المتاحف السويسرية على أعتاب عصر ذهبي جديد
في لوزان، قد يرى متحف جديد النور قريبا، وقد تظهر متاحف أخرى في كل من بازل وجنيف وزيورخ، بالإضافة إلى حركة توسع نشطة تشمل ما هو موجودا منها في الأصل. إنه عصر ذهبي جديد يلوح في الأفق على الرغم من أن جمعية المتاحف السويسرية تفضّل العمل بصمت.
المهندسون المعماريون والسياسيون وعامة المواطنين تنتظرهم قرارت هامة للحسم! فمن سيتكفل بدفع 150 مليون فرنك الضرورية لتوسعة دار الفنون بزيورخ؟ ومن سيوفر لمتحف الفنون ببازل الجناح الجديد، هذا المشروع الذي أصبح ممكنا بفضل تبرعات جديدة تقدمت بها “ماغا أوري” السيدة المناصرة للفنون والآداب، وكانت هذه الأخيرة صاحبة الفضل كذلك في ظهور مؤسسة “شولاغر” للفنون الحديثة.
وهل تنجح مدينة فنترتور في إعادة صهر متاحفها بطريقة تسمح لكنوزها بمزيد من الإشعاع عبر ترميم و توسعة متحف “فيلاّ فلورا” المخصص للانطباعية المتأخرة؟ وهل يُكتب ترميم وتوسعة المتحف الوطني بزيورخ، من دون أن يعيقاهما استفتاء شعبي؟
سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية) هي الأخرى تنتظرها مواعيد هامة حيث يدلي المواطنون في كانتون فو في 30 نوفمبر القادم بأصواتهم لإعطاء الضوء الأخضر لمشروع يهدف إلى إنشاء متحفا للفنون الجميلة في منطقة تشرف على بحيرة ليمان.
وفي جنيف، أطلقت المؤسسة المشرفة على توسعة متحف الفنون والتاريخ بجنيف اكتتابا عاما لتمويل مشروع يهدف إلى توسعة المتحف، عملية تحمل توقيع Jean Nouvel، وقريبا سيُشرع في البحث عن مصدر لتمويل إنشاء متحف حول تاريخ الأجناس البشرية، في منطقة لا تبعد كثيرا عن ضفاف البحيرة.
احتياجات خاصة
كل متحف، وكل عملية توسعة، لها خصوصيتها: طبائع الأعمال الفنية المتوفرة، ومشروعات حيازتها، وأساليب عرضها: التكليف بإدارة متحف جديد في مجال الفنون القديمة، لن يشبه في شيء إدارة متحف للفنون الحديثة.
هذه التباينات لم تمنع المنشغلين بشؤون المتاحف من تخصيص مؤتمرين لهذه القضايا. يشرح دافيد فييوم، أمين جمعية المتاحف السويسرية والمجلس الدولي للمتاحف في هذا الحوار، الرهانات التي تشغل أهل الاختصاص.
سويس انفو: الكثير من المتاحف السويسرية تتهيأ لتوسعة منشآتها، والمواطنون في كانتون فو يدلون بأصواتهم قريبا حول إنشاء متحف جديد. هل أصيب أمناء المتاحف “بجنون العظمة”؟
دافيد فويليوم: نحن مدركون لهذه الظاهرة، ولذلك، خصصنا لها هذه السنة مؤتمريْن. اللقاءات الأولى في المنطقة المشرفة على بحيرة ليمان، والتي حضرها زملاؤنا من المنطقتين الفرنسية والإيطالية، في شهر يونيو الماضي، وأيضا مؤتمرنا السنوي بداية سبتمبر بمنطقة فادوز. وخلال المؤتمر طٌلب رفع ايدي الذين هم بصدد تهيئة مشروع توسعة لمنشآتهم، فرفع الحضور جميعا أيديهم.
