تشدد يميني إضافي!
عشيةَ احتفال سويسرا بعيدها الوطني، أبى حزبُ الشعب ذو الاتجاه اليمني، أحدُ أهم الأحزاب في الكونفدرالية، إلا أن يعرض وجهة نظره فيما يتعلق بالهوية السويسرية ومنح الجنسية للأجانب. وجهة نظره المتضمنة لبعض الشروط لن تكون مبعث سرور للراغبين في الحصول على الجواز الأحمر..
“لا لإجراءات تسهيل تجنس الأجانب”..هذا هو مضمون موقف حزب الشعب اليميني السويسري بزعامة كريستوف بلوخر من مشروع الحكومة الفدرالية حول مراجعة القوانين المتعلقة بمنح الجنسية السويسرية للأجانب.
الإعلان عن هذا الموقف جاء خلال مؤتمر صحفي عقدة حزب الشعب يوم الاثنين في العاصمة الفدرالية بيرن. ولم يستبعد الحزب طرح مبادرة شعبية ضد المشروع الحكومي الذي اقترحته وزير العدل والشرطة روت ميتزلر.
وقدم حزبُ الشعب، الذي يصف نفسه براعي وحامي “الهوية” السويسرية، وثيقة بالفرنسية تحمل عنوان: « Prendre soin du droit de la citoyenneté » يتعهد فيها بحماية حق المواطنة. وقد حُررت هذه الوثيقة في شهر يونيو حزيران وقدمت يوم الاثنين في بيرن.
مضمون هذه الوثيقة يحاول إثبات أن قوانين منح الجنسية المعمول بها في سويسرا ليست الأكثر تعقيدا مقارنة مع دول أخرى. فإجراءات الحصول على الجواز السويسري قد تكون طويلة أحيانا، لكن الحقوق الديمقراطية التي يتمتع بها السويسريون، وبالتالي الحاصلون على الجنسية أيضا، تظل أهم بكثير من الحقوق الديمقراطية الممنوحة لمواطني دول أخرى حسب حزب الشعب.
رفض قاطع لمبدأ الحصول على الجنسية بشكل تلقائي
مشروع السيدة روت ميتزلر، الذي حظي نسبيا بترحيب الأوساط السياسية ما عدا حزب الشعب، يتضمن إدخال جملة من التسهيلات على قوانين التجنس المعمول بها حاليا في الكونفدرالية.
ومن ضمن الإجراءات المقترحة حصول الأجانب من الجيل الثالث على الجواز السويسري بصفة تلقائية، بمعنى أن أي شخص وُلد في سويسرا من والدين أجانب، بشرط أن يكون أحدُ والديه تابع معظم مشواره الدراسي في سويسرا، له الحق في الحصول على الجنسية السويسرية تلقائيا.
الحصولُ التلقائي على الجواز السويسري مبدأٌ يرفضه حزب الشعب السويسري جملة وتفصيلا. كما انه يرفض مفهوم ” الجيل الثالث ” لدى وزارة الشرطة والعدل السويسرية. فعبارة “الجيل الثالث” تعني بالنسبة لحزب الشعب السويسري الأطفال الذين ولدوا في سويسرا من والدين رأوا النور أيضا الكونفدرالية.
السيدة ميتزلر تريد أيضا اعتماد قانون استئناف لفائدة الأشخاص الذين رفضت طلبات حصولهم على الجنسية خلال الاستفتاءات الشعبية. لكن حزب الشعب السويسري يقف أيضا ضد هذا المقترح زاعما أن إمكانيات الاستئناف المتوفرة حاليا كافية إلى حد بعيد.
من ناحية أخرى، يرفض حزب بلوخر تعميم قانون التجنس في كافة الكانتونات السويسرية، علما ان هذه القوانين تختلف بشدة من كانتون لاخر. فعلى سبيل المثال، يتوجب على الأجنبي الاقامة لمدة اثنتي عشر سنة في كانتون الغريزون للحصول على الجنسية السويسرية، فيما تقتصر هذه المدة على سنتين فقط في كانتون جنيف.
ثلاثة شروط للحصول على الجواز الأحمر
خلاصة القول، لا يريد حزب الشعب ذو الاتجاه اليميني أن تتحول عملية الحصول على الجنسية السويسرية إلى إجراءات إدارية. ويشترط الحزب أن تتوفر في المرشحين للحصول على الجواز السويسري ثلاثة مواصفات.
أولها أن يكون عنده إلمام بإحدى اللغات الوطنية السويسرية كتابة وحديثا. ثانيا، أن يكون سجله القانوني خاليا من أية سوابق. ثالثا، أن يثبت انه قادر على إعالة نفسه.
لكن في الوقت الذي يبدي فيه حزب الشعب اليميني كل هذا التشدد إزاء منح الجنسية السويسرية للأجانب، تعبر تيارات سياسية أخرى عن ضرورة انفتاح السويسريين على ثقافات وحضارات أخرى منادية بإدماج افضل للأجانب في الكنفدرالية.
وفي الوقت الذي يقول حزب الشعب إن تحركاته تهدف إلى حماية الهوية السويسرية، جاء في خطاب رئيس الكونفدرالية موريتس لوينبرغر بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني أن كل من يقدمون إلى الكونفدرالية يساهمون أيضا في ترسيخ الهوية السويسرية مناديا بضرورة العيش في وئام واحترام التعددية الثقافية واللغوية التي تتميز بها البلاد.
كلمة الرئيس السويسري لم تتضمن الإشارة إلى منح الجنسية السويسرية للأجانب لكن فحوى الخطاب تميز بالانفتاح على العالم والثقافات الأخرى. وإذا تأمل المرء الهرم السكاني للكنفدرالية، فسرعان ما يكتشف أن المجتمع السويسري مجتمع عجوز تنخفض فيها نسبة الولادة بشكل واضح.
فعلى من ستعتمد سويسرا لسد النقص في اليد العاملة؟ ليس هنالك مفر إذن من الاستعانة باليد العاملة الأجنبية التي باتت تبرزُ أهميتها اكثر فاكثر في مختلف الميادين. وإذا حصل الأجنبي على الجنسية السويسرية وتمتع بالاستقرار سيكون مردود عمله افضل لا محالة ولن تكون الكونفدرالية الطرف الخاسر!
إصلاح بخات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.