مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في نيون.. “أشرطة تروي لنا حكايات عن أنفسنا”

يشرف جون بيري على إدارة مهرجان "رؤى من الواقع" السينمائي منذ عام 1995

يقترح برنامج الدورة الجديدة لمهرجان "رؤى من الواقع"، الذي ينتظِـم في نيون من 17 إلى 23 أبريل الجاري، أشرطة موجّـهة إلى الجمهور العريض ومحاور سياسية وأسماء مشهورة.

عشِـيـة انطلاق الدورة الرابعة عشر للمهرجان، استضافت سويس انفو مديره جون بيري في حوار شامل.

حرية الصحافة في روسيا وممارسات التعذيب والهجرة في أوروبا وتحوُّل الفنانة باتي سميث إلى أيقونة لموسيقى الرّوك ومسيرة البحث عن الأب وصراع الحيوانات، ستكون ضِـمن المواضيع التي ستتطرّق لها الأشرطة العشرون المشاركة في المسابقة الدولية لهذا الموعد الثقافي الربيعي الهام.

ومن بين المخرجين الذين ستُـعرض أفلامهم في هذه الدورة، السويسريان إيف سكاليولا (بشريطه “الوحش الكامن في الداخل”) وفرانسوا كوهلر (بشريطه “السيد العزيز، أبي العزيز”).

هذا العام، يمزِجُ مهرجان رؤى من الواقع من خلال فقرات برنامجه الثري، بين شخصيات ذات اهتمامات متنوِّعة ومتباعِـدة أحيانا، من شتى الاتِّـجاهات والبلدان.

سويس انفو: ما هي أبرز نِـقاط هذه الدورة الرابعة عشرة؟

جون بيري: بعد الاتِّـفاق، برمجَـت إدارة المهرجان أشرطة روائية طويلة، تتحدّث عن الواقع للجمهور العريض، في سياق خِـيار يريد أن يُـقيم الدّليل مرّة أخرى وعلى الدّوام، أن هذه الأشرطة مُـعدّة لأوسع جمهور ممكِـن، وهذا عُـنصر أول.

المحور الثاني، يركِّـز على الموضوعات بشكل أكبر، من خلال حضور أوسَـع هذا العام لأشرطة ذات بُـعد سياسي، وهنا يذهب تفكيري إلى أشرطة تتعاطى مع حرية التعبير في روسيا.

كما أستحضِـر أيضا شريط مخرج شيلي هاجر إلى كندا أثناء فترة الديكتاتورية، يتناول قضية التعذيب كما تتِـم ممارستها من طرف الولايات المتحدة في العراق، ليستعيد إثر ذلك تاريخ القارة الأمريكية الجنوبية (عنوان الشريط: “تحت القِـناع – رحلة إلى أقصى درجات التعذيب”).

إذن، فنحن على موعِـد مع سينما أكثر تسيُّـسا، ليس بالمعنى الحِـزبي والنضالي، ولكن باتِّـجاه شرح والتعمّـق في القضايا.

التوجّـه الثالث، يهتمّ بالسينما التي تحبّ الموسيقى من خلال ثلاثة أشرطة، مُـخصّـصة هذا العام لهذا للجمهور العريض تحديدا. الأول، يهتم بالفنانة باتي سميث، والثاني بالفنان لو ريد Lou Reed، أما الثالث، فهو يُـتابع رحلة الأوركسترا السمفونية لبرلين إلى آسيا، بحثا عن الإيقاع (أو الصوت) المثالي.

التوجّـه الرابع، يتمثّـل في السينما ذات الطابع البيوغرافي، أي السينما التي تتحدّث عن الأنا، وهو صِـنف أضحى مُـتاحا بفضل توفُّـر أجهزة التصوير الصغيرة بالفيديو. فبإمكان كل شخص أن يحمِـل كاميرا وأن يرويَ قصّـته. هذا البُـعد المُـتمثل في سينما أكثر حميمية، تستكشِـف المجال الأكثر قُـربا من السينمائي، سيكون حاضرا في نيون.

سويس انفو: مطالعة برنامج المسابقة الدولية للمهرجان، تُـصيب المرء بالسّـوداوية وتُـعيده إلى أجواء القسوة. هل يتّـسم سينما الواقع بالضرورة بالغِـلظة والكآبة؟

جون بيري: نعم ولا. يهتمّ سينما الواقع فعلا بحقائق (ووقائع) العالم السابقة والحاضرة، فهو يسلِّـط الضوء على الأماكن التي توجد فيها تساؤلات ومشاكل ومعاناة ومظالم. عادة ما يُـقال أن الشعوب السعيدة ليس لديها تاريخ، أما سينما الواقع، فهو بحاجة إلى قِـصص، وبالتالي، إلى وضعيات ناجِـمة عن تناقضات أو توتّـرات. وهو ما يحدُث حقيقة، مع الأسف.

لكن هناك أيضا سينما الواقع، الذي – رغم توجّـهه لمعالجة هذه المآسي – يسعى دائما لتسليط الضوء على الكرامة الإنسانية، بكلمة أخرى، عن الأسباب التي تَـدفَـع إلى الأمل.

سويس انفو: هل هناك أشرطة لن تُـشاهد أبدا في مهرجان رؤى من الواقع؟

جون بيري: لا شك في ذلك. إننا نبحث في كل شريط (نختاره)، عن رؤية أو وِجهة نظر أو تصوّر، يستنِـد إلى أخلاقية في النظر إلى الآخر أو قِـيّـم مهمّـة بالنسبة لنا، مثل احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والديمقراطية بالمعنى العريض.

كل هذه القِـيم، تستوجِـب حضور مُـتفرِّج صِِـفته، المواطنة لا الاستهلاك، لذلك، فإن تلك الأشرطة التي لا تتجسّـد فيها هذه القِـيم، لن تُـشاهد أبدا (في نيون).

سويس انفو: ما هو تقييمُـك للإنتاج الحالي فيما يُـعرف بسينما الواقع؟

جون بيري: بداية، ليس هناك في العالم إنتاج وثائقي للواقع، يتّـسِـم بالأهمية والحيوية، يقبَـل بالمخاطرة ويبحث ويبتكِـر، دون وجود سياسة ثقافية واضحة المعالِـم، تدعَـم هذا الصِّـنف من الإنتاج، وبهذا الاعتبار، فإن مناطق كاملة من العالم، مُـتضرّرة.

مع ذلك، تُـمكِّـن الثورة التكنولوجية بفضل أجهزة الكاميرا الصغيرة، العديد من الأشخاص من إمكانية التعبير عن أنفسهم. ففي الصين، ليس هناك أي دعم عمومي لأشرطة المؤلِـفين المستقلّـين في المجال الوثائقي، لكننا نشهد ميلاد عدّة أشرطة بفضل هذه التقنيات الحديثة.

في واقع الأمر، لا يُـمكن أن يكون التّـقيِـيم العام حاسِـما. فمن جهة، نحتاج جميعا اليوم أكثر من قبل وبدرجات مختلفة الوعي، لمشاهدة أشرطة تكون قـصصُـها واقعية، أي أنها تَـروي قِـصصا عنّـا، ومن وجهة النظر هذه، هناك إمكانية هائلة لقِـيام سينما للمؤلِّـفين المستقلّـين، الذين يُـخاطرون بالتعبير عن رُؤاهم وعن خُـصوصياتهم.

في المقابل، هناك أيضا ما يدفَـع للتشاؤم، نظرا لأن الشركاء الأساسيين فيما يتعلّـق بالتمويل والتّـوزيع عموما، هي القنوات التلفزيونية، لكنها تفرِض على سينما الواقع، مقاييس محدودة جدّا ومعطِّـلة إلى حدِّ الشّـلل.

سويس انفو: في الفقرة المخصّـصة للسينما السويسرية، تعرِضون شريطا حول نيكولا بوفيي. لماذا يتكرّر الحديث باستمرار عن هذا الكاتب في سويسرا؟

جون بيري: عنوان الشريط (مسارات وانحرافات مع نيكولا بوفيي)، الذي يُـعرض للمرة الأولى في العالم، قابِـل لسوء الفَـهم والتّـأويل، إنه ينطلِـق من لقاء سينمائي شاب مع بوفيي وكُـتبِـه، لكنه يستعرِض في واقع الأمر مسار التعلُّـم للسينمائي غائيل ميتروز عبر رحلته الخاصة، في حين أن بوفيي لا يزيد عن وجه أبَـويٍّ لا أكثر.

مع ذلك، فإن بوفيي معروفٌ بجودة كـِتابته وروعتها، بل إنني أعتبره شخصيا، كاتِـبا كبيرا. يُـضاف إلى ذلك أن فِـكرة الذهاب إلى مكان آخر والسّـفر، كانت حاضرة على الدّوام في اللاوعي السويسري. هناك هذا التقليد المُـرتبط بالرحلات الكبيرة في سينما الواقع السويسري، وهذا الشريط يجِـد مكانه في هذا السياق.

سويس انفو – بيير فرانسوا بيسّـون

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

في السنوات الأخيرة، احتلّ مهرجان رؤى من الواقع المرتبة الأولى ضِـمن المهرجانات السينمائية في سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية) وأصبح يُـصنّـف ضِـمن الثلاث الرئيسية في البلد، رِفقة مهرجاني لوكارنو وسولوتورن. وفي عام 2007، اجتذب 25 ألف متفرّج.

بعد أن أعيد إطلاقه في عام 1995 في شكله الحالي، إثر صيغة أولى بدأت في عام 1969، يُـقدِّم هذا المهرجان سينما تتعاطى بشكل مباشِـر مع الواقع، الذي يتجاوز حدود الشريط الوثائقي الصارم.

تحوّل مهرجان “رؤى من الواقع” أيضا إلى موعِـد مُـهمّ للمنتجين والموزّعين السينمائيين الأوروبيين، وفي هذه السنة، يقترح عليهم سوق « Doc Outlook »، 250 شريطا.

تدور فعاليات الدورة 14 لمهجران رؤى من الواقع في نيون من 17 إلى 23 أبريل 2008.

يعرض المهرجان 155 شريطا من 36 بلدا.

يشارك 22 شريطا في المسابقة الدولية، من بينها شريطان سويسريان.

يشتمل المهرجان على 10 فقرات، من بينها فقرة جديدة بعنوان “خطوات أولى”، تعرِض باكورة أعمال مُـخرجين لأشرطة قصيرة.

تبلغ ميزانية المهرجان 2،1 مليون فرنك.

ولِـد في عام 1952 ويُـدير مهرجان رؤى من الواقع منذ عام 1995.

ألّـف أطروحة حول السينما الوثائقية السويسرية في الثلاثينات من القرن الماضي، كما درّس الصحافة ومارسها لأعوام طويلة.

ما بين عامي 1990 و1994، شغِـل منصِـب المفوض العام لأسبوع النقد في مهرجان لوكارنو الدولي للسينما.

يُـشارك في العديد من الهيئات المعنِـية بترويج وإنتاج وتوزيع الأعمال السينمائية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية