُخيف.

سويس انفو : ما الذي يمكن أو ينبغي أن يفعله الآباء لمنع هذا النوع من المآسي؟ هل هناك شيء يمكن أن نفعله؟

الدكتور فيليب جافي: هنالك طريقتان للإجابة على هذا السؤال. الجواب الأول: مهما فعلت، ربما لن تمنع اختطاف طفلك، لأن هذه العملية سهلة التنفيذ للغاية.

من جهة أخرى، أعتقد أن هناك وعيا متزايدا بأنه يتعين على الآباء الإشراف على أطفالهم. وقد يكون هذا بمثابة نداء صحوة لإيقاظ الآباء الذين استقالوا من مهامهم، بمعنى أن أفضل وقاية تكمن في تخصيص مزيد من الوقت للإشراف على نشاطات أبنائهم والمشاركة في تلك النشاطات.

سويس انفو: لكن أليس هنالك حاجة للتوازن؟ فالإشراف المبالغ فيه قد يؤثر سلبا على تطور الطفل؟

الدكتور فيليب جافي: لا يمكن لأي أم أو أب أن يظل مع أطفاله طيلة اليوم، لكن الحل الذكي – وهذا ما تعنيه الأبوة الصالحة بشكل عام – يكمن في أن تكون حاضرا في حياة الطفل بالقدر الكافي. إذا أفرطت في تواجدك معه، فإنك تخلق نوعا آخر من المشاكل، وعلى رأسها عرقلة قدرته على تطوير روح الاستقلالية والفردية، أو الحيلولة دون حدوث ذلك التطور. وهذه قضية هامة على مستوى تحقيق الأهداف المتعلقة بنمو الطفل.

سويس انفو: يعود الأطفال إلى المدرسة بعد عطلة الصيف، هل يجب أن نوصيهم بالحيطة والحذر؟ ما هي نوعية النصائح الوقائية التي يجب إعطاؤهم؟

الدكتور فيليب جافي: يجب على الآباء توعية أطفالهم بالأخطار المتعددة التي تحدق بعالمهم، ولكن دون إيصال قلـقهم للطفل. إن المشي من المنزل إلى المدرسة رحلة خطيرة. لكن بطبيعة الحال، تظل السيارات أسوأ تهديد، لكن هنالك أيضا كبار على طول الطريق الذين بإمكانهم أن يشكلوا خطرا على الطفل.

سويس انفو: في أي عمر ينبغي أن يسمح للطفل باللعب وحده خارج المنزل أو الذهاب إلى المدرسة دون مرافقة؟ فبعض المدارس تشجع ذهاب الأطفال لوحدهم إلى المدرسة ابتداء من السنة الأولى؟

الدكتور فيليب جافي: بالتأكيد لا يجب أن يذهبوا لوحدهم قبل السنة المدرسية الأولى. وأعتقد أن ذلك يعتمد على الطفل وعلى طول المدة التي اصطحب فيها الآباء طفلهم إلى المدرسة قبل ذلك. بناء على هذه التجربة، يمكن انتقاء قلة من الأطفال القادرين على القيام بتلك الرحلة لوحدهم دون أن تقلق عليهم. لكن هنالك مجموعة كبيرة، (هذا إن لم تكن الأغلبية)، من الأطفال الذين لن أسمح لهم بالذهاب إلى المدرسة بمفردهم.

أجرى الحوار آدم بومون – جنيف

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)

حسب شرطة كانتون أبنزل شمال شرقي سويسرا، شوهدت الطفلة يـيلـيـنـيا لآخر مرة في مسبح يوم 31 يوليو الماضي. ورفضت الشرطة الإفصاح عن لقبها تماشيا مع قوانين الخصوصية السويسرية.

وعثرت الشرطة ذلك المساء على حقيبة ظهر الطفلة وخوذ دراجات ودراجة سكوتر بجانب الطريق في غابة تبعد بحوالي 30 كيلومترا عن المسبح.

عثرت الشرطة في نفس الغابة يوم 1 أغسطس الجاري على جثة رجل قالت إنه أطلق رصاصة في رأسه بمسدس.

قبل ذلك بيوم، كان ذلك الرجل قد أطلق الرصاص على رجل يبلغ من العمر 46 كان نائما في الغابة. وقد فر المصاب ونقل إلى المستشفى وبرئت ذمته بعدها.

وقالت الشرطة إن القتيل هو سويسري المولد لكن عاش في إسبانيا مع زوجته منذ عام 1990. وكانت عربته، التي عثر عليها في الغابة أيضا، تحمل رقم سيارة إسباني وشوهدت قرب المسبح في مدينة الطفلة ييلينيا صباح الثلاثاء 31 يوليو أيضا.

وبعد أسبوعين من اختفاء الطفلة، أكدت الشرطة يوم الثلاثاء 14 أغسطس الجاري أنها لم تعثر بعد على أثر ييلينيا.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية