تصاعد الضغط الأوروبي لا يُـزعج برن
قرار الاتحاد الأوروبي بإجراء مفاوضات مع سويسرا بشأن الخلاف الضريبي، لم يُـقابل لحدّ الآن في برن بردود فعل مُـعلنة، فيما أعلنت معظم الأحزاب السياسية عن معارضتها.
مساء الثلاثاء 24 أبريل، قرر ممثلو الدول الأعضاء في الاتحاد تكليف المفوضية الأوروبية بمهمة التفاوض، لذلك، فإن صدور الضوء الأخضر من مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي لن يزيد عن خطوة شكلية.
في أوساط اليمين السويسري، لا يثير قرار لجنة خبراء الاتحاد الأوروبي المؤيدة لطلب التفاوض مع برن حول الخلاف الضريبي أية مخاوف.
إجمالا، تظل الأحزاب البورجوازية متمسِّـكة بالرأي الداعي لعدم دخول الحكومة السويسرية في هذا المسار، حيث أشار رومان ياغي، المتحدث باسم حزب الشعب (يمين متشدد) إلى أن “سيادة الكانتونات في المجال الضريبي، غير قابلة للتفاوض عليها”.
ويرى حزب الشعب أن على الحكومة الفدرالية أن تُـعيد طلب التفاوض إلى بروكسل “في نفس اليوم الذي يصل فيه إلى برن”، لكنه يعتقد في المقابل أنه من المهم أن تستعد سويسرا منذ الآن للإجراءات المحتملة، التي قد يتخذها الاتحاد الأوروبي.
وتبعا لذلك، يطلب حزب الشعب أن تُـجمِّـد سويسرا (ردّا على العقوبات المحتملة) عملية دفع الرسوم المُـسبقة المقتطعة من الفوائد على مدّخرات المواطنين الأوروبيين في المصارف السويسرية، إلى الاتحاد الأوروبي.
اليسار منفتح على الحوار
من جهته، لا يرى الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين) مبرِّرا للتفاوض، وتقول ماريان بيندر، المتحدثة باسم الحزب، “لا يجب على سويسرا أن تخضع للتهديد من طرف الاتحاد الأوروبي”، كما تذكّـر بأن الموقف من هذا الملف لا يحظى بالإجماع داخل الاتحاد الأوروبي نفسه.
أما الحزب الراديكالي (يمين)، فقد سبق له أن أكّـد قبل فترة أنه لن يتسامح مع تدخّـل الاتحاد الأوروبي في النقاش حول الملف الضريبي داخل سويسرا.
الاستثناء الوحيد، جاء من اليسار، الذي يؤيّـد الحوار، حيث صرح طوماس كريستن، الأمين العام للحزب الاشتراكي، أنه “ليس من مصلحة سويسرا توجيه رسالة رفض إلى بروكسل”، ويعتقد الحزب الاشتراكي أنه لا يجب إلحاق الضرر بالعلاقات الجيدة مع الاتحاد وأنه ليس بالإمكان اتخاذ موقف من وجاهة مطالب الاتحاد الأوروبي، إلا بعد أن تتم صياغتها بشكل واضح.
برن ترفض التفاوض
من جهة الحكومة الفدرالية، رفض المكتب السويسري للاندماج (المعني بمتابعة ملف العلاقات والمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي)، التعليق على “هذا القرار الداخلي للاتحاد”. في المقابل، سبق للحكومة الفدرالية أن اتخذت موقفا واضحا إثر اندلاع الجدل حول هذه القضية في منتصف شهر فبراير الماضي، عندما طلبت بروكسل من الدول الأعضاء في الاتحاد تكليفا بالتفاوض مع سويسرا.
ففي ذلك الوقت، قالت الحكومة السويسرية إنها منفتحة لإجراء مباحثات، ترمي إلى توضيح المسألة، إلا أنها رفضت أي مفاوضات، لأن برن تعتبر أن الممارسات الضريبية في الكانتونات السويسرية ليست لها أي علاقة مع اتفاقية التبادل التجاري الحر المبرمة منذ 1972 بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.
الهدف: تفاوض للوصول إلى “معاهدة”
من ناحيتها، تعتبر المفوضية الأوروبية أن التسهيلات الضريبية الممنوحة إلى الشركات من صِـنف هولدينغ، ذات الطابع الإداري والمختلطة في سويسرا، لا تتلاءم مع هذه الاتفاقية، مع ذلك، تعتزم منح الكنفدرالية مُـهلة انتقالية بهدف إلغاء الممارسة المتمثلة في إخضاع “أرباح داخلية وخارجية لجباية متنوِّعة”، بشكل تدريجي.
مساء الثلاثاء 24 أبريل، لم يزد عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي أبدت تحفظات بشأن مهمة التفاوض، عن ثلاثة (من بين 27)، حيث أشارت مصادر قريبة من المباحثات إلى أنه قد تم التوصل إلى الأغلبية المطلوبة لاعتماد القرار بيُـسر كبير.
مبدئيا، سيعتمد مجلس وزراء الاتحاد المشروع في غضون أسبوعين وبدون نقاش (نظريا)، ويبدو أن بروكسل تتّـجه إلى التفاوض مع سويسرا حول “معاهدة” لم تتضح بعد معالمها.
في الانتظار، يُـتوقع أن يصل طلب التفاوض إلى برن خلال الأسابيع القادمة.
سويس انفو مع الوكالات
ترى المفوضية الأوروبية أن التسهيلات الضريبية الممنوحة من طرف بعض الكانتونات السويسرية إلى شركات أجنبية، تتعارض مع اتفاقيات التبادل التجاري الحر المبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي في عام 1972.
يُـطالب الاتحاد الأوروبي سويسرا بالتخلي عن هذه الممارسة الضريبية والتأقلم مع متطلباتها، كما تطلب بروكسل من الدول الأعضاء، منحها تكليفا لإجراء مفاوضات مع برن من أجل التوصل إلى حل.
تعتبر المفوضية الأوروبية أن الامتيازات الضريبية الممنوحة من طرف عدد من الكانتونات إلى شركات هولدينغ أجنبية، توجد مقراتها في البلدان الأعضاء في الاتحاد وتخضع أرباحها إلى الضرائب في الخارج، تمثل لُـبّ الخلاف بين الطرفين.
تعتقد سويسرا أن اتفاقيات التبادل التجاري الحر بين سويسرا والاتحاد الأوروبي لعام 1972 لا تنطبق على التسهيلات الضريبية الممنوحة من طرف بعض الكانتونات إلى عدد من الشركات، فهو لا يُـطبّـق إلا على الاتجار في بعض المواد، مثل المنتجات الصناعية والمواد الزراعية المحوّلة.
تؤكّـد برن أن سويسرا والمجموعة الأوروبية لم تخطِّـطا – عند التوقيع على الاتفاقيات – لتعديل تشريعاتهما، إضافة إلى ذلك، لا يجب أن تفسَّـر القواعد المنصوص عليها في هذا الاتفاق، بنفس الصيغة التي يتم التعامل بها مع الإجراءات الداخلية للاتحاد الأوروبي في مجال التنافس، التي تتسم بتفصيل أكبر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.