تكاليف باهـظة جراء الإنـتحار!
للمرة الأولى، حاولت مجموعة سويسرية تقييم التكاليف المالية والإجتماعية للانتحار ومحاولات الانتحار "الفاشلة" في الكنفدرالية.
نتيجة الدراسة كانت مذهلة: الانتحار وتبعاته يكلفان المُجتمع السويسري زهاء مليارين و500 مليون فرنك سنويا…
تُسـجَّلُ في سويسرا كل عام حوالي 30000 محاولة انتحار “تنجح” منها زهاء 1350 حالة. وإن كانت مُختلف الهيئات الطبية والإجتماعية والدينية التي تسهر على الوقاية من الانتحار في سويسرا تركزُ جهودها على معرفة الأسباب التي تقف وراء ظاهرة الانتحار، فإن “الجمعية السويسرية للتوعية بالمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان” انكبت على زاوية أخرى لا تمت للجانب المعنوي أو العاطفي بصلة.
الجمعية قامت بدراسة هي الأولى من نوعها في سويسرا، حيث حاولت تقدير التكاليف المالية والإجتماعية الناجمة عن الانتحار أو محاولات الانتحار الفاشلة وتبعاتها، خاصة وأن الكنفدرالية تعاني بشكل خطير جدا من هذه الظاهرة مقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى.
ويشار هنا إلى أن الانتحار أصبح السبب الأول لوفاة الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين عاما في سويسرا. كما أن الكنفدرالية تتصدر، إلى جانب فنلندا ودول من أوربا الوسطى والشرقية، قائمة الدول الأكثر تضررا من ظاهرة الإنتحار.
المحاولات الفاشلة أغلى..
نتائج الدراسة الجديدة التي أُعلن عنها يوم الخميس 11 سبتمبر في برن كشفت عن أرقام مذهلة، حيث قدّرت هذه التكاليف بمليارين ونصف المليار فرنك سويسري سنويا، معظمها (2,4 مليار) يقع مُباشرة على عاتق نظام الصحة العمومي. هذا دون احتساب الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الانتحار.
وأمام هذه المعطيات المثيرة، أعربت “الجمعية السويسرية للتوعية بالمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان” عن استيائها من الافتقار للإجراءات الوقائية الضرورية لمواجهة ظاهرة الانتحار.
وفي هذا الصدد، صرح الأمين العام للجمعية والمسؤول عن جمعية “Dignitas” للمُساعدة على الانتحار لودفيك مينيللي: “لم ينجح أيُّ بلد في الوقاية من الانتحار. فهو موضوع لا يزال الحديث عنه من ضمن المُحرمات. لكن عندما ندرك أهمية الظاهرة، أعتقد أنه يجب أن تكون موضع نقاش سياسي”.
كما أكدت الدراسة التي أشرف عليها الصحفي بيتر هولنشتاين، الذي كان مسؤولا عن جمعية “Exit” للمساعدة على الانتحار من 1997 إلى 1998، أن تكاليف محاولات الانتحار التي تنتهي بالوفاة -وتشمل أيضا عمليات المساعدة على الإنتحار أو ما يعرف أيضا بقتل الرحمة، والنفقات الناجمة عن تدخل الفرق الطبية والشرطة، والتأمين على الحياة- تصل إلى 65 مليون فرنك سنويا.
أما محاولات الإنتحار الفاشلة، التي قدّر الصحفي هولنشتاين عددها بـ30000 في السنة، فتكاليفها أعلى، حيث يصل إجمالي النفقات الناجمة عنها حسب منجزي الدراسة إلى 2,369 مليار فرنك سنويا. ويشمل هذا المبلغ الإسعافات الأولية وفترات العلاج في المستشفيات أو المصحات المتخصصة، والنفقات المرتبطة بعدم القدرة على العمل بعد محاولات الانتحار.
واستند الصحفي هولنشتاين خلال إشرافه على هذه الدراسة إلى معطيات حصل عليها من المستشفيات وشركات التأمين الصحي والأطباء والأطباء النفسانيين والشرطة وسلطات الكانتونات.
ويعتقد الأمين العام للجمعية السويسرية للتوعية بالمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان لودفيك مينيللي أنه يتعين على السلطات إيلاء اهتمام أكبر بهذه المعطيات. كما شدد على ضرورة كسر التحفظ المحيط بقضية الإنتحار، وتخصيص حملات توعية ووقاية منه على غرار الحملات الخاصة بداء المناعة المتكسب إيدز على سبيل المثال.
وأضاف السيد مينيللي أنه يجب تسهيل مساعدة الأشخاص المرضى الراغبين في وضع حد لحياتهم، موضحا أن ذلك سيسمح بتقليص النفقات.
ووفقا لنتائج الدراسة، فإن التكاليف الإجتماعية لكل عملية انتحار لا تقل عن 48 ألف فرنك، فيما تقدر تكاليف محاولة انتحار فاشلة بـ80 ألف فرنك وتشمل الرعاية الطبية والنفسانية.
سويس انفو مع الوكالات
في عام 1999، سجلت في سويسرا 1350 حالة انتحار مقابل 516 وفاة في حوادث السير
في عام 2000، انتحر في سويسرا 1378 شخص
منذ الخمسينات، بدأت حالات الانتحار تنخفض في سويسرا لكنها مازالت تعتبر عالية جدا مقارنة مع عدد من الدول الأوروبية الأخرى
تسجل أعلى نسبة لمحاولات الانتحار في سويسرا في كانتون أبنزيل
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.