سويس انفو: الأمر يتعلق إذن بتوجه جديد وقوي؟
دافيد فويليوم: في الحقيقة الأمر لا يتعلق بتوجه جديد، فالمتاحف، من حيث المبدأ ضيّقة. من الطبيعي أن تتوجه المؤسسات لتوسعة فضاءاتها وإثراء معروضاتها، ومن المفهوم أن تشعر في لحظة ما أنها في حاجة لفعل ذلك.
صحيح أن المتاحف في حالة ازدهار الآن، ومن الأمثلة على ذلك دار الفنون التي فتحت أخيرا جناحا جديدا، أو المتحف الوطني بزيورخ، أو متحف تاريخ الأجناس بجنيف، لكن لا تتوفر أرقام تثبت حقا أن المشروعات في هذا المجال هي اليوم أكثر مما هي من قبل. المشروعات القائمة اليوم تحظى بتغطية إعلامية أوسع، وتحيطها حركية أكبر.
سويس انفو: لكن الوضعية حتى الآن على الأقل تنذر بزيادة في الاستثمارات والحاجة إلى تمويل إضافي؟
دافيد فويليوم: تخزّن المشروعات في الغالب في أدراج المكاتب، ثم يتم الإعلان عنها. وعندما يتعلق الأمر بالمتاحف، المشروع الجيد في العادة يجتذب تمويلا كافيا. في بلدان أخرى، ما يحصل هو العكس: ننتظر التمويل ثم نصيغ المشروعات.
سويس انفو: النجاحات التي حققتها المتاحف السويسرية، أليست هي التي تغذي رغبة هذه المؤسسات في مزيد من التوسع؟
دافيد فويليوم: الثابت أن نسبة الإقبال على المتاحف كبيرة، حتى وإن كان من الواضح أن نسبة الإقبال هذه السنة أقل من تلك التي تحققت سنة 2007 أو2006، وربما يعود ذلك لبطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم التي استضافتها كل من سويسرا والنمسا. ومن الراجح أن هذا النجاح يلقى الترحيب لدى الساسة وأصحاب القرار.
سويس انفو: هل تقدم جمعيتكم نصائح لأمناء ومديري المتاحف الذين يرغبون في توسعة مؤسساتهم؟
دافيد فويليوم: لا يحدث هذا بشكل رسمي، لكن المؤتمرات التي تعقد تساهم في صياغة خطوط عريضة. ونوصي العاملين في المتاحف، وبدون أي مجاراة، بألا ينقادوا انقيادا أعمى إلى ما يقوله المعماريون. فهؤلاء لا يعلمون بالضرورة احتياجات المتاحف.
أنظروا مثلا إلى متحف غوغنهايم ببيلباو، الذي وضع تصوّره فرانك غوهري. معلوم الدخول إليه هو نفسه سواء أكان هناك معرضا أم لا. وهذا يبيّن أن شيئا ما غير صحيح. . في هذا الحالة، الطابع الهندسي يسبق قيمة المعروضات، بدلا من أن يزيد في إعلاء شأنها. نفكر في إرساء حوار بين المهندسين المعماريين من جهة والمتاحف من جهة اخرى، وإعطاء البعد المعماري قيمته الحقيقية.
سويس انفو: هل يجب خلق مهنة جديدة تجمع بين العاملين في المتاحف وبين الخبراء المعماريين؟
دافيد فويليوم:كانت هذه إحدى توصيات مؤتمرنا السنوي . هذه المهمة ، أي مهمة الوسيط بين الجهتيْن توجد بالفعل، لكن لا يشغلها إلا عدد قليل. وهؤلاء يساعدون على تجاوز عدم التفاهم الذي هو هو حاصل من الأساس: لأن الطرفيْن يشتغلون في المجال الثقافي بالمعنى الواسع للكلمة، يتصوّرون أنهم يستخدمون نفس اللغة، والحال أن الأمر ليس كذلك.
