تهديد الإرهاب يظل قائما في سويسرا
الإرهاب الإسلامي والتطرف اليميني واليساري، وعنف الشباب وأنصار نوادي كرة القدم وشبكات الدعارة، والجوسسة الإقتصادية، تلك هي أبرز التهديدات الأمنية لسويسرا التي استعرضها تقرير الشرطة الفدرالية لعام 2006.
التقرير اعتبر أيضا أن سويسرا توجد في قلب المنطقة المهددة في أوروبا بالإرهاب الأصولي ذي الخلفية الإسلامية، وأفاد بأن تحضيرات لعمليات إرهابية قد تكون تمت فوق ترابها، لكن دون أن تكون موجهة ضدها.
استعرض التقرير الصادر عن المكتب الفدرالي للشرطة حول التهديدات الأمنية لسويسرا لعام 2006 على امتداد 90 صفحة، مختلف التهديدات التي سجلتها الشرطة الفدرالية من إرهاب إسلامي، مرورا بتطرف الجماعات اليمينية واليسارية وتفاقم العنف، سواء بين الشباب أو بين أنصار الأندية الرياضية، والتهديدات الناجمة من تزايد ظاهرة المتاجرة بالجنس وتهريب النساء، وصولا الى مختلف أوجه التجسس الاقتصادي، التي تقوم بها أجهزة مخابرات أجنبية فوق التراب السويسري.
التقرير لم يستثن أية مجموعة عرقية أو سياسية، وتطرق إلى التهديدات المتأتية من تيارات أقصى اليمين وأقصى اليسار السويسرية، وسلط الضوء على نشاطات المجموعات الإجرامية أو الإرهابية، سواء كانت أصولية التوجه أو ألبانية أو صينية وأوروبية شرقية، مع تخصيص حيز وافر للتهديدات الإسلامية المباشرة وغير المباشرة.
تهديد الجهاديين
يرى مدير المكتب الفدرالي للشرطة جون لوك فيز في مقدمة التقرير، أن “إرهاب الجماعات الإسلامية، إذا كان قد أصاب في عام 2006 بالدرجة الأولى الدول الإسلامية، فإن على الدول الأوروبية، ومن بينها سويسرا، ألا تخفض من درجه تأهبها”.
ويعتبر التقرير أن سويسرا توجد في قلب منطقة الخطر الإسلامي، الذي يهدد أوروبا الغربية، وهناك شك في أن تكون بعض العمليات الإرهابية قد تم التحضير لها فوق التراب السويسري.
ويعتبر التقرير أن الجهاديين واتباع القاعدة، عادة ما ينشطون بدون تحضير مسبق وبشكل منفرد وعلى مستوى محلي، منتهزين الظروف الملائمة، مشيرا إلى أن “هذه الظروف متوفرة أيضا في سويسرا، التي يُـنظر لها على أنها شريك في الحملة المعادية للإسلام”.
وعن تواجد عناصر إسلامية في سويسرا، يقول التقرير “إن الوسط الإسلامي، التي توجد فيه عناصر متطرفة، مستعد لارتكاب أعمال عنف”، لكن مدير المكتب الفدرالي للشرطة يرى أن “هؤلاء يستخدمون سويسرا كملاذ، مثلما كان الأمر من قبل،أو كمحل للترويج لدعايتهم او لجمع الأموال والدعم اللوجيسيتي في الخارج”.
كما أشار التقرير إلى أن “الإسلاميين المطلوبين من قبل العدالة، عادة ما يختارون سويسرا كمقر إقامة، وأن هناك توجهات مقصودة من قِـبل أوساط إسلامية لتركيز أتباعها في سويسرا”.
ومع أن التقرير تحدث عن اكتشاف الشرطة السويسرية لخلية إمداد لمجموعات ارهابية، فإن مدير المكتب الفدرالي للشرطة يرى أنه “لا توجد أية دلائل قاطعة عن تحركات لعمليات إرهابية بمعنى الكلمة، إلا ان هناك شكوكا من أن تحضيرات تمت فوق التراب السويسري”.
وإذا كان التقرير قد أشار الى توجيه التهم لأول مرة في سويسرا لسبعة اشخاص متهمين بدعم مجموعات إرهابية، فإن المحكمة الجنائية الفدرالية حكمت بالبراءة في حقهم.
ويرى معدو التقرير أن غرب سويسرا، يعتبر ممرا مفضلا بالنسبة للمقاتلين المتطوعين القادمين من فرنسا، الراغبين في التوجه إلى العراق، اما على مستوى نشاطات الإسلاميين عبر شبكة الإنترنت، فقد أفاد التقرير بأن العام اتلماضي شهد اكتشاف خلية لتغذية صفحات جهادية.
ويعتبر التقرير أن هناك حاجة لتشديد الرقابة على محتوى شبكة الإنترنت، لضبط المواد المشبوهة فيها، أما فيما يتعلق بقنوات التمويل، فيذهب تقرير الشرطة الفدرالية إلى أن الجماعات الإرهابية “تتأقلم مع تطور وسائل المحاربة الدولية”.
التطرف اليساري واليميني
من بين التهديدات التي خصص لها تقرير الشرطة الفدرالية حيزا هاما، هناك نشاطات جماعات اقصى اليمين وأقصى اليسار في سويسرا.
وإذا كان التقرير قد اعتبر أن عمليات العنف الناتجة عن تيارات أقصى اليمين قد ظلت مستقرة في عام 2006، فإنه اشار إلى تسجيل زيادة في أعمال العنف الصادرة عن تيارات اقصى اليسار بحوالي 62% عما كانت عليه في العام السابق.
ويعتبر التقرير أن 15% من اعمال العنف اليمينية نابعة من تعليلات سياسية، وقد صادرت الشرطة السويسرية العديد من الأسلحة والعتاد في عدة مداهمات، عقبت مشادات حدثت في حفلات موسيقية أو مباريات رياضية.
أما عن أعمال العنف اليسارية، فقد أورد التقرير أنها نجمت عن تظاهرات تضامن مع أشخاص معتقلين وأن نسبة مهمة منها له علاقة بتظاهرات عيد الشغل العنيفة في زيورخ. وترى الشرطة الفدرالية أن من المخاطر المستقبلية، وجود رغبة لدى هذه التيارات في توثيق صلاتها بشبكات يسارية على المستوى الأوروبي في الفترة القادمة.
المزيد
المكتب الفدرالي للشرطة
دعارة واتجار باليشر
عرفت سويسرا خلال العام الماضي تزايدا في تجارة الجنس وما يرافقها من متاجرة بالبشر وبشبكات تهريب النساء، اللواتي يزج بهن في شبكات الدعارة، مثلما اورد تقرير الشرطة الفدرالية.
التقرير اشار إلى أن الشرطة الفدرالية تابعت أكثر من عشر حالات، فيما حذرت العديد من الكانتونات من تفاقم هذه الظاهرة، خصوصا في زيورخ وبازل وجنيف وبرن، وفي كانتون تيتشينو، جنوب سويسرا، ويتعلق الأمر بحالات متاجرة بنساء من أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية ووسط إفريقيا، وان الأمر تعلق في حالات قليلة بفتيات قاصرات.
وتخشى السلطات الأمنية من أن تتفاقم هذه الظاهرة مع اقتراب موعد تنظيم سويسرا والنمسا لمباريات كأس أوروبا للأمم في صيف عام 2008.
عنف الشباب والملاعب
من الظواهر التي تثير قلق الشرطة الفدرالية، والتي تتطور بشكل متزايد في سويسرا، مسألة عنف الشباب، وبالأخص أعمال الإغتصاب والعنف الجنسي التي جدت في مناطق مختلفة من البلاد.
ويرى تقرير الشرطة الفدرالية ان السبب في ذلك يعود الى استخدام وسائل الاتصال الحديثة، مثل شبكة الإنتنرت أو الهاتف النقال، الذي عادة ما يستخدم لتصوير مشاهد العنف ونقلها عبر شبكة الإنترنت، وتربط الجهات الأمنية تلك الأعمال عموما بالإستهلاك المفرط للمشروبات الكحولية أو المخدرات.
وأشار التقرير إلى أن إثارة بعض حالات العنف الجنسي بين الشباب والقصر في العام الماضي، أدى الى فتح نقاش داخل المجتمع بخصوص ظاهرة لم يكن أحد يجرؤ على إثارتها، ودعا إلى ضرورة عدم الإقتصار على معالجة هذه الظاهرة بالقوانين الردعية والسعي إلى التعرف على الانحرافات من قبل في مرحلة متقدمة.
أما عن عنف الملاعب، وخاصة في ملاعب كرة القدم والهوكي على الجليد، فإن هذه الظاهرة تتخذ بعدا أكثر أهمية بالنظر الى الإستعدادات الجارية لتنظيم جانب من مباريات كأس أوروبا للأمم في منتصف عام 2008.
وتقدر الشرطة الفدرالية أن عدد المشاغبين من بين أنصار الفرق الرياضية في سويسرا، يتراوح ما بين 1500 و 2000 شخص قادر على القيام بأعمال عنف، وأن 300 منهم فقط يوصفون بالهوليغانز. وكانت السلطات قد منعت في العام الماضي حوالي 600 شخص من أنصار عدد من النوادي الرياضية من دخول الملاعب السويسرية.
التجسس الاقتصادي
أخيرا، يعتبر تقرير الشرطة الفدرالية أن سويسرا معرضة لتجسس اقتصادي على مؤسساتها الاقتصادية ومعاهدها العلمية والبحثية، واشار إلى أن هذا التجسس قادم بالدرجة الأولى من بلدان آسيوية، وبالأخص فيما يتعلق بمؤسسات لها علاقة بالأسواق الحكومية او بصناعة الأسلحة، ومن المؤسسات المستهدفة بهذا النوع من التجسس، تلك التي أظهرت تفوقا تكنولوجيا بارزا أو تلك العاملة في منطقة شرق آسيا.
وأفاد التقرير بأنه سجل تطور كبير في برامج وأساليب التجسس الالكترونية عبر شبكة الإنترنت، مثل ما يعرف بـ “حصان طروادة”، الذي يتتبع ويسجل كل نشاطات الشركة من خلال اختراق نظامها الالكتروني.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
أشار التقرير السنوي حول الأمن الداخلي، الذي تصدره الشرطة الفدرالية، أن مدينة جنيف تُـستعمل كمكان عبور للأصوليين من سويسرا وفرنسا، الباحثين عن الالتحاق بالقتال الدائر في العراق.
أفادت الشرطة الفدرالية بأنها قد سجلت في عام 2006 “تواجد عدد من الإسلاميين في سويسرا يعتزمون التحول إلى العراق بنية المشاركة في الجهاد”.
يضيف التقرير بأن مدينة جنيف لعبت دورا مهما في هذا السياق، حيث استُـغلت كمكان عبور للمتطوعين من سويسرا الروماندية (الجهة الغربية من البلاد، الناطقة بالفرنسية) ومن فرنسا المجاورة.
يثير تواجد هؤلاء المتطوعين في العراق، قلق الشرطة الفدرالية السويسرية، التي تشير إلى أن “عودة مقاتلين من العراق يُـمكن – مثلما حدث في أعقاب حروب أفغانستان والبوسنة – أن تؤدي إلى مزيد من الأنشطة الجهادية في البلدان التي عادوا إليها”.
طِـبقا لمؤشرات أولية ذكِـرت في التقرير، يبدو أن “مجموعات توجد حاليا في العراق قد تكون لها النية في الاستفادة من قاعدتها اللوجيستية في أوروبا بهدف تنفيذ هجمات”.
يلاحظ معدو التقرير أن الأوساط الإسلامية المقيمة فوق الأراضي السويسرية، “نشطة وتضم في صفوفها متشددين عنيفين”، كما يذهبون إلى أنه “حسب بعض المؤشرات، يبدو أن إسلاميين يحاولون تجميع أتباعهم في سويسرا”.
“.. ينشط الإرهاب الإسلامي أساسا في العالم الإسلامي، ولكن إذا كان الجهاديون الإسلاميون لم يرتكبوا أية اعتداءات في أوروبا الغربية في عام 2006، فإن ذلك لا يعني أنه يجب خفض درجة التأهب، وهذا في سويسرا كما في باقي البلدان الأخرى، وهذا لأن الاعتداءات التي تمت في سيناء، كان سويسري من ضحاياها، كما أصيبت فيها سويسرية، وثانيا، لأن الجهاديين من أصول أوروبية قد يعودون من العراق ومن صراعات أخرى كمحاربين مخضرمين ولهم ارتباطات بشبكات تدافع عن نفس الإيديولوجية التي يؤمنون بها، وهؤلاء الأشخاص سواء كانوا أفرادا معزولين او تابعين لشبكة القاعدة، فإنه بإمكانهم في أي وقت تنظيم اعتداءات..”
“.. لحد الآن، ليست هناك أية أدلة تثبت بدقة انه كانت هناك تحضيرات بينة للقيام باعتداءات في سويسرا، ولكن يمكن تصور أن التخطيط لعملية مماثلة، تم بالفعل..”.
“.. ويبدو أن إسلاميين عنيفين يستخدمون بلدنا كملاذ ومواقع خلفية للترويج لدعايتهم او لتقديم الدعم المالي واللوجيستي للخارج..”.
“.. وفي محاولتنا لمنع أن تُـستهدف بلدان أخرى انطلاقا من التراب السويسري، إنما نقوم بذلك لصالح أمننا أيضا، لأن عدم الاستقرار في مناطق أخرى قد يهددنا بدورنا..”
“.. إن للتيارات الجهادية في العالم الإسلامي تأثيرات قد تصل الى بلدنا، ولو على شكل إيديولوجي، وإن التطورات الخطيرة التي تقع في بعض البلدان، التي ينحدر منها مهاجرون مقيمون في سويسرا، قد تؤثر فيهم وتدفعهم للتطرف. ومن هذا المنطلق، يتطلب الأمر بالنسبة للسلطات المسؤولة ان تتبادل المعلومات المتعلقة بهذه التطورات مع الشركاء الدوليين..”
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.