تظاهرات يمينية وأخرى مضادة لها في ماغديبورغ بألمانيا
نظمّ حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف تظاهرة الاثنين في ماغديبورغ تكريما لضحايا الهجوم الذي استهدف السوق الميلادية في هذه المدينة وأعاد إلى الواجهة النقاش بشأن الأمن والهجرة في بلد يستعد لانتخابات تشريعية.
وفي الوقت عينه، تجمّع مؤيّدو حركة “غيب هاس كاينيه شانسي” (لا تعطِ الكراهية أيّ فرصة) في موقع قريب من التظاهرة حيث وقع الهجوم الذي أودى بحياة خمسة أشخاص، من بينهم صبيّ في التاسعة، وتسبّب بإصابة أكثر من مئتين.
وقال يان فنتسل شميدت المسؤول في حزب “البديل من أجل ألمانيا” عن ولاية ساكسونيا-أنهالت وعاصمتها ماغديبورغ (شمال شرق) إن “ّالذعر وصل إلى مدينتنا”، مندّدا بـ”الإخفاق السياسي الهائل” الذي أفضى إلى وقوع الهجوم الذي ارتكبه لاجئ سعودي.
وطالبت الرئيسة المشاركة للحزب أليس فايدل “بتغيير كي يتسنّى لنا مجددا العيش في أمان”.
ويحظى هذا الحزب اليميني المتطرف المناوئ للهجرة وللنظام القائم والمؤيّد لروسيا بحوالى 20 % من نوايا التصويت، محتلا المرتبة الثانية في استطلاعات الآراء بعد المحافظين (32 %) وقبل حزب المستشار الألماني أولاف شولتس اليساري الوسطي (15 %). لكن ما من حزب ألماني يريد التحالف معه.
وصرّحت حركة “غيب هاس كاينيه شانسي” من جانبها “لاحظنا بروع وغضب أن أشخاصا يريدون استغلال هذا الفعل الهمجي لتسخيره في خدمة سياستهم”، مشددة على أهمية قيم “التسامح والإنسانية”.
– شولتس تحت الضغط –
وتعهّدت حكومة المستشار أولاف شولتس من جهتها الأحد إجراء تحقيق سريع ودقيق لمعرفة إن حصل تقصير من جانب الأجهزة الأمنية في تجنّب وقوع الهجوم.
وصحيح أن دوافع المشتبه به ما زالت غامضة، غير أن هذا الهجوم أعاد إلى الواجهة المسائل المتعلّقة بالأمن والهجرة في خضمّ الحملة التي انطلقت في ألمانيا للانتخابات التشريعية المبكرة المزمعة في 23 شباط/فبراير.
وأعرب الطبيب النفسي السعودي البالغ 50 عاما طالب جواد العبد المحسن الذي أوقف مساء الجمعة عن آراء مناهضة للإسلام وغضبه من الموظّفين الحكوميين الألمان المعنيين بشؤون الهجرة وتأييده لسرديات اليمين المتطرّف المشحونة بنظريات المؤامرة حول “أسلمة” أوروبا.
وسبق للسعودية أن طلبت من ألمانيا تسليمها الرجل الحائز إقامة لجوء، بعدما حذّرتها مرارا من أنه “قد يكون خطيرا”، وفق ما أفاد مصدر حكومي في الرياض وكالة فرانس برس.
وفي مؤشّر إضافي على الضغوط التي تتعرّض لها الحكومة الألمانية قبل شهرين من الانتخابات التشريعية المبكرة في أواخر شباط/فبراير، تواجه وزيرة الداخلية نانسي فيزر جلسة استجواب تبدأ في 30 كانون الأول/ديسمبر حول أوجه الخلل التي يحتمل أن تكون ساهمت في وقوع الهجوم.
وستستجوبها مع مسؤولين رفيعي المستوى لجنة الرقابة البرلمانية ولجنة الشؤون الداخلية في مجلس النواب الألماني (بوندستاغ)، وفق ما أفاد مصدر برلماني وكالة فرانس برس.
– اضطرابات نفسية –
وتشكّل خلفية المشتبه به “التي لا تتوافق مع أيّ خلفية معروفة” بحسب السلطات، مصدر حيرة. وهو كان يثير مخاوف في أوساط الجالية السعودية في ألمانيا. وقالت عنه مينا أحدي، رئيسة المجلس المركزي للمسلمين السابقين، إنه “يميني متشدّد مضطرب عقليا يعتنق نظريات المؤامرة” ويكره كلّ من لا يشاركه كراهيته.
وأفادت صحيفة “ميتيلدويتشه تسايتونغ” المحلية بأن زملاءه كانوا يشكّكون في كفاءته الطبية ولقّبوه بـ”دكتور غوغل” لأنه كان يلجأ إلى الانترنت قبل إصدار التشخيص.
وكتبت صحيفة “بيلد” الأوسع انتشارا في ألمانيا “صحيح أن ملابسات الحادث الفظيع في ماغديبورغ لم تكشف بعد، لكن من الواضح أن الحملة الانتخابية” ستنقسم إلى قسمين “ما قبل الهجوم وما بعده”، مشيرة إلى أن الحادثة ستعيد إلى قلب “الحملة المتمحورة حتّى الساعة على الوضع الاقتصادي الكارثي لألمانيا” مسائل الأمن والهجرة.
والاثنين، حذّرت الجمعية الألمانية للشرطة الجنائية من “الاتهامات السابقة لأوانها وحتّى الاستغلال السياسي للأحداث”، لا سيّما أن وضع بعض الضحايا ما زال حرجا.
– جدل حول التدابير الأمنية –
ويدور جدل أيضا حول التدابير الأمنية المعتمدة في موقع الحادثة. وقد تسنى للمهاجم سلك مسلك غير خاضع لإجراءات الحماية قبل أن يهجم بسيّارة مستأجرة من طراز “بي ام دبليو” على الحشود.
وردّت سلطات ماغديبورغ بالقول إن هذا المدخل كان مخصّصا لسيارات الإسعاف والإطفاء في حالات الطوارئ.
وعُزّزت التدابير الأمنية المتّخذة في الأسواق الميلادية في ألمانيا، خصوصا من خلال تقييد النفاذ إلى المداخل بحواجز إسمنتية، عقب حادثة مماثلة ارتكبت قبل ثماني سنوات في سوق ميلادية في برلين أودت بحياة 13 شخصا.
كما شدّدت ألمانيا هذه السنة الرقابة المفروضة على حيازة الأسلحة في الأماكن العامة، إثر سلسلة من الهجمات بالسكاكين، من بينها هجوم أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية خلال مهرجان صيفي في زولينغن (الغرب).
واعتبر بيتر نويمان الخبير في مكافحة الإرهاب في تصريحات لأسبوعية “دير شبيغل” أن “فعالية التدابير الأمنية تقاس نسبة إلى الحلقة الأضعف فيها. فإذا كان مدخل واحد غير محمي، فإن كلّ الحواجز الإسمنتية الأخرى لا تجدي نفعا”.
بزر-ليب/م ن/ح س