تنشيط أمريكي للشراكة مع شمال افريقيا
شكل الاجتماع الاقتصادي الاميركي ـ المغاربي الذي انعقد يوم الثلاثاء الماضي في واشنطن مؤشرا قويا على سعي امريكا لاحياء "مبادرة ايزنستات" التي أُطلقت عام 1998.
وضم الإجتماع كلا من وزير التجارة الاميركي ونظرائه في الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا لبحث افاق اقامة مناطق ثنائية للمبادلات الحرة مع الولايات المتحدة.
في الواقع كان الاجتماع مقررا لشهر ابريل الماضي، لكنه تاجل الى الخريف بسبب انشغال السلطات الامريكية بتداعيات احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وبمناسبة عقد الاجتماع تم التوقيع على اتفاق اطاري لتنمية التجارة والاستثمارات بين تونس والولايات المتحدة طبقا لما اعلنه مساعد وزير التجارة الاميركي صموئيل بودمان خلال زيارته لتونس الاسبوع الماضي في اطار جولة في عواصم الشمال الإفريقي.
واعتبر المراقبون الجولة التي شملت كلا من مصر وتونس والجزائر والمغرب خطوة تدل على عودة الاهتمام الامريكي بدول شمال افريقيا بعدما كانت تعتبرها في السنوات السابقة منطقة هامشية مقارنة بالشرق الاوسط والخليج.
وربط المحللون بين احياء الاجتماعات الوزارية السنوية الاميركية ـ المغربية في واشنطن وتراجع المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة والدول العربية منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر.
اذ قدرت مساعدة وزير التجارة الامريكي لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا مولي وليامسون نسبة انخفاض المبادلات بما بين 20 و26% خلال العام الماضي، بسبب المقاطعة الشعبية الواسعة للسلع الامريكية.
واكدت وليامسون مؤخرا في ندوة نظمها “المجلس الوطني للعلاقات الامريكية ـ العربية” في واشنطن، ان الولايات المتحدة تسعى لتشجيع التجارة مع البلدان العربية من خلال عقد اتفاقات لاقامة مناطق للتجارة الحرة.
وأشارت إلأى أنها تعتزم انشاء منطقة تجارة حرة مع المغرب اسوة بتلك التي اقامتها مع الاردن في العام الماضي. وتوقعت وليامسون تقدما في المحادثات مع المغرب بهذا الشأن مع حلول سنة 2003.
وكانت واشنطن رصدت 5 بلايين دولار في يناير 2000 لتمويل مشاريع مشتركة مع بلدان شمال افريقيا. وكان ذلك الاجراء اول خطوة ملموسة عملية في “مبادرة ايزنستات” التي تطورت رسميا الى “مشروع الشراكة الامريكية ـ الشمال افريقية” بمناسبة جولة وزير التجارة الامريكي السابق روبرت ماليت على عواصم المنطقة في مفتتح عام 2000.
وتبلورت بعد ذلك صيغة اللقاءات الوزارية السنوية (1 + 3) ابتداء من شهر ابريل 2000 وتوسعت في العام التالي الى صيغة (1 + 4) باضافة موريتانيا إليها، وانشئت لها سكرتارية دائمة مؤلفة من سفراء البلدان المغاربية الاربعة في واشنطن.
ويراهن الاميركيون، من خلال تنشيط مبادرة الشراكة الاقليمية، على منافسة النفوذ الاقتصادي الاوروبي التقليدي في المنطقة وتكثيف الصادرات والاستثمارات الموجهة اليها.
وهم يأملون ـ كما قال السفير الاميركي السابق لدى المغرب ادوارد غابرييل ـ بانشاء سوق مغاربية مشتركة لان اوساط رجال الاعمال الاميركيين ستكون مهتمة بسوق قوامها 80 او 90 مليون نسمة اكثر من اهتمامها بسوق قوامها 10 ملايين شخص في تونس او 30 مليون شخص في كل من الجزائر والمغرب.
بعيد المنال
وبالرغم من قيام العديد من الوفود الإقتصادية الأمريكية بزيارة بلدان شمال افريقيا في السنتين الاخيرتين لكن هذه الحركة لم تسفر عن مشاريع جديدة ذات وزن.
كما أنه من الأكيد أن انهيار الجهود الرامية لاحياء اتحاد المغرب العربي بعد الغاء القمة التي كانت مقررة في الجزائر بدد الامال بقرب اقامة سوق مغاربية. ويعتقد محللون امريكيون انه ما لم تنشأ سوق اقليمية فان الاتفاقات التجارية الثنائية ستبقى حبرا على ورق.
وفي هذا السياق قال مدير عام مصرف سيتي بنك ـ تونس مايكل غروسمان في تصريح نشر هذا الاسبوع في تونس “علينا ان نكون صرحاء فالمستثمر الامريكي لن ياتي الى شمال افريقيا الا فـي ثـلاث حالات: اذا كانت السوق المحلية مهمة او اذا كانت منطلقا نحو اسواق اوروبية او اذا كانت هناك سوق اقليمية بحجم المغرب العربي”.
والثابت في ظل استمرار الخلافات المغاربية ـ المغاربية وتعثر الشراكة مع اوروبا، فان توافر الشروط الثلاثة مازال بعيد المنال.
رشيد خشـانة – تونس
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.