تعاون وتكامل ولكن بدون اندماج!
نشرت هذا الأسبوع لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ السويسري تقريرها حول علاقة الكونفدرالية مع الاتحاد الأوروبي والرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر على المدى البعيد دون النظر إلى مسألة انضمام سويسرا إلى الاتحاد، التي باتت غير واضحة المعالم
كرد على تقرير الحكومة الفدرالية لعام تسعة وتسعين حول علاقة سويسرا بالاتحاد الأوروبي، والذي اعتبرته أغلبية مجلس الشيوخ مهتما بالانضمام إلى الاتحاد أكثر من أي بند آخر، جاء تقرير لجنة العلاقات الخارجية ليضيف لمسات تلقي الضوء على الجوانب المختلفة للعلاقة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي من جهة، ومن جهة أخرى العلاقة بين سويسرا والرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر، وهو تجمع يضم كلا من سويسرا وإمارة ليختينشتاين وأيسلندا والنرويج.
تقرير لجنة العلاقات الخارجية يتطرق إلى مدى اندماج سويسرا مع دول الجوار اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وذلك في مرحلة ما بعد توقيع الجزء الأول من الاتفاقيات الثنائية بين الجانبين وانعكاساته داخليا وعلاقة هذا الملف مع الفضاء الأوروبي الأوسع الذي تنضم فيه كلا من النرويج وأيسلندا وهل يمكن أن تقود هذه المرحلة إلى تغيير في سويسرا أم أن هذا التغيير ضرورة حتمية تفرضها هذه التغيرات.
وتخلص اللجنة إلى أنه لابد من التقارب بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، فالواقع يفرض نوعا من التغيير على سياسة “الانفرادية” التي انتهجتها سويسرا لعقود طويلة حسبما أكد رئيس اللجنة ماكسيميليان رايمان من الحزب الاشتراكي عن كانتون آرغاو، وإذا كانت سويسرا قد رفضت الانضمام إلى مجموعة الخمسة عشر، فان موقعها الجغرافي يفرض عليها أن تكون مواكبة لما يحدث حولها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وأن تتفاعل بشكل ايجابي مع متطلبات العصر وهو ما أطلق عليه التقرير وصف “المواكبة المستقلة”.
كيف الحفاظ على الإستقلالية؟
واتفقت لجنة العلاقات الخارجية على أن المستقبل المنظور والمتوسط المدى لا بد وأن يهتم بالاتفاقيات الثنائية ومراقبة انعكاساتها على سويسرا بعد بدء العمل بها في منتصف هذا العام، على الرغم من أن هيئة الاقتصاد السويسري (economiesuisse) التي تمثل أرباب العمل، أكدت على أن سويسرا تأقلمت اقتصاديا مع دول الجوار بنسبة تتراوح ما بين ثمانين وتسعين في المائة، مع الحفاظ على الاستقلالية السويسرية في اتخاذ القرار المناسب وهو ما يضمن استمرارية الديموقراطية المباشرة التي تتمسك بها سويسرا داخليا.
وإن كانت هذه الاستقلالية قد حوفظ عليها في الجانب الاقتصادي، فانه ليس من السهل ان تصل إلى نفس المستوى إذا ما انضمت سويسرا إلى اتفاقية شينغين ومعاهدة دبلن. فالأولى تفتح الحدود وتسمح بحرية التنقل والثانية تعزز التعاون في مجال سياسة اللاجئين وهما لا تتيحان نفس مجال الاختيار بين ما يناسب وما لا يناسب مثلما هو الحال في المجال الاقتصادي.
وسوف يتعذر على سويسرا بالفعل إذا ما انضمت إلى الإتفاقيتين اتخاذ قرار فردي يتعلق بالاتفاقية أو المعاهدة يغرد خارج سرب المجموعة الاوروبية، لذا تطالب بعض الاصوات الحريصة على التقارب مع الاتحاد الاوروبي بضرورة مراعاة “الحالة السويسرية” حتى لو اقتضى الامر مفاوضات تستمر لفترة أطول أو إضافة بند خاص بها.
المصلحة الوطنية تتطلب الواقعية
كل من لجنة العلاقات الخارجية ومجلس الشيوخ اختلفا على تحديد الفترة الزمنية التي أطلق عليها التقرير اسم “المدى المتوسط” للعلاقة الأورو- سويسرية. فهناك من يتحدث عن فترة زمنية لا تقل عن عشر سنوات، فيما يرغب آخرون في تحديدها بأقل من هذا، في المقابل حصل خلاف داخل اللجنة حول تحديد فترة “المدى البعيد” وتوصل أعضاؤها في النهاية إلى أنه من الأفضل عدم تحديد فترة زمنية محددة وترك الأمر لما ستؤول إليه الأمور.
تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب السويسري جاء أيضا متميزا بالدقة في تحديد مستقبل سويسرا مع جيرانها مع الحفاظ على استقلالية القرار الداخلي مبتعدا عن العواطف وباحثا عن الحلول الأفضل والصيغ المناسبة.
فالاتحاد الأوروبي في نظر الكثيرين كيان مازال يبحث عن هوية، وطموحاته التوسعية ليست واضحة المعالم ولا يبقى أمام سويسرا سوى التكامل معه في اطار المصالح المتبادلة ودون الدخول في علاقة زواج كاثوليكي.
تامر أبوالعينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.