سويس انفو: تمتلك سويسرا عددا كبيرا من المتاحف، ، وتشهد هذه الأخيرة، عمليات ترميم، وتوسعة، بالإضافة إلى تأسيس منشآت جديدة، ألا يؤدي هذا في المتقبل إلى حالة من حالة من التخمة لابد انه سيكون لها ضحايا؟
دافيد فويليوم: تعد النمسا أزيد من 2000 متحف، ولا يوجد في سويسرا سوى 1000 متحف، وبالتالي لا تحوز سويسرا على أعلى كثافة. لكن، 48% من المتاحف السويسرية إما محلية أو كانتونية. المنشآت الجديدة لا تشكل أي خطر على المنشآت القائمة. على مستوى المتاحف الكبرى، والتي لا تعد سوى 30 متحفا، يبلغ عدد زوارها 100.000 زائر في السنة، ما يعادل 3% من إجمالي الزوار. المجال إذن يظل فسيحا أمام بقية المتاحف.
سويس انفو – آريان جيغون – زيورخ
يدلي سكان كانتون فو بأصواتهم يوم 30 نوفمبر في إستفتاء حول قرض إستثماري بمبلغ 390.000 فرنك سويسري سينفق لانشاء متحف للفنون الجميلة في الكانتون ، ويغطي ذلك القرض الدراسات الضرورية وتنفيذ المشروع بمنطقة بالّريف Bellerive.
وفي جنيف، بالإمكان أن يرى متحف حول تاريخ الاجناس النورخلال السنوات الثلاثة القادمة، وسيتوفّر هذا المتحف على مساحة عرض أربع مرات أكبر من مساحة المتحف السابق. تبلغ الإعتمادات المالية المخصصة لذلك 60 مليون فرنك.
ودائما على ضواحي بحيرة ليمان، يخطط متحف الفنون والتاريخ إلى توسيع مساحته، وعلى المؤسسة المكلفة بإنجاز هذا المشروع إيجاد التمويل اللازم لذلك في غضون الشهر الجاري، ويقدر المبلغ بأربعين مليون فرنك.
مشروع دار الثقافة بزيورخ، هو الآخر مطروح على الطاولة، وتبلغ تكلفته المقدرة 150 مليون فرنك. سيتم إختيار المشروع الذي سيعتمد نهاية هذه السنة.
وفي سبتمبر الماضي، أعلنت حكومة بازل- المدينة أن السيدة «ماغا أوري” المناصرة للفنون والآداب قد تعهدت بمنح المساحة المطلوبة لبناء الجناح بمتحف الفنون ببازل. المبلغ المتبرع به لم يتم الكشف عنه، والأشغال المرتقبة ينتظر أن تنتهي مع حلول سنة 2015.
وتستعد فانترتور، سادسة مدينة في سويسرا، لإعادة صياغة تشكيلة المتاحف فيها، فمؤسسة لافيلاّ فلورا (حيث تعرض مجموعة أعمال الإنطباعية المتأخرة) سيتم توسعتها، لكن هذه التغييرات تصطدم بالمعترضين ، وقد تم فعلا التقدم بإعتراض ضد هذا المشروع.
هذه المؤسسات فتحت أبوابها حديثا (القائمةغير حصرية):
قاعة العرض جول فارن بإيفردون-لي-بان، فتحت ابوابها سنة 2008.
مركز بول كلي ببرن، فتح سنة 2005، وضع تصميمه الهندسي رونزو بيانو
متحف لاتينيوم، هوتيريف، على مقربة من نيوشاتيل، فتح سنة 2001.
متحف الفنون بفادوز، فتح سنة 2000، من تصميم المهندسين المعماريين مورغر، وديغيلو، وكيرز.
مؤسسة بيالار، رايهن، فُتحت سنة 1997، من تصميم المهندس رينزو بيانو.
متحف تانغلي ببازل، فُتح سنة 1996، من تصميم المهندس ماريو بوتّا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.