تعبـئة سويسرية ضد الجوع في العالم
بمنـاسبة إحياء يوم الأغذية العالمي في 16 أكتوبر من كل عام، شهدت برن في نهاية الأسبوع الماضي إنشاء "التحالف السويسري ضد الجوع".
المزيد
تعبـئة سويسرية ضد الجوع في العالم
رئيس الكنفدرالية موريتس لوينبرغر انتهز أيضا هذه الفرصة صبيحة الإثنين للدعوة إلى التحرك بـ”حزم” ضد الجوع والفقر في العالم، مؤكدا أن السبيل الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة هو تضافر الجهود على المستوى الدولي.
جاء في البيان الذي أصدره رئيس الكنفدرالية موريتس لوينبرغر صباح الإثنين 16 أكتوبر في العاصمة الفدرالية برن: “إن الحرب والفساد والتغيير المناخي هي الأسباب الرئيسية للجوع والفقر”.
وأكد السيد لوينبرغر على ضرورة التزام سويسرا، في إطار الأمم المتحدة، بالتحرك ضد جذور تلك الشرور، منوها إلى أن سوء التغذية يـُودي كل يوم بحياة آلاف الأشخاص الذين يتجاوز عددهم بعشرة أضعاف ضحايا الهجمات ضد مركز التجارة العالمي. ورغم ذلك، ذكر الرئيس أن مأساة الجوع والفقر لا تتصدر العناوين العريضة في وسائل الإعلام.
“الخبز هو الحياة”
وتأتي كلمة رئيس الكنفدرالية بعد يومين من إنشاء “التحالف السويسري ضد الجوع” يوم السبت الماضي في قلب العاصمة الفدرالية، حيث أقيم حفل تأسيسي في ساحة كاتدرائية برن تحت شعار “الخبز هو الحياة”، تم خلاله توزيع أكواب قهوة وعجائن “الكرواسون” على الحضور في الهواء الطلق.
كما أقـيم حفلٌ داخل الكاتدرائية، وفعالياتٌ موسيقية من مختلف أقطاب العالم، وبازار، وعروض لتقديم نشاطات منظمات التعاون المـُؤسِّسة للتحالف ضد الجوع والفقر في العالم، مع التذكير بأن واحدا من بين كل سبعة أشخاص يعاني من الجوع في العالم.
ويضم التحالف الذي ترأسه النائبة الديمقراطية المسيحية في مجلس النواب، روزماري زابفل، أكثر من 30 منظمة وخواص. وقد أعلن اتحاد المزارعين السويسريين يوم الجمعة 13 أكتوبر أنه سينضم للتحالف (المحايد سياسيا ودينيا) تضامنا مع من يعانون من مأساة الجوع.
وتدخل نشاطات يوم السبت في إطار الاحتفالات بيوم الأغذية العالمي الذي تحييه منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” في 16 أكتوبر من كل عام منذ سنة 1979. وهو مناسبة للتذكير بأن أكثر من 850 مليون شخص يعانون من سوء التغذية في العالم. ويـُحتفل هذا العام بيوم الأغذية العالمي تحت شعار “الاستثمار في الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي من أجل أن تعم الفائدة العالم أجمع”.
وفي هذا السياق، قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة الدكتور جاك ضيوف في الخطاب الذي ألقاه يوم الإثنين في مقر المنظمة بروما: “لقد حصل مؤخراً انتعاش هام في مجال الاهتمام بقطاع الزراعة إذ أن برامج الإعفاء من الديون التي عززها قرار البلدان الثمان الكبرى في عام 2005، قد بدأت تطلق الموارد القطرية لغرض الاستثمار في القطاع الزراعي، غير أنه ما يزال هناك الكثير ما يتطلب القيام به في هذا المجال”.
وأضاف أن “المنظمة قد توقعت في عام 2002 أن الكلفة العامة الإضافية مجتمعة لكل الاستثمارات لتلبية هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية بحلول 2015 هي بحدود 19 مليار دولار أمريكي لأغراض النمو الزراعي وتعزيز الإنتاجية في المناطق الريفية و5 مليارات من الدولارات للبرامج التي تؤمن فرصاً للحصول مباشرة وعلى الفور على الأغذية من قبل أولئك الذين هم الأكثرعوزاً لها”.
المزيد
الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون
ليس وليد الصّدفة
وقد أوضح مؤسسو “التحالف السويسري ضد الجوع” – على الموقع الإلكتروني الذي أنشؤوه بالمناسبة – أن ميلاد التحالف جاء نتيجة لتسلسل جملة من الأحداث.
ففي عام 1996، تبنى 184 رئيس دولة وحكومة خلال قمة الأغذية العالمية لمنظمة الزراعة والأغذية في روما، “إعلان روما” وتعهدوا فيه بتقليص عدد الأشخاص الـ840 مليون الذين يعانون من الجوع إلى النصف بحلول عام 2015.
وفي عام 2000، اتفقت الدول الأعضاء في المنظمة الأممية، بمناسبة قمة الألفية للأمم المتحدة، على إعلان نصَّ على تقليص عدد الفقراء والجوعى بالنصف. وحظي هذا الهدف بالأولوية إذ جسد تصورا موحدا واتفاقا دوليا على ضرورة تحرير العالم من الجوع والفقر.
وخلال قمة منظمة الزراعة والأغذية لعام 2002، استنتجت الدول الأعضاء عدم إحراز أي تقدم منذ عام 1996 في محاربة الجوع. وأجمع رؤساء الدول والحكومات على ضرورة تعزيز الإرادة السياسية على الصعيدين الوطني والدولي لبلوغ الأهداف المتوخاة. واعتمدوا في بيانهم الختامي نصا يوصي بتطوير تعليمات غير ملزمة حول الحق في الأغذية، وبتعزيز التزامهم عبر تنظيم تحالف دولي ضد الجوع.
وبخلق تحالفات وطنية وربطها بشبكة دولية، يـفترض أن يستفيد الجميع من ثمرات هذا التعاون الذي يـُرجى أن يقضي على الجوع تدريجيا. وبعد تبني النص، بات إنشاء تلك التحالفات يندرج في صميم الجهود المبذولة، إلى أن بلغ عددها اليوم 40 تحالفا، معظمهم في الدول النامية.
وبمناسبة يوم الأغذية العالمي 2005، وجه رئيس الكنفدرالية السويسرية (آنذاك)، سامويل شميد، نداء عبر وسائل الإعلام لإنشاء تحالف سويسري ضد الجوع. ومنذ ذلك الحين، أصبح هدف “اللجنة السويسرية لمنظمة الأغذية والزراعة” – التي عينتها الحكومة الفدرالية- إنشاء “التحالف السويسري ضد الجوع”، وتقديم نشاطاته للجمهور في يوم الأغذية العالمي الموالي، 16 أكتوبر 2006.
وقد نشرت منظمة الأغذية والزراعة يوم الإثنين إصدارا جديدا بعنوان “الحق في الأغذية: نافذة على العالم”، تم إنجازه بدعم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.
ويعتبر مدير الوكالة فالتر فوشت هذا الإصدار خطوة هامة نحو تنفيذ التعليمات غير الملزمة لتطبيق “الحق في الغذاء”.
مبادئ وأهداف
ويقوم التحالف السويسري ضد الجوع على جملة من المبادئ الرامية إلى: ضمان عالم محرر من الجوع والفقر، والحق في الأغذية والماء للجميع، وتطبيق التعليمات غير الملزمة الخاصة بالحق في الأغذية، وزراعة وتطور قروي مستديمين، وتحسين وضع التموين في الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية والقروية، وسيادة الدول في مجال التموين.
ويدعو التحالف إلى “توزيع أكثر عدلا للمواد الاستهلاكية بين مختلف مناطق العالم”، ويظل على قناعة بأن الوسيلة الأفضل والأنجع لتحقيق ذلك هي “إصلاح هياكل التجارة الدولية”.
وأكد التحالف عزمه على تحويل الأقوال إلى أفعال مؤكدا أنه “لن يكتفي بالتصريحات”، إذ يعتبر أنه من واجبه إقامة شبكة وطنية تضم مؤسسات ومنظمات تعاونية وشركات.
ويتعهد التحالف بمنح صوته في سويسرا لكافة من يعانون من الجوع، والدفاع عن حقهم في الغذاء والماء، وإعلام وتوعية الجمهور بالعلاقات المباشرة والكثيرة بين الجوع والفقر والتنمية، وتنفيذ التحركات الضرورية لمكافحة آفة الجوع.
أرض البشـر.. في الصورة أيضا
من جهة أخرى، وفي إطار الاحتفالات بيوم الاغذية العالمي، أهدى أكثر من 400 مطعم سويسري يوم الإثنين جزء من مدخوله لمشاريع غذائية لمنظمة أرض البشر (المعنية بحماية حقوق الطفل) في 17 بلدا، في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا.
وأوضحت المنظمة في بيانها أن المطاعم عبرت بهذا التحرك عن التزامها بـ”الحق الاساسي للحصول على الاغذية بكم وكيف مناسبين”، مضيفة أن ريع هذه العملية التضامنية سيسمح بمساعدة “أكثر من 36 ألف طفل على التغذية والتقوية والنمو”.
ويذكر أن أرض البشر كانت قد جمعت العام الماضي، خلال عملية مماثلة، أكثر من 123 ألف فرنك بفضل تحرك المطاعم الذي يتم تحت شعار “تشاطروا وجبتكم”.
سويس انفو – إصلاح بخات مع الوكالات
في نوفمبر 1979، اتفقت البلدان الأعضاء في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أثناء الدورة العشرين للمؤتمر العام على إقامة “يوم الأغذية العالمي”.
واختارت تاريخ 16 أكتوبر من كل عام لإحياء هذا اليوم، وهو أيضا ذكرى الاحتفال بقيام منظمة الأغذية والزراعة عام 1945.
ومنذ ذلك الحين، ظل الاحتفال بهذا اليوم يقام سنويا في أكثر من 150 بلدا.
يحتفل باليوم العالمي للأغذية هذا العام تحت شعار: “الاستثمار في الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي”.
أُنشـأت هذه الجمعية يوم السبت 14 أكتوبر 2006 لمحاربة الجوع في العالم.
تضم أكثر من 30 منظمة غير حكومية سويسرية، على المستويات الوطني والكانتوني والبلدي، ومجموعات دينية، ومؤسسات عمومية وخواص، وبرلمانيين، وأجهزة تربوية، ووسائل إعلام، وممثلين عن الاقتصاد الخاص.
جاء تأسيس الجمعية بمبادرة من أعضاء اللجنة السويسرية لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، وأعضاء من المكتب الفدرالي للزراعة، والجمعية السويسرية للخبازين وصانعي الحلويات، ومنظمات أخرى.
التحق بالجمعية يوم الجمعة 13 أكتوبر اتحاد المزارعين السويسريين.
في عام 1960، أسس الفرنسي السويسري إدموند كايزر حركة التعاون الإنسانية “أرض البشر” في مدينة لوزان لتطوير مشاريع صحية وغذائية في العالم، واستقبال الأطفال الذين لا يستطيعون تلقي العلاج في بلدانهم مثل الجزائر وتونس وفيتنام.
في عام 1966، انتظمت مجموعة وكانتونات اخرى لتكون “أرض البشر سويسرا” ثم امتدت الحركة في دول أخرى وأنشأت “الفدرالية الدولية لأرض البشر” على النموذج السويسري.
في عام 1972، ونتيجة لخلافات مع كايزر، انشقت الحركة حيث تحولت جمعية لوزان الى مؤسسة تحمل اسم “أرض البشر لوزان” فيما انتظمت “أرض البشر سويسرا” في فرعين احدهما في جنيف والثاني في بازل.
تحولت الفدرالية الدولية لأرض البشر” اليوم إلى شبكة تضم 11 منظمة وطنية توجد مقراتها في ألمانيا، وكندا، والدنمرك، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، ولوكسمبورغ، وهولندا، وسويسرا (حيث توجد منظمتان، مؤسسة أرض البشر والفرع السويسري لأرض البشر)، وسوريا.
حسب تقديرات أرض البشر، يموت أكثر من 10 مليون طفل دون سن الخامسة كل عام، معظمهم في البلدان الفقيرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.