مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تـجـنّـد مدنـي لفائدة القضية الفلسطينية

فلسطينيون ونشطاء دوليون في وقفة احتجاجية أثناء وصول الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية يوم 30 أغسطس 2006 Keystone Archive

ترغب منظمات المجتمع المدني في القيام بحملة دولية لصالح القضية الفلسطينية لتسليط الأضواء على واقع معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

ومن بين الأفكار المطروحة تأسيس محكمة دولية لمقاضاة كل من قصروا في حق هذا الشعب، والتحرك على مستوى الرأي العام الدولي والإسرائيلي، للتوضيح بأن المسألة قضية احتلال بالدرجة الأولى.

شهد قصر الأمم المتحدة على مدى يومي 7 و8 سبتمبر 2006 انعقاد المؤتمر الدولي لمنظمات المجتمع المدني لدعم الشعب الفلسطيني، وهو المؤتمر الذي دعت إليه لجنة الأمم المتحدة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بناء على قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

هذا الاجتماع الذي ذكر فيه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من خلال خطاب قال فيه: “إنه في الوقت الذي استقطبت فيه حرب لبنان أنظار العالم، ما فتئت أوضاع الاراضي الفلسطينية المحتلة تتدهور بشكل كبير (…) بحيث لن يترتّـب عن ذلك سوى المرارة والكراهية”.

وقال الأمين العام: “إن الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تفاقم الأوضاع أكثر واستمرار العنف”.

الانسحاب الأحادي ليس حلا

ودعم السيد بول بادجي ذكّر، رئيس لجنة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بأن هناك ضرورة لتوعية الجمهور للأوجه غير المعروفة عن هذا الاحتلال، إذ اعتبر أن “الانسحاب الأحادي، الذي يبدو في نظر البعض أنه نهاية للاحتلال، ما هو إلا وسيلة للاستيلاء على أقسام كبيرة من التراب الفلسطيني للسماح للمستوطنات بالارتباط ترابيا بإسرائيل داخل الحدود النهائية، التي يشكلها الجدار الفاصل. أما باقي الأراضي الفلسطينية فتبقى على شكل دويلات منفصلة، وفيما يخص الضفة الغربية فتبقى تحت إشراف إسرائيلي”.

وبعد الإشارة الى المضايقات والانتهاكات اليومية التي تقوم بها إسرائيل واستيلائها المنهجي على الموارد الطبيعية الفلسطينية، أَوضح رئيس لجنة دعم حقوق الشعب الفلسطيني أن “من لا ينظر إلى كل هذه الحقائق، يبدو له مخطط فك الارتباط الإسرائيلي على أنه يمنح الفلسطينيين كل ما يسمح لهم بإقامة دولتهم وأن رفضهم له رفض غير منطقي”.

وانتهى السيد بادجي الى التذكير بأن “المسؤولية الدائمة لحل القضية الفلسطينية تبقى بين أيدي الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم”.

دعم ثمين

وذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من خلال خطاب تلاه ممثله السيد رياض منصور، بأن “دعم منظمات المجتمع المدني للشعب الفلسطيني دعم ثمين”. وقد أشار السيد محمود عباس إلى أنه “على الرغم من صدور العديد من القرارات الأممية التي تدين الممارسات الإسرائيلية، ومن الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الفاصل، لم تطبق إسرائيل ولا قرارا واحدا لحد اليوم”. وأضاف الرئيس الفلسطيني أن “الازدراء الذي توليه إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة واستمرارها في انتهاك القوانين الدولية، لم يعملا إلا على مضاعفة مآسي الشعب الفلسطيني”.

وانتهى إلى قول “بفضل دعم منظمات المجتمع المدني، سيستمر الشعب الفلسطيني في إسماع صوته رغم كل الصِّـعاب”.

جرائم عنصرية

رئيسة شبكة التنسيق الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، الأمريكية فيليس بينيس، وصفت “العدوان الإسرائيلي المتصاعد بأنه جريمة عنصرية”. وناشدت المؤتمر من أجل إدانة ما أسمته بـ”الجريمة العنصرية البشعة”.

وترى السيدة فيليليس بينيس أن “قضية فلسطين، التي كانت مقتصرة في وقت ما على مناطق الاحتلال الإسرائيلية، أصبحت اليوم مطروحة على مستوى إقليمي ودولي”، وذكّرت بأن “الذين يعيشون تحت الاحتلال تزداد ظروفهم سوءا، أما اللاجئون فما زالوا يُـواجَـهون برفض لحقوقهم الدولية في العودة”.

