مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“توظيف الرياضة لخلق عالم أفضل”

swissinfo.ch

يطمح أدولف أوغي، الرئيس السويسري الأسبق والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لقضايا الرياضة من أجل التنمية والسلم، في "توظيف الرياضة لخلق عالم افضل".

ويوضح السيد أوغي في حديث خاص مع سويس إنفو أهداف السنة الدولية للرياضة، ودور تونس في تمرير الفكرة وتوقعات المنطقة العربية من هذا النشاط.

عين الأمين العام للألمم المتحدة السيد كوفي أنان مستشارا خاصا له في قضايا الرياضة كوسيلة لدعم السلام والتنمية في شخص الرئيس السويسري الأسبق أدولف اوغي عام 2001.

وقد تولي السيد أوغي هذه المهمة الشرفية، وتحملت سويسرا نفقات مكتبه ورحلاته لتمثيل الأمين العام في المناسبات الرياضية الكبرى، وللترويج لفكرة إدماج الرياضة كعامل تنمية واستقرار ووسيلة لدعم السلام والتضامن والتفاهم بين الشعوب والمجتمعات.

ومن النتائج العملية على المستوى الدولي، إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر نوفمبر الجاري، اختيار سنة 2005 عاما دوليا للرياضة كعامل للتنمية والسلم.

وفي حديث خص به سويس إنفو في جنيف، أوضح السيد أدولف أوغي ما ينتظره من إنجازات خلال هذا العام.

سويس إنفو: بإقرار الجمعية العامة عام 2005 سنة دولية للرياضة، نمر من النظري للخطوات العملية في نشاطكم منذ تعيينكم عام 2001 كمستشار للأمين العام في قضايا الرياضة، ما ذا يمثل هذا القرار في نظركم؟

أدولف أوغي: يجب أن يكون الرد حذرا، لأنه إذا قلت إنني مسرور وفخور، فإن ذلك قد يُـنظر له على أنه غرور، ولكن يجب أن نقول الأشياء كما هي. فقد تمكنا من تمرير الفكرة وقبولها من طرف الجمعية العامة في فترة لا تتجاوز العام، وهذا يتطلب مثابرة وقدرة على الإقناع وتوظيف علاقات سابقة مع قادة هذا العالم، من رؤساء ووزراء، لجعلهم في صف المناصرين للفكرة والمروجين لها على مستوى قاراتهم. ومن هذا المنظور يمكن القول أنه نجاح كبير.

سويس إنفو: كيف تبلورت لديكم فكرة توظيف الرياضة لخدمة السلام والتنمية في العالم؟

أدولف أوغي: لقد زرت مختلف بقاع الأرض بصفتي مبعوث الأمين العام، وشاهدت بأم عيني كيف أن العالم يمر بمرحلة غير صحية. كما لاحظت عجز المجموعة الدولية التوصل عن طريق السياسة او الاقتصاد او العلوم او حتى الدين في توفير عالم مسالم. لذلك، اضطررنا للبحث عن عامل جديد. ولم يطل بي البحث لكي يستقر اختياري على الرياضة التي هي أحسن مدرسة في الحياة، كوسيلة تربوية تسمح لكل شاب بالتعود على التحكم في مشاعره عند الفوز وعند الهزيمة، وفي احترام خصمه أثناء المواجهة، وبقبول قواعد اللعبة وقرارات الحكم التي إن تم تطبيقها على تسيير أمور العالم لتوصلنا إلى عالم أفضل.

سويس إنفو: هل بالإمكان إعطاء بعض الأمثلة عن كيفية توظيف الرياضة من أجل التوصل إلى عالم مسالم؟

أدولف أوغي: ببساطة يمكن الإجابة على هذا السؤال بالقول أنه إذا ما نظرنا إلى برامج المساعدة التي تقدمها المنظمات الأممية والإنسانية للعديد من الدول النامية، لوجدنا أن هذه البرامج ليس بها ما هو موجه بالدرجة الأولى للشباب من أجل تنشيطه وحشد جهوده. وإذا ما أردنا استخدام هذه الطاقات الشبابية، فعلينا تمكينها من ممارسة الرياضة لأن الرياضة تبقى الأمل الوحيد في العديد من الدول. وحتى وإن كان واقع هؤلاء الشباب صعبا، علينا تمكينهم من ممارسة الرياضة، لأن في ذلك مساعدة لهم لتجاوز مشاكلهم والبحث عن غد أفضل.

سويس إنفو: ما الذي تنتظرونه من الدول الأعضاء خلال هذه السنة؟

أدولف أوغي: لا يمكننا فرض آراء على الدول ولا نرغب في القيام بذلك، لكن ما نوفره لهذه الدول في هذه السنة الدولية للرياضة، هو توفير أرضية وفرصة سانحة لتعزيز دور الرياضة في التنمية والتضامن والسلم. وعلى كل بلد أن يسطر البرنامج الذي يقدر على إنجازه، والذي يراه متماشيا مع مصالحه، سواء في ارتباط وثيق بين الرياضة والتربية والتعليم، او مع الصحة او التنمية او العمليات الهادفة لتعزيز السلم، او لحماية البيئة.

سويس إنفو: ما هي أهم المحطات المتوقعة خلال هذا العام المخصص للرياضة في العالم؟

أدولف أوغي: قام الأمين العام للأمم المتحدة بتوجيه خطاب إلى كافة الدول الأعضاء في المنظمة الأممية قبل خمسة أشهر يشعرها فيه باقتراح اختيار عام 2005 عاما دوليا للرياضة. وفي بداية شهر نوفمبر، نظمنا مع الأمين العام وبرفقة بطل العالم للتنس السويسري روجيه فيدرر ندوة صحفية في نيويورك للإعلان عن العام الدولي للرياضة. وفي شهر ديسمبر 2004، سيعقد في أثينا المؤتمر الوزاري لوزراء الرياضة، وهي فرصة للترويج للسنة الدولية للرياضة.

وستحتضن تونس عام 2005 مؤتمرا دوليا حول الرياضة والرعاية الصحية، بينما ستحتضن موسكو ندوة دولية حول الرياضة والسلم. وستخصص ندوة بانكوك للرياضة والتربية، بينما ستحتضن اليابان مؤتمرا حول الرياضة والبيئة، بالإضافة إلى ما ستقوم الدول بتحضيره على المستوى الوطني.

سويس إنفو: أثناء إطلاق فكرة تخصيص عام دولي للرياضة، كان هناك تركيز على ميدانين: الرياضة في خدمة التنمية والسلم من جهة، وتطهير عالم الرياضة من وسائل الغش وتعاطي المنشطات. هل بالامكان تلخيص ما الذي يمكن توقعه على الصعيدين خلال هذا العام؟

أدولف أوغي: أكيد أننا نهتم أيضا بهذه الانحرافات التي يعرفها عالم الرياضة، وفي هذا الإطار يمكن القول أن الفدراليات الرياضية والحكومات لها مسؤولية أيضا فيما يحدث. وسنناقش هذا الموضوع بجدية في مؤتمر اثنيا خلال شهر ديسمبر. ويجري التحضير لإصدار قرار دولي بالنسبة لموضوع يمسنا جميعا ويهدد مستقبل شبابنا.

أما فيما يتعلق ببرنامج الدول للاحتفال بالعام الدولي للرياضة، فلكل بلد الحق في تحديد البرنامج الذي يلائمه، ولسنا هنا للمراقبة، بل كل ما نأمله هو أن يشارك الجميع خدمة للشباب وتحقيقا لغد أفضل.

سويس إنفو: ما دمنا نهتم بالمنطقة العربية التي تعرف الكثير من المشاكل، وما دام هناك بلد عربي، أي تونس، الذي شارك بشكل مكثف في الترويج لهذا العام الدولي للرياضة، ما الذي تتوقعونه من بلدان المنطقة؟

أدولف أوغي: إن اختيار تونس لتبني مشروع قرار العام الدولي للرياضة لم يكن عفويا. وأود أن اهنئ تونس لما حققته على المستوى الرياضي، وبالأخص في توفير النشاطات الرياضية للمعوقين. فقد تحولت تونس إلى مثال يُـقتدى به في هذا المجال، وأملي في أن يعم المثل التونسي كامل القارة الإفريقية كأحسن طريقة لتطبيق مبادئ ومثل هذا العام المخصص للرياضة.

وأثناء زيارتي للأراضي الفلسطينية وإسرائيل خلال شهر فبراير 2004، لاحظت انه بإمكاننا أن نتوصل عن طريق الرياضة إلى خلق تضامن وتآلف بين الشباب الفلسطيني والإسرائيلي. لذلك، قمنا بإنشاء مدارس لكرة القدم في فلسطين وإسرائيل. كما قمنا بالاشتراك مع مركز شمعون بيريز الدولي للسلام بتأسيس مدرسة كرة قدم مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين تنظم مباريات شهرية على الأقل وتسمح للآباء بالتعارف والتلاقي.

وبالاشتراك مع منظمة غير حكومية دنماركية “RIGHT TO PLAY”، نسهر على تكوين مدربين رياضيين. فعلى سبيل المثال في مخيم للاجئين بالقرب من الخليل، حيث لم يكن متوفرا أكثر من مدرب رياضي واحد، قمنا بتكوين أكثر من ثمانين مدربا، وهذا ما نأمل في مواصلته، كما نأمل في مواصلة تنظيم اللقاءات الرياضية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وهناك مشروع تنظيم زيارة لشباب من فلسطين وإسرائيل إلى سويسرا خلال شهر أبريل القادم بالاشتراك مع الفدرالية الدولية لكرة القدم، إذا ما حصلت الموافقة من الجانبين. وإنني اعي جيدا بأنها خطوات صغيرة، ولكنني كرجل منحدر من جبال الألب، أعرف جيدا أن تتالي الخطى يعزز المسيرة، حتى لو حدث تراجع للوراء من حين لآخر. ولكني على يقين من أن تعاوننا مع مركز شمعون بيريز الدولي للسلام قد يعمل على تطوير أفكار أخرى في هذا الإطار، خصوصا أن الأموال الضرورية لذلك متوفرة.

سويس إنفو: بما أنكم من سويسرا وأن الفكرة انطلقت من هنا، هل انتم مرتاحون لما التزمت به سويسرا في هذا العام الدولي للرياضة، ام لكم طموحات في دفعها الى أكثر من ذلك؟

أدولف أوغي: أعتقد بأن الالتزام الذي عبّـرت عنه سويسرا جيد. فقد تم اختيار شعار “الحركة”، وهو موضوع يهم الجميع، سواء في المدارس او الجامعات او الفدراليات الرياضية، من أجل تحريض الناس على الحركة ومحاربة البدانة عن طريق مزاولة بعض التمارين الرياضية، خصوصا وأن ذلك لا يتطلب الكثير من المال، بل كل ما يتطلبه هو الاقتناع بجدوى تنظيم العام الدولي للرياضة والإسهام في تطبيقه.

وبإمكان سويسرا ان تلعب دورا رياديا أثناء هذه السنة المخصصة للرياضة، ليس فقط لأنني سويسري، بل أيضا لأن مكتب مستشار الأمين العام للرياضة من أجل التنمية والسلم يوجد في جنيف، وهذا لا يعني الاكتفاء بنشاط ملموس خلال عام 2005، بل أملي في أن يستمر هذا الاهتمام بدور الرياضة خلال السنوات القادمة أيضا، وأن يتحول الى موجة جارفة في مختلف أنحاء العالم لخدمة عالم مسالم وعالم أفضل.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية