تشدد يميني ضد الأجانب واللاجئين
ليس مفاجئا أن تتركز مقترحات حزب الشعب السويسري على تعزيز الأمن ومكافحة الهجرة السرية وردع الأجانب واللاجئين المخالفين لقوانين الكونفدرالية لكن الملفت إصرار أهم حزب سويسري على الإستمرار في اعتبار الأجانب واللاجئين مصدرا "شبه وحيد" للمشاكل والإجرام في البلد..
بعد أن أعلن الحزب الإشتراكي أن الأطفال والمنح العائلة ستكون في لب اهتماماته المقبلة، لم يخيب حزب الشعب السويسري المتموقع على الضفة اليمنى من الطيف السياسي، توقعات مؤيديه والمراقبين عموما حيث أعلن صراحة أنه سيواصل التركيز – وبقوة – على هواجس الأمن والخوف من الأجانب التي تنتاب قطاعات لا بأس بها من سكان الفدرالية.
فقد بدأت استعدادات حزب الشعب السويسري اليميني لموعد الإنتخابات البرلمانية المقبلة (أكتوبر 2003) في اجتماع ضم أكثر من ثلاثمائة مندوب في بلدة براتيلن (Pratteln) في كانتون ريف بازل أطلق فيه رسميا مبادرته المعروضة على التصويت الشعبي في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر القادم
ويبدو أن واضعي الإستراتيجية الإنتخابية للحزب قرروا الإستفادة إلى أقصى حد ممكن من موجة التشدد التي أصبحت تطبع سياسات الدول الأوروبية المجاورة لسويسرا تجاه الهجرة السرية ومن انزعاج السويسريين المتنامي من ظواهر الإجرام والعنف التي يعتقد معظمهم أن طالبي اللجوء والأجانب عموما مسؤولون عنها.
مطالب راديكالية متشددة
ويسعى الحزب من خلال تزعم المطالبين بانتهاج سياسة الردع والظهور بمظهر الجهة التي لا تتسامح بتاتا مع أي تجاوز للقانون والأمن في البلاد إلى استثمار كل تداعيات الحادي عشر من سبتمبر “الإعلامية والنفسية” في صفوف الرأي العام وإلى تقديم أجوبة مبسطة جدا عن المشاكل المعقدة والمتعددة المترتبة عن تزايد أعداد الأجانب واللاجئين المقيمين في سويسرا.
ومن خلال استعراض أهم بنود “سجل المطالب” الذي يحمل عنوان “الأمن في سويسرا” يتضح أن حزب الشعب السويسري لم يترك لبقية المنافسين أملا في المزايدة عليه. فهو يطالب بتشديد الحراسة على الحدود والترفيع في عدد العاملين في قوات الجمارك والحرس الحدودي والإستنجاد بالجيش إن لزم الأمر.
كما يدعو إلى ردع من أسماهم بـ “اللاجئين المزيفين والمهاجرين السريين” من خلال رفض معالجة ملفات الأشخاص الذين يصلون إلى سويسرا إثر عبورهم لبلد يوصف بالآمن وإلى تقليص فترة النظر في طلبات اللجوء إلى شهرين فقط على أن لا تتجاوز الستة أشهر في حال استئناف قرار الرفض.
ويمضي الحزب في تعداد مطالبه الراديكالية فيدعو إلى تحديد حرية تنقل طالبي اللجوء الذي لم يقدموا للسلطات أوراقا ثبوتية في “مناطق إقامة” ملزمة يعاقبون بالسجن في صورة مغادرتها. أما طالبو اللجوء الذين ترفض طلباتهم فيجب على الحكومة الفدرالية أن ترسل بهم إلى معسكرات أو مخيمات تقام قريبا من بلدانهم أو مناطقهم الأصلية.
مهمة صعبة للحكومة وللأحزاب
أما فيما يتعلق بظواهر العنف الشبابي أو المدرسي فلا يعترف الحزب بأي شيء اسمه محاولات الإدماج أو العلاج الوقائي ولا يرى الحل إلا في اتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية والقمعية ضد ممارسي العنف في الشوارع والمدن وداخل المؤسسات التعليمية.
فالأجانب الذين ينخرطون في عمليات تهريب أوترويج المخدرات أو الإتجار بالرقيق الأبيض يجب طردهم أو سحب تراخيص الإقامة الممنوحة لهم. أما عائلات الأطفال واليافعين الأجانب الذين يمارسون العنف في المؤسسات المدرسية لمرات متعددة فإما أن تسحب تراخيص الإقامة الممنوحة لها أو أن تتحمل نفقات تعليم أطفالها في مدارس غير عمومية مثلما جاء في سجل الإقتراحات.
من جهة أخرى دعا الحزب إلى اعتماد إجراءات صارمة لحظر تناول المشروبات الكحولية وتداول المخدرات وإبعاد الأسلحة عن المنشآت التربوية وتحميل شركات الطيران المزيد من المسؤولية القانونية والمالية عن نقلها لأي طالب لجوء إلى سويسرا.
وفي انتظار ما ستسفر عنه نتيجة التصويت الشعبي على مبادرة الحزب في موفى شهر نوفمبر القادم، سيخوض حزب الشعب السويسري المعركة الإنتخابية المقبلة مسلّحا بترسانة ضخمة من المقترحات الأمنية والعقابية لمواجهة ما يتّهم به الأحزاب الأخرى الشريكة في الإئتلاف الحكومي من “تهاون” في ما يتعلق بمراقبة الهجرة وما يرتبط بها من ظواهر ومشاكل.
وعلى الرغم من إعلان وزيرة العدل والشرطة روت ميتسلير في نفس اليوم رفضها القاطع “الإنخراط في دوامة القمع” في ما يتعلق بملف اللجوء وتأييدها لأعتماد مقاييس موحدة على المستوى الأوروبي في هذا المجال،إلا أن مهمة الحكومة الفدرالية والأحزاب السياسية لن تكون سهلة بالمرة في الفترة القادمة التي تتخللها مواعيد انتخابية هامة.
كمال الضيف – سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.