وطالبت السيدة فيليس، باسم منظمات المجتمع المدني، الأمم المتحدة بأن “تضع، ضمن مطالبها مسالة محاكمة مرتكبي الجرائم العنصرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وعلى غرار ما تم في حق نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ناشدت المناضلة الأمريكية بـ”ضرورة انتهاج إستراتيجية مقاطعة” ضد إسرائيل، كما طالبت الأمم “بضرورة فرض عقوبات ضد الحكومة الإسرائيلية، وبالأخص في مجال الأسلحة”.

صمت المجموعة الدولية

مصطفى البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، ندد من جهته بصمت المجموعة الدولية على تجاوزات إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، إذ قال “إن هذه المجموعة الدولية قد بدأت متسامحة تجاه القمع والظلم بالتظاهر، تارة بالتفهم، وتارة أخرى بالتزام الصمت”، ولم يتردد في اتهامها بممارسة “الكيل بمكيالين”.

ويرى السيد البرغوتي أنه “من غير الممكن التوصل الى حلٍّ، ما دمنا نعتقد بأن الصراع قائم بين معسكرين يتصارعان من أجل أرض واحدة”. قبل أن يوضح “إن صراع الفلسطينيين هو صراع شعب صُـودرت منه أراضيه، وهو صراع حقيقي من أجل الحرية وضد الاحتلال”.

وانتهى السيد البرغوتي إلى القول “إن الحل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو تطبيق ما نجح في جنوب إفريقيا، أي تجند المجتمع المدني من أجل ممارسة ضغط على الحكومة الإسرائيلية وبفرض عقوبات على كل أوجه التعاون العسكري مع إسرائيل لإرغامها على احترام القانون الدولي”.

“الصهيونية ليست قهرا لحقوق الغير”

وأوضح ضرور إيتكس، مراقب بناء المستوطنات في القدس وعضو حركة السلام الإسرائيلية أن “الصهيونية لم تكن في أصلها حركة لطمس حقوق الغير”. ويعترف ايتكس أن “أغلبية الإسرائيليين لم يمعنوا التفكير فيما تعنيه إقامة مستوطنات”، قبل أن يوضح بأن “الشعب الفلسطيني هو الشعب الأصلي في هذه المنطقة، وليس مجرد حادث تاريخي عارض”.

وتعهّـد ضرور إيتكس بالعمل على توضيح هاتين النقطتين للاسرائيليين، مختتما تدخله بأن “الأنظمة الإستعمارية لا تنتهي بسبب إدارك البعض بأن ما تم القيام به ليس خلقيا، بل إنها تندثر بسبب الخلافات الداخلية”، وعبر عن الأمل في أن يستطيع المجتمع الإسرائيلي استخلاص الدروس مما هو متاح أمامه اليوم”.

وقد شجع ضرور ايتكس “الذين يدينون إسرائيل باستعمال عبارات “التمييز العنصري”، معتبرا أن ذلك قد يساعد الإسرائيليين على إدارك حقيقة الواقع”.

افكار متفـرقة يجب بلورتها

من الأفكار التي طرحت أثناء تبادل الآراء بين ممثلي المجتمع المدني المناصرين لقضية الشعب الفلسطيني، دعوة السناتور البلجيكي بيار جالان إلى “تشكيل محكمة على غرار ما تم في حرب فيتنام”.

وأوضح السيد بيار جالان بأن “مؤسسة بيرتراند راسل وجّـهت نداءا من أجل تشكيل محكمة للنظر في تقصير المجموعة الدولية في حق الفلسطينيين”، ويرى أن الأمر “لا يتعلق فقط بإدانة إسرائيل، بل بمقاضاة المجموعة الدولية بمؤسساتها الدولية والأممية، ومحاكمة الولايات المتحدة والدول العربية على تقاعسهم منذ أربعين عاما، وتقصيرهم في جهود إقامة دولة فلسطينية”.

وقد أوضح مصطفى البرغوتي من جهته بأن على الفلسطينيين بذل مجهود كبير في اختيار المفاهيم والتعابير المستعملة لوصف المراحل التي تمر بها الأحداث، كما شدد على ضرورة الاهتمام بشكل كبير بالصيّـغ المقترحة للدولة الفلسطينية المحتملة.

بيدرو بريغر، عالم الاجتماع والصحفي الأرجنتيني، ذهب في نفس الاتجاه مشدّدا على ضرورة توضيح التعابير المستعملة من قِـبل وسائل الإعلام عن القضية الفلسطينية. وقد اقترح استغلال مناسبة الذكرى الأربعين لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام القادم للقيام بحملة إعلامية وسياسية دولية.

ويجمع كل المتدخلين على القول بأن التحول الذي طرأ في الرأي العام الدولي منذ حرب لبنان، يجب توظيفه لصالح قضية الشعب الفلسطيني أيضا.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية