مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العالمية

في مجرّة ليست بعيدة جدًا، تم استخدام جبال غريندلوالد كخلفية لكوكب ألديران في حرب النجوم: الجزء الثالث.
filmlocation.ch

من جيمس بوند إلى بوليوود، نأخذكم.نّ في هذا التقرير في جولة سينمائية عبر الأفلام التي لعبت فيها الطبيعة السويسرية الآسرة دورًا لا يُنسى. 

في 24 أبريل الماضي، أعلنت الهيئة السينمائية في لوتسيرن وسويسرا الوسطى أن السفينة البخارية “شيلر” (Schiller)، البالغة من العمر 118 عامًا، هي أول موقع سويسري يفوز بلقب “كنز من كنوز الثقافة السينمائية الأوروبيةرابط خارجي“، الذي تمنحه أكاديمية السينما الأوروبية. 

وكانت السفينة البخارية “شيلر” قد استضافت في عام 2022، تصوير مشاهد من الفيلم الإيطالي “لا كيميرا” (La Chimera)، وهو كوميديا درامية تدور أحداثه حول تحف أثرية مسروقة. وعام 1991، استضافت السفينة أيضًا الممثلة الفرنسية كاثرين دونوف، التي لعبت دور فرنسية تملك مزرعة في جنوب غرب آسيا، وذلك في فيلم “الصين الهندية” (Indochine). وقدورُشِّحت عن دورها ذاك لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة. ويأتي فوز السفينة “شيلر” بهذا اللقب ليضعها في مصافّ الدولاب الدوَّار الضخم في متنزه براتر الترفيهي في فيينا، والذي استضاف تصوير مشاهد من فيلم الرجل الثالث (The Third Manوكذلك نافورة تريفي في روما، حيث صوِّرت مشاهد من فيلم الحياة الحلوة (La Dolce Vita). 

وقد ظلَّت بحيرات سويسرا وجبالها الخلابة تستقطب المصوّرين والمخرجين، نساءً ورجالًا، على مدار تاريخ السينما. ففي عام 1936، كانت سويسرا مسرحًا لأحداث فيلم الجريمة البريطاني “داستي أرمين”رابط خارجي (Dusty Ermineرابط خارجي)، الذي يُعرف أيضًا باسم “المختبئ في جبال الألب”، حيث جرى تصوير نسبة كبيرة من مشاهد الفيلم على جبال الألب السويسرية، ومن ضمنها مشهد لمطاردة مثيرة وخطيرة على ألواح التزلج. 

محتويات خارجية

لكنّ أفلام جيمس بوند، وشخصية بطلها المولود لأمٍ سويسرية، هي التي وضعت سويسرا حقًّا على خريطة السينما العالمية، ففيها مشاهد خالدة كالمشهد الذي يقوم فيه جورج لازنبي، الذي لعب دور العميل السري جيمس بوند في فيلم “في الخدمة السرية لصاحبة الجلالة” (On Her Majesty’s Secret Service، 1969)، بدفع الشرير ليسقط تحت جرَّافة الثلج على قمة شيلثهورن (Schilthorn). وكذلك مشهد القفز بالحبل المطاطي من سدِّ فيرزاسكا (Verzasca)، في كانتون تيتشينو، في بداية فيلم “العين الذهبية” (GoldenEye, 1995)، وهي قفزة دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية، إذ حدثت من “أعلى هيكل للممارسة هواية القفز بالحبل المطاطي ظهر في فيلم”. 

وأمَّا المشهد الذي طارد فيه جيمس بوند شخصية أوريك جولد فنجر، على طرقات ممرّ فوركا المتعرجة عبر جبال الألب، في فيلم “إصبع الذهب” (Goldfinger، 1964)، فيُمكن القول بأنه السبب وراء ظاهرة الهوس بأفلام بوند (بالإنجليزية Bondmania). ففي مبادرة إعلامية هي الأولى من نوعها آنذاك، وُجِّهت دعوات إلى شخصيات من عالم الإعلام والتصوير لحضور تصوير مشاهد الفيلم على جبال الألب السويسرية على مدى سبعة أيام. وأُتيحت خلال هذا الأسبوع لهذه الشخصيات فرصة التواصل مع طاقم الفيلم وأبطاله وبطلاتِه، وفقًا لما ورد في مقالرابط خارجي على شبكة سي إن إن. وحسب المقال، “يبدو أن الاستراتيجية أتت ثمارها: فقد أصبح فيلم ‘إصبع الذهب’، آنذاك، واحدًا من الأفلام التي حقَّقت أعلى إيرادات على شباك التذاكر”. 

محتويات خارجية

وظهر سريعًا في بداية المشهد ذاته، فندق بلفيدير (Belvédère) الأيقوني، وهو واحد من أكثر الفنادق تميّزًا في العالم، ولكنه أغلق أبوابه في عام 2010، وكان له مؤخرًا نصيب في سلسلتنا “أماكن سويسرية مفقودة”. كما ظهر أيضًا على غلاف الكتاب المصوَّررابط خارجي “ويس أندرسون بالصُدفة” (Accidentally Wes Anderson)، وهو مجموعة صور لمبانٍ حقيقية يشبه طابعها الطابع المميَّز للمخرج الأمريكي ويس أندرسون. 

فندق البلفيدير
فندق البلفيدير Accidentally Wes Anderson

وعلاوة على ذلك، تظهر المناظر الجبلية السويسرية في تصوير مشاهد من خارج هذا العالم. ففي عام 2005، ظهرت جبال غريندلفالد كخلفيات لكوكب “ألديران” في فيلم “حرب النجوم: الجزء الثالث- انتقام السيث” (Star Wars: Revenge of the Sith).

وكانت جبال غريندلفالد أيضًا ساحةً للكثير من الأحداث في فيلم “عقوبة آيغر” (The Eiger Sanction، 1975)، وهو فيلم إثارة من إخراج وبطولة كلينت إيستوود. ورغم وفاة الممثل البديل والمصوّر ديفيد نوليز على الواجهة الشمالية لجبل آيغر شديدة الانحدار، إلا أن إنتاج الفيلم لم يتوقف، وتمَّ تصوير مشاهد أخرى منه في الجزء القديم من مدينة زيوريخ وكاتدرائيتها. 

وظهرت الواجهة الشمالية لجبل آيغر أيضًا في فيلم “الواجهة الشمالية” (Nordwand)، وهو فيلم ألماني صدر في عام 2008، أحداثه مستوحاة من المنافسة الشهيرة التي حصلت في عام 1936 لتسلق الواجهة الصخرية الأكثر خطورة في جبال الألب. وكان جبل يونغفراو ساحةً لتصوير الكثير من مشاهد الفيلم الوثائقي “لمس الفراغ” (Touching the Void، 2003)، وهو وثائقي يعيد تمثيل قصة كادت أن تنتهي بكارثة، عندما حاول شابّان تسلّق الواجهة الشمالية لجبال الأنديز في بيرو. وتم اختيار جبل يونغفراو كموقع للتصوير لأن جبال الألب في بيرن توفّر سهولة الوصول إلى المناطق شديدة الوعورة. 

ومن أكثر المشاهد التي تحبس الأنفاس والأكثر خطورة التي صُوِّرت في سويسرا هي القفزة الجماعية الحرَّة بالبدلة المُجنَّحة في فيلم “النقطة الفاصلة” (Point Break، 2015). وقد شارك في المشهد خمسة ممثلين بديلين، جميعهم محترفون في الطيران الحرِّ بالبدل المُجنَّحة، قفزوا من جبل هينتروغ (Hinterrugg) في بلدة فالينشتاد (Walenstadt)، وطاروا معًا عبر ممرات جبلية ضيقة بسرعة فاقت 230 كيلومترًا في الساعة. 

محتويات خارجية

وعلى الجانب الهادئ من الأفلام، فإنَّ طبيعة سويسرا بمروجها الخضراء وقممها المغطاة بالثلوج وسككها الحديدية اللامعة وشاليهاتها الخلَّابة تُتيح بيئة مثالية لنجوم بوليوود للتعبير بطريقة ملحمية عن مشاعر الحبِّ العميق. 

ففي عام 1964، عُرض فيلم “سانجام” (Sangam)، الذي كان أول فيلم هندي يتمّ تصويره في سويسرا. وظهرت جبال الألب السويسرية لأول مرَّة في فيلم “أمسية في باريس” (Evening in Paris، 1967) كخلفية للغناء والرقص والرومانسية. ومع ذلك، لم ترسخ سويسرا في الوعي السينمائي الهندي إلّا بعد عدة عقود عندما عرض فيلم “رجوع العاشق المجنون” (Dilwale Dulhania Le Jayenge، 1995)، الذي لعب فيه النجم شاروخان دور العاشق الولهان الذي يحاول الفوز بقلب حبيبته في ربوع سويسرا الخلَّابة. وبعد هذا الفيلم، ظهرت سويسرا كخلفية في العديد من أفلام بوليوود، وترسّخت مكانة الدولة الجبلية كوجهة لا تكتمل أي جولة أوروبية دونها بالنسبة إلى الوفود السياحية الهندية. 

وفي عام 2015، واحتفالًا بالذكرى السنوية العشرين لـفيلم “رجوع العاشق المجنون”، صمَّمت سويس إنفو (SWI Swissinfo.ch) خريطة تفاعلية، تضمّ أبرز مواقع التصوير لأفلام بوليوود في سويسرا.

محتويات خارجية

وفيما حدث المشهد المفضّل لدى المعجبات والمعجبين بفيلم “رجوع العاشق المجنون” في محطة القطار ببلدة زفايزيمن، بدأ جمهور سينما كوريا الجنوبية مؤخرًا بالتوافد إلى رصيف خشبي في واحدة من قرى برن الجميلة، تدعى إيزلتفالد. وهذا الأخير هو موقع تصوير المشهد الشهير من مسلسل نتفليكس “هبوط اضطراري للحب” (Crash Landing on You، 2019)، حيث يعزف بطل المسلسل البيانو إلى أن تصل حبيبته على متن عبَّارة من إنترلاكن. وكان تدفق وفود المعجبات والمعجبين إلى هذه القرية الصغيرة قد أصاب أهلها بالحيرة في بادئ الأمر، ولكنه سرعان ما أثار ردود فعل سلبية

محتويات خارجية

ومن الأفلام الأخرى التي استقطبت عددًا أقلَّ من الوفود، فيلم “خيط وهمي” (Phantom Thread، 2017)، وهو دراما رومانسية من بطولة دانيال داي لويس. وتدور غالبية أحداث الفيلم في بريطانيا، ولكن شخصيتي داي لويس وزوجته تنعمان بشهر العسل في فندق غراند غيسباخ الرائع المطلّ على بحيرة برينز. وفي هذه القرية الأخيرة أيضًا، تم تصوير الكثير من مشاهد مسلسل “عصبة الأخوة”، وهو مسلسل قصير عن الحرب العالمية الثانية (مع أنَّ الأحداث تروي وقائع دارت في ألمانيا والنمسا). 

رينولدز وودكوك (دانيال داي لويس) وألما إلسون (فيكي كريبس) يتناولان إفطار شهر العسل في فندق جراند هوتيل جيسباخ المطل على بحيرة برينز
رينولدز وودكوك (دانيال داي لويس) وألما إلسون (فيكي كريبس) يتناولان إفطار شهر العسل في فندق جراند هوتيل جيسباخ المطل على بحيرة برينز Focus Features

وظهرت سويسرا أيضًا كضيفة شرف في فيلم “قطار الليل إلى لشبونة” (Night Train to Lisbon، 2013)، وهو فيلم دراما مستوحى من رواية بنفس العنوان نُشرت في عام 2004. ويروي قصة أستاذ سويسري في الفلسفة (جيريمي آيرنز) يرى امرأة شابة ترتدي معطفًا أحمر وهي توشك على القفز من جسر في برن فيمنعها، ومن هنا تتغيَّر حياته. 

ولكن سويسرا ليست مجرد خلفية للأفلام الأدبية الراقية، فقد ظهرت أيضًا بشكل بارز في فيلم “ملائكة وشياطين” (Angels & Demons، 2009)، وهو الجزء الثاني الناجح تجاريًا، ولكن الذي تعرّض للانتقاد الشديد، من رواية “شفرة دافنشي” لدان براون. وفي أحداث الفيلم، يقُتل أحد علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN) الذي يخلق مادة مضادّة (التي تتم سرقتها)، ويساعد توم هانكس البابا في سد الفجوة بين الدين والعلم (أو شيء من هذا القبيل).  

وفي ردٍّ من مركز سيرن، الذي يقع بالقرب من جنيف، على الصورة التي رُسمت له ولعمل الفريق العملي فيه، نشر المركز موقعًا إلكترونيًّارابط خارجي لتوضيح أنشطته وتقديم معلومات حول طبيعة مضادّ المادة. 

وختامًا، احتضنت سويسرا تصوير أشهر مقاطع الفيديو الموسيقية على الإطلاق، فقد تم تصوير جميع مقاطع أغنية “عيد الميلاد الأخير” (Last Christmas) لفرقة وام (Wham)، في منتجع ساس-في، في كانتون فاليه. وقد حققَّت الأغنية 890 مليون مشاهدة على يوتيوب. 

محتويات خارجية

ترجمة: ريم حسّونة

مراجعة: أمل المكي

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية