“العراق هو ما تبقى من ذكريات وسويسرا هي الجمال”
بعد ملاحقتها وتهديدها بالقتل في بلادها، وصلت ذكرى محمد نادر إلى سويسرا سنة 2006 بدعوة من الفرع السويسري لمنظمة مراسلين بلا حدود، لتروي قصتها كصحفية وكاتبة ناشطة في العراق في أوقات النزاع. swissinfo.ch التقت بها في مكانها المفضل من مدينة جنيف للحديث عن تجربتها في موطنها الجديد وعلاقتها بوطنها الأم بعد غياب طويل.
لا يختلف المكان المحبب على قلب ذكرى في سويسرا عنه في بغداد، فالمشهد لا يخلو من الرومانسية، بين الأشجار وعلى ألحان زقزقة العصافير ومتعة تأمل المناظر الطبيعية، ولكن في جنيف، في حديقة بالقرب من منزلها في منطقة ترومبليه تفتقد الكاتبة الأمسيات بصحبة أقرانها من الصحفيين والكتاب والشعراء ممن كانت تجتمع بهم في مكانها المفضل من بغداد، فاليوم لا تحمل معها من ذلك إلا الذكريات.
ولدت ذكرى محمد نادر في بغداد وبدأت العمل في الصحافة العراقية منذ سنة 1980، وفي مجال الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب في العراق، من البرامج التي قدمتها:
– “مرافئ” (قناة العراق الفضائية)
– “ذاكرة” (قناة الشرقية)
– “اليوم الثامن” (قناة نهرين)
– “بيوت أهالينا” (قناة نهرين)
– “بغداد اليوم”
هي عضوة في نقابة الصحفيين العراقيين والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق والاتحاد العام للأدباء العرب ومنتدى المرأة الثقافي في العراق.
شاركت في الكثير من المهرجانات الثقافية داخل العراق.
حازت على الجائزة الأولى في المسابقة التي اقامتها اللجنة الثقافية لنقابة الصحفيين العراقيين سنة 1994 عن قصتها (خطوط متقاطعة).
كما تحصلت على الجائزة الأولى في الرواية في مسابقة أندية الفتيات في الشارقة سنة 2000، عن روايتها (قبل اكتمال القرن).
صدر لها:
خطوط متقاطعة (قصص قصيرة)، دار الشؤون الثقافية في بغداد 2000.
قبل اكتمال القرن (رواية)، الشارقة 2000.
من الصعب الحديث مع ذكرى المهددة بالقتل إلى اليوم والناشطة منذ سنة 1980 في مجال الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب من غير التطرق إلى سيرتها المهنية قبل وصولها إلى سويسرا، والتي أمضتها منتقلة بين الحروب، فلقد كانت شاهدة على حروب العراق الثلاث، بل وعلى الحرب الأهلية اللبنانية أيضاً. إلا أن ذلك لم يمنعها ككاتبة من سبر أغوار تاريخ وطنها وتأليف رواية صدرت سنة 2001 بعنوان “قبل اكتمال القرن”، لخصت فيها أهم أحداث قرن من تاريخ العراق وخصائص تركيبته الاجتماعية.
بلا جذور
قدّمت سويسرا لذكرى حرية الرأي والأمان، حيث وجدت مكاناً لها كإنسانة يمكنها الاستمتاع مع عائلتها بجمال البلد المضيف وحماية الدولة “التي تحترم الإنسان”، على حد تعبيرها. ولكن عند سؤالها عن ممارستها مهنتها كصحفية ونشاطها ككاتبة في سويسرا، بدا أن هناك عقبات من نوع آخر، تتعلق بتعلم لغة البلد وبالمحيط الاجتماعي الجديد وبالعزلة الناجمة عن ذلك. بالإضافة إلى ابتعادها عن مصدر الإلهام لديها المتمثل بقضايا وطنها العراق، ومجتمعها حيث نشأت وترعرعت، تقول ذكرى: “الأديب عندما تنتشله من بيئته، يفقد عنصراً مهماً من عناصر الابداع والإلهام”.
لا تبدو فكرةً سيئةً
أن أبدد حياتي بانتظارك
وابحثَ عمّا يشبهك …
…
المقهى يغص بهم
أولئك الذين لا يعرفونك
المقهى يغص بهم
وأنا غير موجودة فيه
وأنت لست هناك
فنجانُ قهوتنا الذي لم نطلبه … دون بخار
لستَ قطعةً من ماضيَّ!
فكيف حاضرٌ أنت ومقيمٌ في ماضيَ الآن!
من ذاكرتي ينهض للتو … زبد؛
يغوصُ لؤلؤ التذكر
مع طَفَح أحزاني!
وتصمتُ كلّ حكاياتي
…
اليوم، يتجلى الاهتمام بقضايا وطنها الأم من خلال نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعية وبالأخص على منصة تويتر. فهي تكتب وتعيد النشر وتعلق على الأحداث السياسية والتطورات اليومية للأوضاع في العراق. ومن خلال القصائد التي تؤلفها عن وطنها انطلاقاً من جنيف وعن جنيف انطلاقاً من الحنين لبغداد. ففي كل ما تكتبه اليوم تنعكس ثنائية الوطن والغربة، بل وأحياناً تتبدل الأدوار. ترفض ذكرى أن تطلق على نفسها لقب شاعرة: “لا أدعي ولا أقبل أن أقول إنني شاعرة، أشعر بالحالة وأكتب عنها بطريقتي الخاصة”، وتنشر ما تكتبه على صفحتها الخاصة على الانترنت.
ما تبقى..
العراق هو ما تبقى من ذكريات بدأت بالتداخل مع الأحلام والأمنيات لدى ذكرى، هو التاريخ وما ضمه من أحداث تأثرت وأثرت بها الصحفية والكاتبة إلى أن تركته وراءها لتصل إلى هنا وتستقر. أما سويسرا فهي الجمال بالنسبة لها، بطبيعتها الخلابة، وبالأمن والأمان وبكل ما تقدمه لها كمقيمة فيها.
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.